تويت
شُبْهَة ٌ وَ رَدّ ٌ
شُبْهَة ٌ وَ رَدّ ٌ
إن من تجليات التكريم الإلهي لأمير المؤمنين(ع) تزويج الله ورسوله إياه فاطمة الزهراء(ع).. وفي هذا التزويج دلالة على عظم مقامه ومقامها(ع).. فقد روى الكليني(ره) في الكافي (ج1، ص461) عن النبي(ص) أنه قال: (لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين(ع) لفاطمة(ع) ما كان لها كفؤ على ظهر الأرض، من آدم فمَن دونه).
وإذ نحن في ذكرى وفاة السيدة أم البنين(ع).. قد نواجه الكثير من التساؤلات حول حياة أمير المؤمنين(ع) وسيرته وكيفية زواجه منها... وواحدةٌ من هذه الشبهات والتساؤلات المطروحة: أنه لماذا لم يتزوج علي(ع) غير فاطمة(ع) ما دامت على قيد الحياة؟! مع أن تعدد الزوجات مستحب.. وإذا كانت الزهراء(ع) لا ترضى، فهل يمكن أن لا ترضى بما يرضاه الله؟!
وقد أجاب المحقق الخبير والعلامة الجليل السيد جعفر مرتضى العاملي(حفظه الله) على هذه التساؤلات وغيرها في كتابه القيّم (الصحيح من سيرة الإمام علي(ع)، ص254)، نذكر جوابه باختصار:
أولاً:-
قد روي عن الصادق(ع) أنه قال: (حرم الله النساء على علي(ع) ما دامت فاطمة(ع) حية.
قال الراوي: قلت: وكيف؟!
قال: لأنها طاهر لا تحيض) (التهذيب: ج7 ص475).. ولعل هذا التعليل يريد أن يشير إلى عظمتها ومقامها عند الله تعالى، وأن الله قد طهرها، حتى من جهة خلقتها، فنزهها عن الحيض، حتى لا يمنعها ذلك من مواصلة عباداتها التي تحبها.. وبهذا الحال، هل يصح من علي(ع) أن يفضّل عليها أحداً، أو أن يميل إلى أحد سواها وهي على قيد الحياة؟!
ثانياً:-
لم يثبت استحباب الزواج بأكثر من امرأة واحدة، بل ورد إباحة ذلك في القرآن الكريم، مع النصيحة بالتزام الزواج من واحدة في صورة الخوف من عدم التمكن من العدل بين النساء... نعم، قد ورد في السنة الأمر بالتزوج بأكثر من واحدة لمعالجة حالة الفقر (الكافي: ج5، ص430)، أو نحو ذلك.. مع ملاحظة: أن معالجة ظاهرة الفقر قد كانت بالطلاق أيضاً (الكافي: ج5، ص331)، مع أنه أبغض الحلال إلى الله تعالى..
ثالثاً:-
قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)، فقد دلت هذه الآية على: أن الهدف من الزواج هو تحقيق السكون، والرضا، وذلك من خلال التوحد، والالتقاء، ووجدان النفس لحقيقتها الكاملة، ليكونا معاً بمثابة نفس واحدة..
ومن الواضح:أن الزهراء(ع) حين تكون مع الإمام علي(ع)، فإنه(ع) سوف لا يجد في نفسه أية حاجة إلى شيء آخر، لأن الزهراء(ع) هي الكمال كله.. فلا يبقى أي مبرر لتطلّب شيء آخر، ما دام أن السكون والرضا قد بلغ منتهاه، فما هو الداعي لأن يبحث الإمام(ع) عن زوجة أخرى..
وربما لأجل هذه الخصوصية بالذات لم يتزوج النبي(ص) في حياة السيدة خديجة(ع) أية امرأة أخرى، لكنه تزوج بعدها بالعديد من النساء لأكثر من داع وسبب.. رغم علمه(ص) بأنه لن يجد مثل خديجة(ع).. وقد تزوج علي(ع) بعد الزهراء(ع) بالعديد من النساء رغم علمه بأنه لن يجد مثل الزهراء(ع).
يبقى سؤال يحتاج إلى إجابة: ماذا نصنع بالروايات التي تقول: إن علياً(ع) قد تزوج بأم محمد بن الحنفية في حياة النبي(ص)؟!
فنقول: لو صح هذا، فيكون دليلاً على أن حديث تحريم النساء على علي(ع) ما دامت فاطمة(ع) على قيد الحياة مشروطٌ بما إذا لم تجزه الزهراء(ع) والنبي(ص)، فتكون مبادرته لفعل ذلك دليلاً على صدور هذه الإجازة منها ومنه.. وبالنسبة للحنفية، فهناك نصوص تقول بأنها كانت أمة، فاشتراها علي(ع) واتخذها أم ولد.. والظاهر: أن شراءه لها كان في زمن النبي(ص)، فولدت له محمداً المعروف بابن الحنفية بعد استشهاد الزهراء(ع)(البحار: ج42، ص99).
إعداد: منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
كربلاء المقدسة
تعليق