الشفاعة مسألة لا يتفق بعض المسلمين معنا فيها.. وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه في اللحظات الأخيرة من حياته المباركة -والمعصوم عندما يريد أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى يتكلم بدقة؛ لأن هذه الكلمات في اللحظات الأخيرة تدون في التاريخ، وقد دون هذا بالفعل- قال: (إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة). إن هذا الحديث يعطينا صورة واضحة عن مسألة الشفاعة.. ولماذا هذا الخوف، أو هذا التعجب، أو هذا الإستنكار من مسألة الشفاعة؟!.. فالذين يسارعون إلى نفي هذا المفهوم وبكل عجلة، ما الذي يدعوهم لذلك؟.. والحال أن القرآن يقول: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}.. فلو كانت الشفاعة مستحيلة، ولا مورد لها، فلماذا يقيد رب العالمين ذلك بالإذن؟.. وعليه، فإن معنى ذلك، أن هذا مفهوم له ما يقيده، وهو الإذن الإلهي.
وحقيقة الأمر أن الشفاعة لا تنافي التوحيد، بل إنها تؤكد التوحيد.. فرب العزة والجلال جعل بينه وبين عباده العصاة، جماعة من المتميزين في عبادته.. وأراد أن يكرمهم ببيان فضلهم وإعطائهم لهذا المقام، حتى أن المؤمن من عامة المؤمنين يشفع مثل ربيعة ومضر، وهذا كناية عن الكثرة.. فكيف بأئمة الخلق، وعلى رأسهم المصطفى محمد (ص)؟!.. والغريب أن الذين ينفون مفهوم الشفاعة، يمارسونها في حياتهم اليومية مرات ومرات.. فمثلا: إنسان له معاملة متوقفة في دائرة من الدوائر، فيذهب إلى زيد وعمرو، ويطلب منه أن يبذل وجاهته لحل مشكلته، أليست هذه الشفاعة؟.. وهي أن يجعل وسيطا بينه وبين من يطلب منه الحاجة؟!.. إن هذه الحركة حركة طبيعية حتى في الحياة الأسرية، فالولد عندما يحس بغضب أبيه يذهب إلى أمه، والأم تتكلم مع الزوج فتشفع لولدها عند أبيه.. وفي بعض الأوقات الأب يتكلف ويتظاهر بالغضب ويقول للزوجة -لأم الولد- أنت مثلي هذا الدور واطلبي الشفاعة؛ كي يتبين مقام الأب في الأسرة.. نعم، إنه مفهوم عرفي، ومفهوم مقبول ومتصور من دون أي تكلف.. ولكن المشكلة إذا كانت الشفاعة في قبال الله سبحانه تعالى، كأن يريد الله شيئا، ويريد ما سوى الله شيئا آخر.. نعم، حاشا أن تكون هناك إرادة مستقلة في الوجود!..
إن هؤلاء الذين علمونا التوحيد فقالوا: التوحيد هو (أن لا ترى مؤثرا في الوجود إلا الله).. فالمعصوم الذي يعلمنا هذه الثقافة، هل يفتح لنفسه ملفا في مقابل رب العزة والجلال؟.. أبدا، كلا!.. كيف والذين ينفون الشفاعة، ينفونها للجميع حتى النبي المصطفى!.. وهذا خلاف قوله تعالى على الأقل في النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، إذ قال الله سبحانه تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرَوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً}.. لقد جعل استغفار الرسول جزء علة لمغفرة الله عز و جل، فكيف يتعاملون مع هذه الآية؟.. والمراد بالرسول هنا، لا شخص النبي بما هو ابن عبد الله، بل بما هو رسول بما هو وجيه عند الله عز وجل.. وكما هو معلوم أن مقام النبوة والوصاية، يجمعهم الإمامة: أي إمامة الخلق، وزعامة الخلق.. فالنبي في زمانه زعيم للخلق، يوحى إليه.. والوصي من بعده إمام، لا يوحى إليه.. فإذن، المقام مقام الشفاعة، وقد ورد عنه ونقل عنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنه ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته.. نعم، إن الشفاعة لها قوانين.
إن من القوانين المبهمة الخفية، قوانين الشفاعة.. ولو أن الصادق -عليه السلام- ما ذكر هذا القانون: بأن الشفاعة لا تنال المستخف، هل شيعة أمير المؤمنين كانوا يلتفتون لهذا المبدأ؟.. إن هناك بعض الناس يتركون الصلاة ممن يدعي موالاة أهل البيت على أمل الشفاعة.. فالإمام الصادق -عليه وعلى آبائه أفضل الصلوات- يقول: (المستخف بالصلاة).. أوَ تعلم من هو المستخف؟.. إن المستخف هو الذي يصلي يوما، ولا يصلي يوما؛ فهذا إنسان مستخف مستهتر بصلاته.. والذي يصلي قضاء دون وجه شرعي، هذا أيضا إنسان مستهتر بصلاته.. ومن درجات الاستهتارالخفية، أن يصلي الإنسان وهو في حال سكر وغفلة عن الصلاة بين يدي الله سبحانه وتعالى.
فإذن، إن المؤمن لا يرتكب الذنوب تعويلا على الشفاعة!.. فالشفاعة قانون استثنائي، وقانون فوق العادة، إنه سر من أسرار الله عز وجل.. وأصل الشفاعة مسلَََََََََََََّم، ولكن متى يشفعون؟.. ولمن يشفعون؟.. وبالتالي، علينا أن نعمل بما أمرنا، وبعد ذلك لا نقطع الأمل.. إن قانون الشفاعة من موجبات بعث الأمل أيها المذنب!.. فالمذنب عندما يعيش الندامة على الذنب، يعوِّل إضافة إلى ذلك على شفاعة الموالي، الذين عندما يرون فيه صدقا ووفاء في العمل بالعهد، ممكن أن تناله هذه الشفاعة.
إن البعض يظن بأن الشفاعة فقط لمحو الذنوب، ومادام الإنسان معصوما، وعادلا، وملتزما بالشريعة، فلا داعي لأن يتوسل بالنبي.. وعندما يزور النبي (ص) يزوره بجفاء، وبكلمات مختصرة: السلام عليك ورحمة الله!.. ويظن أنه لا داعي أن يكثر من الطلب والحاجة!.. من قال: أن الشفاعة لغفران الذنوب فحسب!.. إن الشفاعة لغفران الذنوب عند العصاة.. والشفاعة لرفع الدرجات، فالجنة لها منازل لا تعد ولا تحصى.. فهنالك قوم ضيوف على أهل الجنة، وهناك قوم من رفقاء محمد (ص).. فإنا عندما نطلب من النبي (ص) الشفاعة والوجاهة؛ كي يجعلنا في محل القدس، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
إن على الذي يتطرق لهذه الأبواب، من الذين يأخذون قلما؛ ليسطروا كل ما جاء في عالم الوهم والخيال -مجرد الاستبعاد لا يعد دليلا- عليه أن يستدل على أن هذا الأمر باطل.. ونحن -كما ذكرنا- استدلينا بالعرف، وبالسيرة المتعارفة، وبآيات من القرآن الكريم، وبكلام أهل البيت (ع).. فرفعنا إشكالات الشفاعة، ووفقنا بين الشفاعة والتوحيد.. وأن الذي يسارع إلى النفي والتكفير، لابد وأن يقدم الدليل على ما يقول؛ لأنه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
وحقيقة الأمر أن الشفاعة لا تنافي التوحيد، بل إنها تؤكد التوحيد.. فرب العزة والجلال جعل بينه وبين عباده العصاة، جماعة من المتميزين في عبادته.. وأراد أن يكرمهم ببيان فضلهم وإعطائهم لهذا المقام، حتى أن المؤمن من عامة المؤمنين يشفع مثل ربيعة ومضر، وهذا كناية عن الكثرة.. فكيف بأئمة الخلق، وعلى رأسهم المصطفى محمد (ص)؟!.. والغريب أن الذين ينفون مفهوم الشفاعة، يمارسونها في حياتهم اليومية مرات ومرات.. فمثلا: إنسان له معاملة متوقفة في دائرة من الدوائر، فيذهب إلى زيد وعمرو، ويطلب منه أن يبذل وجاهته لحل مشكلته، أليست هذه الشفاعة؟.. وهي أن يجعل وسيطا بينه وبين من يطلب منه الحاجة؟!.. إن هذه الحركة حركة طبيعية حتى في الحياة الأسرية، فالولد عندما يحس بغضب أبيه يذهب إلى أمه، والأم تتكلم مع الزوج فتشفع لولدها عند أبيه.. وفي بعض الأوقات الأب يتكلف ويتظاهر بالغضب ويقول للزوجة -لأم الولد- أنت مثلي هذا الدور واطلبي الشفاعة؛ كي يتبين مقام الأب في الأسرة.. نعم، إنه مفهوم عرفي، ومفهوم مقبول ومتصور من دون أي تكلف.. ولكن المشكلة إذا كانت الشفاعة في قبال الله سبحانه تعالى، كأن يريد الله شيئا، ويريد ما سوى الله شيئا آخر.. نعم، حاشا أن تكون هناك إرادة مستقلة في الوجود!..
إن هؤلاء الذين علمونا التوحيد فقالوا: التوحيد هو (أن لا ترى مؤثرا في الوجود إلا الله).. فالمعصوم الذي يعلمنا هذه الثقافة، هل يفتح لنفسه ملفا في مقابل رب العزة والجلال؟.. أبدا، كلا!.. كيف والذين ينفون الشفاعة، ينفونها للجميع حتى النبي المصطفى!.. وهذا خلاف قوله تعالى على الأقل في النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، إذ قال الله سبحانه تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرَوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً}.. لقد جعل استغفار الرسول جزء علة لمغفرة الله عز و جل، فكيف يتعاملون مع هذه الآية؟.. والمراد بالرسول هنا، لا شخص النبي بما هو ابن عبد الله، بل بما هو رسول بما هو وجيه عند الله عز وجل.. وكما هو معلوم أن مقام النبوة والوصاية، يجمعهم الإمامة: أي إمامة الخلق، وزعامة الخلق.. فالنبي في زمانه زعيم للخلق، يوحى إليه.. والوصي من بعده إمام، لا يوحى إليه.. فإذن، المقام مقام الشفاعة، وقد ورد عنه ونقل عنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنه ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته.. نعم، إن الشفاعة لها قوانين.
إن من القوانين المبهمة الخفية، قوانين الشفاعة.. ولو أن الصادق -عليه السلام- ما ذكر هذا القانون: بأن الشفاعة لا تنال المستخف، هل شيعة أمير المؤمنين كانوا يلتفتون لهذا المبدأ؟.. إن هناك بعض الناس يتركون الصلاة ممن يدعي موالاة أهل البيت على أمل الشفاعة.. فالإمام الصادق -عليه وعلى آبائه أفضل الصلوات- يقول: (المستخف بالصلاة).. أوَ تعلم من هو المستخف؟.. إن المستخف هو الذي يصلي يوما، ولا يصلي يوما؛ فهذا إنسان مستخف مستهتر بصلاته.. والذي يصلي قضاء دون وجه شرعي، هذا أيضا إنسان مستهتر بصلاته.. ومن درجات الاستهتارالخفية، أن يصلي الإنسان وهو في حال سكر وغفلة عن الصلاة بين يدي الله سبحانه وتعالى.
فإذن، إن المؤمن لا يرتكب الذنوب تعويلا على الشفاعة!.. فالشفاعة قانون استثنائي، وقانون فوق العادة، إنه سر من أسرار الله عز وجل.. وأصل الشفاعة مسلَََََََََََََّم، ولكن متى يشفعون؟.. ولمن يشفعون؟.. وبالتالي، علينا أن نعمل بما أمرنا، وبعد ذلك لا نقطع الأمل.. إن قانون الشفاعة من موجبات بعث الأمل أيها المذنب!.. فالمذنب عندما يعيش الندامة على الذنب، يعوِّل إضافة إلى ذلك على شفاعة الموالي، الذين عندما يرون فيه صدقا ووفاء في العمل بالعهد، ممكن أن تناله هذه الشفاعة.
إن البعض يظن بأن الشفاعة فقط لمحو الذنوب، ومادام الإنسان معصوما، وعادلا، وملتزما بالشريعة، فلا داعي لأن يتوسل بالنبي.. وعندما يزور النبي (ص) يزوره بجفاء، وبكلمات مختصرة: السلام عليك ورحمة الله!.. ويظن أنه لا داعي أن يكثر من الطلب والحاجة!.. من قال: أن الشفاعة لغفران الذنوب فحسب!.. إن الشفاعة لغفران الذنوب عند العصاة.. والشفاعة لرفع الدرجات، فالجنة لها منازل لا تعد ولا تحصى.. فهنالك قوم ضيوف على أهل الجنة، وهناك قوم من رفقاء محمد (ص).. فإنا عندما نطلب من النبي (ص) الشفاعة والوجاهة؛ كي يجعلنا في محل القدس، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
إن على الذي يتطرق لهذه الأبواب، من الذين يأخذون قلما؛ ليسطروا كل ما جاء في عالم الوهم والخيال -مجرد الاستبعاد لا يعد دليلا- عليه أن يستدل على أن هذا الأمر باطل.. ونحن -كما ذكرنا- استدلينا بالعرف، وبالسيرة المتعارفة، وبآيات من القرآن الكريم، وبكلام أهل البيت (ع).. فرفعنا إشكالات الشفاعة، ووفقنا بين الشفاعة والتوحيد.. وأن الذي يسارع إلى النفي والتكفير، لابد وأن يقدم الدليل على ما يقول؛ لأنه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.