إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ظاهرة اليأس من ظهور الامام (ع)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ظاهرة اليأس من ظهور الامام (ع)

    ظاهرة اليأس من ظهور الامام (ع)
    ظاهرة اليأس من ظهوره، فقد طالت فترة غيابه، أكثر مما كان يتوقع، فقد تفانت الأجيال تلو الأجيال وهي تترقب ظهوره سنة بعد سنة، وأسبوعاً بعد أسبوع، وربما يوماً بعد يوم، وكم كان الذين وجدوا بعض علائم ظهوره، فوقفوا على أهبة الاستعداد لتلبية ندائه، وما كانوا يرقدون في الليل إلا ويتوسدون أسلحتهم، حتى إذا أهاب بهم المنادي، لا يكون لديهم ما يعوقهم عن الإسراع إليه؟.. وكم كان الذين قرأوا في الأحاديث: أن توقيت ظهوره يصادف يوم الجمعة، فألزموا أنفسهم بالخروج إلى الصحراء صبيحة أيام الجمعة بكامل أسلحتهم، حتى إذا خرج يلتقيهم وكأنهم على موعد؟... وكم كان الذين رأوا في المنام أشياء أو قرأوا أحاديث، فطبقوها على وقت معين، فبادروا إلى تصفية حساباتهم قبل ذلك الوقت، حتى إذا خرج وقتلوا بين يديه لا يكون عليهم شيء من حقوق الناس أو من حقوق الله؟... وكم كان الذين يؤجّلون تصفية حسابات خصومهم إلى حين ظهوره، حتى يكون هو الذي يثأر لهم؟...ثم يأتي الرجل في هذا اليوم، فيقرأ أو يسمع أن آبائه ماتوا انتظاراً، ومرت مئات السنين ومئات السنين ولم يظهر الإمام المنتظر، فيمتلكه اليأس من ظهوره، أو يحدّث نفسه قائلاً: حتى لون كان الإمام المنتظر باقياً ويظهر في يوم من الأيام، فما الذي يشير إلى أنني سأراه، ولربما لا يظهر إلا بعد مئات السنين أو آلاف السنين، كما لم يظهر حتى اليوم، وقد مر على غيابه أحد عشر قرناً ومئات الملايين من الشيعة في كل جيل ومن كل مكان يعدّون اللحظات في انتظاره. ثم يستنتج: إذن عليّ أن أجري كل حساباتي على أنه لا يظهر مطلقاً، أو أنه لا يظهر في عهدي على الأقل. وقد عبّر الإمام عن هذا اليأس السافر بقوله: (ستطول غيبته حتى يرجع عنه أكثر القائلين به).
    نعترف بأن هذه الظاهر موجودة، ولكن وجود هذه الظاهر لا يغيّر شيئاً من واقع الإمام المنتظر، فاليأس والتشكيكات والتساؤلات المتنوعة تلف كثيراً من الأمور حتى تحجب الرؤية وتربك المفكرين، وخاصة في المجالات السياسية والقيادية، التي تمسك بمصير الناس ومقدراتهم، فتكون مناخاً ملائماً للأوهام والتخيلات، وحلبة واسعة ترحب بصراعات الآراء والمصالح، ولكنها لا تغيّر شيئاً من وقائع الأمور. ومتى كانت التشكيكات والتساؤلات تزحزح شيئاً عن واقعه؟
    الأقسام الأربعة لظاهرة اليأس:
    وهي ظاهرة اليأس من وجود الإمام المنتظر، أو من ظهوره مطلقاً، أو من ظهوره في وقت قريب. ولتحقيق مدى صحية هذا اليأس نقسم اليأس إلى أربعة أقسام:
    1- اليأس من المستحيل، كاليأس من أن يصير 2+2 = 3 أو = 5 ومثل اليأس من اجتماع الضدين والنقيضين - بحدودهما المذكورة في علم المنطق - وهذا اليأس معقول.
    2- اليأس من الذات. مثل يأس الفرد من أن يحمل جبلاً على ذراعيه أو من أن يطير في الهواء بلا وسائل. وهذا اليأس مقبول.
    3- اليأس من الغير، مثل يأس فلاح من أن يزوره الملك في كوخه، وهذا اليأس منطقي في كثير من الحالات، وليس صحيحاً على العموم، فكم من المفاجآت تخترق جدران اليأس؟ وكم بزغت الآمال من ظلام يأس مطبق؟
    ولعل اتخاذ الموقف أمام هذا القسم من اليأس - الذي يمكن أن نسميه بـ(اليأس العادي) - من المنعطفات الخطيرة التي تفرز العظماء عن التافهين، فالتافهون عندما يصطدمون بهذا القسم من اليأس يتراجعون، أو ينهزمون إلى الأبد فينتحرون، بينما العظماء يصمدون، أو يواصلون الكفاح، وكثيراً ما ينقشع ضباب اليأس عن عيونهم، وتتضح أمامهم سبل الانتصار.وهذا القسم من اليأس يعتري كل فرد من البشر مرات عديدة في عمره، ثم ينكشف عنه، كما تنكشف سحب الربيع عن الأفق الحالم.وهذا لا يعني: أن اليأس غير صحيح على الإطلاق، فلربما تتضافر المعاكسات بشكل كثيف، يتراءى كأنه جدار لا يمكن، فييأس حتى العظماء، وقد يكفهر الجو فييأس حتى رسل الله المتصلون بالسماء، ويستبد بهم اليأس، ولكن الله الذي جعل لكل شيء دورة في الحياة الدنيا يعلم أن ذروة كل شيء منتهاه، وأن قمة اليأس هي مبدأ الفرج، فيقول: (... حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين).وإنما يعني هذا الكلام، أن اليأس من الغير أكثره كاذب، وأقله طبيعي، ولكن يمكن نسفه بالمحاولة، على أن تكون المحاولة في حجم المعوقات.
    4- اليأس من الله، وهو أن يعتقد فرد بأن الله قد أغلق أبوابه، أو أنه لا يجد لأمره مخرجاً، أو لعقدته حلاً. وذلك أن الإنسان - عادة - يملك انطباعات معينة عن الأشياء المتعايشة معه، وعلى ضوء هذه الانطباعات يرتب لكل شيء - في تصوره - أسباباً ونتائج، فإذا جرب كل الأسباب الواردة في تصوره، ولم تسفر عن النتيجة المتوخاة، ظن أن لا سبب يؤدي إليها على الإطلاق، وأمام هذا الظن يلجأ المؤمن إلى الله، ويحدّث نفسه بأنني جربت كل الأسباب التي كنت أعرفها، ولم يؤد شيء منها إلى النتيجة التي كنت أحاولها، ولكنني كفرد من البشر يكون عملي محدوداً، فلعل هنالك سبباً أو أسباباً يؤدي كل واحد مها إلى تلك النتيجة، وأن الله المحيط بكل شيء يعرفها جيداً، فالأفضل أن أترك الأمر لله يصرفه كما يشاء.ونتيجة لهذا الإيمان لا يدب إليه اليأس، وإنما يحافظ على الأمل في مشاعره، ولا يتراءى له بصيص من النور إلا ويبدأ التجربة وبما أن تطورات الحياة كثيرة، ربما تترتب الأمور بشكل تقدم إليه تلك النتيجة بلا محاولة. أما غير المؤمن فإذا جرب الأسباب التي يعرفها، ولم تنته إلى النتيجة التي يريدها انكفأ على نفسه في ظلام من اليأس ثقيل.وهذا اليأس لا يعني الجهل بالله وقدرته غير المتناهية فقط، وإنما يعني الجهل بالحياة وأبعادها البعيدة، وهو الضلال في منطق القرآن: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)؟. (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).هذا فيما لم يسبق إليه وعد من الله، أما إذا وعدنا الله بشيء، ولم نجد في أفقنا القريب المحدود إشارات تمتد إليه، فيأسنا منه لمجرد ذلك يدل على أن مدانا أضيق من حبل المشنقة.أوَ ليس العلم المادي المحدود يقدم إلى البشر كل يوم أشياء لو حدّثت بها كتب السماء لم يصدقها، لكن البشر يضطر إلى الاعتراف بها حينما يراها بالعين المجردة، أو على الشاشة الصغيرة، فكيف بالله العظيم، الذي خلق كل شيء فقدّره تقديراً؟...
    وبالنسبة إلى الإمام المهدي المنتظر، وعد الله بإظهاره وتمكينه في الأرض، ولن يمنعه من تنفيذ وعده مانع في الأرض ولا في السماء. وقد قرر منذ الأزل توقيت غيابه وظهوره - وفق حكمته البالغة - ورتب لغيابه وظهوره وتمكينه أسباباً كافية، كما قرر حركة النجوم، وتوقيت غيابها وظهورها - بالنسبة إلى إنسان الإنسان، ورتب لتفاعلاتها أسباباً كافية. أما كون توقعاتنا تستعجل ظهوره، وكون تصوراتنا تستبطئ فتره غيابه عليه السلام، فهذه أمور ناتجة من الجهل بالحكمة العليا، ولا تأثير لها على حركته مطلقاً، كما أن توقعاتنا وتصوراتنا - مهما كانت - لا تؤثر على حركة النجوم أبداً. وإذا كانت توقعاتك وتصوراتك لا تغير حركة قلبك ومعدتك، ولا تقدم ولا تؤخر ميلاد ابنك ووفاة زوجتك، فهل تريد لهذه التوقعات والتصورات، أن تستطيل حتى تغيّر إرادة الله في إدارة كونه، وتبدل حكمة الله في نشاط أوليائه؟إن علينا - في مثل هذه الأمور - أن نعلم: أن الله إذا وعد شيئاً نفذه في الوقت الذي يشاء، وبالأسلوب الذي يشاء، ولا تعاكسه الظروف والأحوال لأنه هو الذي يخلق الظروف والأحوال ويصرفها كما يشاء. وإذا علمنا ذلك لا يمتلكنا اليأس من ظهور الإمام المهدي المنتظر، ولا نرى أنه تأخر أكثر مما ينبغي، بل نعرف أنه سيظهر في الوقت المحدد لظهوره، ونتوقع أن يصادف ظهوره أي يوم من أيامنا. وأية ساعة من ساعاتنا وان نسلم الى ذلك اليوم الموعود جعلنا الله واياكم ممن يشهد ظهوره (ع).


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X