كلما أوجعت الإنسان سياط الظلم، وأرهقته عهود الجور والطغيان، وسلبت كرامته ظروف الفساد والانحراف.. شحّ بصره واشرأب عنقه تجاه الإمام المنقذ صاحب العصر والزمان.. وتوجه إليه من أعماق نفسه، وأطلق آهات الاستغاثة.. ورفع أنات الشكوى وآهات الألم.. يستعجل ظهور الإمام المنقذ..
وكلما شاهد المؤمن مظاهر الكفر والنفاق، ورأى تكاتف أنظمة الجور على سحق مبادئ الإسلام، وأزعجته معاملة الكبت والإرهاب التي يعيشها المؤمنون المخلصون في ظل سلطات الانحراف…
كلما حدث ذلك التجأ المؤمن إلى اللَّه يدعوه ويطلب إليه الإسراع في خروج أمل الإنسانية وإمام الحق صاحب العصر والزمان..
فتارة تكون آهات الاستغاثة على شكل دعاء يتوجه به المؤمن إلى ربه الحكيم جلّ وعلا لينجز وعده بإظهار دين الحق والعدل وخروج إمام العصر والزمن:
( اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا -صلواتك عليه وآله- وغيبة إمامنا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، وشدة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا، فصلِّ على محمد وآل محمد، وأعنا على ذلك بفتح منك تعجله، وضرّ تكشفه، ونصر تعزه، وسلطان حق تظهره، ورحمة منك تجللناها، وعافية منك تلبسناها برحمتك يا ارحم الراحمين ) .
وفي دعاء آخر تمتزج فيه مآسي الواقع بآمال المستقبل المشرق ويختلط فيه الطلب من اللَّه بالاستثارة المباشرة للإمام المنتظر..
أترانا نحف بك وأنت تؤم الملأ وقد ملأت الأرض عدلاً وأذقت أعداءك هواناً وعقاباً، وأبرت العتاة وجحدة الحق وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين، ونحن نقول الحمد للّه رب العالمين…
اللهم أنت كشّاف الكرب والبلوى، وإليك أستعدي فعندك العدوى، وأنت رب الآخرة والأولى، فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى، وأره سيده يا شديد القوى، وأزل عنه به الأسى والجوى، وبرّد غليله يا من على العرش استوى، ومن إليه الرجعى والمنتهى.
اللهم ونحن عبيدك التائقون إلى وليك، المذكر بك وبنبيك خلقته لنا عصمة وملاذاً، وأقمته قواماً ومعاذاً وجعلته للمؤمنين منا إماماً، فبلغه منا تحية وسلاماً ) .
وتارة تنفجر أحاسيس الألم، في قلب المؤمن، فتتدفق في قنوات الشعر الحماسي المثير، الذي يتقاطر شوقاً وتلهفاً لظهور دولة العدل والأمان التي ينتقم اللَّه فيها من جبابرة الأرض، وطغاة التاريخ ويمن بها على المستضعفين والمحرومين والمؤمنين، فهذا أحدهم يقول:
وكلما شاهد المؤمن مظاهر الكفر والنفاق، ورأى تكاتف أنظمة الجور على سحق مبادئ الإسلام، وأزعجته معاملة الكبت والإرهاب التي يعيشها المؤمنون المخلصون في ظل سلطات الانحراف…
كلما حدث ذلك التجأ المؤمن إلى اللَّه يدعوه ويطلب إليه الإسراع في خروج أمل الإنسانية وإمام الحق صاحب العصر والزمان..
فتارة تكون آهات الاستغاثة على شكل دعاء يتوجه به المؤمن إلى ربه الحكيم جلّ وعلا لينجز وعده بإظهار دين الحق والعدل وخروج إمام العصر والزمن:
( اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا -صلواتك عليه وآله- وغيبة إمامنا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، وشدة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا، فصلِّ على محمد وآل محمد، وأعنا على ذلك بفتح منك تعجله، وضرّ تكشفه، ونصر تعزه، وسلطان حق تظهره، ورحمة منك تجللناها، وعافية منك تلبسناها برحمتك يا ارحم الراحمين ) .
وفي دعاء آخر تمتزج فيه مآسي الواقع بآمال المستقبل المشرق ويختلط فيه الطلب من اللَّه بالاستثارة المباشرة للإمام المنتظر..
أترانا نحف بك وأنت تؤم الملأ وقد ملأت الأرض عدلاً وأذقت أعداءك هواناً وعقاباً، وأبرت العتاة وجحدة الحق وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين، ونحن نقول الحمد للّه رب العالمين…
اللهم أنت كشّاف الكرب والبلوى، وإليك أستعدي فعندك العدوى، وأنت رب الآخرة والأولى، فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى، وأره سيده يا شديد القوى، وأزل عنه به الأسى والجوى، وبرّد غليله يا من على العرش استوى، ومن إليه الرجعى والمنتهى.
اللهم ونحن عبيدك التائقون إلى وليك، المذكر بك وبنبيك خلقته لنا عصمة وملاذاً، وأقمته قواماً ومعاذاً وجعلته للمؤمنين منا إماماً، فبلغه منا تحية وسلاماً ) .
وتارة تنفجر أحاسيس الألم، في قلب المؤمن، فتتدفق في قنوات الشعر الحماسي المثير، الذي يتقاطر شوقاً وتلهفاً لظهور دولة العدل والأمان التي ينتقم اللَّه فيها من جبابرة الأرض، وطغاة التاريخ ويمن بها على المستضعفين والمحرومين والمؤمنين، فهذا أحدهم يقول:
( يا صاحب العصر أدركنا فليس لنا وردٌ هنيءٌ ولا عــيش لنا رغــــــــد
طالت علينا ليالي الانتظـــار فهـــــل* يا بن الزكي لليل الانتظـــــار غـــد؟
فاكحل بطلعتك الغـــــرا منا مقــــلاً* يكاد يأتي على إنسانهـــــا الرمـــــد
ها نحن مرمى لنبل النائــــبات وهل* يغني اصطبار وهي من درعة الزرد
كم ذا يؤلف شمل الظالمـــين لكـــــم* وشملكــم بـــــيدي أعـــــدائك بـــــدد
فانهض فدتك بقايا أنـــــفس ظــفرت* بها النوائب لما خـــــانها الجـــلد
طالت علينا ليالي الانتظـــار فهـــــل* يا بن الزكي لليل الانتظـــــار غـــد؟
فاكحل بطلعتك الغـــــرا منا مقــــلاً* يكاد يأتي على إنسانهـــــا الرمـــــد
ها نحن مرمى لنبل النائــــبات وهل* يغني اصطبار وهي من درعة الزرد
كم ذا يؤلف شمل الظالمـــين لكـــــم* وشملكــم بـــــيدي أعـــــدائك بـــــدد
فانهض فدتك بقايا أنـــــفس ظــفرت* بها النوائب لما خـــــانها الجـــلد
وهذا آخر يستغيث الإمام المهدي ويستحثه الخروج باسم العدالة والدين والإنسانية فقد حزّ في قلبه أن يتحكم في مصير الشعوب مجموعة من الخمارين الذين سلبوا حرية رعاياهم وكرامتهم:
( يا صاحب العصر أترضى رحى* عصارة الخمــــر عــلينــــا تــــدار
قد ذهب العدل وركــن الــهــــــدى* قد هدّ والجــــور على الدين جـــار
أغث رعــــاك اللَّه من نــــاصـــــر* رعيةً ضاق عليهــــا الــــقــــفــــار
فهاك قلبهــا قــلــــــــوب الــــورى* إذا بهــا الــــوجــد مــن الانتــظــار
متى تسل البيـــض من غـــمدهــــا* وتشرع السمر وتحمى الذمار)
وتارة أخرى: يعرب الإنسان عن تضايقه من واقع الطغيان والانحراف، وتلهفه لحياة السعادة والأمان بتساؤله عن سبب تأخر ظهور الإمام المهدي إلى آخر الزمان؟ فلماذا لم يخرج حتى الآن؟ أما يكفي ما عاشته الإنسانية من مشاكل وآلام عبر التاريخ؟ أما آن بوضع حد لمعاناة هذا الإنسان المحروم؟
وسنحاول الآن الإجابة على هذه الأسئلة الحائرة التي تنبع من ضمير الإنسان وتفرضها معاناته.
إنما خلق اللَّه الحياة لتكون مسرح ابتلاء، وقاعة امتحان للإنسان عن طريق احتدام معركة الصداع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، يقول تعالى:
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}
{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}.
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
وما دامت الحياة دار ابتلاء، وامتحان، وميدان معركة وصراع، فقد منح اللَّه الإنسان حريته الكاملة في اختيار الجبهة التي يناضل ضمن خطوطها في ميدان الحياة..
واقتصر دور السماء على توجيه الإنسان وتوعيته بحقيقة الجبهتين العريضتين في الحياة.. ودعوة الإنسان للانضمام إلى جبهة الحق ومقاومة إغراءات الباطل وجحافل الشر.
ودارت رحى المعركة الخطيرة بين دواعي الخير ونوازع الشر في الحياة منذ نعومة أظفار الإنسان وبداية وجوده ولا تزال مستمرة.. تمر على كل جيل من أجيال البشرية فتفرز عناصره وتكشف عن اتجاهات أفرادنا، وتميز بين رواد الحق وأتباع الباطل..
وقد شاء اللَّه تعالى أن تكون المعركة أبدية ترافق استمرار الإنسان في الحياة {لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} من جميع الأجيال وكل العصور.
وقد كشفت هذه المعركة الدائمة عن سقوط الأغلبية الساحقة من الناس في أوحال الباطل ومزالق الشر، وثبوت أقلية مؤمنة صمدت في مواقع الخير، وأصرّت على مواقف الحق.. لذلك ان النصر غالباً وفي أكثر فترات التاريخ..
وقد توعد اللَّه الباطل بهزيمة نكراء، ينتقم بها للحق وأتباعه من الباطل وفلوله. وذلك في معركة حاسمة لا تبقى للباطل بعدها باقية..
ولكن هل يصح أن يكون توقيت تلك المعركة الحاسمة أثناء مسيرة الحياة وفي وسط طريقها؟
كلا! لأن ذلك يعني حينئذٍ إنهاء معركة الصراع وتوقف فرصة الابتلاء والامتحان.. حينما يتوارى ظلام الجور والكفر في العالم وتشرق شمس الهداية والخير على الحياة.. حينما يولي الظالم مدحوراً لا يجد له مقراً في الأرض التي سيملؤها القسط والعدل.
إذن فلابد أن تؤجل تلك المعركة الحاسمة الفاصلة إلى أواخر مسيرة الحياة وخاتمة مطاف الدنيا.. عند اقتراب الساعة وقبيل مجيء القيامة..
وقد اختارت مشيئة اللَّه الأمام المهدي ليكون قائد تلك المعركة الحاسمة.. وبطل تلك الجولة الأخيرة في ميدان الصراع بين الحق والباطل.
فكان لابد وأن يتأخر خروجه إلى نهاية الحياة ليتاح للإنسان أن يمارس امتحانه بظروف طبيعية وبحريته الكاملة.
لذلك تحرص أكثر الأحاديث الإسلامية التي تتحدث عن ظهوره عليه السلام بالتأكيد على أن ظهوره لا يكون إلا في آخر الزمان.. وآخر يوم من الدنيا.. وقبيل قيام الساعة كقوله صلى اللَّه عليه وآله: ( أبشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلزال يسع اللَّه له الأرض عدلاً وقسطاً ) .
( ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللَّه ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي… ) .
( لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت قبله جوراً ) .
المشكلة الرئيسية في تاريخ الإنسان هي مشكلة إيجاد النظام الأفضل للحياة الاجتماعية.. فالإنسان إنما كان يعاني من اعتداء بعضه على بعض، لتعارض المصالح وتناقض الحقوق، وضياع الحدود فيما بين أفراد المجتمع البشري.
ولكن هل يستطيع الإنسان أن يوفر لنفسه النظام الصالح للحياة، والذي يضمن لكل فرد حقوقه ويحمي مصالحه ويرسم له حدوده؟
لقد أثبت الواقع الإنساني بتجاربه التاريخية الكثير عجز الإنسان عن توفير النظام الاجتماعي الأصلح لحياته.
وذلك لمحدودية معارف الإنسان وقوة أنانيته وشهواته واختلاف مداركه ومستوياته، بيد أن السماء لم تترك الإنسان يتخبط في صحراء الجهل والظلام، بل تحملت عنه المهمة وكفته المسؤولية فأعدت له خير نظام يوفر له السعادة، ويعالج كل قضاياه ومشاكله بأفضل طريقة وخير أسلوب.
غير أن الإنسان قد ضلله الغرور، واستهوته الإغراءات والشهوات، فلم يخضع لرسالة السماء والنظام الأفضل الذي وضعته لحياته، وطفق يبحث يميناً وشمالاً، ويفتش شرقاً وغرباً، ويحاول بوحي من غروره وشهواته أن يوفر لنفسه بديلاً آخر يغنيه عن رسالة السماء ويضمن له السعادة بشكل أفضل!
ورغم المآسي التي أعقبت تجاربه القاسية والمضاعفات التي أنتجتها محاولاته الفاشلة، إلا أنه لا يزال سادراً في غيه ممعناً في غروره وتمرده.. ظاناً أنه يمكنه العثور على نظام أفضل للحياة الاجتماعية بعيداً عن تعاليم السماء ورسالتها.
ولابد وأن يتيح اللَّه للإنسان الفرصة الكاملة ليجرب كل محاولاته في هذا المجال، وليطبق كل أفكاره وأوهامه.
إلى أن يصل الإنسان إلى طريق مسدود ويستسلم لليأس، ويفقد الأمل ويعترف على نفسه بالعجز والفشل، حينئذٍ تكون الأجواء مهيأة جداً لظهور شريعة الإسلام وتطبيق رسالة السماء وذلك على يد الإمام القائد المنتظر.
من هذا المنطلق كان من الطبيعي أن يتأخر خروج الإمام المهدي إلى أن يستفيد الإنسان كل ما في جعبته من الأطروحات والإيديولوجيات والأنظمة والقوانين، و {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ}.
هنالك يخرج الإمام القائد ليسعد الإنسانية بتطبيق شريعة اللَّه وتنفيذ رسالته.
ولهذا الأمر يشير الإمام الصادق سلام اللَّه عليه في قوله: ( ما يكون هذا الأمر -يعني دولة المهدي- حتى لا يبقى صنف من الناس إلاّ وقد ولوا من الناس، حتى لا يقول قائل: إنا لو ولينا لعدلنا. ثم يقوم القائم بالحق والعدل
وفي حديث آخر قال عليه السلام: ( إن دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: لو ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء. )
أيُّ مهمة تنتظر الإمام المهدي عند خروجه؟ إنها مهمة خطيرة لم يتحمل نقلها ولم يستوعبها تاريخ الإنسان على امتداده وسعته، ولم يتأت لها التحقيق في تاريخ البشرية.
إنها إقامة دولة عالمية تخضع لها جميع الشعوب والمجتمعات حيث يصبح البشر كلهم رعية لقائد واحدة، وفي ظل حكومة مركزية واحدة، ويسود العالم نظام واحد هو النظام الإسلامي.
يقول الإمام الصادق عليه السلام وهو يتحدث عن عالمية دولة الإمام المنتظر: ( إذا قام القائم المهدي لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه )
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: ( المهدي وأصحابه يُمَلِّكهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويميت اللَّه عزّ وجلّ به وبأصحابه البدع والباطل، كما أمات السفهة الحق حتى لا يرى أثر من الظلم ) .
وقد مرت علينا بعض الأحاديث التي تؤكد على أنه يملأ الأرض -كلها- قسطاً وعدلاً. ولكن كيف يستطيع قائد واحد أن يتحمل مسؤولية رعاية جميع أقطار العالم وشعوبه ومجتمعاته وأفراده؟ وهل تتمكن حكومة واحدة أن تلبي متطلبات وحوائج كل أفراد العالم؟
وكيف يمكن تطبيق شريعة واحدة على عالم مختلف القوميات والعادات والمشاكل؟
صحيح أن خضوع العالم وتسلميه سيجعل المهمة سهلة، ولكن هناك مشاكل طبيعية يجب أن نحسب لها حساباً في تصورنا لذلك المستقبل السعيد.. منها اختلاف اللغات وبعد المسافات، وكثرة متطلبات الحياة، وصعوبة اتصال الجميع بقائد واحدة وتعقيد قضايا الحياة.. وقد يبادر البعض إلى إلقاء المسؤولية على الإعجاز، فالإمام مؤيد من قبل اللَّه ويمكنه أن يستعين بالمعجزة لعلاج كل هذه المشاكل! ولكنها حينئذ ستكون دولة يحكمها الغيب، وتديرها المعجزة.. مع أن الغيب لا يتدخل في قضايا الحياة إلا عبر السنن والقوانين الطبيعية اللهم إلا في بعض الحالات الاستثنائية المؤقتة حيث يحدث هناك التدخل المباشر وتكون المعجزة.
أما أن تتحول المعجزة إلى قانون يحكم العالم كله، فهذا خلاف سنة اللَّه التي لن تجد لها تحويلاً ولن تجد لها تبديلاً.
إذن فيجب أن نعتقد أن الدولة ستدار وتحكم بشكل مركزي وطبيعي -وليس عن طريق المعجز- من قبل الإمام المهدي. وإذا كان كذلك فيجب أن تتوفر كل الوسائل اللازمة التي تمكّن حكومة واحدة من إدارة العالم كله.. والنصوص الإسلامية التي بين أيدينا تلمح إلى توفر هذه الوسائل في عصر الإمام المهدي، فالصعوبات كلها ستكون سهلة، وثروات الكون تكتشف وتتفجر جميعها، والمسافات ستصبح قريبة وتنتهي مشكلة المواصلات، والاتصال بالإمام أو بأي مسؤول في حكومته أمر ممكن لتوفر الوسائل المساعدة.
يقول الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: ( الثاني عشر منا، يسهِّل اللَّه تعالى له كل عسر، ويذلل كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض، ويقرّب عليه كل بعيد )
وعن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبيه سلام اللَّه عليه: ( يبعث اللَّه رجلاً في آخر الزمان، وكلب من الدهر، وجهل من الناس، يؤيده اللَّه بملائكة ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعاً أو كرهاً، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلا آمن، ولا طالح إلا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز )
وعن الإمام الرضا عليه السلام: ( هو الذي ستطوى له الأرض )
أما الإمام الصادق عليه فيقول: ( إن قائمنا إذا قام مدّ اللَّه لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه )
وقال أيضاً: ( إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي بالمشرق )
إن هذه الظروف المساعدة على نجاح مهمة الإمام المهدي إذا كانت لا تعتمد كلها على المعجزة، ويكون تحققها بشكل طبيعي فلابد وأن تكون بفضل الخبرات والمكاسب البشرية التي تمكن الإنسان من توفير تلك الوسائل.
وها نحن نشهد توفر بعض تلك الوسائل التي أشارت إليها بعض الأحاديث، كتقليص المسافات المعبر عنه بـ(يقرب له لك بعيد أو تطوى له الأرض). وكذلك مشكلة الاتصال فليس صعباً الآن وبإنجازات العلم الباهرة: أن يتكلم قائد فيسمعه أفراد رعيته في كل أنحاء العالم، كما أنه أصبح من المعتاد أن يسمع أهل المشرق صوت أهل المغرب، وبالعكس ولعل هناك اختراعات واكتشافات أخرى ستفتق عنها عقل الإنسان في مستقبل التاريخ ولتكون عوناً ودعماً لحكومة الإمام الواحدة القائدة لجميع العالم. من هنا يحق لنا أن نحتمل أن من بين أسباب تأخر خروج الإمام المهدي هو انتظار يهيئ الأجواء والظروف المادية والآلية والاجتماعية، ليستطيع الإمام عندها من إنجاز مهمته وتنفيذ دوره الخطير على أحسن وجه مستعيناً بإنجازات العلم الحديث ومكاسب الإنسانية الجبارة.
وسنحاول الآن الإجابة على هذه الأسئلة الحائرة التي تنبع من ضمير الإنسان وتفرضها معاناته.
إنما خلق اللَّه الحياة لتكون مسرح ابتلاء، وقاعة امتحان للإنسان عن طريق احتدام معركة الصداع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، يقول تعالى:
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}
{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}.
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
وما دامت الحياة دار ابتلاء، وامتحان، وميدان معركة وصراع، فقد منح اللَّه الإنسان حريته الكاملة في اختيار الجبهة التي يناضل ضمن خطوطها في ميدان الحياة..
واقتصر دور السماء على توجيه الإنسان وتوعيته بحقيقة الجبهتين العريضتين في الحياة.. ودعوة الإنسان للانضمام إلى جبهة الحق ومقاومة إغراءات الباطل وجحافل الشر.
ودارت رحى المعركة الخطيرة بين دواعي الخير ونوازع الشر في الحياة منذ نعومة أظفار الإنسان وبداية وجوده ولا تزال مستمرة.. تمر على كل جيل من أجيال البشرية فتفرز عناصره وتكشف عن اتجاهات أفرادنا، وتميز بين رواد الحق وأتباع الباطل..
وقد شاء اللَّه تعالى أن تكون المعركة أبدية ترافق استمرار الإنسان في الحياة {لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} من جميع الأجيال وكل العصور.
وقد كشفت هذه المعركة الدائمة عن سقوط الأغلبية الساحقة من الناس في أوحال الباطل ومزالق الشر، وثبوت أقلية مؤمنة صمدت في مواقع الخير، وأصرّت على مواقف الحق.. لذلك ان النصر غالباً وفي أكثر فترات التاريخ..
وقد توعد اللَّه الباطل بهزيمة نكراء، ينتقم بها للحق وأتباعه من الباطل وفلوله. وذلك في معركة حاسمة لا تبقى للباطل بعدها باقية..
ولكن هل يصح أن يكون توقيت تلك المعركة الحاسمة أثناء مسيرة الحياة وفي وسط طريقها؟
كلا! لأن ذلك يعني حينئذٍ إنهاء معركة الصراع وتوقف فرصة الابتلاء والامتحان.. حينما يتوارى ظلام الجور والكفر في العالم وتشرق شمس الهداية والخير على الحياة.. حينما يولي الظالم مدحوراً لا يجد له مقراً في الأرض التي سيملؤها القسط والعدل.
إذن فلابد أن تؤجل تلك المعركة الحاسمة الفاصلة إلى أواخر مسيرة الحياة وخاتمة مطاف الدنيا.. عند اقتراب الساعة وقبيل مجيء القيامة..
وقد اختارت مشيئة اللَّه الأمام المهدي ليكون قائد تلك المعركة الحاسمة.. وبطل تلك الجولة الأخيرة في ميدان الصراع بين الحق والباطل.
فكان لابد وأن يتأخر خروجه إلى نهاية الحياة ليتاح للإنسان أن يمارس امتحانه بظروف طبيعية وبحريته الكاملة.
لذلك تحرص أكثر الأحاديث الإسلامية التي تتحدث عن ظهوره عليه السلام بالتأكيد على أن ظهوره لا يكون إلا في آخر الزمان.. وآخر يوم من الدنيا.. وقبيل قيام الساعة كقوله صلى اللَّه عليه وآله: ( أبشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلزال يسع اللَّه له الأرض عدلاً وقسطاً ) .
( ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللَّه ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي… ) .
( لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت قبله جوراً ) .
المشكلة الرئيسية في تاريخ الإنسان هي مشكلة إيجاد النظام الأفضل للحياة الاجتماعية.. فالإنسان إنما كان يعاني من اعتداء بعضه على بعض، لتعارض المصالح وتناقض الحقوق، وضياع الحدود فيما بين أفراد المجتمع البشري.
ولكن هل يستطيع الإنسان أن يوفر لنفسه النظام الصالح للحياة، والذي يضمن لكل فرد حقوقه ويحمي مصالحه ويرسم له حدوده؟
لقد أثبت الواقع الإنساني بتجاربه التاريخية الكثير عجز الإنسان عن توفير النظام الاجتماعي الأصلح لحياته.
وذلك لمحدودية معارف الإنسان وقوة أنانيته وشهواته واختلاف مداركه ومستوياته، بيد أن السماء لم تترك الإنسان يتخبط في صحراء الجهل والظلام، بل تحملت عنه المهمة وكفته المسؤولية فأعدت له خير نظام يوفر له السعادة، ويعالج كل قضاياه ومشاكله بأفضل طريقة وخير أسلوب.
غير أن الإنسان قد ضلله الغرور، واستهوته الإغراءات والشهوات، فلم يخضع لرسالة السماء والنظام الأفضل الذي وضعته لحياته، وطفق يبحث يميناً وشمالاً، ويفتش شرقاً وغرباً، ويحاول بوحي من غروره وشهواته أن يوفر لنفسه بديلاً آخر يغنيه عن رسالة السماء ويضمن له السعادة بشكل أفضل!
ورغم المآسي التي أعقبت تجاربه القاسية والمضاعفات التي أنتجتها محاولاته الفاشلة، إلا أنه لا يزال سادراً في غيه ممعناً في غروره وتمرده.. ظاناً أنه يمكنه العثور على نظام أفضل للحياة الاجتماعية بعيداً عن تعاليم السماء ورسالتها.
ولابد وأن يتيح اللَّه للإنسان الفرصة الكاملة ليجرب كل محاولاته في هذا المجال، وليطبق كل أفكاره وأوهامه.
إلى أن يصل الإنسان إلى طريق مسدود ويستسلم لليأس، ويفقد الأمل ويعترف على نفسه بالعجز والفشل، حينئذٍ تكون الأجواء مهيأة جداً لظهور شريعة الإسلام وتطبيق رسالة السماء وذلك على يد الإمام القائد المنتظر.
من هذا المنطلق كان من الطبيعي أن يتأخر خروج الإمام المهدي إلى أن يستفيد الإنسان كل ما في جعبته من الأطروحات والإيديولوجيات والأنظمة والقوانين، و {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ}.
هنالك يخرج الإمام القائد ليسعد الإنسانية بتطبيق شريعة اللَّه وتنفيذ رسالته.
ولهذا الأمر يشير الإمام الصادق سلام اللَّه عليه في قوله: ( ما يكون هذا الأمر -يعني دولة المهدي- حتى لا يبقى صنف من الناس إلاّ وقد ولوا من الناس، حتى لا يقول قائل: إنا لو ولينا لعدلنا. ثم يقوم القائم بالحق والعدل
وفي حديث آخر قال عليه السلام: ( إن دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: لو ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء. )
أيُّ مهمة تنتظر الإمام المهدي عند خروجه؟ إنها مهمة خطيرة لم يتحمل نقلها ولم يستوعبها تاريخ الإنسان على امتداده وسعته، ولم يتأت لها التحقيق في تاريخ البشرية.
إنها إقامة دولة عالمية تخضع لها جميع الشعوب والمجتمعات حيث يصبح البشر كلهم رعية لقائد واحدة، وفي ظل حكومة مركزية واحدة، ويسود العالم نظام واحد هو النظام الإسلامي.
يقول الإمام الصادق عليه السلام وهو يتحدث عن عالمية دولة الإمام المنتظر: ( إذا قام القائم المهدي لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه )
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: ( المهدي وأصحابه يُمَلِّكهم اللَّه مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويميت اللَّه عزّ وجلّ به وبأصحابه البدع والباطل، كما أمات السفهة الحق حتى لا يرى أثر من الظلم ) .
وقد مرت علينا بعض الأحاديث التي تؤكد على أنه يملأ الأرض -كلها- قسطاً وعدلاً. ولكن كيف يستطيع قائد واحد أن يتحمل مسؤولية رعاية جميع أقطار العالم وشعوبه ومجتمعاته وأفراده؟ وهل تتمكن حكومة واحدة أن تلبي متطلبات وحوائج كل أفراد العالم؟
وكيف يمكن تطبيق شريعة واحدة على عالم مختلف القوميات والعادات والمشاكل؟
صحيح أن خضوع العالم وتسلميه سيجعل المهمة سهلة، ولكن هناك مشاكل طبيعية يجب أن نحسب لها حساباً في تصورنا لذلك المستقبل السعيد.. منها اختلاف اللغات وبعد المسافات، وكثرة متطلبات الحياة، وصعوبة اتصال الجميع بقائد واحدة وتعقيد قضايا الحياة.. وقد يبادر البعض إلى إلقاء المسؤولية على الإعجاز، فالإمام مؤيد من قبل اللَّه ويمكنه أن يستعين بالمعجزة لعلاج كل هذه المشاكل! ولكنها حينئذ ستكون دولة يحكمها الغيب، وتديرها المعجزة.. مع أن الغيب لا يتدخل في قضايا الحياة إلا عبر السنن والقوانين الطبيعية اللهم إلا في بعض الحالات الاستثنائية المؤقتة حيث يحدث هناك التدخل المباشر وتكون المعجزة.
أما أن تتحول المعجزة إلى قانون يحكم العالم كله، فهذا خلاف سنة اللَّه التي لن تجد لها تحويلاً ولن تجد لها تبديلاً.
إذن فيجب أن نعتقد أن الدولة ستدار وتحكم بشكل مركزي وطبيعي -وليس عن طريق المعجز- من قبل الإمام المهدي. وإذا كان كذلك فيجب أن تتوفر كل الوسائل اللازمة التي تمكّن حكومة واحدة من إدارة العالم كله.. والنصوص الإسلامية التي بين أيدينا تلمح إلى توفر هذه الوسائل في عصر الإمام المهدي، فالصعوبات كلها ستكون سهلة، وثروات الكون تكتشف وتتفجر جميعها، والمسافات ستصبح قريبة وتنتهي مشكلة المواصلات، والاتصال بالإمام أو بأي مسؤول في حكومته أمر ممكن لتوفر الوسائل المساعدة.
يقول الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: ( الثاني عشر منا، يسهِّل اللَّه تعالى له كل عسر، ويذلل كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض، ويقرّب عليه كل بعيد )
وعن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبيه سلام اللَّه عليه: ( يبعث اللَّه رجلاً في آخر الزمان، وكلب من الدهر، وجهل من الناس، يؤيده اللَّه بملائكة ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعاً أو كرهاً، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلا آمن، ولا طالح إلا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز )
وعن الإمام الرضا عليه السلام: ( هو الذي ستطوى له الأرض )
أما الإمام الصادق عليه فيقول: ( إن قائمنا إذا قام مدّ اللَّه لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه )
وقال أيضاً: ( إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي بالمشرق )
إن هذه الظروف المساعدة على نجاح مهمة الإمام المهدي إذا كانت لا تعتمد كلها على المعجزة، ويكون تحققها بشكل طبيعي فلابد وأن تكون بفضل الخبرات والمكاسب البشرية التي تمكن الإنسان من توفير تلك الوسائل.
وها نحن نشهد توفر بعض تلك الوسائل التي أشارت إليها بعض الأحاديث، كتقليص المسافات المعبر عنه بـ(يقرب له لك بعيد أو تطوى له الأرض). وكذلك مشكلة الاتصال فليس صعباً الآن وبإنجازات العلم الباهرة: أن يتكلم قائد فيسمعه أفراد رعيته في كل أنحاء العالم، كما أنه أصبح من المعتاد أن يسمع أهل المشرق صوت أهل المغرب، وبالعكس ولعل هناك اختراعات واكتشافات أخرى ستفتق عنها عقل الإنسان في مستقبل التاريخ ولتكون عوناً ودعماً لحكومة الإمام الواحدة القائدة لجميع العالم. من هنا يحق لنا أن نحتمل أن من بين أسباب تأخر خروج الإمام المهدي هو انتظار يهيئ الأجواء والظروف المادية والآلية والاجتماعية، ليستطيع الإمام عندها من إنجاز مهمته وتنفيذ دوره الخطير على أحسن وجه مستعيناً بإنجازات العلم الحديث ومكاسب الإنسانية الجبارة.
تعليق