مخالفة الاهواء - الصوم
ان كل مؤمن له اهواؤه - قلت او كثرة وهي قد تتعلق بالمال، الاكل والشرب، الجاه والمركز، التحكم والسيطرة على الآخرين، الخ. والهدف النهائي الذي يطمح اليه المؤمن هو الغاء هذه الاهواء من نفسه، وتطهير مشاعره، ووجدانه ودوافعه منها تطهيراً كاملاً. اما المهمة الآنية والملحة، فهي اضعاف تأثير هذه الاهواء على السلوك، والتحكم فيها، وعدم السماح لها بالسيطرة على النفس، بل عدم السماح لها بالنفوذ بأي شكل من الاشكال.. وبكلمة اخرى : ان المهمة الآنية للانسان المؤمن هي تأمين سيطرة الارادة الربانية على النشاط، والسلوك بحيث تكون مقدمة على الاهواء، والميول الذاتية في النفس.. والتحكم في الاهواء، والغاؤها نهائياً من صفحة النفس والشعور ينتج من مجموعة عوامل اهمها أو من اهمها.. مخالفة الهوى.. (واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) وذلك لان كل عاطفة، أو انفعال او هوى، يضعف اذا لم تنفذ مطالبه، ولم يلب ما تقتضيه من تصرفات..
وبكلمة اخرى : توجد لدينا حقيقتان ثابتتان :
1) - ان لكل عاطفة ، أو هوى، أو انفعال تصرفاً يقتضيه وينتهي اليه، فحب المال ينتهي الى الحفاظ عليه، وعدم التصدق به وحب المركز يقتضي من الانسان أن يحاول الظهور امام الناس في المجالات الفكرية، أو الخطابية أو الدينية..
2) - ان الفصل بين الهوى، وبين نتيجته العملية، وعدم تلبية مطالبه اضعاف له، وزعزعة لسيطرته على النفس، وتحكمه في السلوك، وتقوية للارادة الربانية (الجهاز الحاكم في الشخصية الاسلامية). والفصل بين الهوى، ونتيجته العملية امر ممكن لان العلاقة بينهما علاقة (الاقتضاء) لا علاقة (اللزوم).
ان مخالفة الاهواء بالنسبة الى الانسان المؤمن العامل في سبيل الله هي من اهم مهامه الآنية.. لانه احوج من غيره الى الارادة الحازمة، والقدرة على التحكم في الاهواء ومخالفة النفس.. ان خوف مقام الله تعالى، ومخالفة النفس، والصبر، واليقين هي دعائم الشخصية الرسالية القيادية، أو من دعائمها المهمة، وقد بين الله تعالى، انه قد جعل من بني اسرائيل ائمة لما صبروا، وكانوا بآياته يوقنون والصبر، هو الارادة الحازمة ضد ميول النفس، واتجاهاتها الذاتية، ولا يتم تكوين هذه الارادة الا من خلال مخالفة النفس. وللاسلام طريقته الخاصة في مخالفة الاهواء.. ان الصوفي لا يهمه ان يخالف هواه عن طريق القاء ماله في البحر.. أو عن طريق سرقة اموال الناس ليكتشفوه بعد ذلك فيهينوه، وتسقط هيبته من اعينهم فيعاف الظهور، والمركز، أو عن طريق الوقوف على رأسه الى الصباح كما ينقل الغزالي ذلك في (احياء علوم الدين) ان هذه الوسائل محرمة في نظر الاسلام، ولم ينزل الله بها من سلطان، قلنا فيما سبق ان من روائع الاسلام، ومن نعم الله تعالى علينا انه كما حدد لنا الاهداف التربوية كذلك حدد لنا الوسائل ولم يتركنا للتخبط الصوفي، وترهات الغزالي، وأمثاله، أو الى طريقة التأمل البوذي.. أو غير ذلك من محاولات هذا الكائن الجاهل الضعيف.. امر الاسلام بالتحكم في النفس.. واكد على ضرورة سيطرة الارادة الربانية ومخالفة الاهواء.. وحدد لنا الطريق. لا ترمِ مالك في البحر، ولا تبسط يدك كل البسط فتقعد ملوماً مدحوراً، ولا تسرف لان الله لا يحب المسرفين، ولكن انفق العفو، واد الصدقات المستحبة والواجبة.. والاسلام يعي ان الهدف من الزكاة، والصدقة ليس هو اعانة الفقراء فقط ولكن تطهير الوجدان البشري من حب المال، وتمكنه من القلب. (خذ من اموالهم صدقة تزكيهم بها وتطهرهم) ومن هنا فان الاسلام في باب الصدقة اوجب الزكاة.. ولكن من جهة اخرى حث على الصدقة.. وكان هذا الحث بدرجة الاستحباب.. وهذا يعني ان الاسلام يريد من ذلك ان يكون طواعية، واختياراً ليكون اثر قدرة على التطهير والتزكية.. وحث الى جانب ذلك ان تكون الصدقة سراً لان صدقة السر افضل من صدقة العلانية.. واكثر قدرة على تنمية الروح المخلصة والروح المرتبطة بالله.. ومن هنا كان على المؤمن ان ينفق عفو ماله وفضله، ان يتحسس حاجات اخوانه. وان يحافظ على الطابع السري للانفاق قدر الامكان. ولم يرد الاسلام ان يعيش على مزابل الكلاب ليواجه بذلك اهواءه كما يقول الصوفي.. (لا يكون الصوفي صوفياً حتى يجعل من زوجته ارملة، ومن اولاده ايتاماً، ويعيش على مزابل الكلاب) وانما امره الى جانب الصدقة، والانفاق السري ان يصون لسانه من الكذب، والغيبة، ومن محاولات الظهور والثرثرة، وان تكون قاعدته الصمت الا في موارد الحاجة والضرورة، وان يتعلم الصوم المستحب.. الذي يكف به عن الشهوة ساعات. شهوة الجنس، وشهوة الطعام والشراب.. والصوم المستحب من اروع العبادات الاسلامية التي تربط الانسان بالله تعالى، وتنمي الارادة، وتصعد من ملكة الصبر.. ومن اهم مجالات الصوم المستحب، صوم ثلاثة ايام في الشهر.. (اول خميس من الشهر، وآخر خميس، والاربعاء الوسطى) وقد ورد الحث الشديد على ذلك في النصوص.. وهو من القدرات الروحية التي إن كانت مستحبة على
الانسان المسلم من زاوية شرعية، فهي الزامية على الداعية من ناحية المنطق الاخلاقي، والروحية الاسلامية.. لان الداعية يلزمه ان يعد نفسه لتحمل القول الثقيل، والسير في طريق ذات الشوكة، وان يعاني مرارة الاستقامة في خضم العمل الاجتماعي، وكل هذا لا يتم الا من خلال التربية، والاعداد الروحي القائم على هذا، وامثاله.. ومن عناصر الداعية المسلم في هذا الميدان هو ان يتأمل ذاته، ويحسب نشاطاته، ويدرسها.. سيجد ان بعض التصرفات تقوم على اساس دواعي الهوى ولم يقصد الله فيها، ولم يذكره اصلاً.. هنا يجب عليه، أو ينبغي له ان يتوقف موقتاً، وان يتأمل قبل الاداء، فان كان تصرفه، وموقفه ضرورياً من الناحية الشرعية اقدم عليه، واداه مثاباً مأجوراً، وان لم يكن موقفه ضرورياً من الناحية الشرعية، والدعوتية تركه، واهمله.. خاصة في موارد التقييمات، والكلام على الناس، ومواجهتهم..
ان كل مؤمن له اهواؤه - قلت او كثرة وهي قد تتعلق بالمال، الاكل والشرب، الجاه والمركز، التحكم والسيطرة على الآخرين، الخ. والهدف النهائي الذي يطمح اليه المؤمن هو الغاء هذه الاهواء من نفسه، وتطهير مشاعره، ووجدانه ودوافعه منها تطهيراً كاملاً. اما المهمة الآنية والملحة، فهي اضعاف تأثير هذه الاهواء على السلوك، والتحكم فيها، وعدم السماح لها بالسيطرة على النفس، بل عدم السماح لها بالنفوذ بأي شكل من الاشكال.. وبكلمة اخرى : ان المهمة الآنية للانسان المؤمن هي تأمين سيطرة الارادة الربانية على النشاط، والسلوك بحيث تكون مقدمة على الاهواء، والميول الذاتية في النفس.. والتحكم في الاهواء، والغاؤها نهائياً من صفحة النفس والشعور ينتج من مجموعة عوامل اهمها أو من اهمها.. مخالفة الهوى.. (واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) وذلك لان كل عاطفة، أو انفعال او هوى، يضعف اذا لم تنفذ مطالبه، ولم يلب ما تقتضيه من تصرفات..
1) - ان لكل عاطفة ، أو هوى، أو انفعال تصرفاً يقتضيه وينتهي اليه، فحب المال ينتهي الى الحفاظ عليه، وعدم التصدق به وحب المركز يقتضي من الانسان أن يحاول الظهور امام الناس في المجالات الفكرية، أو الخطابية أو الدينية..
2) - ان الفصل بين الهوى، وبين نتيجته العملية، وعدم تلبية مطالبه اضعاف له، وزعزعة لسيطرته على النفس، وتحكمه في السلوك، وتقوية للارادة الربانية (الجهاز الحاكم في الشخصية الاسلامية). والفصل بين الهوى، ونتيجته العملية امر ممكن لان العلاقة بينهما علاقة (الاقتضاء) لا علاقة (اللزوم).
ان مخالفة الاهواء بالنسبة الى الانسان المؤمن العامل في سبيل الله هي من اهم مهامه الآنية.. لانه احوج من غيره الى الارادة الحازمة، والقدرة على التحكم في الاهواء ومخالفة النفس.. ان خوف مقام الله تعالى، ومخالفة النفس، والصبر، واليقين هي دعائم الشخصية الرسالية القيادية، أو من دعائمها المهمة، وقد بين الله تعالى، انه قد جعل من بني اسرائيل ائمة لما صبروا، وكانوا بآياته يوقنون والصبر، هو الارادة الحازمة ضد ميول النفس، واتجاهاتها الذاتية، ولا يتم تكوين هذه الارادة الا من خلال مخالفة النفس. وللاسلام طريقته الخاصة في مخالفة الاهواء.. ان الصوفي لا يهمه ان يخالف هواه عن طريق القاء ماله في البحر.. أو عن طريق سرقة اموال الناس ليكتشفوه بعد ذلك فيهينوه، وتسقط هيبته من اعينهم فيعاف الظهور، والمركز، أو عن طريق الوقوف على رأسه الى الصباح كما ينقل الغزالي ذلك في (احياء علوم الدين) ان هذه الوسائل محرمة في نظر الاسلام، ولم ينزل الله بها من سلطان، قلنا فيما سبق ان من روائع الاسلام، ومن نعم الله تعالى علينا انه كما حدد لنا الاهداف التربوية كذلك حدد لنا الوسائل ولم يتركنا للتخبط الصوفي، وترهات الغزالي، وأمثاله، أو الى طريقة التأمل البوذي.. أو غير ذلك من محاولات هذا الكائن الجاهل الضعيف.. امر الاسلام بالتحكم في النفس.. واكد على ضرورة سيطرة الارادة الربانية ومخالفة الاهواء.. وحدد لنا الطريق. لا ترمِ مالك في البحر، ولا تبسط يدك كل البسط فتقعد ملوماً مدحوراً، ولا تسرف لان الله لا يحب المسرفين، ولكن انفق العفو، واد الصدقات المستحبة والواجبة.. والاسلام يعي ان الهدف من الزكاة، والصدقة ليس هو اعانة الفقراء فقط ولكن تطهير الوجدان البشري من حب المال، وتمكنه من القلب. (خذ من اموالهم صدقة تزكيهم بها وتطهرهم) ومن هنا فان الاسلام في باب الصدقة اوجب الزكاة.. ولكن من جهة اخرى حث على الصدقة.. وكان هذا الحث بدرجة الاستحباب.. وهذا يعني ان الاسلام يريد من ذلك ان يكون طواعية، واختياراً ليكون اثر قدرة على التطهير والتزكية.. وحث الى جانب ذلك ان تكون الصدقة سراً لان صدقة السر افضل من صدقة العلانية.. واكثر قدرة على تنمية الروح المخلصة والروح المرتبطة بالله.. ومن هنا كان على المؤمن ان ينفق عفو ماله وفضله، ان يتحسس حاجات اخوانه. وان يحافظ على الطابع السري للانفاق قدر الامكان. ولم يرد الاسلام ان يعيش على مزابل الكلاب ليواجه بذلك اهواءه كما يقول الصوفي.. (لا يكون الصوفي صوفياً حتى يجعل من زوجته ارملة، ومن اولاده ايتاماً، ويعيش على مزابل الكلاب) وانما امره الى جانب الصدقة، والانفاق السري ان يصون لسانه من الكذب، والغيبة، ومن محاولات الظهور والثرثرة، وان تكون قاعدته الصمت الا في موارد الحاجة والضرورة، وان يتعلم الصوم المستحب.. الذي يكف به عن الشهوة ساعات. شهوة الجنس، وشهوة الطعام والشراب.. والصوم المستحب من اروع العبادات الاسلامية التي تربط الانسان بالله تعالى، وتنمي الارادة، وتصعد من ملكة الصبر.. ومن اهم مجالات الصوم المستحب، صوم ثلاثة ايام في الشهر.. (اول خميس من الشهر، وآخر خميس، والاربعاء الوسطى) وقد ورد الحث الشديد على ذلك في النصوص.. وهو من القدرات الروحية التي إن كانت مستحبة على
تعليق