في المستشفى كان السياب بانتظار ساعة الرحيل إلى عالم اللاعودة, كان يتخيل صورة حفار قبره, وكان صوت (المعول الحجري) يرنّ في أذنيه, كان يحس بأن هذا المعول هو الذي سيحفر به أصدقاؤه قبره, فكانت قصيدته الأخيرة قصيدة الوداع:
رنين المعول الحجري في المرتجَّ من نبضي
يُدمر في خيالي صورة الأرض,
ويهدم برج بابل,
ويقلع الأبواب,
يخلع كل آجّرة,
ويحرق من جنائنها المعلّقة الذي فيها, فلا ماء, ولا ظلٌّ, ولا زهرة,
وينبذني طريدًا عند كهف,
ليس تحمي بابَه صخرة.
ولا تدمي سواد الليل نارٌ,
فيه تحييني وأحييها
وداعا يا أحبائي.