أجمع الرواة على أن الإمام الكاظم أعلم أهل عصره ، فقد أعرض عن مباهج الحياة وزينتها واتجه نحو الله تعالى ، فعمل على ما يقربه إليه ، وقد حدث عن زهده أحد أصحابه فقال : دخلت عليه في بيته الذي كان يصلي فيه فلم يجد شيء سوى خصفة وسيف معلق ومصحف ، في حين تجبى له الأموال الطائلة والحقوق الشرعية ، وقد أنفقها على الفقراء والمحتاجين فهو مثال للجود والسخاء ، وحرصه لا يوصف على قضاء حوائج الناس ، ومن أبرز صفات الإمام الحلم وكظم الغيظ ، فيعفو عمن أساء إليه ، ويصفح عمن اعتدى عليه ، بل كان يحسن للمعتدين عليه ، وقد عنى الإمام بمكارم الأخلاق ، وحث أصحابه على التحلي بالسخاء وحسن الخلق ، وكذلك التمسك بالصبر إن نزلت بهم مصيبة ، فإن الجزع يذهب بالأجر الذي أعده الله للصابرين ، وأوصى أصحابه بالصمت وبين لهم فوائده ، وكذلك إصلاح بين الناس وبين لهم عاقبة المحسنين والمصلحين ومالهم من الأجر عند الله ، وحثهم على إظهار نعم الله وشكرها ، ويوصف بأنه أعبد أهل زمانه حتى لقب بالعبد الصالح و بزين المجتهدين ، فلم ير الناس مثله في عبادته لله سبحانه وتعالى.
ونقل عن الحسن بن علي بن حمزة عن أبيه قال رأيت أبا الحسن يعمل في أرض وقد استنقعت قدماه في العرق فقلت : جعلت فداك أين الرجال؟
قال : يا علي قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي فقلت : ومن هو فقال : رسول الله وأمير المؤمنين وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم وهو عمل النبيين والمرسلين والأوصياء الصالحين.