بسم الله الرحمن الرحيم
أما المحور الثاني فهو الإعداد النفسي وتحقيق الاستعداد الواقعي لدور غيبة الإمام المهدي(عليه السلام) من قبل شيعة الإمام(عليه السلام).
وقد حقق الإمام هذا الاستعداد وأخرجه من عالم القوة الى عالم الفعلية بما خططه لشيعته من تعويدهم على الاحتجاب عنهم والارتباط بهم من خلال وكلائه ونوّابه، وتوعيتهم على الوضع المستقبلي لئلا يُفاجأوا بما سيطر عليهم من ظروف جديدة لم يألفوها من ذي قبل.
وكان للإمام الهادي(عليه السلام) اُسلوب خاص لطرح إمامة ابنه الحسن العسكري(عليه السلام) بما يتناسب مع مهمّته المستقبلية في الحفاظ على حجة الله ووليّه الذي سيولد في ظرف حرج جدّاً، ليتسنى لأتباعه الانقياد للإمام من بعده والتسليم له فيما سيخبر به من وقوع الولادة وتحقق الغيبة وتحقّق الارتباط به عبر سفيره الذي تعرّفت عليه الشيعة ووثقت به. أما المحور الثاني فهو الإعداد النفسي وتحقيق الاستعداد الواقعي لدور غيبة الإمام المهدي(عليه السلام) من قبل شيعة الإمام(عليه السلام).
وقد حقق الإمام هذا الاستعداد وأخرجه من عالم القوة الى عالم الفعلية بما خططه لشيعته من تعويدهم على الاحتجاب عنهم والارتباط بهم من خلال وكلائه ونوّابه، وتوعيتهم على الوضع المستقبلي لئلا يُفاجأوا بما سيطر عليهم من ظروف جديدة لم يألفوها من ذي قبل.
ولهذا تفنّن الإمام الهادي(عليه السلام) في كيفية طرح إمامة الحسن(عليه السلام) وزمن طرح ذلك وكيفية الإشهاد عليه.
ومنه يبدو أن التعتيم الإعلامي حتى على إمامة الحسن العسكري(عليه السلام) كان مقصوداً للإمام الهادي(عليه السلام)، فتارة كان ينفي إمامة غيره واُخرى كان يكنّيه وثالثة كان يصفه ببعض الصفات التي قد توهم ارادة غيره في بادئ النظر وترشد إليه في نهاية المطاف كما ورد عنه أن هذا الأمر في الكبير من ولدي. حيث إن الكبير هو (محمد) المكنى بأبي جعفر غير أنه قد مات في حياة والده فلم يكن الكبير بعدئذ سوى الحسن(عليه السلام).
وإليك جملة من هذه النصوص التي يمكن تصنيفها بحسب تسلسلها الزمني الى ما صدر من الإمام الهادي(عليه السلام) قبل وفاة أبي جعفر، وماصدر حين وفاته، وما صدر بعدها، وما صدر منه قبيل استشهاد الإمام الهادي(عليه السلام). ويكفي الاطلاع عليها بتسلسلها التاريخي لنطمئن بتخطيط الإمام الهادي(عليه السلام) من أجل تحصين الجماعة الصالحة من كل إبهام أو تشكيك أو فراغ عقائدي أو انهيار، بعد إيضاح الحق وتبلّجه لأهله الذين عرفوا أن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهر مشهور أو خائف مستور. وإليك هذه النصوص كالآتي:
1 ـ عن علي بن عمرو العطار قال : دخلت على أبي الحسن العسكري(عليه السلام) وأبو جعفر ابنه في الاحياء ، وأنا أظن انه هو فقلت : جعلت فداك من أخص من ولدك ؟ فقال : «لا تخصوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري».
قال : فكتبت إليه بعد : فيمن يكون هذا الامر ؟ قال : فكتب إلي: «في الكبير من ولدي» (1 ) .
ولا تعني اشارة الإمام إلى ولده أبي جعفر فهو يعلم أنه سيمضي في حياته وسيكون الكبير أبا محمد العسكري(عليه السلام) وهو المؤهل لها دون غيره من إخوته .
2 ـ وعن علي بن عمر النوفلي قال : كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) في صحن داره فمرّ محمد ابنه فقلت له جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال : «لا ، صاحبكم بعدي الحسن» ( 2 ) .
3 ـ عن اسحق بن محمد عن محمد بن يحيى بن رئاب قال: حدثني أبو بكر الفهفكي قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن مسائل فلما نفذ الكتاب قلت في نفسي: إني كتبت فيما كتب أسأله عن الخلف من بعده وذلك بعد مضي محمد ابنه فأجابني عن مسائلي: «وكنت أردت ان تسألني عن الخلف، أبو محمد ابني اصح آل محمد صلى الله عليه وآله غريزة واوثقهم عقيدة بعدي وهو الاكبر من ولدي إليه تنتهي عرى الامامة واحكامها فما كنت سائلاً عنه فسله فعنده علم ما يحتاج إليه والحمد لله» ( 3 ) .
4 ـ عن علان الكلابي عن اسحق بن اسماعيل النيشابوري قال حدثني شاهويه بن عبد الله الجلاب قال: كنت رويت دلائل كثيرة عن أبي الحسن(عليه السلام)في ابنه محمد فلما مضى بقيت متحيراً وخفت ان اكتب في ذلك فلا ادري ما يكون فكتبت اسأل الدعاء، فخرج الجواب بالدعاء لي وفي آخر الكتاب: «اردت ان تسأل عن الخلف وقلقت لذلك فلا تغتم فإنّ الله عزوجل لا يضل قوماً بعد ان هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، وصاحبك بعدي أبو محمد ابني عنده علم ما تحتاجون إليه يقدم الله ما يشاء ويؤخر ما يشاء قد كتبت بما فيه تبيان لذي لب يقظان» ( 4) .
5 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدثنا الصقر بن أبي دلف قال : سمعت علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام)يقول : «ان الإمام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً» (5 ) .
6 ـ عن علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن يحيى بن يسار القنبري قال: أوصى أبو الحسن(عليه السلام) إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي ( 6 ) .
الهوامش:
1]) اُصول الكافي : 1 / 326 ح 7 .
(2) اُصول الكافي : 1 / 325 ح 2 .
(3اثبات الوصية : 208 .
4-اثبات الوصية : 209 .
5-كمال الدين : 382 ح 8 وعنه في اعلام الورى: 2/ 247 .
6-اُصول الكافي : 1 / 325 ح 1 ب النصّ على إمامة أبي محمد(عليه السلام).
تعليق