بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين إذا كان سلطان الحكام على الأبدان، فإن سلطان أهل البيت (عليهم السلام) ما زال ولم يزل على القلوب والنفوس، ولا عجب فإن من أحسن إلى الناس استدام منهم المحبة، وفي الإحسان تملك القلوب، ومن حلم ساد، وبالحلم تكثر الأنصار كما تقر بذلك الروايات والأخبار. فمن خلال خصالهم الجميلة الأنفة الذكر أصبح لأهل البيت (عليهم السلام) قوة جماهيرية كان أعداؤهم يحسبون لها ألف حساب ويحاولون بشتى السبل والحيل فك الارتباط الروحي بين الأئمة والأمة ولكنهم فشلوا وخابت ظنونهم، وعلى العكس من ذلك فقد ازداد التفاف الناس حولهم وزاد تعظيمهم لهم سواء في حياتهم أم بعد موتهم. وينقل لنا التاريخ عدة مواقف كانت بمثابة استفتاء شعبي على حقانية أهل البيت (عليهم السلام) وأحقيتهم بالأمر…(فهذا هشام يحج في خلافة أخيه عبد الملك وبيده القوة السلطان وحوله وجوه أهل الشام، فيروم استلام الحجر الأسود فلا يقدر ولا يعبأ الناس به، وبملكه وسلطانه. وعلي بن الحسين الذي ليس له سلطان غير سلطان الدين والتقوى والعلم وليس معه خدم ولا حشم، يتقدم إلى استلام الحجر، فينظر الناس إليه بعين الإجلال والإعظام وينحنون له عن الحجر حتى يستلمه) ).وهذا لشاهد آخر ينقله لنا صاحب المناقب ابن شهر آشوب عن أبي حمزة الثمالي (لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر بن علي(عليهما السلام) ولقيه هشام بن عبد الملك أقبل الناس ينثالون عليه. فقال عكرمة من هذا؟ عليه سيماء زهرة العلم لأجربنه فلما مثل بين يديه ارتعدت فرائصه، واسقط ما في يده وقال: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره فما أدركني ما أدركني آنفاً. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): ويلك يا عبيد أهل الشام إنك بين يدي بيوت أذن الله له أن ترفع، ويذكر فيها اسمه).وينقل لنا التاريخ شاهد آخر عن الإمام الرضا (عليه السلام): أنه لما خرج للصلاة في مرو ورآه القواد والعسكر رموا بنفوسهم عن دوابهم، ونزعوا خفافهم وقطعوها بالسكاكين طلباً للسرعة!… لما رأوه (عليه السلام) راجلاً حافياً. وإنه لما هجم الجند على دار المأمون بسرخس بعد قتل الفضل بن سهل وجاءوا بنار ليحرقوا الباب، وطلب منهم المأمون أن يخرج إليهم، فلما خرج وأشار إليهم أن يتفرقوا تفرقوا مسرعين وهذه بعض الشواهد وغيرها في التاريخ كثير، تبين مدى تعلق أبناء الأمة بالأئمة (عليهم السلام) بصفتهم منارات هدى تحدد لهم معالم دينهم، وأقطاب رحى تحرك عجلة مجتمعهم نحو الخير والصلاح.
وغيرها وغيرها من الأحداث التي تبين مدى تعلق الأمة بأهل البيت (عليهم السلام ) لما كان أهل البيت (سلام الله عليهم ) هم الحبل الذي أمرنا الله تعالى بالتمسك به وهم سبيل الله وبابه الذي منه يؤتى كان اللازم درك هذا المعنى وهو ان القرب منهم بحاجة إلى السنخية اللازمة بين التابع والمتبوع وبين القائد والمقود لا شك ان رؤية الناس للأئمة سلام الله عليهم في أزمنتهم كانت سبباً لسهولة الاغتراف من سلسبيل معينهم . ان المطلوب من الفرد في علاقته ومحبته لإمام العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف ) ان يسعى لإيجاد السنخية بين طبيعته الأخلاقية وسلوكه اليومي وبين رغبة الإمام ليترقي الى مستوى معايشته حق المعايشة .
تعليق