لقد أعطى الإسلام للمرأة حقوقها ، وشرّع القوانين لحمايتها ورعاية مصالحها ، ومنحها الحرية ضمن تعاليمه السامية في طلب العلم والحصول على الملكية والارث والعمل ، ولكن بشرط أن لا تكون على نمط الحرية الإباحية التي تعرض فيها المرأة نفسها بالمجان ، وتكون سبباً في إفساد بنية الاُسرة وانحراف المجتمع ، كما هو الحال في المجتمعات الغربية . ولقد ضربت الزهراء عليها السلام أروع الأمثلة في ما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة من حصانة وعفّة مع أدائها لدورها في داخل المنزل وخارجه على أتمّ وجه ، فهي النموذج الأمثل الذي قدّمه الإسلام للمرأة ، فمن الحقّ أن يقتدى بها في كل ما أُثر عنها من مبادئ العفّة والحجاب ، فقد روي عنها عليها السلام أنّها قالت : « خير للمرأة أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل » (1) .
فمن حيث خمار رأسها فقد وصف أنّه يصل إلى نصف عضدها ، كما جاء بالاسناد عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : « فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وما كان خمارها إلاّ هكذا » وأومأ بيده إلى وسط عضده (2) .
ومن عجائب أمرها عليها السلام أنّها كانت تتحرج من رؤية الرجل الأعمى ،فكيف بالبصير حينئذ؟!
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استأذن عليها أعمى فحجبته ، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لِمَ حجبتيه وهو لا يراك ، فقالت : يارسول الله إن لم يكن يراني فأنا أراه ، وهو يشمّ الريح . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أشهد أنك بضعة مني » (3) .
وروى الشيخ الكليني بالاسناد عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد فاطمة عليها السلام وأنا معه ، فلمّا انتهيت إلى الباب وضع يده عليه ، ثم قال : « السلام عليكم » . فقالت فاطمة عليها السلام : « عليك السلام يا رسول الله » قال : « أدخل؟ » قالت : « ادخل يا رسول الله » . قال : « أدخل أنا ومن معي؟ » فقالت : « يارسول الله ليس عليَّ قناع » . فقال : « يافاطمة ، خذي فضل ملحفتك ، فقنّعي به رأسك » ففعلت ، ثم قال : « السلام عليكم » . فقالت فاطمة : « وعليك السلام يا رسول الله » ، قال : « أدخل » قالت : « نعم يا رسول الله » قال : « أنا ومن معي؟ » قالت : « أنت ومن معك » الحديث (4) .
وروى أبو نعيم بالاسناد عن جابر بن سمرة ، قال : جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجلس فقال : « إنّ فاطمة وجعة » فقال القوم : لو عدناها . فقام فمشى حتى انتهى إلى الباب ، والباب عليها مصفق ، قال : فنادى : « شدّي عليك ثيابك ، فإنّ القوم جاءوا يعودونك » فقالت : « يا نبي الله ، ما عليَّ إلاّ عباءة » قال : فأخذ رداءً فرمى به إليها من وراء الباب ، فقال : « شدّي بهذا رأسك » فدخل ودخل
القوم ، فقعد ساعة فخرجوا ، فقال القوم : تالله بنت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الحال! قال : فالتفت فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أما إنّها سيدة النساء يوم القيامة » (5) .
والتزام الزهراء عليها السلام بالحجاب الإسلامي لم يمنعها من أداء دورها الرسالي في الدفاع عن عقائد الإسلام وسُنّة أبيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واسترجاع حقّها السليب ، فقد وصفها الرواة حينما جاءت إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقولهم : لمّا بلغ فاطمة عليها السلام إجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لُمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، . . . فدخلت عليه وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها مُلاءة . . . (6) .
ومن مظاهر العفة والحشمة التي سجلتها الزهراء عليها السلام سُنّة تُقتدى إلى اليوم ، هي أنّها عندما اشتكت شكوتها التي قبضت فيها ، قالت لاَسماء بنت عميس : « ألا تجعلي لي شيئاً يسترني ، فإنّي استقبح ما يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب فيصفها » ، فقالت أسماء : إني رأيت شيئاً يصنع بالحبشة ، فصنعت لها هيئة النعش ، فقالت عليها السلام : « اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار» .
فكان نعشها أول نعش أُحدث في الإسلام ، واتخذ بعد ذلك سُنّة (7) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) المناقب | ابن شهرآشوب 3 : 341 .
2) مكارم الأخلاق | الطبرسي : 93 ، منشورات الرضي ـ قم .
3) المناقب | ابن المغازلي : 380 | 428 . والنوادر | الراوندي : 13 . وبحار الأنوار 43 : 91ـ92 | 16 .
4) الكافي 5 : 528 | 5 .
5) حلية الأولياء | أبو نعيم 2 : 42 ، دار الكتب العلمية ، وروى نحوه ابن شاهين في فضائل فاطمة عليها السلام : 34 ـ 35 بالاسناد عن عمران بن حصين .
6) ستأتي الخطبة مع تخريجها في الفصل الثالث .
7) راجع : التهذيب | الطوسي 1 : 469 | 1540 . وفاء الوفا | السمهودي 3 : 903 . وتاريخ المدينة | ابن شبّة 1 : 108 . وسير أعلام النبلاء | الذهبي 2 : 128 .
فمن حيث خمار رأسها فقد وصف أنّه يصل إلى نصف عضدها ، كما جاء بالاسناد عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : « فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وما كان خمارها إلاّ هكذا » وأومأ بيده إلى وسط عضده (2) .
ومن عجائب أمرها عليها السلام أنّها كانت تتحرج من رؤية الرجل الأعمى ،فكيف بالبصير حينئذ؟!
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استأذن عليها أعمى فحجبته ، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لِمَ حجبتيه وهو لا يراك ، فقالت : يارسول الله إن لم يكن يراني فأنا أراه ، وهو يشمّ الريح . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أشهد أنك بضعة مني » (3) .
وروى الشيخ الكليني بالاسناد عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد فاطمة عليها السلام وأنا معه ، فلمّا انتهيت إلى الباب وضع يده عليه ، ثم قال : « السلام عليكم » . فقالت فاطمة عليها السلام : « عليك السلام يا رسول الله » قال : « أدخل؟ » قالت : « ادخل يا رسول الله » . قال : « أدخل أنا ومن معي؟ » فقالت : « يارسول الله ليس عليَّ قناع » . فقال : « يافاطمة ، خذي فضل ملحفتك ، فقنّعي به رأسك » ففعلت ، ثم قال : « السلام عليكم » . فقالت فاطمة : « وعليك السلام يا رسول الله » ، قال : « أدخل » قالت : « نعم يا رسول الله » قال : « أنا ومن معي؟ » قالت : « أنت ومن معك » الحديث (4) .
وروى أبو نعيم بالاسناد عن جابر بن سمرة ، قال : جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجلس فقال : « إنّ فاطمة وجعة » فقال القوم : لو عدناها . فقام فمشى حتى انتهى إلى الباب ، والباب عليها مصفق ، قال : فنادى : « شدّي عليك ثيابك ، فإنّ القوم جاءوا يعودونك » فقالت : « يا نبي الله ، ما عليَّ إلاّ عباءة » قال : فأخذ رداءً فرمى به إليها من وراء الباب ، فقال : « شدّي بهذا رأسك » فدخل ودخل
القوم ، فقعد ساعة فخرجوا ، فقال القوم : تالله بنت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الحال! قال : فالتفت فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أما إنّها سيدة النساء يوم القيامة » (5) .
والتزام الزهراء عليها السلام بالحجاب الإسلامي لم يمنعها من أداء دورها الرسالي في الدفاع عن عقائد الإسلام وسُنّة أبيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واسترجاع حقّها السليب ، فقد وصفها الرواة حينما جاءت إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقولهم : لمّا بلغ فاطمة عليها السلام إجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لُمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، . . . فدخلت عليه وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها مُلاءة . . . (6) .
ومن مظاهر العفة والحشمة التي سجلتها الزهراء عليها السلام سُنّة تُقتدى إلى اليوم ، هي أنّها عندما اشتكت شكوتها التي قبضت فيها ، قالت لاَسماء بنت عميس : « ألا تجعلي لي شيئاً يسترني ، فإنّي استقبح ما يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب فيصفها » ، فقالت أسماء : إني رأيت شيئاً يصنع بالحبشة ، فصنعت لها هيئة النعش ، فقالت عليها السلام : « اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار» .
فكان نعشها أول نعش أُحدث في الإسلام ، واتخذ بعد ذلك سُنّة (7) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) المناقب | ابن شهرآشوب 3 : 341 .
2) مكارم الأخلاق | الطبرسي : 93 ، منشورات الرضي ـ قم .
3) المناقب | ابن المغازلي : 380 | 428 . والنوادر | الراوندي : 13 . وبحار الأنوار 43 : 91ـ92 | 16 .
4) الكافي 5 : 528 | 5 .
5) حلية الأولياء | أبو نعيم 2 : 42 ، دار الكتب العلمية ، وروى نحوه ابن شاهين في فضائل فاطمة عليها السلام : 34 ـ 35 بالاسناد عن عمران بن حصين .
6) ستأتي الخطبة مع تخريجها في الفصل الثالث .
7) راجع : التهذيب | الطوسي 1 : 469 | 1540 . وفاء الوفا | السمهودي 3 : 903 . وتاريخ المدينة | ابن شبّة 1 : 108 . وسير أعلام النبلاء | الذهبي 2 : 128 .
تعليق