تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
ان ثورة الامام الحسين عليه السلام على النهج الاموي كان بسبب الانحراف الذي اصاب المجتمع الاسلامي تحت وطأت حكم بني امية وفي هذا البحث نريد ان نسلط الضوء على حال المجتمع الاسلامي قبل نهضة الامام الحسين عليه السلام ففي الحقيقة لم يأخذ هذا الجانب حقه من البحث :فقد كانت نسبة كبيرة من المسلمين يبغضون عليا واهل بيته رغم ان من المشهور والمتفق عليه بين المسلمين ان عليا من اهل البيت الذين امرنا الله تعالى بمودتهم وان حبه من الايمان وبغضه من النفاق لكن نجد ان النهج الاموي من اهم مميزاته سبه لعلي واهل بيته بل اكثر من ذلك حتى صار ذلك شائعا بين اهل الشام كما سيتضح لاحقا وحتى لا نطيل نبدا بذكربعض الروايات الصحيحة التي تبين سب معاوية لامير المؤمنين عليه السلام :
1-صحيح مسلم اعتنى به ابو صهيب كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل علي بن ابي طالب الحديث (2404) قال حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وتقاربا في اللفظ، قالا حدثنا حاتم وهو ابن اسماعيل عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن ابي وقاص عن ابيه قال: امر معاوية بن سفيان سعدا فقال: ما منعك ان تسب ابا التراب؟
فقال اما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن اسبه، لان تكون لي واحدة منهن احب الي من حمر النعم، قال سمعت رسول الله خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله فتطاولنا لها فقال ادعو لي عليا، فاتي به ارمد، فبصق في عينه ودفع الراية اليه، ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ } دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء اهلي.
قد يقول قائل ان الرواية السابقة لاتدل على سب معاوية لامير المؤمنين عليه السلام فهو سأله عن سبب عدم سبه لعلي فقد يكون شخص اخر اراد من سعد سب علي عليه السلام وسعد رفض فسأله معاوية عن ذلك؟
الجواب :وان كان هذا خلاف السياق لكن يكفينا لاثبات سب معاوية لعلي النص الصريح الاتي وهو حديث صحيح بشهادة الالباني:
2- سنن ابن ماجة تصنيف ابن ماجة القزويني اعتنى به فريق بيت الافكار الدولية،واعتمدوا في تصحيح الاحاديث على ناصر الدين الالباني يقول في صفحة (7) من المقدمة :"ذكرنا احكام الشيخ محمد ناصر الدين الالباني على الاحاديث حديثا حديثا منقولة من كتبه صحيح السنن، وضعيفها " الحديث رقم (121)، قال حدثنا علي بن محمد حدثنا ابو معاوية حدثنا موسى بن مسلم عن اب سابط وهو عبد الرحمن عن سعد بن ابي وقاص" قال قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد فذكروا عليا فنال منه فغضب سعد وقال تقول هذا لرجل سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول من كنت مولاه فعلي مولاه وسمعته يقول انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي، وسمعته يقول لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله"يعلق عليه(صحيح).
ومن الواضح ان الذي نال من علي هو معاوية في قوله((قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد فذكروا عليا فنال منه فغضب سعد)).
3- العقد الفريد تأليف الفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الاندلسي، تحقيق الدكتور عبد المجيد الترحيني، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، في المجلد الخامس هناك في صفحة (114) يقول :"ولما مات الحسن بن علي، حج معاوية فدخل المدينة واراد ان يلعن عليا على منبر رسول الله.
فقيل له: ههنا سعد بن ابي وقاص ولا نراه يرضى بهذا، فابعث اليه وخذ رأيه. فارسل اليه وذكر له ذكر ذلك، فقال ان فعلت لاخرجن من المسجد ثم لا اعود اليه، فامسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد، فلما مات لعنه على المنبر وكتب الى عماله ان يلعنوه على المنابر، ففعلوا. فكتبت ام سلمة زوج النبي الى معاوية: انكم تلعنون الله ورسوله على منابركم وذلك انكم تلعنون علي بن ابي طالب ومن احبه، وانا اشهد ان الله احبه ورسوله" وقال بعض العلماء لولده: يا بني، ان الدنيا لم تبن شيئا الا هدمه الدين، وان الدين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا، الا ترى ان قوما لعنوا عليا ليخفضوا منه فكأنما اخذوا بناصيته جرا الى السماء"
هذا المعنى اشار اليه ابن تيمية في منهاج السنّة تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم في صفحة (42) المجلد الخامس "واما حديث سعد لما أمره معاوية بالسب فأبى ، فقال: ما منعك ان تسب علي بن ابي طالب؟فقال ثلاث قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن اسبه، لان يكون لي واحدة منهن احب الي من حمر النعم.. الحديث. فهذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه وفيه ثلاث فضائل لعلي لكن ليست من خصائص الائمة ولا من خصائص علي.
فقوله ((واما حديث سعد لما أمره معاوية بالسب فأبى))صريح وواضح لايقبل اللبس.
منهاج السنّة النبوية لابن تيمية المجلد الثامن صفحة (238)
"والمقصود هنا ان الحديث الذي ذكر فيه الاثني عشر خليفة، سواء قدر ان عليا دخل فيه، او قدر انه لم يدخل واعظم ما نقمه الناس على بني امية شيئان احدهما: تكلمهم في علي والثاني تأخير الصلاة عن وقتها ولهذا رؤي عمر بن مرة الجملي بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بمحافظتي على الصلوات في مواقيتها، وحبي علي بن ابي طالب فهذا حافظ على هاتين السنتين حين ظهر خلافهما، فغفر الله له بذلك وهكذا شأن من تمسك بالسنّة اذا ظهرت بدعة ، مثل من تمسك بحب الخلفاء.
ونتج من هذه السياسة وهي سب بني امية لعلي واهل بيته على المنابر واستغلال رجال الدين المتواطئين معهم وبعضهم من الصحابة انتشار بغض علي واهل بيته عليهم السلام بين اوساط الناس ومما يؤكد ذلك تصريح للشيخ ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة النبوية المجلد الخامس صفحة (466) يبين فيه ان اتباع معاوية وهم شيعة عثمان المعروف موقفهم المتشدد من علي عليه السلام حتى قاتلوه في الجمل ومن ضمن شيعة عثمان النواصب المبغضون لعلي قال"وايضا فقد انتظمت السياسة لمعاوية ما لم تنتظم لعلي، فيلزم ان تكون رعية معاوية خيرا من رعية علي ورعية معاوية شيعة عثمان وفيهم النواصب المبغضون لعلي فتكون شيعة عثمان والنواصب افضل من شيعة علي على كل تقدير"،
ويصرح في صفحة (467) يقول " ولم يكن في اصحاب علي من العلم والدين والشجاعة والكرم، الا ما هو دون ما في رعية الثلاثة فلم يكونوا اصلح في الدنيا ولا في الدين."
وممن يبين هذه الحقيقة وهي ان شيعة عثمان هم مبغضون لعلي عليه السلام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري الجزء التاسع الاحاديث من (3649) كتاب فضائل الصحابة، مناقب الانصار، المغازي، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، يقول :"فكان الناس طائفتين لكن المبتدعة قليلة جدا، ثم كان من امر علي ما كان فنجمت طائفة اخرى حاربوه ثم اشتد الخطب فتنقصوه واتخذوا لعنه على المنابر سنّة ووافقهم الخوارج على بغضه وزادوا حتى كفروه.. الى ان يقول: فصار الناس في حق علي ثلاثة اهل السنّة والمبتدعة من الخوارج والمحاربين له من بني امية واتباعهم".
اذن ابن حجر يبين ان المسلمين قبل خلافة علي عليه السلام كانوا طائفتين طائفة وهم اهل السنة والطائفة الثانية هم الخوارج المبتدعة والطائفة الثالثة هم بنو امية واتباعهم المحاربين له وقد تقدم قريبا ان ابن تيمية صرح بان اتباع معاوية هم شيعة عثمان فشيعة عثمان هم من الطائفة الثالثة ؛اذن هذا النص الاخير لابن حجر يبين حال المسلمين ابان خلافة امير المؤمنين عليه السلام فطائفة تفضل الثلاثة عليه وهؤلاء طبعا يروون موالاته بدرجة ضعيفة وطائفة تكفره وهم الخوارج وطائفة تحاربه وهم بنو امية واتباعهم من شيعة عثمان وهذا ما يفسر لنا سبب عدم مبايعة الكثير من الصحابة لامير المؤمنين كاسامة بن زيد وعبد الله بن عمر وغيرهما بل اكثر من ذلك عدم خروج اهل المدينة معه لقتال معاوية في بداية خلافته ومما يبين حال شيعة عثمان بما لايقبل الشك اعتراف ابن تيمية بانهم نواصب فقد قال في المجلد السادس صفحة (201)، من منهاج السنّة النبوية تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم "وقد كان من شيعة عثمان من يسب عليا ويجهر بذلك على المنابر وغيرها"
ومن المعلوم ان الناصبي هو من ينتقص من علي ويوالي معاوية كما عرفة الشيخ الارنؤط في حاشيته على سير اعلام النبلاء للذهبي
سير اعلام النبلاء تصنيف الإمام شمس الدين بن عثمان الذهبي الجزء الثامن عشر مؤسسة الرسالة، في صفحة (201)، بتحقيق شعيب الارنؤوط ومحمد نعيم، الطبعة السابعة في ترجمة ابن حزم في الترجمة رقم (99) ابن حزم في صفحة (184) :"وكان مما يزيد في (شانه تشيعه لأمراء بني امية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة إمامتهم، حتى لنسب الى النصب .
في الحاشية، شعيب الارنؤوط يقول ما هو النصب؟ يقول "انظر الذخيرة والنصب هو بغض علي رضي الله عنه وموالاة معاوية"
واستمرالحال من انتشار ثقافة بغض علي واهل بيته عليهم السلام ومولات معاوية وبني امية في المجتمع الاسلامي حتى وصل الحال ان الناس تسمي اولادها باسم علي وحسن وحسين وجعفر ليتمكنوا من سبهم والعياذ بالله واليك هذه الحادثة التي ينقلها الذهبي في سير اعلام النبلاء ، المجلد العاشر الترجمة رقم (113) يعني للمدائني ، "العلّامة الحافظ الصادق ابو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن ابي سيف المدائني الاخباري. نزل بغداد ........الى ان يقول: وكان عجبا في معرفة السير والمغازي والانساب وايام العرب مصدقا فيما ينقله، عالي الاسناد. ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئة وخص بمسألتة يحيى بن معين، فقال له يحيى: يا ابا الحسن الى اين؟ قال الى هذا الكريم سألت والدي قال يحيى ثقة ثقة ثقة. فسألت ابي من هذا؟ قال هذا المدائني" حكى المدائني (في صفحة 402 من المجلد العاشر انه ادخل على المأمون فحدثه باحاديث في علي، فلعن بني امية، فقلت حدثني المثنى بن عبد الله الانصاري قال كنت بالشام فجعلت لا اسمع عليا، ولا حسنا انما اسمع: معاوية، يزيد، الوليد فمررت برجل على بابه فقال اسقه يا حسن، فقلت اسميت حسنا؟ فقال اولادي حسن، وحسين، وجعفر، فان اهل الشام يسمون اولادهم باسماء خلفاء الله، قال ثم يلعن الرجل ولده ويشتمه قلت ظننتك خير اهل الشام، واذا ليس في جهنم شر منك، تسمي الحسن حتى تلعنه وتشتمه فقال المأمون لا جرم قد جعل الله من يلعن احياءهم وامواتهم، يريد الناصبة"
بل انجر ذلك الى طائفة الباحثين والمتعلمين فقدموا النواصب كابن حزم المتقدم ذكره واخروا اخرين لمجرد ذكرهم فضائل علي عليه السلام فنجدهم مجروحين ومتهمين بالتشيع لمجرد ذكرهم لفضائله عليه السلام واليك هذا الشاهد:
سير اعلام النبلاء المجلد السابع عشر "الحاكم يعني في ترجمة مئة، محمد بن عبد الله الإمام الحافظ الناقد العلّامة شيخ المحدثين ابو عبد الله بن البيع.. .. الى ان يقول في صفحة (165)، "وصنف وخرّج وجرح وعدل وصحح وعلل وكان من بحور العلم على تشيع قليل فيه انبأني احمد عن ابن طاهر انه سأل ابا اسماعيل بن محمد الهروي عن ابي عبد الله الحاكم فقال ثقة في الحديث، رافضي خبيث كان منحرفا غاليا عن معاوية وعن اهل بيته" "
لكن من اين جاء هذا التشيع؟
الجواب في صفحة (168) يقول "وزعم انها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها حديث الطير، ومنها حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، فانكر عليه اصحاب الحديث ذلك فهذه حكاية قوية، فما باله اخرج حديث الطير في المستدرك ولو صح لما كان احد افضل من علي " مع ان الذهبي نفسه يصرح في تذكرة الحفاظ الجزء الثاني صفحة (103) يقول "واما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا. قد افردتها بمصنف ومجموعها يوجب ان يكون الحديث له اصل وقد جمعت طرق حديث الطير واصح منهما ما اخرجه مسلم عن علي قال انه لعهد النبي الامي الي انه لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق.
تعليق