إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاخلاق في جامع السعادات (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاخلاق في جامع السعادات (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

    الأخلاق المذمومة هي الحجب المانعة عن المعارف الإلهية ، والنفحات القدسية إذ هي بمنزلة الغطاء للنفوس فما لم يرتفع عنها لم تتضح لها جلية الحال اتضاحا ، كيف والقلوب كالأواني فإذا كانت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء ، فالقلوب المشغولة بغير الله لا تدخلها معرفة الله وحبه وأنسه ، وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : لولا أن الشياطين يحرمون إلى قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات والأرض فبقدر ما تتطهر القلوب عن هذه الخبائث تتحاذى شطر الحق الأول وتلألأ فيها حقائقه كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله : إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها ، فإن التعرض لها إنما هو بتطهير القلوب عن الكدورات الحاصلة عن الأخلاق الرديلة فكل إقبال على طاعة وإعراض عن سيئة يوجب جلاء ونورا للقلب يستعد به لإفاضة علم يقيني ،
    ولذا قال سبحانه : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ). . وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم فالقلب إذا صفى عن الكدورات الطبيعية بالكلية يظهر له من المزايا الإلهية والإفاضات الرحمانية ما لا يمكن لأعاظم العلماء كما قال سيد الرسل : إن لي مع الله حالات لا يحتملها ملك مقرب ولا نبي مرسل . وكل سالك إلى الله إنما يعرف من الألطاف الإلهية والنفحات الغيبية ما ظهر له على قدر استعداده ، وأما ما فوقه فلا يحيط بحقيقته علما لكن قد يصدق به إيمانا بالغيب كما إنا نؤمن بالنبوة وخواصها ونصدق بوجودها ولا نعرف حقيقتهما كما لا يعرف الجنين حال الطفل والطفل حال المميز والمسير من العوام حال العلماء والعلماء حال الأنبياء والأولياء . فالرحمة الإلهية بحكم العناية الأزلية مبذولة على الكل غير مضنون بها على أحد ، لكن حصولها موقوف على تصقيل مرآة القلب وتصفيتها عن الخبائث الطبيعية ، ومع تراكم صدأها الحاصل منها لا يمكن أن يتجلى فيها شيء من الحقائق ، فلا تحجب الأنوار العلمية والأسرار الربوبية عن قلب من القلوب لبخل من جهة المنعم تعالى شأنه عن ذلك ، بل الاحتجاب إنما هو من جهة القلب لكدورته وخبثه واشتغاله بما يضاد ذلك .

    ثم ما يظهر للقلب من العلوم لطهارته وصفاء جوهره هو العلم الحقيقي النوراني الذي لا يقبل الشك وله غاية الظهور والانجلاء لاستفادته من الأنوار الإلهية والإلهامات الحقة الربانية ، وهو المراد بقوله (ع) : إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء وإليه أشار مولانا أمير المؤمنين (ع) بقوله : أن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن وتجلبب الخوف فزهر مصباح الهدى في قلبه (إلى أن قال) : قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلى من الهموم إلا هما واحدا انفرد به ، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى ، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه وسلك سبيله وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ومن الجبال بأمتنها فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس وفي كلام آخر له (ع) قد أحيي قلبه وأمات نفسه ، حتى دق جليله ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطريق وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة ، وتثبت رجلاه لطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة بما استعمل قلبه وأرضى به .
    وقال (ع) في وصف الراسخين من العلماء : هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى وبالجملة ما لم يحصل للقلب التزكية لم يحصل له هذا القسم من المعرفة إذ العلم الحقيقي عبادة القلب وقربة السر ، وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الظاهر إلا بعد تطهيره من النجاسة الظاهرة فكذلك لا تصح عبادة الباطن إلا بعد تطهيره من النجاسة الباطنية التي هي رذائل الأخلاق وخبائث الصفات ، كيف وفيضان أنوار العلوم على القلوب إنما هو بواسطة الملائكة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب فإذا كان بيت القلب مشحونا بالصفات الخبيثة التي هي كلاب نابحة لم تدخل فيه الملائكة القادسة والحكم بثبوت النجاسة الظاهرة للمشترك ، مع كونه مغسول الثوب نظيف البدن ، إنما هو لسراية نجاسته الباطنية فقوله صلى الله عليه وآله وسلم بني الدين على النظافة يتناول زوال النجاستين . وما ورد من أن الطهور نصف الإيمان المراد به طهارة الباطن عن خبائث الأخلاق ، وكان النصف الآخر تحليته بشرائف الصفات وعمارته بوظائف الطاعات .
    وبما ذكر ظهر أن العلم الذي يحصل من طريق المجادلات الكلامية والاستدلالات الفكرية ، من دون تصقيل لجوهر النفس ، لا يخلو عن الكدرة والظلمة ، ولا يستحق اسم اليقين الحقيقي الذي يحصل للنفوس الصافية ، فما يظنه كثير من أهل التعلق بقاذورات الدنيا أنهم على حقيقة اليقين في معرفة الله سبحانه خلاف الواقع ، لأن اليقين الحقيقي يلزمه روح ونور وبهجة وسرور ، وعدم الالتفات إلى ما سوى الله ، والاستغراق في أبحر عظمة الله ، وليس شيء من ذلك حاصلا لهم ، فما ظنوه يقينا إما تصديق مشوب بالشبهة ، أو اعتقاد جازم لم تحصل له نورانية وجلاء وظهور وضياء ، لكدرة قلوبهم الحاصلة من خبائث الصفات . والسر في ذلك أن منشأ العلم ومناطه هو التجرد كما بين في مقامه ، فكلما تزداد النفس تجردا إيمانا ويقينا ، ولا ريب في أنه ما لم ترتفع عنها أستار السيئات وحجب الخطيئات لم يحصل لها التجرد الذي هو مناط حقيقة اليقين فلا بد من المجاهدة العظيمة في التزكية والتحلية حتى تنفتح أبواب الهداية وتنضح سبل المعرفة كما
    قال سبحانه : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

    الموضوع طويل نوعاً ما ولكن أرجو المعذرة لعلا فيه الخير من كتاب (جامع السعادات)



  • #2

    بسم الله الرحمن الرحيم

    شكري الجزيل لك يا kerbalaa على هذا الموضوع رزقك الله الحج في كل عام

    لماذا الانسان لا يتبع الاخلاق الطيبة التي اوصانا الله بها وترك الكلام الخبيث الذي يجرح المقابل
    والله ان الانسان الذي يعيش الاخلاق الطيبة يكون في راحة تامة مع كل الظروف لانه يرى الله عز وجل معه في كل لحظة من حياته لان هذا الانسان مؤمن في حياته ومع كل الظروف التي تمر به من مشاكل
    وان الانسان الذي يحمل الاخلاق الطيبة يعيش حالة من الاطمئنان في نفسه لانه يقابل الاسائه بالاحسان ويعلم ان الله تعالى سوف يعطيه الخير لما يصبر من الاساءة له

    ان حياة الانبياء والاوصياء واهل البيت عليهم السلام كان لديهم اخلاق جميله وطيبة ممتعة عندما نقرئها
    مع كل الظروف والتعذيب التي مرت بهم
    قال الله تعالى
    { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ
    }
    نسالكم الدعاء

    والحمد لله رب العامين

    التعديل الأخير تم بواسطة علاء العلي; الساعة 08-10-2009, 08:14 PM.

    تعليق


    • #3
      اخي علاء العلي كل انسان اذا ترك دينه يعمل من السيئات ما يشاء و عدم توعيته دينيا و لنا قول ا(اذا لم تستحي فاصنع ما شأت)
      و شكرا على الموضوع الهادف و نحن نحتاج الى مثل هذه المواضيع

      تقبلو مروري

      تعليق


      • #4
        شكرا اخي على الموضوع الرائع

        تعليق


        • #5
          شكرا اخي على الموضوع الرائع

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X