الخلاف يسلب التركيز :
إن الإنسان المؤمن موجود هادف.. إذ أن هناك فرقا بين البهيمة التي لا هدف لها في الحياة، وبين الإنسان الكافر الذي له أهداف وهموم مادية في الحياة، وبين الإنسان المؤمن الذي له برنامج مخلد.. فبرنامجه على مستوى الخلود لا على مستوى الدنيا، ولا على مستوى البرزخ؛ وإنما على مستوى الحياة الخالدة إلى أبد الآبدين.. ومن هنا نعلم أن هذه البرمجة طويلة المدى إلى أبد الآبدين، تحتاج إلى جو مركز.. ومن المعلوم أن الإنسان العاقل في حياته اليومية، يضحي بالمهم في مقابل الأهم.. ومن الأمور الراجحة أن يكون الإنسان مستقرا نفسياً، ولو تحمل شيئاً من الذلة التي يرضى بها الشارع.. وهنا ينبغي أن نلتفت إلى أن مسألة العزة وتحمل الذل؛ إنما يكون في الحياة الاجتماعية، أو أمام الكفار، أو أمام الفساق والمنحرفين؛ فإن الله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده بالذل، وقد أمرنا بأن نتكبر أمام المتكبرين، ولكن لا أرى مصداقية كثيرة لهذه القاعدة في الحياة الزوجية.. فمثلاً: إنسان يريد في كل يوم أن يثبت عزته الإيمانية على زوجته، ويريد أن يبادل تكبرها بالتكبر، إن هذا مما يرجح كثيراً في الحياة الاجتماعية، بينما الحياة الأسرية أبسط من ذلك بكثير، ولا ينبغي أن نعتبر تكبر الزوجة ذلك التكبر الذي ينبغي أن نقف منه موقفاً حاسماً، بل لابد من علاج المشكلة.. الزوجة تحت اليد، وصديقة الحياة، وعشيرة العمر؛ ولا ينبغي أن نستعمل في حقها القواعد الحاسمة الشرعية، وإنما ينبغي أن نتلطف لها بالقول. وعلى سبيل المثال: في باب النهي عن المنكر: لو اتفق أن الإنسان رأى إنساناً في الشارع في شهر رمضان، يفطر ويأكل جهاراً، فإن المطلوب من الإنسان في بعض الحالات الحزم والحسم، بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فالمجال لا يسمح له بأن يفلسف الأمر، وبأن يخرج ويدخل بالمقدمات البعيدة.. أما مع الزوجة فإن الأمر مختلف تماماً؛ فالحالة الانسجامية والعاطفية فيما بينهما، تسمح للإنسان بأن يتدرج في النصيحة.. فإذا رأى فيها منكراً، وهذا المنكر يزال بالتدريج، وبالنصيحة، وبتهيئة الأجواء الملائمة؛ فإن الشارع المقدس قطعاً يرضى بذلك، وترجح سياسة التدريج، إذا كانت هذه السياسة هي المؤثرة في قمع المنكر. وعليه، فإن علينا بهذا الشعار: شعار الهدوء في الجو الزوجي!.. ولو فرضاً أن المرأة قصرت في حقك، وتطاولت عليك بشكل من أشكال التطاول.. أولاً حاول أن تمتص جو التوتر؛ حتى تصلي لربك، وتقرأ كتاباً نافعاً، وتتوجه في نافلتك، وفي صلاة ليلك.. وبعد هدوء الأجواء، طالب بحقك، وحاول أن تعيد الأمور إلى نصابها؛ فهذا حقك الطبيعي.. ومن المعلوم أنه في جو النزاع والغضب لا تحل مشكلة من المشاكل، ولهذا نلاحظ أن القرآن الكريم يعبر عن نبي الله موسى (ع) بقوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ}.. فإن الإنسان في حال السيطرة على نفسه والهدوء، أقدر بأن يتناول المسائل. وإن من دعوات الإنسان المؤمن، أن لا يُبتلى بشاغل عن الله سبحانه وتعالى.. ولهذا نلاحظ أن علياً (ع) كما ورد في الرواية أنه: ( كان إذا أراد أن يصلي في آخر الليل، أخذ معه صبياً لا يحتشم منه، ثم يذهب إلى ذلك البيت فيصلي).. فعلي (ع) عندما كان يذهب لمكان للخلوة، كان يأخذ معه صبياً لا يحتشم منه؛ لئلا يقال بأن علياً (ع) استفرد وعاش في وحدة لا يرضى بها الشارع.. إن الإمام (ع) يريد أن يخرج من جو الخلوة، لأن الوحدة في المكان أمر مذموم شرعاً، ومن المذموم أن يبيت الإنسان لوحده كما في الروايات: (ملعون من بات وحده).. وللعلم أن اللعن هنا ليس بمورد معنى الطرد من رحمة الله، إنما لأنه في مظان الوقوع في بعض الأخطار والمضار.. وفي نفس الوقت نلاحظ أنه أخذ صبياً لا يحتشم منه، أي لا يشوشه، ولا يأخذ منه الانتباه، ولا يحتاج إلى مراعاة كثيرة.. وهذا فيه درس: أن الإنسان عليه أن يعاشر من لا يحتشم منه.. اختر من أصدقائك من لا تتكلف معه.. خذ زوجة لا تتكلف معها، ولا تحتشم منها؛ فإن هذه هي الزوجة المثالية.
(الشيخ حبيب الكاظمي )
إن الإنسان المؤمن موجود هادف.. إذ أن هناك فرقا بين البهيمة التي لا هدف لها في الحياة، وبين الإنسان الكافر الذي له أهداف وهموم مادية في الحياة، وبين الإنسان المؤمن الذي له برنامج مخلد.. فبرنامجه على مستوى الخلود لا على مستوى الدنيا، ولا على مستوى البرزخ؛ وإنما على مستوى الحياة الخالدة إلى أبد الآبدين.. ومن هنا نعلم أن هذه البرمجة طويلة المدى إلى أبد الآبدين، تحتاج إلى جو مركز.. ومن المعلوم أن الإنسان العاقل في حياته اليومية، يضحي بالمهم في مقابل الأهم.. ومن الأمور الراجحة أن يكون الإنسان مستقرا نفسياً، ولو تحمل شيئاً من الذلة التي يرضى بها الشارع.. وهنا ينبغي أن نلتفت إلى أن مسألة العزة وتحمل الذل؛ إنما يكون في الحياة الاجتماعية، أو أمام الكفار، أو أمام الفساق والمنحرفين؛ فإن الله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده بالذل، وقد أمرنا بأن نتكبر أمام المتكبرين، ولكن لا أرى مصداقية كثيرة لهذه القاعدة في الحياة الزوجية.. فمثلاً: إنسان يريد في كل يوم أن يثبت عزته الإيمانية على زوجته، ويريد أن يبادل تكبرها بالتكبر، إن هذا مما يرجح كثيراً في الحياة الاجتماعية، بينما الحياة الأسرية أبسط من ذلك بكثير، ولا ينبغي أن نعتبر تكبر الزوجة ذلك التكبر الذي ينبغي أن نقف منه موقفاً حاسماً، بل لابد من علاج المشكلة.. الزوجة تحت اليد، وصديقة الحياة، وعشيرة العمر؛ ولا ينبغي أن نستعمل في حقها القواعد الحاسمة الشرعية، وإنما ينبغي أن نتلطف لها بالقول. وعلى سبيل المثال: في باب النهي عن المنكر: لو اتفق أن الإنسان رأى إنساناً في الشارع في شهر رمضان، يفطر ويأكل جهاراً، فإن المطلوب من الإنسان في بعض الحالات الحزم والحسم، بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فالمجال لا يسمح له بأن يفلسف الأمر، وبأن يخرج ويدخل بالمقدمات البعيدة.. أما مع الزوجة فإن الأمر مختلف تماماً؛ فالحالة الانسجامية والعاطفية فيما بينهما، تسمح للإنسان بأن يتدرج في النصيحة.. فإذا رأى فيها منكراً، وهذا المنكر يزال بالتدريج، وبالنصيحة، وبتهيئة الأجواء الملائمة؛ فإن الشارع المقدس قطعاً يرضى بذلك، وترجح سياسة التدريج، إذا كانت هذه السياسة هي المؤثرة في قمع المنكر. وعليه، فإن علينا بهذا الشعار: شعار الهدوء في الجو الزوجي!.. ولو فرضاً أن المرأة قصرت في حقك، وتطاولت عليك بشكل من أشكال التطاول.. أولاً حاول أن تمتص جو التوتر؛ حتى تصلي لربك، وتقرأ كتاباً نافعاً، وتتوجه في نافلتك، وفي صلاة ليلك.. وبعد هدوء الأجواء، طالب بحقك، وحاول أن تعيد الأمور إلى نصابها؛ فهذا حقك الطبيعي.. ومن المعلوم أنه في جو النزاع والغضب لا تحل مشكلة من المشاكل، ولهذا نلاحظ أن القرآن الكريم يعبر عن نبي الله موسى (ع) بقوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ}.. فإن الإنسان في حال السيطرة على نفسه والهدوء، أقدر بأن يتناول المسائل. وإن من دعوات الإنسان المؤمن، أن لا يُبتلى بشاغل عن الله سبحانه وتعالى.. ولهذا نلاحظ أن علياً (ع) كما ورد في الرواية أنه: ( كان إذا أراد أن يصلي في آخر الليل، أخذ معه صبياً لا يحتشم منه، ثم يذهب إلى ذلك البيت فيصلي).. فعلي (ع) عندما كان يذهب لمكان للخلوة، كان يأخذ معه صبياً لا يحتشم منه؛ لئلا يقال بأن علياً (ع) استفرد وعاش في وحدة لا يرضى بها الشارع.. إن الإمام (ع) يريد أن يخرج من جو الخلوة، لأن الوحدة في المكان أمر مذموم شرعاً، ومن المذموم أن يبيت الإنسان لوحده كما في الروايات: (ملعون من بات وحده).. وللعلم أن اللعن هنا ليس بمورد معنى الطرد من رحمة الله، إنما لأنه في مظان الوقوع في بعض الأخطار والمضار.. وفي نفس الوقت نلاحظ أنه أخذ صبياً لا يحتشم منه، أي لا يشوشه، ولا يأخذ منه الانتباه، ولا يحتاج إلى مراعاة كثيرة.. وهذا فيه درس: أن الإنسان عليه أن يعاشر من لا يحتشم منه.. اختر من أصدقائك من لا تتكلف معه.. خذ زوجة لا تتكلف معها، ولا تحتشم منها؛ فإن هذه هي الزوجة المثالية.
(الشيخ حبيب الكاظمي )
تعليق