هل من جواب ؟
موقف شديد عصيب إنه... الحساب , حيث يقف المرء بين يدي العزيز الجبار الذي لا يعزب عن علمه ولو مثقال ذرة , تعال معي كي نرسم في صورة الخيال رسما لمحاكمة سيد يحاسب عبدا مسيئا , فأي خطاب يناسب هذا الحساب ؟ بلا شك سيقول له : كيف عصيتني وأنت تعلم قوتي ؟ الا تعرف بطشي ؟ سطوتي ؟ عدد جنودي ؟ كنه عقوبتي؟
ولكن الغريب أن نسمع أن سيدا يقول لعبده المسيء : كيف تعصي؟ الا تعلم بكرمي ؟.
هذا غريب فهل من جواب ؟
نعم الجواب يتضح للمتأمل لو عرف ان هذا السيد هو الغفور الرحيم الذي لا تضره الموهبة ولا يزيده كثرة العطاء الا جودا وكرما , انه الله تعالى شأنه والآن فلنرى هذه الآية المباركة وهي ترسم هذه المحاكمة قال تعالى :
( إِذَا السمَاءُ انفَطرَت(1) وَ إِذَا الْكَوَاكِب انتَثرَت(2) وَ إِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَت(3) وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثرَت(4) عَلِمَت نَفْسٌ مَّا قَدَّمَت وَ أَخَّرَت(5) يَأَيهَا الانسنُ مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكرِيمِ(6) الَّذِى خَلَقَك فَسوَّاك فَعَدَلَك(7)) .الانفطار.
فالآية واضحة , (ما غرك بربك) ؟ ما الذي جعلك تغتر فتعصي وكيف تجرأت ؟ .
ثم تصف الآية الرب والسيد سبحانه وهو في ساعة الحساب فتقول ( الكريم ) فلم تقل القهار ..المتكبر .. شديد العقاب , بل استبدلتها بالكريم والسؤال لماذا ؟.
لعل من افضل المعاني واروع الصور ما قاله السيد الطباطبائي – رحمه الله – في الميزان في تفسير هذه الآية حيث قال : ( إنما قال سبحانه « الكريم » دون سائر أسمائه و صفاته لأنه كأنه لقنه الإجابة حتى يقول غرني كرم الكريم...).
أي إن الله سبحانه يلقن الحجة لعباده ( ما غرك بربك الكريم ) ؟ فيجيب العبد : يا رب كرمك غرني ...وبعدها يستحي الكريم من عقوبة من ظن به خيرا .
اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقنا طاعتك وعفوك وكرمك .
لاتنسونا من صالح دعائكم اخوتي.
تعليق