بسم الله الرحمن الرحيم
في كتابه "العواصم والقواصم في الذَّب عن سنة أبي القاسم" ج8 / ص 11 وما بعدها ، طبع مؤسسة الرسالة ، ط1 ، سنة 1412هـ/1992م ، تحقيق وتعليق الشيخ شعيب الأرنؤوط .
يرد على تشنيع شيخه السيد جمال الدين علي بن محمد بن أبي القاسم - الذي وضع ابن الوزير كتابه هذا للرد عليه – في الوهم (33)من أن فقهاء أهل السنة والجماعة يجيزون إمامة الجائر ، وقولهم أن طاعته خير من الخروج عليه ما يدل على أنهم – أي فقهاء أهل السنة – من شيعة أئمة الجور ، أمثال يزيد والحجاج وهشام بن عبدالملك ، لأنهم يعتقدون بغيَ من خرج عليهم ...إلخ .
رد عليه ابن الوزير في فصول
فقال في الفصل الأول ص12 ما نصه :
(الفصل الأول : في بيان أن الفقهاء لا يقولون بأن الخارج على إمام الجور باغ ، ولا آثم ، وهذا واضح من أقوالهم ، ومعلوم عند أهل المعرفة بمذاهبهم ، ويدل عليه وجوه : .... )
ثم قال في الوجه الثالث ما نصه :
(الوجه الثالث : أن ذلك جائز في مذهبهم وعند كثير من علمائهم ، فإن للشافعية في ذلك وجهين معروفين ، ذكرهما في "الروضة" النووي وغيرها من كتبهم ، وقد اختلفوا في الأصح منهما ، فمنهم من صحح منهما لمذهبهم انعزال الإمام بالفسق .
قال الإمام العلامة صلاح الدين العلائي في "المجموع المذهب في قواعد المذهب" ما لفظه : الإمام الأعظم إذا طرأ فسقه ، فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ينعزل ، وصححه في "البيان" .
الثاني : أنه لا ينعزل ، وصححه كثيرون ، لما في إبطال ولايته من اضطراب الأحوال .
قلت : وسيأتي في الموضع الأول من الفصل الثالث من هذه المسألة أنه قول أحمد بن عيسى بن زيد بن علي عليهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المعروف بأنه فقيه آل محمد صلى الله عليه وسلم .
قال العلائي : الثالث : إن أمكن استتابته ، أو تقويم أوَدِهِ لم يُخلع ، وإن لم يمكن ذلك ، خُلِعَ .
قال القاضي عياض : لو طرأ عليه كفر ، أو تغيير للشرع ، أو بدعة ، خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ، ووجب على المسلمين القيام عليه ، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك ، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة ، وجب عليهم القيام بخلع الكافر ، ولا يجب على المبتدع القيام ، إلا إذا ظنوا القدرة عليه ، فان تحققوا العجز لم يجب القيام ، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ، ويفر بدينه .
قال : وقال بعضهم : يجب خلعه إلا أن يترتب عليه فتنة وحرب . انتهى .
نقل ذلك عنهما النفيس العلوي .)
إلى أن يقول في ص (19) ما نصه :
(فإذا عرفتَ هذا ، تبين لك أنهم لا يعيبون على من خرج على الظلمة ، لأن جوازه منصوص عليه في فقههم ، ولو كان ذلك محرماً عندهم قطعاً ، لم يختلفوا فيه ، ويجعلوه أحد الوجوه في مذهبهم الذي يحل للمفتي أن يُفتي به ، وللمستفتي أن يعمل به ....
وهذا يعرفه المبتدئ في العلم ، كيف المنتهي ؟! .
فبان بذلك بطلان قول السيد ؛ إنهم يقولون : الخارج على أئمة الجور باغ بذلك .
الوجه الرابع : ما يوجد في كلام علمائهم الكبار في مواضع متفرقة ، لا يجمعها معنى ، مما يدل على ما ذكرته من تصويبهم لأهل البيت عليهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وغيرهم في الخروج على الظلمة ، بل تحريمهم لخروج الظلمة على أهل البيت أئمة العدل ، وهي عكس ما ذكره السيد ، وزيادة على ما يجب من الرد عليه .
ومن أحسن من ذكر ذلك وجوَّده الإمام أبو عبدالله محمد بن أبي بكر ...القرطبي في كتابه "التذكرة بأحوال الآخرة" في مواضع متفرقة من كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة ، وقد ذكر فيها مقتل الحسين بن علي عليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بأبلغ كلام ، وذكر حديث عمار تقتلك الفئة الباغية ، وقول ابن عبد البر إنه من اصح الأحاديث .
قلت : بل هو متواتر ، كما قال الذهبي في ترجمة عمار من "النبلاء".
إلى قول القرطبي : وقال فقهاء الإسلام فيه ما حكاه الإمام عبدالقاهر في كتاب "الإمامة" تأليفه :
وأجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي ، منهم : مالك والشافعي والاوزاعي ، والجمهور الأعظم من المتكلمين : أن علياً مصيب في قتاله لأهل صفين ، كما قالوا بإصابته في قتل أصحاب الجمل ، وقالوا أيضاً : بأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له !! ، ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم .
قال الإمام أبو منصور التميمي في كتاب "الفرق" تأليفه في بيان عقيدة أهل السنة : وأجمعوا أن علياً كان مصيباً في قتال أهل الجمل وصفين ، وذكر قبل ذلك عن أبي الخطاب دعوى الإجماع على ذلك .
ثم قال : وقال الإمام أبو المعالي في كتاب "الإرشاد" في فضل علي رضي الله عنه : كان إماماً حقاً ، ومقاتلوه بغاة ، إلى آخر ما ذكره ، وهو آخر فصل ختم به كتابه .
ثم تكلم القرطبي في الحجة على ذلك ، وأجاد رحمه الله .
ومن ذلك ما ذكره الحاكم أبو عبدالله في كتابه "علوم الحديث" في النوع العشرين في آخر هذا النوع ، في ذكر إمام الأئمة ابن خزيمة ومناقبه ، وقد ذكر حديث أم سلمة من طريقه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم "تقتلك يا عمار الفئة الباغية" .
قال ابن خزيمة بعد روايته : فنشهد أن كل من نازع علي بن أبي طالب في خلافته في باغ ، على هذا عهدتُ مشايخنا ، وبه قال ابن إدريس رضي الله عنه . انتهى بحروفه . ) انتهى
في كتابه "العواصم والقواصم في الذَّب عن سنة أبي القاسم" ج8 / ص 11 وما بعدها ، طبع مؤسسة الرسالة ، ط1 ، سنة 1412هـ/1992م ، تحقيق وتعليق الشيخ شعيب الأرنؤوط .
يرد على تشنيع شيخه السيد جمال الدين علي بن محمد بن أبي القاسم - الذي وضع ابن الوزير كتابه هذا للرد عليه – في الوهم (33)من أن فقهاء أهل السنة والجماعة يجيزون إمامة الجائر ، وقولهم أن طاعته خير من الخروج عليه ما يدل على أنهم – أي فقهاء أهل السنة – من شيعة أئمة الجور ، أمثال يزيد والحجاج وهشام بن عبدالملك ، لأنهم يعتقدون بغيَ من خرج عليهم ...إلخ .
رد عليه ابن الوزير في فصول
فقال في الفصل الأول ص12 ما نصه :
(الفصل الأول : في بيان أن الفقهاء لا يقولون بأن الخارج على إمام الجور باغ ، ولا آثم ، وهذا واضح من أقوالهم ، ومعلوم عند أهل المعرفة بمذاهبهم ، ويدل عليه وجوه : .... )
ثم قال في الوجه الثالث ما نصه :
(الوجه الثالث : أن ذلك جائز في مذهبهم وعند كثير من علمائهم ، فإن للشافعية في ذلك وجهين معروفين ، ذكرهما في "الروضة" النووي وغيرها من كتبهم ، وقد اختلفوا في الأصح منهما ، فمنهم من صحح منهما لمذهبهم انعزال الإمام بالفسق .
قال الإمام العلامة صلاح الدين العلائي في "المجموع المذهب في قواعد المذهب" ما لفظه : الإمام الأعظم إذا طرأ فسقه ، فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ينعزل ، وصححه في "البيان" .
الثاني : أنه لا ينعزل ، وصححه كثيرون ، لما في إبطال ولايته من اضطراب الأحوال .
قلت : وسيأتي في الموضع الأول من الفصل الثالث من هذه المسألة أنه قول أحمد بن عيسى بن زيد بن علي عليهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المعروف بأنه فقيه آل محمد صلى الله عليه وسلم .
قال العلائي : الثالث : إن أمكن استتابته ، أو تقويم أوَدِهِ لم يُخلع ، وإن لم يمكن ذلك ، خُلِعَ .
قال القاضي عياض : لو طرأ عليه كفر ، أو تغيير للشرع ، أو بدعة ، خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ، ووجب على المسلمين القيام عليه ، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك ، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة ، وجب عليهم القيام بخلع الكافر ، ولا يجب على المبتدع القيام ، إلا إذا ظنوا القدرة عليه ، فان تحققوا العجز لم يجب القيام ، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ، ويفر بدينه .
قال : وقال بعضهم : يجب خلعه إلا أن يترتب عليه فتنة وحرب . انتهى .
نقل ذلك عنهما النفيس العلوي .)
إلى أن يقول في ص (19) ما نصه :
(فإذا عرفتَ هذا ، تبين لك أنهم لا يعيبون على من خرج على الظلمة ، لأن جوازه منصوص عليه في فقههم ، ولو كان ذلك محرماً عندهم قطعاً ، لم يختلفوا فيه ، ويجعلوه أحد الوجوه في مذهبهم الذي يحل للمفتي أن يُفتي به ، وللمستفتي أن يعمل به ....
وهذا يعرفه المبتدئ في العلم ، كيف المنتهي ؟! .
فبان بذلك بطلان قول السيد ؛ إنهم يقولون : الخارج على أئمة الجور باغ بذلك .
الوجه الرابع : ما يوجد في كلام علمائهم الكبار في مواضع متفرقة ، لا يجمعها معنى ، مما يدل على ما ذكرته من تصويبهم لأهل البيت عليهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وغيرهم في الخروج على الظلمة ، بل تحريمهم لخروج الظلمة على أهل البيت أئمة العدل ، وهي عكس ما ذكره السيد ، وزيادة على ما يجب من الرد عليه .
ومن أحسن من ذكر ذلك وجوَّده الإمام أبو عبدالله محمد بن أبي بكر ...القرطبي في كتابه "التذكرة بأحوال الآخرة" في مواضع متفرقة من كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة ، وقد ذكر فيها مقتل الحسين بن علي عليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بأبلغ كلام ، وذكر حديث عمار تقتلك الفئة الباغية ، وقول ابن عبد البر إنه من اصح الأحاديث .
قلت : بل هو متواتر ، كما قال الذهبي في ترجمة عمار من "النبلاء".
إلى قول القرطبي : وقال فقهاء الإسلام فيه ما حكاه الإمام عبدالقاهر في كتاب "الإمامة" تأليفه :
وأجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي ، منهم : مالك والشافعي والاوزاعي ، والجمهور الأعظم من المتكلمين : أن علياً مصيب في قتاله لأهل صفين ، كما قالوا بإصابته في قتل أصحاب الجمل ، وقالوا أيضاً : بأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له !! ، ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم .
قال الإمام أبو منصور التميمي في كتاب "الفرق" تأليفه في بيان عقيدة أهل السنة : وأجمعوا أن علياً كان مصيباً في قتال أهل الجمل وصفين ، وذكر قبل ذلك عن أبي الخطاب دعوى الإجماع على ذلك .
ثم قال : وقال الإمام أبو المعالي في كتاب "الإرشاد" في فضل علي رضي الله عنه : كان إماماً حقاً ، ومقاتلوه بغاة ، إلى آخر ما ذكره ، وهو آخر فصل ختم به كتابه .
ثم تكلم القرطبي في الحجة على ذلك ، وأجاد رحمه الله .
ومن ذلك ما ذكره الحاكم أبو عبدالله في كتابه "علوم الحديث" في النوع العشرين في آخر هذا النوع ، في ذكر إمام الأئمة ابن خزيمة ومناقبه ، وقد ذكر حديث أم سلمة من طريقه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم "تقتلك يا عمار الفئة الباغية" .
قال ابن خزيمة بعد روايته : فنشهد أن كل من نازع علي بن أبي طالب في خلافته في باغ ، على هذا عهدتُ مشايخنا ، وبه قال ابن إدريس رضي الله عنه . انتهى بحروفه . ) انتهى
تعليق