مارست تجربة التمثيل لفترة قصيرة ،وعرفت فن الكتابة المسرحية من خلال محاولات اعداد وتأليف بعض المسرحيات التي قدمتها أيام المدرسة وللمسرح الطلابي والمسرح العمالي وبعضها مثل على خشبات عديدة في بدايات الشباب، لكنها امتازت بضعف التجربة ولم تشكل اي ثقل يذكر،مع بعد المساحة الزمنية وتطور قابلية الاستقبال الثقافي وتطور الية الكتابة عندي ،عدت للكتابة بعد نيل فسحة الحريةاثر سقوط عروش الزيف والتسلط ، عدت معتمدا محبتي وشغفي وجدية متابعتي لجميع ماعرض خلال هذه السنوات وقد وفقت بقراءات كثيرة ورأيت عروضا عراقية وعربية واجنبية فعاد بي شغفي للتفكير جديا بكتابة مسرحيات طموحها ان ترتقي الى مستوى المسرح الحسيني وكانت البداية مع مسرحية ( عند قبر الحسين ) تدور احداث المسرحية عن زيارة عبيد الله بن الحر الى قبر الحسين ليعلن عن ندمه ،وعبيد الله بن الحر هو مقاتل كوفي خذل الحسين عليه السلام ولم ينصره ،خرج له احد شهداء واقعة الطف ليطرده ويمنعه من الزيارة ، ويسلط النص الضوء على حياة ( عمرو بن الحمق ) كان لديه مولى يحب ان ينصره ويفتديه وكان عمرو يريد له ان ينصرف فمنحه البشارة عن نبوءة مولاي أمير المؤمنين علي عليه السلام ..ان تركتني اليوم هنا ستقتل في ارض اشرف من هذه مع قائد اشرف مني فكان شهيدا من شهداء الطفوف عليهم السلام واختاره الجهد المخيال لطرد عبيد الله بن الحر ، تبنت فرقة شهيد المحراب انجاز العمل واخراجه وتم تقديمه في مهرجان ربيع الشهادة الثاني وعلى مسرح مفتوح بين الحرمين ـ اخراج (محسن الازرق ) وتمثيل جاسم ابو فياض وهاشم حسون فريد ومجموعة من ممثلي كربلاء ، لم يستطع هذا العمل من الارتقاء الى مستوى الطموح في تمثيل المسرح الحسيني ،هذا الصرح الكبير وربما كان السبب ضعف الامكانية ولكن عليّ ان اتحمل المسؤولية واقول ان النص لم يوفق و مال الى الشعرية اكثر من ان يمثل هويته المسرحية ، فعرفت حينها احتياج الكاتب المسرحي الى مقومات خاصة تختلف عن المقومات الشعرية كالمحافظة على روح الحبكة النصية المسرحية وتوجيه الرؤيا لمحور الشخصيات والتنامي المتكامل ولابد من لغة تمتلك خصوبة فنية مختزلة ، وادركت ان المتخيل الذهني لايمكن ان ينجز شيئا مؤثرا في المسرح دون صياغته صياغة مسرحية ، دون السعي الجمالي والعمل بآليات المسرح ، مع معرفتي المسبقة بالتقاسيم المشهدية وتثبيت الحركات والوقائع والانفعالات وضبط الايماءة والتفصيلات التحريرية للأنارة ومساقط الضوء ، وربما كانت منطقة الضعف هي تأجيج الحبكة وتنامي الصراع والبقاء داخل الجملة الشعرية البطيئة الحركة ، وجهل كيفية تركيب رؤية الشعر مع رؤية المسرح ، فصرت افكرجديا باعادة كتابة هذا النص نفسه، وفعلا كتبت النص بطريقة اخرى وباسلوب مسرحي وقد كبر فيّ هاجس التنامي والتوازن واكتشفت تلك المساحة الراسخة في العمق المسرحي ، وبدأت في رسم مكونات كل شخصية وزعت الحوارات وجعلتها قصيرة مع وجود التكثيف العالي وغيرت العنوان فصار اسم المسرحية الجديدة ( عتبات الندم ) وعلى ضوء الأعادة الجديدة تعلمت شيئا ما عن الكتابة ضمن آلية النص المسرحي ،والتحرك في اجواء الحدث وتناميه وارى ان التغيير كان كبيرا ويسهل على الممثل حفظ النص هذه المرة لقصر الجمل الحوارية ، وقد تبنى قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة طبع المسرحية، وانتجت مسرحيا من قبل رابطة الغديرالمسرحية باخراج الفنان علي جاسم خليفة وكادر الفرقة المسرحية للرابطة وقدمت المسرحية على عدد من قاعات العرض الاكاديمية ومنها القاعة الكبرى في جامعة كربلاء واعيد عرضها في الزيارة الاربعينية كعرض جماهيري كبير وعلى مسرح مفتوح في المنطقة الواقعة مقابل المكتية المركزية وحضر العرض ضيوف شرف من الاكاديمية واهل الاختصاص مثل الدكتور حسين التكمجي والدكتور يوسف رشيد والدكتور سعدي عبد الكريم والمخرج الاستاذ كاظم حسوني من السماوة والكاتب صباح محسن كاظم والكاتب غفار عفراوي والكاتب علي الغزي من الناصرية وقد اجرى لقاءات كثيرة حول العمل وتم العرض بنجاح كبير رغم ان المخاوف كانت موجودة حيث نفذ النص بلغة شعرية عالية قد خالها البعض ستحجب عنها الجمهورولكون اغلب الجمهور فاته التلقي المباشر حيث شاهد الكثير منهم العرض عبر الشاشات الكبيرة التي ملأت الساحة ولكن لله الحمد كان العرض مليونيا ، وبعد هذا العمل الناجح وردت لي فكرة النظر الى الصراع الداخلي لشخوص الطف السلبية ، الله سبحانه تعالى خلق الضمير الانساني كي لايعطي عذرا للخذلان ، الضمير الانساني موجود عند جميع الناس وحتى عند قتلة الحسين عليه السلام لكنه ضمير مخذول مقتول عاش صراعا مع ذات الرمز السلبية وفشل وبهذا فكرت بشطر عمر بن سعد الى شطرين شطر لذاته وشطر لضميره ،فدار الصراع بين محوريين في مسر حية ( الصراع )شخصيتين تمثلان شخصية واحدة هي شخصية عمر بن سعد ، وتكرم قسم الشؤون الثقافية في العتبة العباسية بطبع الاصدار وقدمت المسرحية من قبل رابطة الغدير المسرحية وعرضت في العديد من الجامعات العراقية وفي دار الشؤون الثقافية / بغداد وتم بعد ذلك عرضها في جامعة كربلاء واعادت الرابطة الكرة فقدمت مسرحية الصراع في زيارة الاربعين المليونية وكان العمل مبهرا وبحضور اهل الاختصاص من الاكاديمين وقدم في نفس المكان امام المكتبة المركزية وبنفس الكوادر المسرحية ، وتم تنفيذها ايضا من قبل النشاط المدرسي في ميسان وعلى قاعة النشاط المدرسي والجميل انها قدمت يوم الزيارة الاربعينية الحسينية اخراج الفنان خالد علوان وتمثيل مجموعة من فناني محافظة ميسان ، لم يسعفني الحظ لمشاهدة العرض لكني قرأت بعض التفاصيل المهمة التي كتبها الصحفي الميساني (عدي المختار) وقرأت ايضا نقدا مهما للناقد كاظم نعمة اللامي فقد شخص النص اولا بانه نص حداثوي في معالجة معركة الطف بصورة مغايرة ونجد والقول للناقد اللامي الخطاب يميل الى فلسفة معينة تعامل بها مع الواقعة واستثمر الكاتب فكرة صرا ع الانسان وذاته المتواجدة بقوة في شخصية عمر بن سعد ويرى الناقد اللامي ان النص امتلك قابلية انتشار مكثف للغة الشعرية درامية ذات طابع موسيقي ملهم تكتنفه كل شمائل الجمال وهي لغة عالية المضامين ، ويرى كذلك ان اللغة وطريقتي الطرح والفعل الدرامي تخاطب جمهور النخبة وهذا ليس عيبا بل انه نجاح كبير في عملية بناء فكري ناجح ، وعند المسرحية الثالثة حاولت ان اذهب الى اقصى حالات التجليات التي تمتلكتني ، وانا المسكون بلوعة الشعر ، صرت ادقق في الفكرة المسرحية كنضوج أولي ومن ثم اضع في حسابي سلاسة الأداء وان لاتسري الفكرة على حساب النص المسرحي وبعدها سعيت لانشاء رمزيات تساعدني لبلوغ المرام ، اشتغل المتخيل الشعري لصالح المسرحي ، رجل شاعر من القرن الواحد والعشرين يذهب الى القبور باحثا عن قبر راوية الطف مسلم بن حميد ، فيهدم القبرعليه ليحاكم حميد بن مسلم الذي تمثلت شخصيته بغموض فكري وازدواجية ومواربة واسعة فكتب عن الواقعة محاولا ابر از القيمة الحدثية التي تبعده هو عن مسؤولية الاحداث ووزر تخاذله ، فتمت محاكمته تفصيلا حسب المواقف التي تمخضت عن وجوده ،ويعلن الشاعر عن حكمه على حميد بن مسلم باللعنة الدائمة ، وطبعت هذه المسرحية من قبل قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة ، ولم تؤدى لحد الان من قبل اي فرقة مسرحية لكني سمعت ان السماوة تستعد لتنفيذها ولا اعرف حقيقة ما يشاع ،ومسرحيتي الرابعة هي الخدعة التي ارتكزت على اسلوب يختلف عن باقي المسرحيات فتراها اتكأت على الوقوف عند الحدث التأريخي ، كمحاولة قتل علي بن الحسين عليه السلام او موضوعة الصراع العشائري الذي حدث في الطف حول سحق جثة الحر بن يزيد الرياحي وحادثة مكوث الراس الشريف في بيت خولي بن يزيد والاحداث التي رافقت ليلة البقاء وقصة جائزته من ابن زياد وكل هذه الاحداث تصب امام ذاكرة يزيد الذي يحاور الجمهور ليكشف عن خور نصره الزائف وعن قوة انكسار يقيم الدنيا على راسه ، فها هي زينب (عليها السلام) وقد قوضت كل معنويات السلطة اجتماعيا وسياسيا واسريا ، فاخذ يفكر جديا بالسبب وعرف ان لابد من سبب يكشف غرابة هذه المسألة وادرك اخيرا انها خدعة انطلت عليه وهي خدعة العروش والسلطة التي موهت له معنى الانتصار الحقيقي ومعنى القوة الصحيحة ، وطبعت المسرحية من قبل قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة ونشرت في العديد من المواقع المهمة ،ولم تمثل لحد هذه اللحظة ، واجد ان الموضوعة التاريخية المقدسة هي خير محور خطابي ار تكز عليه في كتاباتي لكوني قريب من الواقعة الحسينية رغم اني اشعر بماقدمته من جهد هو اساسا جهد متواضع لايرتقي الى الوقوف امام التجارب المسر حية الكبيرة التي عملت في المسرح الحسيني ، انا قدمت محاولات في نقل هذا الوجدان الحسيني ومحبتي لهذا الرمز التضحوي الذي تفرد بجرحه الى حراك تجسيدي تجسيد حتى الأحاسيس المجرمة التي اصرت على فعل الشر كي يكون المتلقي على بينة ان الصراع كان قصديا ومبدئيا ولم تكن هناك نواتج مرضية تخفف عنهم الوزر التاريخي وتحقيق الادانة التأريخية ضدهم ليكونوا عبرة للعالم من الجشع والطمع ، وقد وفقني الله لتقديم تجسيد كامل للأرهاصات التي صاحبت مولد النبي الهاشمي الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) من اطفاء نار المجوس الى شرخ ايوان كسرى والى اطفاء قدرة المردة وكان عنوان المسرحية ( الوهج ) واعظم مافي نجاح هذه المسرحية انها قدمت على قاعة المسرح وهي قاعة المتحف حاليا وتقع داخل العتبة العباسية المقدسة ، هذا شرف لن انساه مادمت على قيد الكتابة ، احاول بهذه التجربة البسيطة ترسيخ قرائية متحركة لكل مشهد ولكل موضوع فانا اعتقد اني سانجح ذات يوم ان شاء الله .
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
( انا ومسرحياتي )
تقليص
X
تعليق