وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا
الصبر يبدأ بحفظ العين واللسان، أي بالصبر عن النظر والكلام، وفي ذلك سر، وهو أن النقطة التي يبدأ منها فضول النفس هو النظر واللسان!
ثم يتواصل الصبر، إلى أن يصل إلى الصبر على كل الأمور: الصبر على المشتهيات، والصبر على المنازعات والمجادلات، والصبر على المؤلمات والمصائب.. الخ. فإذا تم ذلك فقد تمت ألف باء الصبر، حتى يصل إلى درجة الصبر عن جميع الدنيا، ويتحقق لصاحبه حبس النفس عن كل عالم المادة، ويخرج روحه من كل متعلقاتها.
يقول الشيخ وحيد الخراساني
أخبرني أحد الأشخاص الكبار الذين أثق بهم، أنه سمع أنه توجد رياضة خاصة من يفعلها يستطيع أن يرى واقعة كربلاء كما هي في يومها! وهذا أمر يتفق مع الكشوف العلمية التي تؤكد أن الأحداث والوقائع في الأرض محفوظة في عالم أثيري خاص، وأنه يمكن للروح أن تتصل بها وتراها!
قال: لكنه لم يمكنه مشاهدة جميع وقائع عاشوراء، فهناك مقطع نحو ثلاث ساعات غير قابل للمشاهدة لأحد، من حين هوى الإمام الحسين عليه السلام من على ظهر جواده إلى أن جمع النبي صلى الله عليه وآله دمه فصعد به وجعله على أسطوانة العرش، فهو يهتز إلى يوم القيامة! هذا المقطع غير قابل للرؤية!
هذا هو الصبر الذي نتجت عنه الإمامة الكبرى، وهو نفسه صبر صاحب الزمان أرواحنا فداه، الذي يرى هذا المشهد كل يوم صباحا ومساء!
إن حياته عليه السلام كلها امتحان، وقد ورد أنه يوجد عنده في البيت الذي يسكن
فيه قميص جده الحسين عليه السلام معلق فوق رأسه وهو يراه، فإذا حان وقت ظهوره يراه قد صار دما عبيطا!
إن صبره لا يشبه صبر أحد من الناس، بسبب سعة علمه ورقة قلبه وشفافية مشاعره عليه السلام! فهو يرى كل مظالم العالم وجناياته، وهو يرى مظالم جده النبي صلى الله عليه وآله وأجداده الطاهرين عليهم السلام أمام عينيه، ولاشك أنه يتجول في زيارة مشاهدهم المشرفة، من بيت الله في مكة، إلى قبر جده المصطفى وأجداده المعصومين في المدينة المنورة، إلى قبر جده أمير المؤمنين عليه السلام في النجف، إلى قبر جده الحسين في كربلاء، إلى بقية مشاهد المعصومين عليهم السلام، وتتجسد أمام عينيه مظالمهم ومصائبهم!
وهو في ذلك يعيش حياته بقلب حي وإحساس نابض، يعيش بقداسة روح جده أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا يتحمل أن يسلب نملة جلب شعيرة، حتى لو أعطي مقابلها الأقانيم السبعة بما تحت أفلاكها! والذي عنده الموت أهون من أن يرى امرأة مسلمة أو ذمية تسلب حليها، ولا يستطيع أن يدافع عنها!
فأي صبر هو صبر الإمام المهدي أرواحنا فداه؟!
* *
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا.. هذا هو الصبر المطلق ...
( المرجع الشيخ وحيد الخراساني )
جمييل ماوصلني فاحببت مشاركته معكم
وصلى الله على محمد واله وعجل فرجهم
تعليق