العباس حامل لواء الحسين
حكاية وأنشودةأبو الفضل العباس
أبا الفضلِ... ذو فضلٍ أنت عليّ
وهيهات أن تردّ هذه السطور لك الجميل يا ابن الأصيل مجرّد وردة صغيرة هي أضعها على أدراج عتبتك المقدسة محاولة هي.. تجمع الحكاية.. والخواطر الوجدانية. ستتلوها دراسة.
حكايتي مع أبي الفضل
ذات يوم كنت أقود سيارتي في باريس يصحبني زائر صديق. وعند دخولنا في مفترق ضيّق أطلّت فجأة علينا سيارة بدت وكأنها الغضب الآتي. فلم أرها إلاّ أمامي مصيبة ستنزل بي. فصرخ عندها صديقي: يا أبا الفضل العبّاس. ولا أذكر ما الذي فعلته في هذه الثواني الحرجة، ولعلّي ضغطت برجلي بقوّة على المكابح، وفي اللحظة التي صرخ فيها صديقي انحرفت السيّارة عنّا، ونجونا من الكارثة.
قطوع وفات نقول بالعامية، ولم أعرف مَن الذي ذكره صديقي، وبمَن استغاث. ولم أكن يومها قد سمعت به فسألته: شيعي أنت وتستشفع في اللحظة الحرجة ببني العباس؟! بل هو العباس ابن عليّ وأخو الحسين، أجاب ومفرّج الكروب.
ومضت الأيام... فجاوزت السنوات العشر.. وطُويت الحادثة في غياهب النسيان.
وها أنا في الشهر عينه، وربما في التاريخ عينه، في كربلاء أرض الحسين ومثوى حامل رايته – أسير والحَرّ يلفح وجهي وجسمي، وكأنه ريح من الجحيم، وأقصد عتبة أبي الفضل العباس. دخلت الصحن وطفت فيه مطرقاً متأملاً.. مكان ليس عليّ بغريب وإن كنت لم أطأه من قبل. ثم دخلت قاعة المرقد.. الناس يزدحمون ليتمسّحون بحديد الضريح ويتبرّكون. زحمةٌ ولا يوم الحشر. فحشرت جسدي بينهم أفعل ما يفعلون... ثم ابتعدت بضعة أمتار.. أخشع، أدعو وأرقب الضريح. فانهمرت من عينيّ الدموع طوفان.. لمَ أجهش بالبكاء تساءلت. ورغم محاولات عديدة لم أستطع أن أضبط دمعي، وما يجتاحني من مشاعر. فخرجت إلى الصحن، وجلست أطرق الرأس وأتأمل..
صاحب هذا المقام.. كأنه يناديني.. وكأن بيني وبينه أواصر معرفة قديمة.
وعدت مجدّداً إلى قاعة الضريح.. علّي ألبّي النداء. لأعود وأبكي كطفل أضاع أمّه.. ثم وجدها.
عندها تذكّرت... لمعت في مخيّلتي حادثة باريس.. فطنتُ أن كان بيني وبينك يا أبا الفضل لقاء..
وها أنا أدرج في عتبتك أيها العبّاس كطفل صغير.. أضعتُ أهلي وحُماتي... فكُن أنت لي الكفيل.
أنشودة إلى العباس
ساقي.. يا ساقي
أسكرتني من خمرة الباقي
آه يا ساقي... آه يا ساقي
ساقي... يا ساقي
زرتك أستقي فولجت أعماقي
آه يا ساقي... آه يا ساقي
ساقي ... يا ساقي
أبكيتني فجفّتِ المآقي
آه يا ساقي... آه يا ساقي
ساقي .. يا ساقي
من غدر الزمان كُن لي الواقي
آه يا ساقي.. آه يا ساقي
ساقي... يا ساقي
معك في المقام... يحلو التلاقي
آه يا ساقي... آه ياساقي
ساقي.. يا ساقي
ضريحك إلى الجنان مراقي
آه يا ساقي.. آه يا ساقي
أتيتُ أزورك وألقي السلام
فكنتَ أنت الزائرَ وأنا المُزارْ
سكنت القلبَ... هدمت الجدارْ
قمراً أطلّيت وبدّدت الظلامْ
يا بابَ الحوائجْ
بك يلوذُ الضعيفْ
يا مسكّناً كل هائج
كن ملجأي في الخريف
يا قطيع اليدين
أخذتني بيديك السماويّتين
كطفل أوقفتني على القدمين
فتحت لي البابَ أيا بابَ الحسين
كفيلٌ... أنت لي الكفيلْ
كفيلٌ... رفيق وخليلْ
كفيلٌ عند الظمأ يروي الغليلْ
أأخشى بعدُ التيه.. أنت الدليلْ
عبّاس... يا عبّاسْ
يا مفرّجاً كروب الناسْ
ألا اسقني من ذاك الكاس
ليخضرّ ما فـيّ من يباس
ظامئ أنا... أيها السقّاء
والفراتُ... وما فيه من ماء
لا يروي ظمأي يا حامل اللواء
فمثلك.. سأنسى العطشَ وألبّي النداء.
د. لويس صليبا
أستاذ وباحث في الدراسات الإسلامية والأديان المقارنة – باريس
عند النقل يرجى الاشارة الى المصدر(كتابات في الميزان)
تعليق