بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ..
التسليم للمعصوم (عليه السلام) :
اقتضت الحكمة الإلهية واللطف الرباني بعد خلق الخلق ارسال الانبياء والرسل لهداية الناس الى طريق الحق والاستقامة ، والحيد بهم عن طرق الانحراف والضلال ، ولكي يؤدوا مهامهم على أكمل وجه ، حصنهم المولى جل وعلا بأن عصمهم من مقارفة الذنوب ، وارتكاب المعاصي ، بل ومن كل ما من شأنه أن يؤدي الى النفور منهم والابتعاد عنهم ، لذا أوجب على الناس طاعتهم ، واتباع أوامرهم ، بل والتسليم لهم تسليماً مطلقاً ، وحكم نبينا الأكرم(صلى الله عليه وآله ) لا يخرج عن هذه القاعدة فهو كباقي الانبياء ، حيث اوجب المولى سبحانه على أمة محمد (صلى الله عليه وآله ) طاعته والتسليم له ،
قال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "(1)
قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره الأمثل أن أحد معاني (سلموا ) هو التسليم :
[ أمّا (سلِّموا) فتعني التسليم لأوامر نبي الإسلام الأكرم، كما ورد في الآية (65) من سورة النساء "ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويسلّموا تسليماً"
وكما نقرأ في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ أبا بصير سأله فقال: قد عرفت صلاتنا على النّبي، فكيف التسليم؟ قال: «هو التسليم له في الاُمور» ] (2)
وأورد العلامة المجلسي في البحار :
عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً "
قال(عليه السلام) :
" الصلاة عليه والتسليم له في كل شيء جاء به "
وعن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله :
" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً"
قال (عليه السلام) :
" التسليم الرضا والقنوع بقضائه " (3)
ونفس ما يثبت للنبي(صلى الله عليه وآله ) من عصمة ووجوب طاعة وتسليم يثبت لخلفاءه الذين من بعده والمنصوبون من قبل الله تعالى والا لما اكتمل الغرض من بعث الانبياء والرسل .
عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: قلت له: إن عندنا رجلا يسمى كليبا (4) فلا نتحدث عنكم شيئا إلا قال: أنا اسلم فسميناه كليب التسليم، قال: فترحم (عليه السلام ) عليه ثم قال:
" أتدرون ما التسليم ؟ "
فسكتنا، فقال (عليه السلام ) :
" هو والله الإخبات، قول الله: الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم "(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) [الأحزاب : 56]
(2)تفسير الأمثل - (13 / 341)
(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (2 / 204)
(4) بضم الكاف وفتح اللام وسكون الياء
هو كليب بن معاوية بن جبلة الاسدي الصيداوي أبو محمد
وقيل: أبو الحسين، روى عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام،
وابنه محمد بن كليب روى عن أبى عبد الله عليه السلام،
له كتاب رواه جماعة منهم عبد الرحمن بن أبى هاشم.
(5) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (2 / 203)
يتبع ...
تعليق