شكل قيام الإمام الحسين (صلوات الله عليه) انعطافة كبيرة في تاريخ ومسيرة الأمة، ونهضة في العقول والأفكار، وصدمة في النفوس والقلوب، ولذلك لم يقتصر أثرها على اللّحظة التاريخية التي وقعت فيها، بل امتد تأثيرها إلى كل العصور والأزمان.
وقد أحدث هذا القيام المبارك الكثيرَ من الآثار والنتائج على أكثر من صعيد في المجتمع الإسلامي، وأهمّها النتائج والآثار التالية:
1 ــ فضح الزيف الديني:
كانت السلطة الأموية تتظاهر بالإسلام، كإقامة صلوات الجماعة والجمعة وبناء المساجد، ومن جهة أخرى ينسبون شرعية حكمهم إلى الدين، وأنهم خلفاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إلا أن هذا الادعاء سرعان ما اتضح زيفه وبطلانه، فهذه السلطة الأموية التي قتلت الإمام الحسين (عليه السلام)، ابن بنت رسول الله وريحانته من الدنيا، وسيد شباب أهل الجنة، كما استشهد في معركة كربلاء الكثير من أهل البيت (عليهم السلام)، ولم يسلم حتى الأطفال من القتل، وسبي بنات رسول الله، قد كشف للرأي العام أن الأمويين لا هَمَّ لهم سوى السيطرة على الحكم، وأنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام وتعاليمه، وأنّ التمسك ببعض الشعائر الدينية ما هو إلا لخداع الرأي العام.
وعندما انتشر بين الناس خبر استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، أخذ الناس يسخطون على الحكم الأموي، وازداد كُره الناس ليزيد الذي يتحمل مسؤولية سفك الدماء الطاهرة لأهل البيت (عليهم السلام)، لذلك عندما رأى يزيد تزايد السخط الشعبي ضده أراد أن يتنصل من مسؤولية ما حدث في كربلاء.
يقول مجاهد ــ وهو ممّن عاصر تلك الفترة ــ: فوالله لم يبق في الناس أحد إلا من سبه ــ أي يزيد ــ وعابه وتركه (تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: 220، الطبعة الأولى 1426 هـ، دار الكتب العلمية ــ بيروت).
وراح يزيد ــ الذي كان مسروراً للغاية بانتصاره ولم تسعه الأرض فرحاً وغروراً بالنصر ــ يتخبط مبهوتاً أمام شجب واستنكار الرأي العام، فحاول أن يلقي مسؤولية قتل الحسين (عليه السلام) على عاتق عبيد الله بن زياد.
وقال المؤرخون: إنه استدعى ابن زياد وأعطاه أموالاً كثيرة وتحفاً عظيمة، وقرب مجلسه، ورفع منزلته، وأدخله على نسائه، وجعله نديمه (تذكرة الخواص: 243).
وحينما بلغ استنكار الرأي العام ذروته، قام يزيد باستدارة سريعة يبرئ نفسه من دم الإمام ويلقي اللوم على ابن زياد (سيرة الأئمة الاثني عشر لمهدي البيشوائي: 192، الطبعة الأولى 1426 هـ، دار الكاتب العربي ــ بيروت).
إلا أن هذه المحاولة لم تنجح، فقد عرف الناس أن يزيد نفسه هو مَن أمر بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ومن معه، وقد انتقم الله (عزّ وجل) منه سريعاً، فلم يدم عمره بعد معركة كربلاء أكثر من أربع سنوات، ليذهب بعارها وشنارها، كما انتقم الله (عزّ وجل) من جميع من قاتلوا الإمام الحسين (عليه السلام) سريعاً. قال الزهري: ما بقي منهم أحد إلا وعوقب في الدنيا، إما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة (تذكرة الخواص: 235)، وفي الآخرة لهم عذاب شديد. وحكي السدي قال: نزلت بكربلاء ومعي طعام للتجارة، فنزلنا على رجل فتعشينا عنده وتذاكرنا قتل الحسين وقلنا: ما شرك أحدٌ في دم الحسين إلا ومات أقبح موتة، فقال الرجل: ما أكذبكم! أنا شركتُ في دمه وكنت فيمن قتله وما أصابني شيء. قال: فلما كان آخر الليل إذا بصياح، قلنا: ما الخبر؟ قالوا: قام الرجل يصلح المصباح فاحترقت إصبعه، ثم دب الحريق في جسده فاحترق. قال السدي: فأنا والله رأيته كأنه حممة (تذكرة الخواص: 237).
أما الإمام الحسين (سلام الله عليه)، فقد أصبح مخلَّداً، تؤمّه الملايين سنوياً لتستلهم منه روح العزة والاستقامة والصمود.
2 ــ إيجاد صدمة اجتماعية وسياسية:
أوجد القيام الحسيني صدمة اجتماعية وهزة سياسية في المجتمع، لهول ما حدث في معركة الطف، فكل شيء كان فيها تهتز له السماوات والأرض، فاستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) بتلك الصورة المفجعة قد أدى لارتدادات اجتماعية وسياسية، وتركت آثاراً نفسية على كيان المجتمع، ودائماً الأحداث الكبيرة تترك بصمات واضحة في تركيبة المجتمع ونظامه السياسي، فكيف بحدث خطير كاستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) وسبي نسائه، وهم ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحبابه.
وقد أوجد هذا الحدث في نفوس الكثير من الناس الشعور بالندم لعدم نصرة الإمام الحسين (عليه السلام)، ووخز الضمير لتخلّيهم عن نصرة سيد الشهداء (عليه السلام)، وهو الأمر الذي دفع بالكثير منهم فيما بعد للالتحاق بالثورات والاحتجاجات التي قامت في غير مكان ضد الحكم الأموي، للانتقام من قتل الإمام الحسين وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام).
وقد أحدثت تلك الثورات والاحتجاجات هزة سياسية ضد النظام الأموي، الّذي لم يشعر بعد معركة كربلاء بأي استقرار سياسي، وكانت جريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام) تلاحق الأمويين في يقظتهم ومنامهم.
3 ــ سقوط الحكم الأموي وبقاء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام):
كانت ثورة العباسيين إحدى الثورات الكبيرة التي قامت ضد الحكم الأموي، وقد انتهت بسقوطه عام 132 هـ، وقد كان أحد وأهم أسباب انتصار العباسيين على الأمويين هو رفع شعار "الرضا من آل البيت"، وحمل راية مظلوميتهم من قبل الأمويين، مما جعل الناس يتعاطفون معهم ضد الأمويين، وكان تذكير الناس بما حدث للإمام الحسين أكبر الأثر في استثارة غضب الناس وسخطهم على الأمويين، وهو الأمر الذي أدى في نهاية الأمر لسقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.
وقد بقيت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) مدرسة متميزة في كل أبعادها المعرفية والدينية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، وغيرها من الأبعاد والجوانب.. هذه المدرسة التي واجهت الكثير من التحديات طوال التاريخ، ما كان لها أن تستمر لولا نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) المباركة، فدماء الحسين وأهل بيته وأصحابه روت هذه المدرسة بما تلزم للبقاء والديمومة والاستمرار.
واليوم نرى انتشار أتباع مدرسة أهل البيت في كل مكان من أنحاء الدنيا، والجميع بدأ يتعرف على أبعاد نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، فلم يعد ممكناً حصار فكر وثقافة أهل البيت كما كان مطبقاً سابقاً من قبل أعداء أهل البيت، فوسائل الإعلام والاتصال الحديثة ساهمت بنشر منهج وفكر أهل البيت إلى كل الناس.
ومدرسة أهل البيت التي لم يستطع أعداؤها بكل ما لديهم من أدوات القمع والدكتاتورية أن يقضوا عليها في القرون الماضية، لن يستطيعوا اليوم أن يحاصروها فضلاً عن القضاء عليها، وكل ذلك ببركة هذه النهضة وهذا القيام المبارك، وجهاد أتباع هذه المدرسة المباركة طوال التاريخ.
وهذه المدرسة التي مثلت الإسلام في فهمه الصحيح ستبقى تبث أشعتها القوية والمفيدة في كل اتجاه، لتنشر قيم الحق والعدل والحرية.
وقد أحدث هذا القيام المبارك الكثيرَ من الآثار والنتائج على أكثر من صعيد في المجتمع الإسلامي، وأهمّها النتائج والآثار التالية:
1 ــ فضح الزيف الديني:
كانت السلطة الأموية تتظاهر بالإسلام، كإقامة صلوات الجماعة والجمعة وبناء المساجد، ومن جهة أخرى ينسبون شرعية حكمهم إلى الدين، وأنهم خلفاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إلا أن هذا الادعاء سرعان ما اتضح زيفه وبطلانه، فهذه السلطة الأموية التي قتلت الإمام الحسين (عليه السلام)، ابن بنت رسول الله وريحانته من الدنيا، وسيد شباب أهل الجنة، كما استشهد في معركة كربلاء الكثير من أهل البيت (عليهم السلام)، ولم يسلم حتى الأطفال من القتل، وسبي بنات رسول الله، قد كشف للرأي العام أن الأمويين لا هَمَّ لهم سوى السيطرة على الحكم، وأنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام وتعاليمه، وأنّ التمسك ببعض الشعائر الدينية ما هو إلا لخداع الرأي العام.
وعندما انتشر بين الناس خبر استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، أخذ الناس يسخطون على الحكم الأموي، وازداد كُره الناس ليزيد الذي يتحمل مسؤولية سفك الدماء الطاهرة لأهل البيت (عليهم السلام)، لذلك عندما رأى يزيد تزايد السخط الشعبي ضده أراد أن يتنصل من مسؤولية ما حدث في كربلاء.
يقول مجاهد ــ وهو ممّن عاصر تلك الفترة ــ: فوالله لم يبق في الناس أحد إلا من سبه ــ أي يزيد ــ وعابه وتركه (تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: 220، الطبعة الأولى 1426 هـ، دار الكتب العلمية ــ بيروت).
وراح يزيد ــ الذي كان مسروراً للغاية بانتصاره ولم تسعه الأرض فرحاً وغروراً بالنصر ــ يتخبط مبهوتاً أمام شجب واستنكار الرأي العام، فحاول أن يلقي مسؤولية قتل الحسين (عليه السلام) على عاتق عبيد الله بن زياد.
وقال المؤرخون: إنه استدعى ابن زياد وأعطاه أموالاً كثيرة وتحفاً عظيمة، وقرب مجلسه، ورفع منزلته، وأدخله على نسائه، وجعله نديمه (تذكرة الخواص: 243).
وحينما بلغ استنكار الرأي العام ذروته، قام يزيد باستدارة سريعة يبرئ نفسه من دم الإمام ويلقي اللوم على ابن زياد (سيرة الأئمة الاثني عشر لمهدي البيشوائي: 192، الطبعة الأولى 1426 هـ، دار الكاتب العربي ــ بيروت).
إلا أن هذه المحاولة لم تنجح، فقد عرف الناس أن يزيد نفسه هو مَن أمر بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ومن معه، وقد انتقم الله (عزّ وجل) منه سريعاً، فلم يدم عمره بعد معركة كربلاء أكثر من أربع سنوات، ليذهب بعارها وشنارها، كما انتقم الله (عزّ وجل) من جميع من قاتلوا الإمام الحسين (عليه السلام) سريعاً. قال الزهري: ما بقي منهم أحد إلا وعوقب في الدنيا، إما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة (تذكرة الخواص: 235)، وفي الآخرة لهم عذاب شديد. وحكي السدي قال: نزلت بكربلاء ومعي طعام للتجارة، فنزلنا على رجل فتعشينا عنده وتذاكرنا قتل الحسين وقلنا: ما شرك أحدٌ في دم الحسين إلا ومات أقبح موتة، فقال الرجل: ما أكذبكم! أنا شركتُ في دمه وكنت فيمن قتله وما أصابني شيء. قال: فلما كان آخر الليل إذا بصياح، قلنا: ما الخبر؟ قالوا: قام الرجل يصلح المصباح فاحترقت إصبعه، ثم دب الحريق في جسده فاحترق. قال السدي: فأنا والله رأيته كأنه حممة (تذكرة الخواص: 237).
أما الإمام الحسين (سلام الله عليه)، فقد أصبح مخلَّداً، تؤمّه الملايين سنوياً لتستلهم منه روح العزة والاستقامة والصمود.
2 ــ إيجاد صدمة اجتماعية وسياسية:
أوجد القيام الحسيني صدمة اجتماعية وهزة سياسية في المجتمع، لهول ما حدث في معركة الطف، فكل شيء كان فيها تهتز له السماوات والأرض، فاستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) بتلك الصورة المفجعة قد أدى لارتدادات اجتماعية وسياسية، وتركت آثاراً نفسية على كيان المجتمع، ودائماً الأحداث الكبيرة تترك بصمات واضحة في تركيبة المجتمع ونظامه السياسي، فكيف بحدث خطير كاستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) وسبي نسائه، وهم ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحبابه.
وقد أوجد هذا الحدث في نفوس الكثير من الناس الشعور بالندم لعدم نصرة الإمام الحسين (عليه السلام)، ووخز الضمير لتخلّيهم عن نصرة سيد الشهداء (عليه السلام)، وهو الأمر الذي دفع بالكثير منهم فيما بعد للالتحاق بالثورات والاحتجاجات التي قامت في غير مكان ضد الحكم الأموي، للانتقام من قتل الإمام الحسين وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام).
وقد أحدثت تلك الثورات والاحتجاجات هزة سياسية ضد النظام الأموي، الّذي لم يشعر بعد معركة كربلاء بأي استقرار سياسي، وكانت جريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام) تلاحق الأمويين في يقظتهم ومنامهم.
3 ــ سقوط الحكم الأموي وبقاء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام):
كانت ثورة العباسيين إحدى الثورات الكبيرة التي قامت ضد الحكم الأموي، وقد انتهت بسقوطه عام 132 هـ، وقد كان أحد وأهم أسباب انتصار العباسيين على الأمويين هو رفع شعار "الرضا من آل البيت"، وحمل راية مظلوميتهم من قبل الأمويين، مما جعل الناس يتعاطفون معهم ضد الأمويين، وكان تذكير الناس بما حدث للإمام الحسين أكبر الأثر في استثارة غضب الناس وسخطهم على الأمويين، وهو الأمر الذي أدى في نهاية الأمر لسقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.
وقد بقيت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) مدرسة متميزة في كل أبعادها المعرفية والدينية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، وغيرها من الأبعاد والجوانب.. هذه المدرسة التي واجهت الكثير من التحديات طوال التاريخ، ما كان لها أن تستمر لولا نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) المباركة، فدماء الحسين وأهل بيته وأصحابه روت هذه المدرسة بما تلزم للبقاء والديمومة والاستمرار.
واليوم نرى انتشار أتباع مدرسة أهل البيت في كل مكان من أنحاء الدنيا، والجميع بدأ يتعرف على أبعاد نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، فلم يعد ممكناً حصار فكر وثقافة أهل البيت كما كان مطبقاً سابقاً من قبل أعداء أهل البيت، فوسائل الإعلام والاتصال الحديثة ساهمت بنشر منهج وفكر أهل البيت إلى كل الناس.
ومدرسة أهل البيت التي لم يستطع أعداؤها بكل ما لديهم من أدوات القمع والدكتاتورية أن يقضوا عليها في القرون الماضية، لن يستطيعوا اليوم أن يحاصروها فضلاً عن القضاء عليها، وكل ذلك ببركة هذه النهضة وهذا القيام المبارك، وجهاد أتباع هذه المدرسة المباركة طوال التاريخ.
وهذه المدرسة التي مثلت الإسلام في فهمه الصحيح ستبقى تبث أشعتها القوية والمفيدة في كل اتجاه، لتنشر قيم الحق والعدل والحرية.