بسم الله الرحمن الرحيم
لا ريب في حرمة صوم يوم عاشوراء بنظر فقهاء الإمامية، إذا كان بقصد التيمُّن والتبرُّك بهذا اليوم باعتباره يوم سرور وفرح بقتل الحسين الشهيد (صلوات الله عليه).
والوجه في ذلك هو أن الصوم من الأفعال القربيَّة لله تعالى، ولا يمكن التقرُّب إلى الله تعالى بما يبغضه، إذ أنَّ قتل الحسين (عليه السلام) كان مبغوضاً لله وللرسول (صلى الله عليه وآله)، وموبقة اشتدَّ غضب الله (عزّ وجل) على مرتكبها، وعليه يكون قصد التيمُّن والفرح بقتل الحسين من القصود الموجبة للسخط الإلهي، ومن غير المعقول أن يُتقرَّب إلى الله تعالى بما يُسخطه، بل أنَّ التقرُّب إليه بما يُسخطه قبيح عقلاً.
وبذلك يثبت أن الصوم في يوم عاشوراء بالقصد المذكور حرام تكليفاً وباطل وضعاً، أما حرمته التكليفية فناشئة عن أنَّ باعث هذا الصوم هو الفرح والتيمُّن بقتل الحسين (عليه السلام)، وهو من موجبات السخط الإلهي، وكل فعلٍ يكون مُتعلَّقاً للسخط الإلهي يكون محرماً تكليفاً، وأما بطلانه وضعاً فلأن الصوم من الأفعال القربيَّة، ومن غير الممكن التقرُّب إلى الله بما يُسخطه، فالصوم بالقصد المذكور منافٍ لقصد القربة لله تعالى، وذلك ما يقتضي فساده، إذ لا يصحُّ صومٌ دون قصد القربة لله (عزّ وجل).
ويمكن تأييد ذلك برواية محمّد بن سنان عن أبان عن عبد الملك قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرم، فقال: «تاسوعاء يومٌ حوصر فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه (رضي الله عنهم) بكربلاء»، ثم قال: «وأما يوم عاشوراء؛ فيوم أُصيب فيه الحسين (عليه السلام) صريعاً بين أصحابه، وأصحابُه صرعى حوله، أفصومٌ يكون في ذلك اليوم؟! كلّا وربِّ البيت الحرام، ما هو يوم صوم، وما هو إلّا يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين، ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم، وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرك به، حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه، ومن ادّخر إلى منزله فيه ذخيرة، أعقبه الله تعالى نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقاه، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده، وشاركه الشيطان في جميع ذلك» (الكافي للكليني: 4 / 147، بحار الأنوار للمجلسي: 45 / 95).
فإن الظاهر من قوله: «فمن صامه أو تبرَّك به حشره الله مع آل زياد...»، هو حرمة الصوم إذا وقع على وجه التبرُّك، فالعطف بـ (أو) إنما هو من عطف الطبيعيّ على مصداقه، أي أن الصوم حينما يقع على وجه التبرُّك يكون مصداقاً للتبرُّك، وهو موجب للحشر مع آل زياد، كما أن مطلق التبرُّك يكون موجباً للحشر مع آل زياد ومسخِ القلب والسخطِ الإلهي، فالعطف بـ (أو) كان لغرض تحديد الصوم الواقع حصةً لمطلق التبرُّك، وإنَّ ما كان من الصوم صادراً على وجه التبرُّك يكون مصداقاً للتبرُّك الموجب للحشر مع آل زياد.
وكيفما كان، فحرمة الصوم يوم عاشوراء حينما يكون صادراً على وجه التبرك ولغرض الشماتة بقتل الحسين (عليه السلام)، ممّا لم يقع مورداً للخلاف بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم)، وإنما الخلاف في موردين:
المورد الأول: هو صومه بقصد الخصوصية، بمعنى قصد الاستحباب وأنه من السُنَّة، فيقصد المكلَّف من صومه امتثال أمر الله (عزّ وجل) الوارد على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، ولا يقصد به التبرُّك والتيمُّن بقتل الحسين (صلوات الله عليه).
المورد الثاني: هو صومه بقصد القربة المطلقة باعتباره واحداً من أيام السنة، أو صومه قضاءً أو وفاءً بنذرٍ كان قد تعلَّق بعهدته.
أما المورد الأول: وهو قصد الاستحباب والخصوصية، فظاهر ما أفاده صاحب الغنية الإجماع على ثبوته، وإن يوم عاشوراء من الأيام التي يُستحبُّ فيها الصيام، وذهب إلى القول بثبوت الاستحباب المحقق صاحب الشرايع، وتبعه في ذلك صاحب الجواهر مدّعياً عدم وجدان الخلاف.
وقد استُدلَّ على هذه الدعوى بروايات فيها ما هو معتبر سنداً.
منها: موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه، أن علياً (عليه السلام) قال: «صوموا العاشوراء التاسع والعاشر، فإنَّه يكفِّر ذنوب سنة» (وسائل الشيعة للحرّ العاملي: الباب 20 من الصوم المندوب).
ومنها: صحيحة عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: «صيام يوم عاشوراء كفارة سنة» (وسائل الشيعة للحرّ العاملي: الباب 20 من الصوم المندوب).
وفي مقابل الروايات المفيدة للجواز، وردت روايات يمكن وصفها بالمستفيضة، دون أن يكون في وصفها بذلك مجازفة، ومفاد هذه الروايات هو حرمة الصوم يوم عاشوراء بقصد الخصوصية.
منها: رواية نجبة بن الحارث العطار، قال: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «صوم متروك بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعة»، قال نجيّة: فسألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) من بعد أبيه (عليه السلام) عن ذلك، فأجابني بمثل جواب أبيه، ثم قال: «أما إنه صومُ يومٍ ما نزل به كتاب ولا جرت به سنة، إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي (عليهما السلام)» (الكافي: 4 / 146، الاستبصار للشيخ الطوسي: 2 / 134 ح 441).
والرواية صريحة في أن الصوم في يوم عاشوراء بنحو الخصوصية من التشريع المحرَّم، وإنه ليس من السُنّة، وأنَّ من سَنّه بعد أن نُسخ بنزول شهر رمضان إنما هم آل زياد.
ومنها: رواية جعفر بن عيسى عن أخيه قال: سألتُ الرضا (عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء وما يقول الناس فيه، فقال: «عن صوم ابن مرجانة تسألني؟! ذلك يومٌ صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين (عليه السلام)، وهو يوم يتشائم به آلُ محمد، ويتشائم به أهل الإسلام، واليوم الذي يتشائم به أهل الإسلام لا يُصام ولا يُتبرك به، ويوم الإثنين يوم نحس، قبض الله فيه نبيه (صلى الله عليه وآله)، وما أُصيب آل محمد إلّا في يوم الاثنين، فتشائمنا به وتبرّك به عدونا، ويوم عاشوراء قُتل الحسين (عليه السلام)، وتبرك به ابن مرجانة وتشائم به آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله (تبارك وتعالى) ممسوخ القلب، وكان محشره مع الذين سنّوا صومهما والتبرك بهما» (الكافي: 4 / 146، الاستبصار: 2 / 135 ح 442).
وهي ظاهرة أيضاً في بدعية صوم هذا اليوم، حيث نسب الإمام (عليه السلام) صومَ عاشوراء إلى ابن مرجانة، وأفاد في ذيل الرواية أنّ من سنَّ صوم هذا اليوم هم أعداء آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنَّ من صامه كان محشره معهم.
لا ريب في حرمة صوم يوم عاشوراء بنظر فقهاء الإمامية، إذا كان بقصد التيمُّن والتبرُّك بهذا اليوم باعتباره يوم سرور وفرح بقتل الحسين الشهيد (صلوات الله عليه).
والوجه في ذلك هو أن الصوم من الأفعال القربيَّة لله تعالى، ولا يمكن التقرُّب إلى الله تعالى بما يبغضه، إذ أنَّ قتل الحسين (عليه السلام) كان مبغوضاً لله وللرسول (صلى الله عليه وآله)، وموبقة اشتدَّ غضب الله (عزّ وجل) على مرتكبها، وعليه يكون قصد التيمُّن والفرح بقتل الحسين من القصود الموجبة للسخط الإلهي، ومن غير المعقول أن يُتقرَّب إلى الله تعالى بما يُسخطه، بل أنَّ التقرُّب إليه بما يُسخطه قبيح عقلاً.
وبذلك يثبت أن الصوم في يوم عاشوراء بالقصد المذكور حرام تكليفاً وباطل وضعاً، أما حرمته التكليفية فناشئة عن أنَّ باعث هذا الصوم هو الفرح والتيمُّن بقتل الحسين (عليه السلام)، وهو من موجبات السخط الإلهي، وكل فعلٍ يكون مُتعلَّقاً للسخط الإلهي يكون محرماً تكليفاً، وأما بطلانه وضعاً فلأن الصوم من الأفعال القربيَّة، ومن غير الممكن التقرُّب إلى الله بما يُسخطه، فالصوم بالقصد المذكور منافٍ لقصد القربة لله تعالى، وذلك ما يقتضي فساده، إذ لا يصحُّ صومٌ دون قصد القربة لله (عزّ وجل).
ويمكن تأييد ذلك برواية محمّد بن سنان عن أبان عن عبد الملك قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرم، فقال: «تاسوعاء يومٌ حوصر فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه (رضي الله عنهم) بكربلاء»، ثم قال: «وأما يوم عاشوراء؛ فيوم أُصيب فيه الحسين (عليه السلام) صريعاً بين أصحابه، وأصحابُه صرعى حوله، أفصومٌ يكون في ذلك اليوم؟! كلّا وربِّ البيت الحرام، ما هو يوم صوم، وما هو إلّا يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين، ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم، وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرك به، حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه، ومن ادّخر إلى منزله فيه ذخيرة، أعقبه الله تعالى نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقاه، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده، وشاركه الشيطان في جميع ذلك» (الكافي للكليني: 4 / 147، بحار الأنوار للمجلسي: 45 / 95).
فإن الظاهر من قوله: «فمن صامه أو تبرَّك به حشره الله مع آل زياد...»، هو حرمة الصوم إذا وقع على وجه التبرُّك، فالعطف بـ (أو) إنما هو من عطف الطبيعيّ على مصداقه، أي أن الصوم حينما يقع على وجه التبرُّك يكون مصداقاً للتبرُّك، وهو موجب للحشر مع آل زياد، كما أن مطلق التبرُّك يكون موجباً للحشر مع آل زياد ومسخِ القلب والسخطِ الإلهي، فالعطف بـ (أو) كان لغرض تحديد الصوم الواقع حصةً لمطلق التبرُّك، وإنَّ ما كان من الصوم صادراً على وجه التبرُّك يكون مصداقاً للتبرُّك الموجب للحشر مع آل زياد.
وكيفما كان، فحرمة الصوم يوم عاشوراء حينما يكون صادراً على وجه التبرك ولغرض الشماتة بقتل الحسين (عليه السلام)، ممّا لم يقع مورداً للخلاف بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم)، وإنما الخلاف في موردين:
المورد الأول: هو صومه بقصد الخصوصية، بمعنى قصد الاستحباب وأنه من السُنَّة، فيقصد المكلَّف من صومه امتثال أمر الله (عزّ وجل) الوارد على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، ولا يقصد به التبرُّك والتيمُّن بقتل الحسين (صلوات الله عليه).
المورد الثاني: هو صومه بقصد القربة المطلقة باعتباره واحداً من أيام السنة، أو صومه قضاءً أو وفاءً بنذرٍ كان قد تعلَّق بعهدته.
أما المورد الأول: وهو قصد الاستحباب والخصوصية، فظاهر ما أفاده صاحب الغنية الإجماع على ثبوته، وإن يوم عاشوراء من الأيام التي يُستحبُّ فيها الصيام، وذهب إلى القول بثبوت الاستحباب المحقق صاحب الشرايع، وتبعه في ذلك صاحب الجواهر مدّعياً عدم وجدان الخلاف.
وقد استُدلَّ على هذه الدعوى بروايات فيها ما هو معتبر سنداً.
منها: موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه، أن علياً (عليه السلام) قال: «صوموا العاشوراء التاسع والعاشر، فإنَّه يكفِّر ذنوب سنة» (وسائل الشيعة للحرّ العاملي: الباب 20 من الصوم المندوب).
ومنها: صحيحة عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: «صيام يوم عاشوراء كفارة سنة» (وسائل الشيعة للحرّ العاملي: الباب 20 من الصوم المندوب).
وفي مقابل الروايات المفيدة للجواز، وردت روايات يمكن وصفها بالمستفيضة، دون أن يكون في وصفها بذلك مجازفة، ومفاد هذه الروايات هو حرمة الصوم يوم عاشوراء بقصد الخصوصية.
منها: رواية نجبة بن الحارث العطار، قال: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «صوم متروك بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعة»، قال نجيّة: فسألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) من بعد أبيه (عليه السلام) عن ذلك، فأجابني بمثل جواب أبيه، ثم قال: «أما إنه صومُ يومٍ ما نزل به كتاب ولا جرت به سنة، إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي (عليهما السلام)» (الكافي: 4 / 146، الاستبصار للشيخ الطوسي: 2 / 134 ح 441).
والرواية صريحة في أن الصوم في يوم عاشوراء بنحو الخصوصية من التشريع المحرَّم، وإنه ليس من السُنّة، وأنَّ من سَنّه بعد أن نُسخ بنزول شهر رمضان إنما هم آل زياد.
ومنها: رواية جعفر بن عيسى عن أخيه قال: سألتُ الرضا (عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء وما يقول الناس فيه، فقال: «عن صوم ابن مرجانة تسألني؟! ذلك يومٌ صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين (عليه السلام)، وهو يوم يتشائم به آلُ محمد، ويتشائم به أهل الإسلام، واليوم الذي يتشائم به أهل الإسلام لا يُصام ولا يُتبرك به، ويوم الإثنين يوم نحس، قبض الله فيه نبيه (صلى الله عليه وآله)، وما أُصيب آل محمد إلّا في يوم الاثنين، فتشائمنا به وتبرّك به عدونا، ويوم عاشوراء قُتل الحسين (عليه السلام)، وتبرك به ابن مرجانة وتشائم به آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله (تبارك وتعالى) ممسوخ القلب، وكان محشره مع الذين سنّوا صومهما والتبرك بهما» (الكافي: 4 / 146، الاستبصار: 2 / 135 ح 442).
وهي ظاهرة أيضاً في بدعية صوم هذا اليوم، حيث نسب الإمام (عليه السلام) صومَ عاشوراء إلى ابن مرجانة، وأفاد في ذيل الرواية أنّ من سنَّ صوم هذا اليوم هم أعداء آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنَّ من صامه كان محشره معهم.