التشكيك في العقائد . . منهج خطير
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد أم أبيها فاطمة الزهراء (ع)، جعلنا الله وإياكم من الآخذين بثأرها تحت راية بقية الله الأعظم الحجة بن الحسن المهدي المنتظر (أرواح العالمين لتراب نعله الفداء).. وبهذه الفاجعة الأليمة أحببت ذكر مختصر من كتاب (عبقات ولائية)، وهو مضمون ترجمة خطاب سماحة آية الله العظمى المرحوم الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) في درس البحث الخارج في الفقه يوم 12 جمادى الأولى 1418هـ بخصوص شهادة الزهراء (ع) والإنكار على تشكيك بعض المضلّين.. وقد اقتبست منه هذه الأسطر مع التصرف اليسير مراعاة للاختصار..
قد يظن البعض أن التآلف والمماشاة مع غير الشيعة -وهم إخواننا في الدين- يعني رفع اليد عن عقائدنا الشيعية.. ولقد سعى البعض -جهلاً أو عمداً- تحريف عقائد الشيعة، التي عانى أصحاب الأئمة (ع) وعلماؤنا المصاعب الجمة طوال الأزمنة للحفاظ عليها، وهي أساس التشيع.
إن هؤلاء يحرفون أولئك الشباب الذين لا اطلاع لهم ولا فحص لديهم في حقائق المسائل الدينية وتاريخ الإسلام، ولا معرفة لديهم بالمباني والأسس التي يجب أن تؤخذ منها المطالب والعقائد الحقة. إن هؤلاء المضلين يتحدثون بأمورٍ لمجرد أن يستسيغها ويتقبلها أولئك الشباب غير المطلعين، وبدلاً من أن يبينوا الحقائق ليتعلم منها شباب الشيعة فإنهم يحرفون شباب الشيعة أنفسهم!!
إن طريقة ترويج مذهب الشيعة كانت قائمة على بيان الحقائق وفي كل فرصة مناسبة باللسان اللين وبالأسلوب الأمثل، أما في المواضع التي لا تكون كذلك؛ فإن الواجب هو الإمساك والتحرز عن التحدث.. وهؤلاء المضلون بدلاً من أن يوصلوا عقائد الشيعة ويبينوا أدلتها فإنهم يلقون هؤلاء الناس المساكين في الضلالة.
إن قضية التشيع وما يقوله الشيعة واضحة جداً، فلو كان لأي شخص وصية ما فإن وصية رسول الله(ص) باتفاق الفريقين هي: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، ونحن نأخذ فيما يرجع إلى الإسلام من الأئمة(ع).
ومن الأدلة القاطعة للشيعة، التي لا مجال للخدش فيها، هو ما يتعلق بفاطمة الزهراء(ع)، فإن لها مقام ومنزلة رفيعة عند الله (عز وجل)، فقد روى الشيخ الكليني(قدس سره) في الكافي بسند صحيح إن جبرائيل(ع) كان ينزل بعد رسول الله(ص) على فاطمة الزهراء(ع)، وكان يحدّثها بما سيجري على ذريتها، وكان علي بن أبي طالب(ع) يكتب ذلك. (الكافي ج1 ص241 ح5).
ولقد أكثر رسول الله(ص) من الوصية بابنته، ولكن هذه البنت توفيت بعد خمسة وسبعين يوماً من وفاة أبيها، ودفنوها في الليل، وغسلوها في الليل.. فماذا حدث في هذا الظلام؟! فلو كان للمودة في القربي قدر متيقن فهو فاطمة الزهراء(ع)، فما الذي حدث بحيث دُفنت في الليل وأخفي قبرها؟! إن هذا آية للجميع، فقد تم على أساس الحكمة، ففاطمة(ع) أوصت بذلك في وصيتها وعمل أمير المؤمنين(ع) بتلك الوصية بحذافيرها، وهذا العمل إنما كان لغرض إقامة الحجة على الأجيال اللاحقة لكي تفكر في ذلك، ولماذا كان قبرها مخفياً؟.. فالكليني ينقل رواية صحيحة عن الإمام موسى بن جعفر(ع): "إن فاطمة صديقة شهيدة". (الكافي ج1 ص45 ح2).
إن الزهراء(ع) كانت تبين مقام علي بن أبي طالب(ع)، وكانت تقول إن بَعلي قدم الخدمات الجليلة للإسلام، وأخبرت أن الحق معه... ولاحظوا في تلك الرواية التي رواها الكليني (ج1، ص458) أن مولانا أمير المؤمنين(ع) عندما دفن الزهراء(ع) حوّل وجهه نحو قبر رسول الله(ص) وقال: "قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري..."، فعلي(ع) الذي صبر خمساً وعشرين سنة، وهو الذي قال: "صبرتُ وفي العين قذى، وفي الحلق شجى"، وهو الذي صبر في القتال والجهاد، يقول بعد وفاة فاطمة الزهراء(ع):"قلَّ يا رسول الله صبري"؟!
ثم يقول في نفس هذه الرواية: "وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها"، لقد فسروا الهضم بالظلم، والهضم في أصله بمعنى النقص، وعندما ينقصون شيئاً من شخص فهذا ظلمٌ له، والنقص تارة يرد على الحق فيقال هضمها حقها كما في غصب فدك، ولكن الهضم هنا لم يكن كذلك، فقد أسند الهضم هنا إلى نفس الزهراء(ع)، فإذا ضممنا هذا إلى قول ولدها موسى بن جعفر(ع): "فاطمة صديقة الشهيدة"، فماذا ستكون النتيجة؟!
ولكن ظهر أشخاص ينكرون شهادتها(ع)، وهذا يعني أنهم ينكرون قول موسى بن جعفر(ع) من أنها صديقة شهيدة، فاحذروا ونبّهوا غيركم! إن أساس الدين قائم على التبليغ، وعليكم أن توصلوا هذه الأمور التي ذكرناها إلى الناس، وأن تظهروا الحزن على فاطمة الزهراء(ع)، وأن تذكروا مصائبها لأنها تذكر فيما بيننا وفي مجالسنا الخاصة، فالموالون صفتهم أنهم: "يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا".
منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
كربلاء المقدسة
تعليق