بسم الله الرحمن الرحيم
لابد لاي باحث اجتماعي او تاريخي لقضية الامام الحسين عليه السلام ان يتعرض لبعض الفصول المهمة ويعطي النظرية الصحيحة لكل فصل منها ويدعمها بالشواهد والادلة والارقام التاريخية.
ماهي الدوافع للثورة الحسينية وماهو هدف الامام الحسين عليه السلام من خلال عملية التغيير الاجتماعي التي كان يريدها وماهي الدوافع الكامنة لديه التي دفعته وحملته ليتحرك هذه الحركة العظيمة الخالدة ويثور وينهض بهذه الثورة وبالشكل الذي تعرفونه من الامتيازات والخصائص مما جعلها ثورة فريدة لانظير لها في تاريخ الثورات والحركات والعمليات التغيريية الاجتماعية وحتى عمليات الانبياء واوصياء الانبياء عليهم السلام لاتوجد عملية او حركة اجتماعية تشابه تلك العملية التي قام بها الامام الحسين عليه السلام فهي عملية فريدة في نفسها ومحتصة بخصائص تميزها عن غيرها .
فعملية ثورة الامام الحسين عليه السلام عمليه اشبه ماتكون بحسب مظهرها بعملية انتحارية وقد قام بها اعقل الناس وارشد وارجح الناس عقلا ومقاما هو من يقوم بعملية من هذا القبيل فماذا كانت الدوافع من وراء هذه العملية ؟؟
يوجد عادة اختلاف في التفسيرات التي تطرح في هذا الجانب وفي هذا الفصل بالذات في تبيين دوافع الحركة الحسينية والثورة الحسينية الا انه بالامكان في البداية تصنيفها الى صنفين:-
الصنف الاول :التفسيرات التي اعطيت من بعض المستشرقين ومن بعض المسلمين ومن بعض الحكام انفسهم في زمن الامام وبعده وبحسب رايي هي تفسيرات باطلة اي التي تكون غير صحيحة لانها غير منسجمة مع طبيعة معتقدنا وتصوراتنا عن الامام الحسين عليه السلام فهي اي هذه التفسيرات اما نشأت من اغراض او امراض وهي جزء من الادوار التي يقوم بها الحكام المنحرفون وتقوم بها السلطة من اجل مسخ الثورة المباركة من عطائاتها واثارها في الامة فحاولوا تقديم تفسيرات وتحليلات وتبريرات عن موقع الامام الحسين عليه السلام من السلطة وسبب خروجه وبعض هذه التفاسير ناتجة من نوايا سيئة نجد بذورها من زمن الحكام الامويين وقد نجد بعض الباحثيين المتاخرين قد تاثروا بتلك الكلمات التي يجدونها مبثوثة في بعض التواريخ فحاولوا الاستناد والاعتماد عليها ليعطوا تفسيرات من هذا القبيل ؛وقد تكون هذه التفسيرات الباطلة ناتجة من ان اصحاب التفسير بعيدون عن مدرسة اهل البيت عليهم السلام وبعيدون عن حقيقة هؤلاء وبعيدون عن معنى وحقيقة الامامة لكونهم ليسوا مسلمين او من الشيعة فيكون من الطبيعي ان يخطر في اذهانهم هذه التفاسير الباطلة وهنا نستطيع ان نشير الى تفسيرين مشهورين من هذه التفاسير الباطلة :
وهو تفسير على اساس قبلي وعشائري ففسروا حركة الامام الحسين عليه السلام على انها حلقة من حلقات صراع بين قبيلتين فهناك خط تاريخي للصراع بين قبيلة بني هاشم وقبيلة بني امية والى زمن مابعد الامام الحسين عليه السلام فهاتين القبيلتين كانتا متصارعتين على الزعامة والوجاهة في مجتمع مكة والحجاز وعلى البيت الحرام واشياء اخرى ثم بعد انتصار الاسلام وانتقال النبي صلى الله عليه واله الى المدينة المنورة وانتقال السلطة الى بني هاشم واندحار قبيلة بني امية وخسارتها حاولت قبيلة بني امية ان تضر بالامتيازات التي حصلت عليها قبيلة بني هاشم فدخلت الاسلام مكرهة وحصلت باساليب نفاقية على الحكم بواسطة زعيمها معاوية بن ابي سفيان وقد يحاولون الاستشهاد باقوال بعض الشعراء امثال الاخطل وغيره من شعراء السلاطين في تصوير هذا الصراع وكذا الاشعار التي قالها بعض السلاطين كيزيد مثلا.
واستُشهد لهذه النظرية بما ذُكروا في كتب التاريخ على ان الصراع كان واقعه صراعا قبليا وايضا يعززه بان مجتمع المسلمين رغم مجئ الاسلام ومجتمع العرب انذاك كان يسوده النظام القبلي بحسب الحقيقة وكانت مشايخ العرب وشيوخ القبائل هي الطبقة الحاكمة على المجتمع العربي حتى بعد مجئ الاسلام وهذا النظام القبلي والعشائري لم يتم ذوبانه مطلقا حتى بعد مجئ الاسلام بل بقيت هذه العشائر واعرافها لها الدور البالغ في تسيير الامور .
اذن من المعقول ان يكون ان يكون هناك اثر لهذه الروح القبلية الموجودة بين العشيرتين في ثورة الامام الحسين عليه السلام لاستعادة الحكم الذي سلب عنهم .
وهذا التفسير لايمكن قبوله ولا المساعدة عليه باي وجه فهذا التفسير مبني على ان للامام دوافع دنيوية من وراء حركته اذن من ناحية المعتقد هذا التفسير يتنافى مع اصل العقيدة الاسلامية في اهل البيت عليهم السلام والذين طهرهم الله واذهب عنهم الرجس وهذا معنى من معاني الرجس ان يكون دوافع الانسان ومنطلقاته دنيوية .
واما من ناحية تاريخية فايضا لا يمكن الالتزام بهذا التفسير فلو كان منطلق الامام عليه السلام عشائريا كان يبنبغي عليه ان ينهض بعشيرته خصوصا وهو زعيم قومه لكننا نجد ان اكثر اتباعه هم من غير قبيلته وايضا كان ينبغي ان ينهض في الحجاز وهو موطن عشيرته فبنو هاشم لم يكونوا في الكوفة ولا في البصرة بل كانوا في المدينة ومكة فلو كانت المشاعر العشائرية والقبلية هي المنطلق لهذه الثورة لكان ينبغي من مهد تلك العشيرة ومن خلال سواعد تلك العشيرة بينما المسالة لم تكن بهذا الترتيب فلا الارض ارض العشيرة ولا الاصحاب من العشيرة ثم ان الذين دعوا الامام للقدوم للعراق هم ليسوا من عشيرته فقطعا هذا التفسير لا يصلح لان يفسر لنا نهضة الامام الحسين عليه السلام.
ثم ان تصريحات الامام تناقض هذه النظرية فهو لم يقل انه خرج للانتصار لعشيرته بل قال خرجت لطلب الاصلاح لامة جدي اذن كان منطلقه عقائديا لا قبليا.
اذن هذا التفسير مرفوض من الجهة العقائدية والتاريخية؛وهو من تضليلات السلطة الحاكمة بعد ان هُزت بعملية الامام الحسين عليه السلام وتزعزعت اركانها .
والحمد لله رب العالمين.
تعليق