الرسالة 60 الى كميل بن زياد :
أمّا بعد فإنّ تضييع المرء ما ولّي و تكلفه ما كفي لعجز حاضر و رأي متبّر . و إنّ تعاطيك الغارة على أهل قرقيسيا و تعطيلك مسالحك الّتي ولّيناك ليس بها من يمنعها و لا يردّ الجيش عنها لرأي شعاع . فقد صرت جسرا لمن أراد الغارة من أعدائك على أوليائك ، غير شديد المنكب ، و لا مهيب الجانب ، و لا سادّ ثغرة ، و لا كاسر شوكة ،
و لا مغن عن أهل مصره ، و لا مجز عن أميره .
المعنى :
كان كميل بن زياد من خاصة الإمام ، و الصفوة من شيعته ، و لما ولي الحجاج طلبه للقتل فهرب منه و اختفى ، فما كان من الحجاج إلا أن منع العطاء عن قومه . .
و لما علم كميل بذلك قال : أنا شيخ كبير ، و قد نفد عمري ، و لا ينبغي أن أكون سببا لحرمان قومي من أقواتهم ، و سلّم نفسه للحجاج ، فلما رآه قال له :
كنت أحب أن أجد عليك سبيلا ، فقال كميل : لا تصرف على أنيابك كالبعير ،
فاقض ما أنت قاض ، فالموعد اللّه ، و بعد القتل حساب و جزاء . فقال الحجاج لجلاوزته : اضربوا عنقه ، فضربت .
و قد ولاّه الإمام على هيت ، فاستضعفه معاوية ، و أرسل اليه المرتزقة يقتلون و ينهبون ، كما هو شأنه ، قال ابن أبي الحديد : « و حاول كميل أن يجبر ضعفه بالغارة على أطراف معاوية مثل قرقيسيا و غيرها ، فأنكر الإمام عليه ذلك » .
و بعد ، فإن الانسان ابن الظروف التي تحيط به ، و كميل انسان له عواطفه و انفعالاته ، و أيضا له حريته و قدرته تماما كأبيه آدم الذي أخرجه اللّه من الجنة جزاء على فعلته . . و ليس المهم أن لا يخطى ء الانسان ، و انما المهم أن لا يصر على الخطأ متى ظهر و بان ، و أن يلوم نفسه و لا يعود . . و قد لام كميل نفسه و ندم تماما كما ندم آدم من قبل ، و تاب كما تاب . . و ختم حياته بالشهادة بسيف البغي و الضلال ، فصبر و احتسب حرصا على دينه و ايمانه .
أمّا بعد فإنّ تضييع المرء ما ولّي و تكلفه ما كفي لعجز حاضر و رأي متبّر . و إنّ تعاطيك الغارة على أهل قرقيسيا و تعطيلك مسالحك الّتي ولّيناك ليس بها من يمنعها و لا يردّ الجيش عنها لرأي شعاع . فقد صرت جسرا لمن أراد الغارة من أعدائك على أوليائك ، غير شديد المنكب ، و لا مهيب الجانب ، و لا سادّ ثغرة ، و لا كاسر شوكة ،
و لا مغن عن أهل مصره ، و لا مجز عن أميره .
المعنى :
كان كميل بن زياد من خاصة الإمام ، و الصفوة من شيعته ، و لما ولي الحجاج طلبه للقتل فهرب منه و اختفى ، فما كان من الحجاج إلا أن منع العطاء عن قومه . .
و لما علم كميل بذلك قال : أنا شيخ كبير ، و قد نفد عمري ، و لا ينبغي أن أكون سببا لحرمان قومي من أقواتهم ، و سلّم نفسه للحجاج ، فلما رآه قال له :
كنت أحب أن أجد عليك سبيلا ، فقال كميل : لا تصرف على أنيابك كالبعير ،
فاقض ما أنت قاض ، فالموعد اللّه ، و بعد القتل حساب و جزاء . فقال الحجاج لجلاوزته : اضربوا عنقه ، فضربت .
و قد ولاّه الإمام على هيت ، فاستضعفه معاوية ، و أرسل اليه المرتزقة يقتلون و ينهبون ، كما هو شأنه ، قال ابن أبي الحديد : « و حاول كميل أن يجبر ضعفه بالغارة على أطراف معاوية مثل قرقيسيا و غيرها ، فأنكر الإمام عليه ذلك » .
و بعد ، فإن الانسان ابن الظروف التي تحيط به ، و كميل انسان له عواطفه و انفعالاته ، و أيضا له حريته و قدرته تماما كأبيه آدم الذي أخرجه اللّه من الجنة جزاء على فعلته . . و ليس المهم أن لا يخطى ء الانسان ، و انما المهم أن لا يصر على الخطأ متى ظهر و بان ، و أن يلوم نفسه و لا يعود . . و قد لام كميل نفسه و ندم تماما كما ندم آدم من قبل ، و تاب كما تاب . . و ختم حياته بالشهادة بسيف البغي و الضلال ، فصبر و احتسب حرصا على دينه و ايمانه .