مما يُؤسف له أن الإعلام بوسائله المتنوعة قد أصبح أداة للتشويه والطعن وتسقيط الآخرين أكثر من كونه وسيلة لكشف الحقيقة، ومعالجة الظواهر السلبية، والوقوف إلى جانب المواطن في المطالبة بحقوقه وإنصافه..
وبالرغم من كوني لا أميل للرد على كل من كتب هنا وهناك، ولكن ما دعاني إلى الكتابة هو أمر لا يحسن السكوت عليه، وهو ما قرأته من أعاجيب التلفيق وتزييف الحقائق في جريدة كربلاء اليوم العدد(318) الأسبوع الثاني من شهر حزيران 2012م في صفحة هموم الناس..! وضد مَنْ؟؟ ضد (بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)، ضد مؤسسة دينية عقائدية فكرية تربوية تمثل روضة من رياض أهل البيت عليهم السلام، ضد العتبة العباسية المقدسة..!
صاحب الموضوع هو (والد الطالبة كوثر عبد الهادي)؟ ولا أعلم إن كان يريد إثارة ضجة من باب (خالف تُعرف)، حتى ولو كان الأمر على حساب بيع ضميره..!! ألا يؤمن بأن هناك جنة ونار، وأن هناك محاسبة يوم القيامة على كل كلمة قالها: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)؟؟
فقد كتب مدّعياً بأن العتبة العباسية المقدسة قد وجهت دعوة إلى إعدادية (رابعة العدوية للبنات) لحضور الطالبات المتفوقات (المعفيات) لزيارة العتبة المقدسة, وأنه بعد وصولهن لم يستقبلهن أحد وجلسن في الصحن أكثر من ساعة..!
ولكن.. وبحسب علمي وعلى ما اطلع عليه يومياً أن العتبة المقدسة ترسل سيارات حديثة إلى المدرسة أو أي جهة أو مؤسسة مدعوّة؛ لغرض نقلهم إلى العتبة بكل احترام وتقدير، وهناك لجنة تشريفات خاصة من السادة الفضلاء والمسؤولين مَهمّتها استقبال الوفود والضيوف على مدار الساعة وبدون استثناء؛ لأنهم في رحاب أبي الفضل عليه السلام وفي ضيافته.. وهم أناس معروفون بحسن الخلق، وبشاشة الاستقبال، وكرم الضيافة.. ولو تنزلنا جدلاً حصول التأخير، فهل كن جالسات في الشارع أو على الرصيف أم كن في الصحن الشريف للمولى أبي الفضل العباس عليه السلام بما فيه من أجواء إيمانية تبعث على طمأنينة الروح وسعادة النفس.. وهناك الملايين ممن يتمنون أن يقضوا أعمارهم في تلك البقعة الطاهرة...
ثم يردف المدّعي قائلاً: بعدها جاء رجل من الخدم وقال لهن: قمن لأداء الزيارة..!
ولكن.. نحن نعلم بأنهم ليسوا من الخدم، وإنما يطلق عليهم (السادة الخدم)؛ احتراماً وتقديراً لمكانتهم في الخدمة في حرم قمر العشيرة عليه السلام.
ثم يقول: بقين بالانتظار حتى الساعة الثانية بعد الظهر، وبعدها توجهن إلى مضيف العتبة..!!
ولكن الذي أعرفه وعايشته عملياً أن المضيف يستقبل زائريه من الساعة الثانية عشرة وحتى الثانية ظهراً.. فهل دخلن بعد انتهاء الوقت وإنصراف العاملين في المضيف..؟! إذن.. نشمّ بين السطور رائحة الكذب، ومحاولة إيجاد ثغرة للحط من مكانة هذا المكان الطاهر والعاملين فيه.. ولو تنزلنا جدلاً حصول التأخير فهي ليست بالطامة الكبرى، فهناك المئات من الوفود والضيوف الذي يزورون العتبة المقدسة يومياً، وبالنتيجة فهم يدخلون مضيف العباس عليه السلام بالتتابع، أي تخرج وجبة ثم تدخل وجبة أخرى وهكذا... فأين المشكلة في ذلك؟
ثم لماذا لم يسترسل الكاتب (والد الطالبة كوثر)؟ ويشرح لنا ماذا جرى لهن في المضيف من استقبال، وتنوع الأطعمة، وأجواء الضيافة الإسلامية الحقة والتي يتمنى كل إنسان في شرق الأرض وغربها أن ينال حظوة التبرك بزاد وبركة مضيف حامل لواء الحسين العباس عليه السلام؟ أم إن الإيجابيات لا تخطر ببال هذه الطالبة ووالدها؟؟ ولعلهم من أولئك الذين ديدنهم النقد والتجريح حتى على المقدسات!! ولا نعلم حقيقة ماذا لفقت تلك الطالبة لوالدها من أراجيف القول ما جعلته يتحامل بهذه الطريقة الفظة؟؟
ثم يقول: ثم وُزعت عليهن هدايا موضوعة في أكياس (علاكات) فيها نسخة من مجلة الأحرار، وصورة للعتبة العباسية المقدسة، وهنا جلست المديرة على الأرض مصفرة الوجه ومحبطة وخجلة من هذه الطريقة في الاستقبال والهدية التي لا تتناسب مع تفوق الطالبات..!
ولكن.. ألا يعلم المدّعي بأن هذه الأكياس فيها اسم وشعار العتبة المقدسة، وهي بمنتهى البهاء والتأنق في التصميم.. فلماذا يستنكف المدعي من كونها (علاكات) مستخدماً هذه اللفظة الشعبية إمعاناً في السخرية..! ثم لماذا يكذب ويقول: إن فيها مجلة الأحرار..! والكل يعلم بأن مجلة الأحرار تصدر من العتبة الحسينية المقدسة، فكيف توزعها العتبة العباسية المقدسة؟؟ فالعتبة العباسية المقدسة توزع لضيوفها الكرام إصداراتها المتنوعة (صدى الروضتين – رياض الزهراء – عطاء الشباب – الرياحين – الكفيل...) وغيرها العديد من الكتب والكراسات التي تعنى بفكر وثقافة ومنهج أهل البيت عليهم السلام...
أم إن الاستخفاف بالهدية هو بالصورة؟ وهي صورة العتبة العباسية المقدسة التي نتشرف باقتنائها والتبرك بها، وهي أعظم هدية.. أم إن المدعي الكاتب وابنته ينظرون للعالم من خلال الماديات فقط، أي أنهم كانوا يتوقعون هدية نقدية..؟! ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم؟! هل هناك جهة غير العتبة المقدسة سألت عنهم أو دعتهم للضيافة؟؟ هل جاءهم تكريم من هنا أو هناك؟؟ والجواب: كلا بطبيعة الحال.. فالعتبات المقدسة -وليس العتبة العباسية المقدسة وحدها- كانت وما زالت سباقة في احتضان كل شرائح المجتمع، وأصبحت حاضرة من حواضر الفكر والإبداع، تقيم المهرجانات والمؤتمرات الفكرية والثقافية، وتحتضن الطلاب والمثقفين، وتقود المجتمع نحو الأهداف السامية..
ولكن البعض ممن أعماهم الحقد الدفين والحسد لا يروق لهم ما وصلت إليه العتبات المقدسة من تطور عمراني وفكري وفي شتى المفاصل.. لا يروق لهم ما فضل الله سبحانه وأنعم على هذا الشعب المحروم بأناس عقلاء سخروا إمكاناتهم للنهوض ليس فقط بالواقع الخدمي للزائرين، وإنما المساهمة برفعة ورقي بلدنا الحبيب وفي كافة الصعد والمجالات..
وختاماً.. فإن العتب واللوم يقع ليس فقط على والد الطالبة بل على هيئة التحرير في جريدة كربلاء اليوم الذين يسمحون بنشر مثل هذه الأقاويل والادعاءات، وضد مراكز ومؤسسات ورموز مهمة لها مكانتها في المجتمع دينياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً.. فكيف يتم نشرها دون مراجعة وتمحيص وتأكد من حقيقة الأمر أم أن الإعلام أصبح وسيلة هدم لا وسيلة بناء؟؟؟
تعليق