بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ..
كثيراً ما نشاهد جنازة محمولة على الأكتاف ويسير خلفها مجموعة من الناس بعضهم يبكي وبعض آخر يهلل الله عزّ وجلّ ويذكره ، وهذا هو حال الناس عند المشي خلف الجنازة .
وقد حثّت الشريعة المقدسة على استحباب المبادرة والسير خلف الجنازة
فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
" من شيع جنازة فله بكل خطوة حتى يرجع مائة ألف حسنة، ويمحى عنه مائة ألف سيئة ويرفع له مائة ألف درجة، فان صلى عليها شيعه في جنازته مائة ألف ملك كلهم يستغفرون له، فان شهد دفنها وكل اولئك المائة ألف ملك به كلهم يستغفرون له حتى يبعث من قبره.
ومن صلى على ميت صلى عليه جبرئيل وسبعون ألف ملك، وغفر له ما تقدم من ذنبه، وإن أقام عليه حتى يدفنه وحثا عليه التراب، انقلب من الجنازة وله بكل قدم من حيث تبعها حتى يرجع إلى منزله قيراط من الاجر، والقيراط مثل جبل أحد، يلقى في ميزانه من الاجر "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (78 / 384)
وعن ميسر قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول:
" من شيع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات، ولم يقل شيئاً إلا قال الملك: ولك مثل ذلك "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (78 / 257)
ولكن قد نرى في بعض الاحيان أناس يسيرون خلف الجنائز ولكن قد لايحصلون على مثل هذا الثواب العظيم ، بل ربما يجنون من سيرهم هذا العقاب والعذاب ؛ لأنهم لا يعبأون بما يرون ولا يكترثون لما ينظرون ، كأنما يسيرون في نزهة أو سفرة ترفيهية !!
لا يتفكرون بمصيرهم القريب !! .. ولا يتذكرون الموت الذي هو أقرب اليهم من ظِلّهم !! .. ولا يتفكرون بحال من سبقهم الذي هو حالهم بعد حين !!
فتارة نرى ـ مثلاً ـ شخصاً يدير بمسبحته الجميلة ، وآخر يقلّب الصفحات بجهاز (الموبايل) الذي اشتراه توّاً ، وثالث يعبث بمفاتيح سيارته ، وتارة أخرى نلاحظ اثنين يتكلمان بكلام أهل الدنيا من بيع وشراء وعقار و .. و .. ، والمصيبة الأعظم عندما نشاهد البعض يبتسم أو ربما يضحك وهو في هذا المقام !! رغم أنه يرى في هذا المصير مصيره الذي هو لاقيه أمامه !!
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) قد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك ، فقال (عليه السلام) :
" كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحقّ فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذي نرى من الاموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظ وواعظة ، ورمينا بكل جائحة .
طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته، وحسنت خليقتهوأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من لسانه، وعزل عن الناس شره، ووسعته السنة ولمينسب إلى بدعة "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (78 / 268)
فهل مثل هؤلاء يسمى انساناً واعياً مدركاً لما يرى ويسمع ؟
أم انه انسان غافل قد غطّ في سبات عميق ؟
بل هو ربما ميّت .. ولكن في لباس الأحياء ..
ميتٌ .. يشيّع ميتاً ....... !!!