الاَرائجُ المِسْكِيّة في تفضيل البَضْعة الزكيّة
تأليف
السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الّذين اصطفى، محمّـدٍ وآله المطهَّرين الحُنفا، وارضَ اللّهمّ عن صحبه ذوي النجابة والوفا، الناهجين سـبيله ومَن تبعهم واقتفى.
وبعـد،
فلمّا اتّفق لي الوقوف على كلام الشيخ الفاضل أبي فراس محمّـد بدر الدين النعساني الحلبي في المفاضلة بين النساء، فإذا هو قد ركب متن عمياء، وخَبَط خَبْط عشواء في ليلة ظلماء، وخالف صريح السـنن وأقوال العلماء، اختلج بالبال، إفراد المسألة بنبذة من المقال، تكون وافية بالمقصود، بعون المعبود الودود، وهو المستعان، وعليه التكلان.
* * *
( 2 )
إعلم ـ هدانا الله وإيّاك إلى منهجه القويم، وصراطه المستقيم ـ أنّ الرجل ادّعى أنّ نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أفضل النساء جملةً حاشا اللواتي خصّهنّ الله تعالى بالاِيحاء، وأنّ أفضل نسائه صلى الله عليه وآله وسلم عائشة! فهنا دعويان ينبغي التكلّم عليهما، وبيان الحقّ فيهما.
* أمّا الاَُولى:
فقد ذكر في تعليقه على «الدرّ النضيد من مجموعة الحفيد»(1): أنّ الذي تشهد له الاَدلّة من القرآن والسُـنّة أنّ نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أفضل النساء جملةً حاشا اللواتي خصّهنّ الله تعالى بالاِيحاء، كأُمّ موسى وأُمّ عيسى، قال الله تعالى: (يا نساء النبيّ لسـتنّ كأحدٍ من النساء إنِ اتّقيتنّ) فهذا ظاهرٌ في أنّهنّ أفضل من غيرهنّ.
قال: ولا يعارضه قوله عليه الصلاة والسلام: «خير نسائها فاطمة بنت محمّـد» فإنّه عليه السلام لم يقل: خير النساء فاطمة، وإنّما قال: خير نسائها، فخصّ ولم يعمّ، والله تعالى في تفضيل نساء نبيّه عمّ ولم يخصّ، فلا يجوز أن يُسـتثنى منه إلاّ من اسـتثناه نصٌّ ظاهر، فصحّ أنّه عليه السلام إنّما فضّل فاطمة على نساء المؤمنين بعد نسائه، فاتّفقت الآية مع الحديث.
انتهى كلامه بلفظه.
ولا يخفى على الحاذق اللبيب مواقع النظر في هذا الكلام، فلنبيّـنها، وبالله تعالى الاستعانة والاعتصام.
____________
(1) الدرّ النضيد من مجموعة الحفيد: 56.
( 3 )
* الاَوّل:
دعواه اختصاص بعض النساء بالاِيحاء:
وقد قلّد في ذلك جماعةً من المتقدّمين كالاَشعري، حيث نقل عنه أنّ في النساء عدّة نبيّات! وحصرهنّ ابن حزم في ستّ: حوّاء وسارة وهاجر وأُمّ موسى وآسية ومريم! ونقله القرطبي في (التمهيد) عن أكثر الفقهاء ـ ولم يذكر سارة ولا هاجر ـ وقال: الصحيح أنّ مريم نبيّة! وتعقّبه القاضي عياض بأنّ الجمهور على خلافه.
وذكر النووي في «الاَذكار»(1) عن إمام الحرمين أنّه نقل الاِجماع على أنّ مريم ليست نبيّة، ونسبه في «شرح المهذّب» لجماعة.
وجاء عن الحسن البصري: ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ.
وقال السبكي الكبير: اختُلِف في هذه المسألة، ولم يصحّ عندي في ذلك شيء(2).
وقال الحافظ السيوطي: الاَصحّ أنّها ـ يعني مريم ـ غير نبيّة(3).
وقال العلاّمة ابن قاسم في «الآيات البيّنات»: زَعْمُ نبوّتها ـ يعني مريم ـ كزعم نبوّة غيرها من النساء، كهاجر وسارة، غير صحيح لاشتراط الذكورة في النبوّة على الصحيح، خلافاً للاَشعري. انتهى(4).
وفي تفسير الآلوسي(5): أنّ مريم لا نبوّة لها على المشهور.
____________
(1) الاَذكار: 130.
(2) فتح الباري 6|542 ـ 543، و ج 6|546، و ج 7|173.
(3) فيض القدير 1|105.
(4) روح المعاني 28|165.
(5) روح المعاني 2|140.
http://www.al-shia.org/html/ara/books/?mod=aqaed
تأليف
السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الّذين اصطفى، محمّـدٍ وآله المطهَّرين الحُنفا، وارضَ اللّهمّ عن صحبه ذوي النجابة والوفا، الناهجين سـبيله ومَن تبعهم واقتفى.
وبعـد،
فلمّا اتّفق لي الوقوف على كلام الشيخ الفاضل أبي فراس محمّـد بدر الدين النعساني الحلبي في المفاضلة بين النساء، فإذا هو قد ركب متن عمياء، وخَبَط خَبْط عشواء في ليلة ظلماء، وخالف صريح السـنن وأقوال العلماء، اختلج بالبال، إفراد المسألة بنبذة من المقال، تكون وافية بالمقصود، بعون المعبود الودود، وهو المستعان، وعليه التكلان.
* * *
( 2 )
إعلم ـ هدانا الله وإيّاك إلى منهجه القويم، وصراطه المستقيم ـ أنّ الرجل ادّعى أنّ نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أفضل النساء جملةً حاشا اللواتي خصّهنّ الله تعالى بالاِيحاء، وأنّ أفضل نسائه صلى الله عليه وآله وسلم عائشة! فهنا دعويان ينبغي التكلّم عليهما، وبيان الحقّ فيهما.
* أمّا الاَُولى:
فقد ذكر في تعليقه على «الدرّ النضيد من مجموعة الحفيد»(1): أنّ الذي تشهد له الاَدلّة من القرآن والسُـنّة أنّ نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أفضل النساء جملةً حاشا اللواتي خصّهنّ الله تعالى بالاِيحاء، كأُمّ موسى وأُمّ عيسى، قال الله تعالى: (يا نساء النبيّ لسـتنّ كأحدٍ من النساء إنِ اتّقيتنّ) فهذا ظاهرٌ في أنّهنّ أفضل من غيرهنّ.
قال: ولا يعارضه قوله عليه الصلاة والسلام: «خير نسائها فاطمة بنت محمّـد» فإنّه عليه السلام لم يقل: خير النساء فاطمة، وإنّما قال: خير نسائها، فخصّ ولم يعمّ، والله تعالى في تفضيل نساء نبيّه عمّ ولم يخصّ، فلا يجوز أن يُسـتثنى منه إلاّ من اسـتثناه نصٌّ ظاهر، فصحّ أنّه عليه السلام إنّما فضّل فاطمة على نساء المؤمنين بعد نسائه، فاتّفقت الآية مع الحديث.
انتهى كلامه بلفظه.
ولا يخفى على الحاذق اللبيب مواقع النظر في هذا الكلام، فلنبيّـنها، وبالله تعالى الاستعانة والاعتصام.
____________
(1) الدرّ النضيد من مجموعة الحفيد: 56.
( 3 )
* الاَوّل:
دعواه اختصاص بعض النساء بالاِيحاء:
وقد قلّد في ذلك جماعةً من المتقدّمين كالاَشعري، حيث نقل عنه أنّ في النساء عدّة نبيّات! وحصرهنّ ابن حزم في ستّ: حوّاء وسارة وهاجر وأُمّ موسى وآسية ومريم! ونقله القرطبي في (التمهيد) عن أكثر الفقهاء ـ ولم يذكر سارة ولا هاجر ـ وقال: الصحيح أنّ مريم نبيّة! وتعقّبه القاضي عياض بأنّ الجمهور على خلافه.
وذكر النووي في «الاَذكار»(1) عن إمام الحرمين أنّه نقل الاِجماع على أنّ مريم ليست نبيّة، ونسبه في «شرح المهذّب» لجماعة.
وجاء عن الحسن البصري: ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ.
وقال السبكي الكبير: اختُلِف في هذه المسألة، ولم يصحّ عندي في ذلك شيء(2).
وقال الحافظ السيوطي: الاَصحّ أنّها ـ يعني مريم ـ غير نبيّة(3).
وقال العلاّمة ابن قاسم في «الآيات البيّنات»: زَعْمُ نبوّتها ـ يعني مريم ـ كزعم نبوّة غيرها من النساء، كهاجر وسارة، غير صحيح لاشتراط الذكورة في النبوّة على الصحيح، خلافاً للاَشعري. انتهى(4).
وفي تفسير الآلوسي(5): أنّ مريم لا نبوّة لها على المشهور.
____________
(1) الاَذكار: 130.
(2) فتح الباري 6|542 ـ 543، و ج 6|546، و ج 7|173.
(3) فيض القدير 1|105.
(4) روح المعاني 28|165.
(5) روح المعاني 2|140.
http://www.al-shia.org/html/ara/books/?mod=aqaed
تعليق