المهدي عليه السلام في الإعلام الغربي
استحوذت فكرة المهدي في الإعلام الغربي على حيز كبير خاصة بعد صدور كتاب (تنبؤات نوسترادموس) و تحويل إحدى محاور هذه التنبؤات و المتعلقة بخروج رجل من ذرية نبي الإسلام محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ، في آخرالزمان يحارب الغرب و ينتصر عليه و يقيم دولة (كبري) إلى فلم سينمائي في منتصف الثمانينات من هذا القرن و قد ركز الفلم على فكرة الإيحاء للغربيين بما سيشكله هذا الأمر من خطر على الحضارة الغربية، و لتنمية مشاعر العداء والبغض للمسلمين باعتبارهم (الخطر المؤجل) الذي يتقدم ببطء لتحطيم أصنام الحضارة الغربية.
و بلا شك فإن للوبي الصهيوني دور كبير يحكم سيطرته على مفاصل الإعلام الغربي في تحريك و تفعيل هذا التوجه و بما يحقق ذات الهدف و يدفع بدوائر القرار في الإدارة الأمريكية إلى التعامل مع موضوع الظهور تعاملا واقعياً يتجاوز إطار التنبؤات و الروايات، خاصة و أن ما يحدث في أنحاء متقدمة من بلدان العالم من صحوة إسلامية (و ان تباينت طرق التعبير عنها) تعكس حجم القلق الذي سيؤدي بهذه الدوائر إلى التعامل مع هذه الصحوة ـ المبشرة ـ ببزوغ فجر جديد يحكم العالم لصيغ و علاقات تكون بديلا للفوضى الأخلاقية و الاجتماعية و الاقتصادية التي أفرزتها الحضارة الغَربية و تجسيد فكرة صراع الحضارات تجسيداً واقعياً.
وفي ذات الوقت فإن المخابرات الأمريكية و كما أشيع تملك ملفاً ضخماً عن الإمام المهدي (عج) اعتمدت في إعداده على خبراءها المتخصصون و أن ما ينقص الملف هذا هو (صورة الإمام المهدي (عج))كما ذكر ذلك الشيخ الكوراني في مقدمة عصر الظهور.
و قد ابتدأ هذا الاهتمام يأخذ مداه بعد حادثة الحرم المكي الشريف في محرم 1400 هـ . ق و ما تلاها من تداعيات لم تنته إلا بتدخل قوات الكوموندور الفرنسي التي وضعت حداً لتلك الحركة التي طالبت بالتغيير باسم (المهدي) ..
كما أزداد الاهتمام بها بعد أن تبنت الثورة الإسلامية في ايران المشروع النهضوي الإسلامي المعاصر الذي جسد النموذج الواقعي للفكر السياسي الاسلامي و الذي حوّل الأفكار الى واقع حىّ أكدّ بشكل واضح صلاحية الفكر الاسلامي لقيادة الأمة بل و نجاحه في تجاوز كل العقبات المستحدثة و المرتجلة و المفتعلة في إطار الصراع الأزلي بين الخير و الشر، و أصبح المرشد العام للثورة يسمى (نائب الإمام) وفقاً لمنظور فقهي متجدد طرحته هذه الثورة يشكل نموذجاً إسلامياً فريداً في الحكم الاسلامي القائم على أسس حضارية و تاريخية قوية.
ساحة العمليات
تمتد الساحة التي ستجري عليها احداث الظهور لتشمل تسلسل مبرمج للأحداث و خصوصية واقعية تفرض نفسها في سياق الناتج الفعلي المحكوم بإرادة الامام (عليه السلام) و افكاره و توجيهاته و التي تمليها حكمته المستمدة من رصيدة العظيم من الحكمة و الرعاية الالهية.
و هذا ما سيمنح قرارات الإمام بعداً تنفيذياً كبيراً على صعيد الطاعة الانية و حصاد النتائج التي يوفرها الجو الإيماني المتشبع بالمدد الالهي و القوى الغيبد التي ستفشل جميع أسلحة التكنولوجيا و تقنيات المعلومات و تعكس الوجه المتفوق لهذه الحركة الثورية و بما يشيع عوامل الخوف الاحباط لدي أعداء الاسلام و تلي عملية الظهور التي ستكون في مكة في يوم العاشر من محرم فعاليات متعددة و مواجهات دامية مع قوي السلطة في الحجاز التي تكون على درجة كبيرة من التفكك و الضعف بسبب النزاعات الدامية بين الأمراء على الملك.
و بعد استتباب الأوضاع و خضوع الجزيرة العربية، و فشل قوات السفياني التي ستتحرك من بلاد الشام المساندة (سلطات الحجاز) و حدوث معجزة الخسف (الزلزال) الذي يأتي على جيش السفياني، يتحرك الامام باتجاه الخليج الفارسي و تحدث معركة بحرية كبيرة بين قواته التي تساندها البحرية الايرانية و بين أساطيل الغرب الموجودة في الخليج الفارسي (حالياً) تنتهي بنصر كبير للأمام حيث يتوجه إلى العراق الذي يكون حينها مفككاً منهكاً بسبب حروب عديدة كان قد دخلها و تحدث مواجهة أخرى مع قوات السفياني تنتهي (بفتح) العراق، حيث يتخذ من الكوفة مقراً لدولته، و يبدأ بإعداد العدد لمواجهة السفياني من جديد بعد أن تدعمه القوي الغربية و إسرائيل ليكون خط الدفاع الأول عن دولة اليهود الغاصبة المفسدة التي تستشعر قرب نهايتها كما هو مذكور في التوراة على يد رجل من ذرية محمد(صلى الله عليه وآله) و تدور رحى أعني معركة في التاريخ تنتهي بانتصار جيش الإمام و تحرير بيت المقدس و بلاد الشام و انضمامها إلى دولة المهدي التي تكون حينها قد ضمّت العراق و بلاد الشام و دول الخليج الفارسي و اليمن (التي يكون صاحبها من أنصار الإمام منذ بداية الظهور)، إضافة إلى الجزيرة العربية و مصر و دول المغرب العربي و السودان و ايران و عقب انتصاراته المتلاحقة على الغرب تعقد الهدنة معهم، ثم يقوموا بنقضها بعد عامين حيث تتحرك قوات الإمام لفتح الدول الأروبية ثم يقوم السيد المسيح (عليه السلام)بالإشراف على حكم هذه الدول ممثلا للإمام المهدى(عج) ، و قد استغنينا في هذا العرض السريع لساحة العمليات عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بالموضوع و حاولنا تقريب فكرة أن مسرح العمليات مؤهل بشكل كبير لإستضافة فعاليات هذه المبارزة الكبيرة بين الحق و الباطل، و التي تم تأجيلها بإرادة الهية، إن الفكرة بكاملها تستحق أن تكون محور تدور حوله الأسئلة عن جدوي أو لاجدوي الإعتقاد بالمهدي(عليه السلام) ليس ارتجالا ساذجاً و لانكراناً متعمداً و كان وفق صيغ التمسك بالفكرة بعد الوعي و الحاجة اعتماداً على المقدمات و الاسباب و إحاطة بالنتائج التي تفرزها المراحل التاريخية.
فلسفة الانتظار
يتوجب علي المسلمين عموماً و باختلاف مذاهبهم التمسك بفكرة تحقق الوعد الالهي باستخلاف المستضعفين و اقامة دولة القرآن (التي سنتكلم لاحقاً عن بعض عناوينها الشاملة) من منطلق الاعتقاد بالقرآن، و اذا ما استدركنا أكثر فإن الالتزام بالسنة النبوية و الاعتقاد بها يوجب علينا الايمان بعقيدة المهدي(عليه السلام) و الاستعداد لها من خلال تحويل (الإنتظار) الى عامل دفع نفسي يؤدي بنا إلى تنقيه أنفسنا من الادران و إعادة بناء الذات بما يجعل من المسلم كفء للدور المشرف الذي يمكن لأن يلعبه حيث يحوز شرف المساهمة في جيش المهدى، هذا الانتظار يجب أن يكون ايجابياً متحركاً، يجعلنا على أهبة الإستعداد النفسي و الجسدي و الفكري، و متمنطقين بطهارة روحية، و تعال واضح عن جميع عوامل الضعف و التردد و الخنوع كما يحرك فينا عوامل المواجهة مع الذات و ضد الظالم في كل عصر و مكان و بما يمنحنا من أمل نستطيع به التغلب على اليأس و الخنوع الذي نستنشقه كل يوم مع غبار الدعة و الخذوع و القهر .
و بالمقابل، فإن الانتظار يستلزم منا تحصين أنفسنا ضد كل البدع الإعلامية و الضلالية التي سيقوم بها الغرب لتسفيه أو تشويه هذه الفكرة، و هنا لابد لنا من الاستفادة من العلم و مواكبة النقد التكنولوجي و العلمي و تحسين قدراتنا في ميادين الإتصالات و المعلومات و ما يتبعها فردياً و جماعياً من أجل أن يكون الإستعداد في ذروته، و بهذا نكون قد قدمنا خدمة لأنفسنا و أمتنا إن أدركنا الظهور أو لم ندركه و هنا تبرز المزايا الخفية في فلسفة الإنتظار الأيجابي و مما يجدر ذكره أن سعى الغرب لمحاربة و تعطيل المسيرة المهدية سيتخذ أساليب متعددة منها سيعتمد استخدام كل ما يملك من قدرات مادية و معنوية و سيكون الغرب هو التجسيد الواقعي لفكرة الإعور الدجال التي وردت في الأحاديث النبوية المباركة، و الذي سيحاول تعطيل المسيرة المتقدمة بتطبيط الناس و تظليلهم بأساليب إعلامية و مادية كإستخدام البث التلفزيوني المضلل، أو تطويع نظم البث و الإتصالات و الإنترنيت بما يشوه صورة الأمام و يعكس الصورة التي يريدها الغرب عنها كما يستخدم القوة و التهديد و الترغيب و توزيع الهدايا و الهبات على المترددين من أبناء الأرض و ضعاف النفوس و المرتبطين بالحضارة المادية، و لعلّ فكرة (الأعور) الذي يبصر بعين واحدة تنطبق على الحضارة الغربية التي تظهر الأمور ككل بعين المادة (المادة) و تهمل الروح تكون العدو التقليدي للحضارة الاسلامية المتكاملة الوارثة بالوعد الالهي .
صورة عن الدولة المهدية المباركة
حتى يكون للوعد الالهي قيمة عظمى، بالإستناد إلى حقيقة و أهمية هذا الوعد، فلا بد حينها أن يتفوق هذا الأسناد على كل ما هو معروف من صيغ و أشكال و معادلات بشرية، و بالشكل الذي يضفي على هذه التجربة الموعودة كل صفات الكمال و النجاح لذا فإن إستعراضنا لملامح هذه الدولة العظمية سيتركز على العناوين الرئيسية لها لتحقيق حالة فهم عصري، و استيعاب واقعي لهذه الملاح .
فمن المؤكد أن الخير الوفير سيعم الأرض و أن الأرض (تظهر خيراتها) كما ورد في الحديث الشريف، و ستزداد غلة الدونم الواحد من الأرض أضعافاً مضاعفة و تنتشر زراعة أصناف نباتية متنوعة.
و كذا من الجوانب الأخرى حين يخرج الله على يديه ما تبقي من فروع العلم الأخرى حيث ورد (إن العلم سبع و عشرون باباً لم يفتح الله منها إلا بابان) فلنا أن نتخيل الكم الهائل من المعرفة و الإختراعات و التقنية التي ستحكم العالم بعد أن ينشرها الإمام المهدي و بالمقابل لنا تخيل حجم الرفاهية التي سيعيشها الناس في أمن و طيب و دعة و هدوء و عدل يستمد أسسه من الحكم بالقرآن الذي سيكون بلاشك دستور الدولة المهدية.
كما ستتعمق الصلة بالعوالم الأخرى و يزداد علم الإنسان بالفضاء مع نشر كنوز المعرفة القرآنية و فتح طلاسمها المغلقة إلا على أولياء الله الصالحين، و هذا ما سيجعل الإنسانية تدخل مرحلة أخرى من مراحل الإتصال و التعايش مع الفضاء أو مع كائنات أخرى لم يستطع العقل البشري الإحاطة بها علماً .
و هنا لابد من الاشارة الى أن الايمان الذي سيعمر قلوب الناس سيكون مدعاة لهم لأن يتعاملوا بالحسنى، فتنتهي الجرائم و تتحقق حالة الاكتفاء الذاتي من الماديات التي تغلق أبواب المنازعات الفردية و الجماعية ...
انها صورة لدولة فاضلة تقوم على العدل الإلهي و تقوم بوعد الهي كدليل من الله تعالى على انه لم يترك الإنسانية دون صحبة حاضر غائب ننتفع به غائباً انتفاعنا بنور الشمس التي حجبتها الغيوم و حاضراً (ان شاء الله تعالى) نوراً يضىء لنا المدلهم من دروب الحياة.
اتكاءة
انتظار ظهوره عند مواليه كله تشوق و تصبر و أمل نظموه نثراً و شعراً و تراثاً و سكبوه مداداً و دماءاً و دموعاً فقصيدة شاعرهم السيد حيدر الحلّي(رحمه الله) مسكة نختم بها هذه الدراسة :
ماأبقى التحملُ غيرَ أحشاء جزوعه= التصبر في انتظا رك أيها المحيي الشريعه
فالسيف انّ به شفاء قُلوبِ شيعتك الوجيعه=مزَّقت ثوبَ الأسى وشكت لِواصِلها القطيعه
حبال عواتق فمتى تكون به قطيعه=منهم ليس يُنعِشُ هذه النفس الصريعه
الفروعُ أُصولَه و أصولُه تنعى فروعه=العقودُ و دينكم هُدِمت قواعده الرفيعه
شبا عضب له الأرواح مُذعنةٌ مُطيعه=من أباح الـ يوم حوزته المنيعه
به بدم القتيل بكربلاء في خير شيعه=يدعُها خفّت لدعـ وَته و ان ثقلت سريعه
تجيء فجيعةٌ بأمضَّ من تلك الفجيعه=يُهيجك ان صبرت لوقعة الطف الفضيعه
اُمية ظام الى جنب الشريعه=الحسينُ على الثرى خيلُ العِدى طحنت ضُلوعه
الله اهتفي بحميّة الدين المنيعه=بدم الوريد مخضَّبٌ فأطلب رضيعه
جنودَ الله تملأُ هذه الأرضَ الوسيعه=انتقامِكِ جرّدي لطلا ذوي البغى التليعه
المصادر
1 ـ القرآن الكريم.
2 ـ الكوراني، [الشيخ] علي، عصر الظهور.
3 ـ المجلسي، [العلاّمة] محمدباقر، بحارالأنوار.
4 ـ المروزى، نعيم بن حماد، كتاب الفتن.
5 ـ معجم أحاديث المهدى(عليه السلام)، (گردآورى)
استحوذت فكرة المهدي في الإعلام الغربي على حيز كبير خاصة بعد صدور كتاب (تنبؤات نوسترادموس) و تحويل إحدى محاور هذه التنبؤات و المتعلقة بخروج رجل من ذرية نبي الإسلام محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ، في آخرالزمان يحارب الغرب و ينتصر عليه و يقيم دولة (كبري) إلى فلم سينمائي في منتصف الثمانينات من هذا القرن و قد ركز الفلم على فكرة الإيحاء للغربيين بما سيشكله هذا الأمر من خطر على الحضارة الغربية، و لتنمية مشاعر العداء والبغض للمسلمين باعتبارهم (الخطر المؤجل) الذي يتقدم ببطء لتحطيم أصنام الحضارة الغربية.
و بلا شك فإن للوبي الصهيوني دور كبير يحكم سيطرته على مفاصل الإعلام الغربي في تحريك و تفعيل هذا التوجه و بما يحقق ذات الهدف و يدفع بدوائر القرار في الإدارة الأمريكية إلى التعامل مع موضوع الظهور تعاملا واقعياً يتجاوز إطار التنبؤات و الروايات، خاصة و أن ما يحدث في أنحاء متقدمة من بلدان العالم من صحوة إسلامية (و ان تباينت طرق التعبير عنها) تعكس حجم القلق الذي سيؤدي بهذه الدوائر إلى التعامل مع هذه الصحوة ـ المبشرة ـ ببزوغ فجر جديد يحكم العالم لصيغ و علاقات تكون بديلا للفوضى الأخلاقية و الاجتماعية و الاقتصادية التي أفرزتها الحضارة الغَربية و تجسيد فكرة صراع الحضارات تجسيداً واقعياً.
وفي ذات الوقت فإن المخابرات الأمريكية و كما أشيع تملك ملفاً ضخماً عن الإمام المهدي (عج) اعتمدت في إعداده على خبراءها المتخصصون و أن ما ينقص الملف هذا هو (صورة الإمام المهدي (عج))كما ذكر ذلك الشيخ الكوراني في مقدمة عصر الظهور.
و قد ابتدأ هذا الاهتمام يأخذ مداه بعد حادثة الحرم المكي الشريف في محرم 1400 هـ . ق و ما تلاها من تداعيات لم تنته إلا بتدخل قوات الكوموندور الفرنسي التي وضعت حداً لتلك الحركة التي طالبت بالتغيير باسم (المهدي) ..
كما أزداد الاهتمام بها بعد أن تبنت الثورة الإسلامية في ايران المشروع النهضوي الإسلامي المعاصر الذي جسد النموذج الواقعي للفكر السياسي الاسلامي و الذي حوّل الأفكار الى واقع حىّ أكدّ بشكل واضح صلاحية الفكر الاسلامي لقيادة الأمة بل و نجاحه في تجاوز كل العقبات المستحدثة و المرتجلة و المفتعلة في إطار الصراع الأزلي بين الخير و الشر، و أصبح المرشد العام للثورة يسمى (نائب الإمام) وفقاً لمنظور فقهي متجدد طرحته هذه الثورة يشكل نموذجاً إسلامياً فريداً في الحكم الاسلامي القائم على أسس حضارية و تاريخية قوية.
ساحة العمليات
تمتد الساحة التي ستجري عليها احداث الظهور لتشمل تسلسل مبرمج للأحداث و خصوصية واقعية تفرض نفسها في سياق الناتج الفعلي المحكوم بإرادة الامام (عليه السلام) و افكاره و توجيهاته و التي تمليها حكمته المستمدة من رصيدة العظيم من الحكمة و الرعاية الالهية.
و هذا ما سيمنح قرارات الإمام بعداً تنفيذياً كبيراً على صعيد الطاعة الانية و حصاد النتائج التي يوفرها الجو الإيماني المتشبع بالمدد الالهي و القوى الغيبد التي ستفشل جميع أسلحة التكنولوجيا و تقنيات المعلومات و تعكس الوجه المتفوق لهذه الحركة الثورية و بما يشيع عوامل الخوف الاحباط لدي أعداء الاسلام و تلي عملية الظهور التي ستكون في مكة في يوم العاشر من محرم فعاليات متعددة و مواجهات دامية مع قوي السلطة في الحجاز التي تكون على درجة كبيرة من التفكك و الضعف بسبب النزاعات الدامية بين الأمراء على الملك.
و بعد استتباب الأوضاع و خضوع الجزيرة العربية، و فشل قوات السفياني التي ستتحرك من بلاد الشام المساندة (سلطات الحجاز) و حدوث معجزة الخسف (الزلزال) الذي يأتي على جيش السفياني، يتحرك الامام باتجاه الخليج الفارسي و تحدث معركة بحرية كبيرة بين قواته التي تساندها البحرية الايرانية و بين أساطيل الغرب الموجودة في الخليج الفارسي (حالياً) تنتهي بنصر كبير للأمام حيث يتوجه إلى العراق الذي يكون حينها مفككاً منهكاً بسبب حروب عديدة كان قد دخلها و تحدث مواجهة أخرى مع قوات السفياني تنتهي (بفتح) العراق، حيث يتخذ من الكوفة مقراً لدولته، و يبدأ بإعداد العدد لمواجهة السفياني من جديد بعد أن تدعمه القوي الغربية و إسرائيل ليكون خط الدفاع الأول عن دولة اليهود الغاصبة المفسدة التي تستشعر قرب نهايتها كما هو مذكور في التوراة على يد رجل من ذرية محمد(صلى الله عليه وآله) و تدور رحى أعني معركة في التاريخ تنتهي بانتصار جيش الإمام و تحرير بيت المقدس و بلاد الشام و انضمامها إلى دولة المهدي التي تكون حينها قد ضمّت العراق و بلاد الشام و دول الخليج الفارسي و اليمن (التي يكون صاحبها من أنصار الإمام منذ بداية الظهور)، إضافة إلى الجزيرة العربية و مصر و دول المغرب العربي و السودان و ايران و عقب انتصاراته المتلاحقة على الغرب تعقد الهدنة معهم، ثم يقوموا بنقضها بعد عامين حيث تتحرك قوات الإمام لفتح الدول الأروبية ثم يقوم السيد المسيح (عليه السلام)بالإشراف على حكم هذه الدول ممثلا للإمام المهدى(عج) ، و قد استغنينا في هذا العرض السريع لساحة العمليات عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بالموضوع و حاولنا تقريب فكرة أن مسرح العمليات مؤهل بشكل كبير لإستضافة فعاليات هذه المبارزة الكبيرة بين الحق و الباطل، و التي تم تأجيلها بإرادة الهية، إن الفكرة بكاملها تستحق أن تكون محور تدور حوله الأسئلة عن جدوي أو لاجدوي الإعتقاد بالمهدي(عليه السلام) ليس ارتجالا ساذجاً و لانكراناً متعمداً و كان وفق صيغ التمسك بالفكرة بعد الوعي و الحاجة اعتماداً على المقدمات و الاسباب و إحاطة بالنتائج التي تفرزها المراحل التاريخية.
فلسفة الانتظار
يتوجب علي المسلمين عموماً و باختلاف مذاهبهم التمسك بفكرة تحقق الوعد الالهي باستخلاف المستضعفين و اقامة دولة القرآن (التي سنتكلم لاحقاً عن بعض عناوينها الشاملة) من منطلق الاعتقاد بالقرآن، و اذا ما استدركنا أكثر فإن الالتزام بالسنة النبوية و الاعتقاد بها يوجب علينا الايمان بعقيدة المهدي(عليه السلام) و الاستعداد لها من خلال تحويل (الإنتظار) الى عامل دفع نفسي يؤدي بنا إلى تنقيه أنفسنا من الادران و إعادة بناء الذات بما يجعل من المسلم كفء للدور المشرف الذي يمكن لأن يلعبه حيث يحوز شرف المساهمة في جيش المهدى، هذا الانتظار يجب أن يكون ايجابياً متحركاً، يجعلنا على أهبة الإستعداد النفسي و الجسدي و الفكري، و متمنطقين بطهارة روحية، و تعال واضح عن جميع عوامل الضعف و التردد و الخنوع كما يحرك فينا عوامل المواجهة مع الذات و ضد الظالم في كل عصر و مكان و بما يمنحنا من أمل نستطيع به التغلب على اليأس و الخنوع الذي نستنشقه كل يوم مع غبار الدعة و الخذوع و القهر .
و بالمقابل، فإن الانتظار يستلزم منا تحصين أنفسنا ضد كل البدع الإعلامية و الضلالية التي سيقوم بها الغرب لتسفيه أو تشويه هذه الفكرة، و هنا لابد لنا من الاستفادة من العلم و مواكبة النقد التكنولوجي و العلمي و تحسين قدراتنا في ميادين الإتصالات و المعلومات و ما يتبعها فردياً و جماعياً من أجل أن يكون الإستعداد في ذروته، و بهذا نكون قد قدمنا خدمة لأنفسنا و أمتنا إن أدركنا الظهور أو لم ندركه و هنا تبرز المزايا الخفية في فلسفة الإنتظار الأيجابي و مما يجدر ذكره أن سعى الغرب لمحاربة و تعطيل المسيرة المهدية سيتخذ أساليب متعددة منها سيعتمد استخدام كل ما يملك من قدرات مادية و معنوية و سيكون الغرب هو التجسيد الواقعي لفكرة الإعور الدجال التي وردت في الأحاديث النبوية المباركة، و الذي سيحاول تعطيل المسيرة المتقدمة بتطبيط الناس و تظليلهم بأساليب إعلامية و مادية كإستخدام البث التلفزيوني المضلل، أو تطويع نظم البث و الإتصالات و الإنترنيت بما يشوه صورة الأمام و يعكس الصورة التي يريدها الغرب عنها كما يستخدم القوة و التهديد و الترغيب و توزيع الهدايا و الهبات على المترددين من أبناء الأرض و ضعاف النفوس و المرتبطين بالحضارة المادية، و لعلّ فكرة (الأعور) الذي يبصر بعين واحدة تنطبق على الحضارة الغربية التي تظهر الأمور ككل بعين المادة (المادة) و تهمل الروح تكون العدو التقليدي للحضارة الاسلامية المتكاملة الوارثة بالوعد الالهي .
صورة عن الدولة المهدية المباركة
حتى يكون للوعد الالهي قيمة عظمى، بالإستناد إلى حقيقة و أهمية هذا الوعد، فلا بد حينها أن يتفوق هذا الأسناد على كل ما هو معروف من صيغ و أشكال و معادلات بشرية، و بالشكل الذي يضفي على هذه التجربة الموعودة كل صفات الكمال و النجاح لذا فإن إستعراضنا لملامح هذه الدولة العظمية سيتركز على العناوين الرئيسية لها لتحقيق حالة فهم عصري، و استيعاب واقعي لهذه الملاح .
فمن المؤكد أن الخير الوفير سيعم الأرض و أن الأرض (تظهر خيراتها) كما ورد في الحديث الشريف، و ستزداد غلة الدونم الواحد من الأرض أضعافاً مضاعفة و تنتشر زراعة أصناف نباتية متنوعة.
و كذا من الجوانب الأخرى حين يخرج الله على يديه ما تبقي من فروع العلم الأخرى حيث ورد (إن العلم سبع و عشرون باباً لم يفتح الله منها إلا بابان) فلنا أن نتخيل الكم الهائل من المعرفة و الإختراعات و التقنية التي ستحكم العالم بعد أن ينشرها الإمام المهدي و بالمقابل لنا تخيل حجم الرفاهية التي سيعيشها الناس في أمن و طيب و دعة و هدوء و عدل يستمد أسسه من الحكم بالقرآن الذي سيكون بلاشك دستور الدولة المهدية.
كما ستتعمق الصلة بالعوالم الأخرى و يزداد علم الإنسان بالفضاء مع نشر كنوز المعرفة القرآنية و فتح طلاسمها المغلقة إلا على أولياء الله الصالحين، و هذا ما سيجعل الإنسانية تدخل مرحلة أخرى من مراحل الإتصال و التعايش مع الفضاء أو مع كائنات أخرى لم يستطع العقل البشري الإحاطة بها علماً .
و هنا لابد من الاشارة الى أن الايمان الذي سيعمر قلوب الناس سيكون مدعاة لهم لأن يتعاملوا بالحسنى، فتنتهي الجرائم و تتحقق حالة الاكتفاء الذاتي من الماديات التي تغلق أبواب المنازعات الفردية و الجماعية ...
انها صورة لدولة فاضلة تقوم على العدل الإلهي و تقوم بوعد الهي كدليل من الله تعالى على انه لم يترك الإنسانية دون صحبة حاضر غائب ننتفع به غائباً انتفاعنا بنور الشمس التي حجبتها الغيوم و حاضراً (ان شاء الله تعالى) نوراً يضىء لنا المدلهم من دروب الحياة.
اتكاءة
انتظار ظهوره عند مواليه كله تشوق و تصبر و أمل نظموه نثراً و شعراً و تراثاً و سكبوه مداداً و دماءاً و دموعاً فقصيدة شاعرهم السيد حيدر الحلّي(رحمه الله) مسكة نختم بها هذه الدراسة :
ماأبقى التحملُ غيرَ أحشاء جزوعه= التصبر في انتظا رك أيها المحيي الشريعه
فالسيف انّ به شفاء قُلوبِ شيعتك الوجيعه=مزَّقت ثوبَ الأسى وشكت لِواصِلها القطيعه
حبال عواتق فمتى تكون به قطيعه=منهم ليس يُنعِشُ هذه النفس الصريعه
الفروعُ أُصولَه و أصولُه تنعى فروعه=العقودُ و دينكم هُدِمت قواعده الرفيعه
شبا عضب له الأرواح مُذعنةٌ مُطيعه=من أباح الـ يوم حوزته المنيعه
به بدم القتيل بكربلاء في خير شيعه=يدعُها خفّت لدعـ وَته و ان ثقلت سريعه
تجيء فجيعةٌ بأمضَّ من تلك الفجيعه=يُهيجك ان صبرت لوقعة الطف الفضيعه
اُمية ظام الى جنب الشريعه=الحسينُ على الثرى خيلُ العِدى طحنت ضُلوعه
الله اهتفي بحميّة الدين المنيعه=بدم الوريد مخضَّبٌ فأطلب رضيعه
جنودَ الله تملأُ هذه الأرضَ الوسيعه=انتقامِكِ جرّدي لطلا ذوي البغى التليعه
المصادر
1 ـ القرآن الكريم.
2 ـ الكوراني، [الشيخ] علي، عصر الظهور.
3 ـ المجلسي، [العلاّمة] محمدباقر، بحارالأنوار.
4 ـ المروزى، نعيم بن حماد، كتاب الفتن.
5 ـ معجم أحاديث المهدى(عليه السلام)، (گردآورى)
تعليق