(ملاحظة :ـ قراءة في صفحة انوار قرآنية/ اعداد 46ـ 59)
تشعبت الدراسات القرآنية سعيا لاحتواء الثورة العلمية والفكرية التي احدثها القرآن الكريم، بتنوع اشتغالاته التي كونت فرادة جمالية اسست للتواصل الشمولي المبني على التناسب الزماني كونها وسيلة مهمة لفهم الكون وهذا سر ديمومة كتاب الله ، ونجد ان اغلب ما كتب من دراسات يسعى لخلق مساحة تقريبية بين الذات الانسانية والقرآن الكريم ،وبعد هذا نجد ان مساحة التدوينات النسوية قليلة في هذا الشأن اذا ما استثنينا من القاعدة الفعل الاقتباسي بحثا عن صوت نسوي مثقف ولهذا سعت مجلة رياض الزهراء الصادرة في العتبة العباسية المقدسة من تخصيص بعض صفحاتها كصفحة (انوار قرآنية) لتسخير تلك الاقلام النسوية لخدمة الخطاب القرآني المبارك ، وهي تجمع المعطيات العلمية لتصل الى وجود سابقة قرآنية سيقت النظم العلمية بقرون ، كموضوعة الاعجاز العلمي في ايآت القرآن الكريم للكاتبة ( اسراء محمد / من كلية الهندسة) ، اذ ترى ان القرآن طرح الكثير من الحقائق العلمية قبل اكتشافها علميا كحقيقة دائرية الارض وبصمات الاصابع وفرادة كل بصمة وركزت على بعض الحقائق المهمة كالحقيقة التي صرح بها القرآن الكريم بان القمر جرم بارد وعاكس للضوء خلافا للشمس ، وحقائق اخرى كالذبدبات الصوتية وقانون الجاذبية واكتشاف طبقات الارض التي كونت علم الجيولوجيا ، بينما سعت الكاتبة ( دعاء ضياء ... ماجستيرعلم الفلك ) لأحصائيات رقمية في موضوعها المعنون ( علم الارقام في القرآن الكريم ) لتثبت لنا في محور بحثها بان القرآن كتاب رقمي و تلك الاحصائييات تنفعنا لرصد السياقات النصية المتبنية للظواهرالعلمية والتي وردت اضعاف عدد الايآت المهتمة بالاحكام الشرعية ، هنا نجد ان البحث يسعى لاستحضار هذه الايآت ليثبت صحة ماتوصل اليه العلم وهذا هو النهج الصحيح وتذهب بعض البحوث الى الكد الاقناعي الذي يساهم في توعية الاجيال لما يحمل القرآن من الأعجازات العلمية ، ولتركيز التفاعل الرقمي في الأذهان ولجت الى غاية ايضاحية تستحضر اثرها حضور التضادات الرقمية كمرتكز من مرتكزات الاعجاز ، فعدد ما ورد من مفردة ( الملائكة ـ الشياطين ) هو 188 مرة وذكر تضادي ( الجنة ـ النار) 77 مر ة و( الرجل ـ المرأة) 24 مرة و( الدنيا ـ الآخرة ) 115 مرة وتفاعلات رقمية اخرى ،ويشكل النص القرآني قيمة ابتكارية اعجازية ، حفزت الانسان لأكتشاف عوالمه اولا ومن ثم ساهمت في القيمة التواصلية ، ونظرت الكاتبة ( سجى مضر ) الى توافق معطيات العلم مع ما جاء في القرآن في موضوعها ( البرد بين العلم والقرآن ) لمعرفة المصدرالعلمي اليقيني ، الذي يعلمنا كيفية تشكيل البرد ( الحالوب ) ومراحله بينما قضى العلماء قرون زمانية ليتوصلواالى الحقائق ذاتها ، يتشكل الاعجاز القرآني بمفهوم الخروج عن المالوف بتكوينات غيبية مثل الجن والملائكة والقيامة والجنة والنارومعجزات الانبياء ، فاي اكتشاف علمي له جذر قرآني يزيدنا ايمانا بما وهبنا الله، والا فيجعلنا نبحث في قصور العلم نفسه وعن عجزه في ادراك كنه القرآن العظيم ، بوصفه المصدر الذي يمتلك الرسوخ في الذهنية المؤمنة ، وموضوع سجود الشمس تحت العرش ، هو تشخيص نبوي لتفسير قوله تعالى ((وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) والسجود هنا جاء بمعنى الامتثال لأمر الله تعالى ، ولتنوع الميادين العلمية يزداد السعي لأستقصاء كل تلك الاركان ، لبيان مفهوماتها والكشف عن جذرها القرآني وهذا يمثل سعي الكاتبة ( مها حمادة جاسم ) في موضوعها ( اعجاز × صحة ) اذ عرّفت لنا مادة ( الميثالويندز) مادة بروتينية يفرزها المخ تتكون من ( الكبريت ) وهي مادة مهمة جدا لجسم الانسان وتنفع لتقوية القلب وضبط النفس وخفض الكلسترول ـ يقلل المخ من افرازهذه المادة في سن الستين ، عثر العلماء على هذه المادة السحرية التي بمقدورها ازالة اعراض الشيخوخة ، في مادة مستخلصة من التين والزيتون معا فيتم الخلط 1/7وعندما نعود الى المصدر القرآني سنجد ان القرآن الكريم قد ذكر التين مرة واحدة بينما الزيتون سبع مرات ، وشكلت صيغ الكتابة عند بعض الكاتبات التزام المنحى النفسي لتقصي ثنايا تنويعاته الساعية لخلق منطقة تاثيرية وتكامل خطابي شمولي هوحصيلة الجهد الجمعي ، الكاتبة ( علا حسين ) اختارت عنونة الضغط النفسي والصبر وركزت في موضوعها تأثيرات الشدة النفسية على صحة الجسم ولابد من امتلاك الانسان لطريقة تعامل سليمة تبعده عن الانقياد للشدة النفسية ، لتصل الى نتيجة ان الايمان علاج قوي للصبروالتصابر وبه تعالج الضغوط النفسية بهدوء ورضى ومثل هذه الدراسات امتلكت تعددية الرؤى وانفتحت على اكثر من فضاء يتنوع بتنوع الادراك ، والولوج الى العمق النصي لايحدده مفهوم التفسيرية وانما خلق بؤر فلسفية ذات مساحة ابداعية تستدرج التلقي الى نشوة القراءة ، وعبرالمرتكز الذي كون العوالم التدوينية التي تبنتها الكاتبة ( رنا احمد / جامعة بابل ) في قميص النبي يوسف عليه السلام ، اذ توسمت البنى التاثيرية المتشكلة عبر هذه القصة من دلالات تحفز اولا رجال التحري والتحقيق الجنائي الى تطابقات الواقع والادعاء ومن خلال متابعة النبي يعقوب عليه السلام طريقة اثارالدم على القميص ، ثم اقترنت الدلالة القرآنية في قصة يوسف الى استخدامات الطب النفسي كتقنية علاجية وهي الاصطدام بالسبب المؤدي الى المرض ، مثل القميص وعرفنا مدلولا مهما هو المفهوم التعويضي ففقدان البصر يرفع حساسية الدماغ لتصبح حاسة الشم حادة جدا ، فهي دعوة لأستقصاء الحقيقة العلمية والنظر نحو مفهوم العمى العصبي ، او النفسي وما يسمى بالعمى المؤقت الذي يحصل بسبب التاثر النفسي الشديد ويمكن عودة البصر باستخدام الصدمة النفسية المعاكسة لأحالتها الى وضعها الأصلي ، وهناك خبرات كتابية انطلقت من عدة نظم رؤيوية استنتاجية تنفست عبر الخطاب القرآني وبما تستشفه من قيم دلالية ، ( الدكتورة امآل كاشف الغطاء ) في موضوعها الطريق الى التسامح في الاسلام ،ترى ان قصة النبي آدم عليه السلام حملت الكثير من الاشكالات حول التمرد والمعارضة الحاصلة بسبب التغيير ، لظهور وجود ينافس المتكون الجديد ومثل هذه االطريقة النظرية للمعنى تمنحنا الكثير من الرؤى المتشكلة كمواد محفزة منهجية ترسم طريقة السلوك الامثل ، والا فصاحب القوة المطلقة جلت قدرته قادرعلى ابادة المعارضة وهو القوي الشديد لكن الدرس المستخلص كمعالجة ترصد لنا مفهوم الاقناع والحوار وعدم استعمال القوة كعامل حسم لان مثل هذا الحسم سيؤدي الى اخلال الهدف المنشود ، فالملائكة ترى ان عبادة الله وتقديسه كافية لتفعيل الوجود في حدود معرفتها ، لنصل الى مفهوم قيمي اخر... دور العلم والمعرفة في معقولية الحجة ، فحل التسامح مع الملائكة بالحوار التوضيحي، وهذا التسامح عرف بنية المصلحة الكونية التي يجهلها الملائكة في قضية خلق آدم عليه السلام ، وبعدها يتغيرالمنطوق الاعتراضي الاستفهامي عند الملائكة، أي اعتراض /قياس/ عند ابليس فهو قرر نسف العملية وافشالها وتخريبها بعدم السجود ، ليلغي دور التسامح كون المذنب تصرف بصورة هدامة فحصل الطرد من ملكوت الله وحصل على اللعنة الدائمة ، وذهبت الدكتورة (كاشف الغطاء) الى استيعاب مجموع ما يوفره الموضوع ضمن دائرة مقاربة معنوية في رصد ظاهرة الطغيان ، اذ قدم القرآن الكريم لنا مثل هذه الظاهرة السلطوية التي تكون دائما بمعزل عن الحياة ، فهي القادرة على شراء الضمائر والاتفاق على مظاهرالثراء ، والعاجزة عن صنع الحياة ، فلذلك تراهم يحملون الموت وقسوة القلب والهلاك والدمار ، اي انهم لايملكون القوة بل يملكون وهم القوة ، فالنمرود يقول انا أحي وأميت وفرعون يقول انا املك مصر والانهار تجري لي ـ وقد لاحظت الدكتورة ان مثل هذا السلوك قد يكون الامثل للتعامل عند ذوي العقليات الممسوخة ، وهذا سيؤدي الى تشظي الطغيان ، ليتحول كل فرد من افراد الشعب الى طاغية ، وهذا يبين خطورة سكوت الناس على الظلم كونه يوفر بيئة صالحة للطغيان وترى ان طغيان الامة لايقل خطرا عن طغيان الحاكم ، وهناك دراسات نسوية اهتمت بالجانب الصحي ، مثل موضوعة الصلاة لعلاج الشيخوخة للكاتبة ( آمنة عدنان ) على ديمومة الفعل ونشاطه المستمر واستمرارية الصلاة وأكدت الابحاث ان استمرارية الحركة تساعد على علاج الشيخوخة المبكرة ، سمات موضوع آخرهو نصائح ذهبية لحفظ القرآن لاحتواء الظاهرة المكانية والزمانية كموائمة تساهم في تركيز الحفظ مع عوامل مؤثرة مثل اختيار الصديق والظرف المناسب ومعرفة مسبقة لاهمية قراءة القرآن وحفظه ، وهناك مواضيع تخصصت بوجدانية التأثير لتنفتح على اكثر من معنى مثل موضوع الكاتبة ( زينب عدنان العطافي ) وهو بعنوان التوازن في المحبة ، اذ اتخذت خطوة اجرائية للتأمل في قول النبي (ص) عن القرآن الكريم ( ولا تنقضي عجائبه ) وبدات برسم ملامح المحبة القرآنية فولجت رحبة التضاد المتمحور حول المحبة واللا محبة مبعدة الكره عن ساحة التضاد لكون الخالق عزوجل ، لايكره المخلوق لكنه لايحب سمات بعض ممن يحملون صفات المكروهية .. فهو عزوجل يحب المحسنين ، الصابرين ، ولايحب المعتدين والفساد والكافرين ومثلها ذهبت الكاتبة ( سحر كريم الموسوي / جامعة بغداد ـ علوم الحياة) ، لترتكز على شعورية المد الوجداني في موضوعها / الزهراء ، عليها السلام والكوثر/ ، واعتقد ان مثل هذه العنونة تحمل سمات اسلوبية وتخلق انزياحا ابداعيا ، فالكوثر الشيء الذي من شأنه الكثرة وترى ان الكوثر ألخير الكثير ، ويقول بعض المؤرخين ، حوض النبي ( ص) الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة ، والفخر الرازي يرى ان الكوثر تعني الاولاد ، واعتقد ان مثل هذا التجلي هو قادرعلى صنع ركيزة أدب نسوي واعلام فكري رصين يحقق عبر بنية البحث في الذات المؤمنة القادرة على توظيف ابداعها لرسم معالم قدرة ابداعية تعني خطوة مهمة من خطوات الابداع النسوي المؤمن عبر الاجيال منطلقة من العتبة العباسية المقدسة
تعليق