: الإمامُ علي الهادي : عليه السلام :
في إطلالة وجيزة :
==============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
: أصله ونشأته :عليه السلام:
===================== ============
هو ابن الإمام محمد الجواد :عليه السلام :
وأمه المُعظّمة الجليلة سمانة المغربية
ولِدَ في المدينة المنورة في :15 : من ذي الحجة :من سنة :213 للهجرة .
:الكافي :الكليني:ج1:ص497:
وفي رواية أنه:ع: ولِدَ في الثاني من رجب سنة 212:هجرية
تربى في ظل ابيه الجواد :ع:
وقد نصَّ الإمام الجواد :ع: على إمامة ولده علي الهادي :ع:
واكدها بقوله :ع:
((الأمرُ من بعدي لولدي علي ))
:الفصول المهمة:ابن الصباغ المالكي:ص277.
وقوله:ع: أيضا:
((إنّ الإمام بعدي ابني علي أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي والإمامة بعده في ابنه الحسن))
: كمال الدين وتمام النعمة:الصدوق:ج2:ص50.
هذا فضلا عن مشموليته بنص القرآن الكريم وبعنوان إمامة أهل البيت :ع: وعصمتهم ربانيا.
فهو:ع: إمام معصوم ومن عترة النبي محمد:ص:
ومشمولٌ بحديث رسول الله:ص: الذي قال فيه:
(إنّي تاركٌ فيكم الثقلين :كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا )
:صحيح مسلم:ج15:ص180 :
لقد كان الإمام علي الهادي:ع: قدوة معصومة في الأخلاق والعبادة والعلم والعمل.
وهذا ما إعترف به أعداءه حينما :
(هاجموا داره فلم يجدوا شيئا ووجدوه:ع: في بيت مغلق عليه وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آياً من القرآن)
:تذكرة الخواص:ابن الجوزي:ص361
وأما عن علمه فيكفي التأمّل في هذا النص الوثائقي الذي يكشف عن دقة المعرفة والفهم عند الإمام الهادي:ع:
فعن فتح بن يزيد الجرجاني
قال:
ضمني وأبا الحسن :الإمام الهادي:ع: الطريق حين منصرفي من مكة إلى خراسان وهو صائر إلى العراق
فسمعته وهو يقول:ع:
: من اتقى الله يُتقى ومن أطاع الله يُطاع:
قال :الراوي:
فتلطفتُ
في الوصول إليه فسلمتُ عليه فردّ عليَّ السلام وأمرني بالجلوس
وأول ما ابتداني به أن
قال:ع:
يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق
ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق
وأن الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه
وآنّى يُوصف الخالق الذي تعجز الحواس ان تدركه
والأوهام ان تناله والخطرات ان تحده والابصار عن الإحاطة به
جل عما يصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون نأى في قربه وقرب في نأيه
فهو في نأيه قريب وفي قربه بعيد كيف الكيف
فلا يقال كيف وأين الأين
فلا يقال أين إذ هو منقطع الكيفية والأينية
هو الواحد الاحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فجل جلاله
أم كيف يوصف بكنهه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد قرنه الجليل باسمه وشرّكه في عطائه وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته
إذ يقول :
(( وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ)):التوبة:74:
وقال يُحكى قول من ترك طاعته وهو يعذبه بين اطباق نيرانها وسرابيل قطرانها
{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا }الأحزاب66
أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58
(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ))النحل43
يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله والرسول والخليل وولد البتول
فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا
فنبينا أفضل الأنبياء وخليلنا أفضل الأخلاء ووصيه أكرم الأوصياء اسمهما أفضل الأسماء وكنيتهما أفضل الكنى وأجلاها
لو لم يجالسنا إلاّ كفو لم يجالسنا أحد ولو لم يزوجنا الا كفو لم يزوجنا أحد
أشد الناس تواضعا أعظمهم حلما وأنداهم كفا وامنعهم كنفا ورث عنهما أوصياؤهما علمهما
فإردد إليهم الامر وسلم إليهم أماتك الله مماتهم وأحياك حياتهم إذا شئت رحمك الله
قال فتح
فخرجتُ فلما كان من الغد تلطفت في الوصول إليه فسلمتُ عليه فردَّ عليَّ السلام
فقلتُ يا ابن رسول الله أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي
قال:ع:
سل وإن شرحتها فلي وان أمسكتها فلي
فصحح نظرك وتثبت في مسألتك واصغ إلى جوابها سمعك
ولا تسأل مسألة تعينت واعتن بما تعتني به
فإنَّ العالم والمتعلم شريكان في الرشد مأموران بالنصيحة منهيان عن الغش
واما الذي اختلج في صدرك ليلتك
فان شاء العالم أنبأك إن الله لم يظهر على غيبه أحدا إلاّ من ارتضى من رسول
فكلما كان عند الرسول كان عند العالم وكلما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصيائه عليه
لئلا تخلو ارضه من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته
يا فتح
عسى الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك وشككك في بعض ما أنبأتك
حتى أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم فقلتَ متى أيقنت أنّهم كذا فهم أرباب
معاذ الله انهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله داخرون راغبون
فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به
فقلتُ : الراوي: له
جعلتُ فداك فرَّجتَ عني وكشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع في خلدي أنّكم أرباب
قال:الراوي:
فسجد أبو الحسن:الإمام الهادي:ع:
وهو يقول في سجوده راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا
قال:الراوي:
فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي
ثم قال:ع:
يا فتح كدتَ أن تَهلك وتُهلك وما ضر عيسى إذا هلك من هلك؟
فإذهب إذا شئتَ رحمك الله
قال: الراوي:
فخرجتُ وانا فرح بما كشف الله عني من اللبس بأنهم هم
وحمدتُ الله على ما قدرت عليه)
: كشف الغمة:الأربلي:ج3:ص179.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف .
تعليق