بسم الله الرحمن الرحيم
تحديد وقت الظهور يتعارض مع فلسفة الانتظار، ويؤدي إلى يأس وقنوط الأمة
قد أخفى الله تبارك وتعالى وقت ظهور وليّه الحجة ابن الحسن عليه السلام لأهداف تربوية (نفسية وروحية) عظيمة، وليكون المؤمنون منتظرين له عليه السلام في جميع أوقاتهم.. ولنفترض أن التوقيت (جائز)، فماذا يترتب على تعيين وقت ظهوره عليه السلام من نتائج؟ مثلا: حدد بعد الف عام.. إن المؤمنين سوف يفقدون روحية الانتظار، وسيفقدون تبعاً لذلك حالة الارتباط المعنوي والوجداني بإمامهم الغائب عليه السلام، وسيكون الأمر أقرب إلى الاسطورة من الواقع، وإلى الخيال من الحقيقة، فتموت وتحلل القضية المهدوية تدريجياً لدى الأجيال المتلاحقة، وهذا الموت والتحلل التدريجي قد حصل على صعيد عقيدة التوحيد عند الأمم السابقة، فما الذي يمنع دون حصوله بصدد القضية المهدوية لدى هذه الأمة؟.. وحينها لا تجد من يتحمس للقضيه المهدوية، ولا من ينشدها بهمة عالية، ولماّ وجد المنتظرون الذين يحملون علاقة الحب والارتباط بالقضية كما شهدناها في التاريخ ونشهدها اليوم.
إن أهل البيت عليهم السلام أمتنعوا عن التوقيت لأنه بعلمهم اللدني وما وهبهم الله سبحانه وتعالى من حكمة ومعرفة، فهموا أنهم لو أطلعوا شيعتهم على وقت ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وبالتأكيد سيكون بعد قرون عديدة كما نحن متأكدون منه الآن وليس في زمان قريب من وقت إخبارهم بالوقت المعلوم، فهذا لن يكون في صالح الأمة والموالين، وسيصاب المؤمنون بيأس من ظهور صاحب الزمان عليه السلام، وربما أدى ذلك إلى فتنة كبيرة تصيب الأمة الإسلامية..
روى علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا علي الشيعة تربى بالأماني...... لو قيل لنا إن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة وثلاثمائة سنة ليئست القلوب وقست ورجعت عامة الناس عن الإيمان بالإسلام، ولكن قالوا ما أسرعه وأقربه، تآلفا لقلوب الناس وتقريباً للفرج.(1)
إن 1النهي عن التوقيت من أهم مقومات انتظار الفرج، وأحد أبرز ركائز بنائه، وعليه فإن البحث أو السؤال عن وقت ظهوره عليه السلام، خطأ كبير يقع فيه من لا يعي فلسفة الانتظار، تلك الفلسفة التي تجعل المؤمن في حالة الترقب الدائم والانتظار المستمر لإمامه المهدي عليه السلام.. ففي حالة تعيين وقت ظهوره للناس، فإن الإعداد والاستعداد والنفير وغير ذلك مما هو مرتبط بمسألة انتظار الفرج، سوف لا يكون مبرراً، إذ أن هذه الأمور مرتبطة بعصر قبل ظهوره بقليل.
لعل بعض أسرار الحكمة في إخفاء وقت الظهور، هو أن يبقى المؤمنون عبر القرون ينتظرون الإمام عليه السلام فيثابون على هذا الانتظار المر، فالانتظار يدعو المؤمنين إلى الاستقامة والتقيد بأوامر الشريعة الغراء ونواهيها، باعتبار أن ظهور الإمام عليه السلام سيكون مباغتاً.. فلو كان وقت ظهوره المبارك معروفاً ومحدداً مسبقاً، لما كان هذا الانتظار، ولكانت الآمال تنقلب إلى اليأس، ولحرم المؤمنون ممن لم يكونوا قريبي العصر من وقت الظهور ثواب الانتظار..
روي عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة).(2)
اذاً.. نستنتج من ذلك كله: أن المؤمنين المخلصين سوف يصابون بإحباط وخيبة أمل، عندما يعرفون وقت ظهوره عليه السلام ويكون بعيداً جداً عن عصرهم مما سيؤدي إلى الكسل والخمول وعدم توفر الدافعية للإخلاص أكثر وأكثر، وتلاشي الطموح بأن يصبحوا من أنصاره وأعوانه، وكذلك عدم الدعاء له بتعجيل الفرج.. فمن رأفة الله ورحمته بهذه الأمة، أن جعل وقت الظهور مجهولاً عند الناس، فلا ينتابها اليأس أو يفتك بها القنوط، بل جعلها في حالة ترقب دائم وانتظار للفرج.
الهوامش :
(1)غيبة النعماني ص 198.
(2)غيبة النعماني ص 134.
تحديد وقت الظهور يتعارض مع فلسفة الانتظار، ويؤدي إلى يأس وقنوط الأمة
قد أخفى الله تبارك وتعالى وقت ظهور وليّه الحجة ابن الحسن عليه السلام لأهداف تربوية (نفسية وروحية) عظيمة، وليكون المؤمنون منتظرين له عليه السلام في جميع أوقاتهم.. ولنفترض أن التوقيت (جائز)، فماذا يترتب على تعيين وقت ظهوره عليه السلام من نتائج؟ مثلا: حدد بعد الف عام.. إن المؤمنين سوف يفقدون روحية الانتظار، وسيفقدون تبعاً لذلك حالة الارتباط المعنوي والوجداني بإمامهم الغائب عليه السلام، وسيكون الأمر أقرب إلى الاسطورة من الواقع، وإلى الخيال من الحقيقة، فتموت وتحلل القضية المهدوية تدريجياً لدى الأجيال المتلاحقة، وهذا الموت والتحلل التدريجي قد حصل على صعيد عقيدة التوحيد عند الأمم السابقة، فما الذي يمنع دون حصوله بصدد القضية المهدوية لدى هذه الأمة؟.. وحينها لا تجد من يتحمس للقضيه المهدوية، ولا من ينشدها بهمة عالية، ولماّ وجد المنتظرون الذين يحملون علاقة الحب والارتباط بالقضية كما شهدناها في التاريخ ونشهدها اليوم.
إن أهل البيت عليهم السلام أمتنعوا عن التوقيت لأنه بعلمهم اللدني وما وهبهم الله سبحانه وتعالى من حكمة ومعرفة، فهموا أنهم لو أطلعوا شيعتهم على وقت ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وبالتأكيد سيكون بعد قرون عديدة كما نحن متأكدون منه الآن وليس في زمان قريب من وقت إخبارهم بالوقت المعلوم، فهذا لن يكون في صالح الأمة والموالين، وسيصاب المؤمنون بيأس من ظهور صاحب الزمان عليه السلام، وربما أدى ذلك إلى فتنة كبيرة تصيب الأمة الإسلامية..
روى علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا علي الشيعة تربى بالأماني...... لو قيل لنا إن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة وثلاثمائة سنة ليئست القلوب وقست ورجعت عامة الناس عن الإيمان بالإسلام، ولكن قالوا ما أسرعه وأقربه، تآلفا لقلوب الناس وتقريباً للفرج.(1)
إن 1النهي عن التوقيت من أهم مقومات انتظار الفرج، وأحد أبرز ركائز بنائه، وعليه فإن البحث أو السؤال عن وقت ظهوره عليه السلام، خطأ كبير يقع فيه من لا يعي فلسفة الانتظار، تلك الفلسفة التي تجعل المؤمن في حالة الترقب الدائم والانتظار المستمر لإمامه المهدي عليه السلام.. ففي حالة تعيين وقت ظهوره للناس، فإن الإعداد والاستعداد والنفير وغير ذلك مما هو مرتبط بمسألة انتظار الفرج، سوف لا يكون مبرراً، إذ أن هذه الأمور مرتبطة بعصر قبل ظهوره بقليل.
لعل بعض أسرار الحكمة في إخفاء وقت الظهور، هو أن يبقى المؤمنون عبر القرون ينتظرون الإمام عليه السلام فيثابون على هذا الانتظار المر، فالانتظار يدعو المؤمنين إلى الاستقامة والتقيد بأوامر الشريعة الغراء ونواهيها، باعتبار أن ظهور الإمام عليه السلام سيكون مباغتاً.. فلو كان وقت ظهوره المبارك معروفاً ومحدداً مسبقاً، لما كان هذا الانتظار، ولكانت الآمال تنقلب إلى اليأس، ولحرم المؤمنون ممن لم يكونوا قريبي العصر من وقت الظهور ثواب الانتظار..
روي عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة).(2)
اذاً.. نستنتج من ذلك كله: أن المؤمنين المخلصين سوف يصابون بإحباط وخيبة أمل، عندما يعرفون وقت ظهوره عليه السلام ويكون بعيداً جداً عن عصرهم مما سيؤدي إلى الكسل والخمول وعدم توفر الدافعية للإخلاص أكثر وأكثر، وتلاشي الطموح بأن يصبحوا من أنصاره وأعوانه، وكذلك عدم الدعاء له بتعجيل الفرج.. فمن رأفة الله ورحمته بهذه الأمة، أن جعل وقت الظهور مجهولاً عند الناس، فلا ينتابها اليأس أو يفتك بها القنوط، بل جعلها في حالة ترقب دائم وانتظار للفرج.
الهوامش :
(1)غيبة النعماني ص 198.
(2)غيبة النعماني ص 134.