بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ...
السَّلامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ..
ولما بلغ غانمة بنت غانم سب معاوية وعمرو بن العاص بني هاشم، قالت لأهل مكة: أيها الناس، إن قريشا لم تلد من رقم ولا رقم، سادت وجادت، وملكت فملكت، وفضلت ففضلت، واصطفيت فاصطفت، ليس فيها كدر عيب ولا أفن ريب، ولا حشروا طاعنين، ولا حادوا نادمين، ولا المغضوب عليهم ولا الضالين.
إن بني هاشم أطول الناس باعا، وأمجد الناس أصلا، وأحلم الناس حلما، وأكثر الناس عطاء، منا عبد مناف الذي يقول فيه الشاعر:
كانت قريش بيضة فتفلقت * فالمخ خالصها لعبد مناف
وولده هاشم الذي هشم الثريد لقومه، وفيه يقول الشاعر:
هشم الثريد لقومه وأجارهم * ورجال مكة مسنتون عجاف
ثم منا عبد المطلب الذي سقينا به الغيث، وفيه يقول الشاعر:
ونحن سني المحل قام شفيعنا * بمكة يدعو والمياه تغور
وابنه أبو طالب عظيم قريش، وفيه يقول الشاعر:
آتيته ملكا فقام بحاجتي * وترى العليج خائبا مذموما
ومنا العباس بن عبد المطلب، أردفه رسول الله صلى الله عليه وآله فأعطاه ماله، وفيه يقول الشاعر:
رديف رسول الله لم أر مثله * ولا مثله يوم القيامة يوجد
ومنا حمزة سيد الشهداء، وفيه يقول الشاعر:
أبا يعلى لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول
ومنا جعفر ذو الجناحين أحسن الناس حسنا وأكملهم كمالا ليس بغدار ولاختار، بدله الله عز وجل بكل يد له جناحا يطير به في الجنة، وفيه يقول الشاعر:
هاتوا كجعفرنا ومثل علينا * كانا أعز الناس عند الخالق
ومنا أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفرس بني هاشم، وأكرم من احتفى وتنعل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ومن فضائله ما قصر عنكم أنباؤها، وفيه يقول الشاعر:
وهذا علي سيد الناس فاتقوا * عليا بإسلام تقدم من قبل
ومنا الحسن بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة، وفيه يقول الشاعر:
ومن يك جده حقا نبيا * فإن له الفضيلة في الأنام
ومنا الحسين بن علي رضوان الله عليه حمله جبرئيل عليه السلام على عاتقه، وكفى بذلك فخرا، وفيه يقول الشاعر:
نفى عنه عيب الآدميين ربه * ومن مجده مجد الحسين المطهر
ثم قالت: يا معشر قريش، والله ما معاوية بأمير المؤمنين ولا هو كما يزعم، هو والله شانئ رسول الله صلى الله عليه وآله إني آتية معاوية، وقائلة له ما يعرق جبينه ويكثر منه عويله.
فكتب عامل معاوية إليه بذلك، فلما بلغه أن غانمة قد قربت منه أمر بدار ضيافته فنظفت وألقى فيها فرش، فلما قربت من المدينة استقبلها يزيد في حشمه ومماليكه، فلما دخلت المدينة أتت دار أخيها عمرو بن غانم، فقال لها يزيد: إن عبد الرحمن يأمرك أن تصيري إلى دار ضيافته - وكانت لا تعرفه - فقالت: من أنت كلاك الله؟ قال: يزيد بن معاوية، قالت: فلا رعاك الله يا ناقص لست بزائد! فتغير لون يزيد وأتى أباه فأخبره، فقال: هي أسن قريش وأعظمهم، فقال يزيد كم تعد لها يا أمير المؤمنين؟ قال: كانت تعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله أربعمائة عام، وهي من بقية الكرام.
فلما كان من الغد أتاها معاوية، فسلم عليها، فقالت: على المؤمنين السلام وعلى الكافرين الهوان.
ثم قالت: من منكم ابن العاص؟ قال عمرو: ها أنذا، فقالت: وأنت تسب قريشا وبني هاشم؟ وأنت والله أهل السب وفيك السب وإليك يعود السب يا عمرو! إني والله لعارفة بعيوبك وعيوب أمك وإني أذكر لك ذلك عيبا عيبا:
ولدت من أمة سوداء، مجنونة حمقاء، (... )(1) وأما أنت: فقد رأيتك غاويا غير راشد، ومفسدا غير صالح، ولقد رأيت فحل زوجتك على فراشك، فما غرت ولا أنكرت!
وأما أنت يا معاوية، فما كنت في خير، ولا ربيت في خير، فما لك ولبني هاشم؟ أنساء بني أمية كنسائهم؟ أم أعطى أمية ما أعطى هاشم في الجاهلية والإسلام؟ وكفى فخرا برسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال معاوية: أيها الكبيرة، أنا كاف عن بني هاشم، قالت فإني: أكتب إليك عهدا، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا ربه أن يستجيب لي خمس دعوات، أفأجعل تلك الدعوات كلها فيك؟ فخاف معاوية وحلف لها أن لا يسب بني هاشم أبدا ) (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) تم حذف بعض من كلامها
(2) كتاب مواقف الشيعة - (ج 1 - ص 91 )
السَّلامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ..
ولما بلغ غانمة بنت غانم سب معاوية وعمرو بن العاص بني هاشم، قالت لأهل مكة: أيها الناس، إن قريشا لم تلد من رقم ولا رقم، سادت وجادت، وملكت فملكت، وفضلت ففضلت، واصطفيت فاصطفت، ليس فيها كدر عيب ولا أفن ريب، ولا حشروا طاعنين، ولا حادوا نادمين، ولا المغضوب عليهم ولا الضالين.
إن بني هاشم أطول الناس باعا، وأمجد الناس أصلا، وأحلم الناس حلما، وأكثر الناس عطاء، منا عبد مناف الذي يقول فيه الشاعر:
كانت قريش بيضة فتفلقت * فالمخ خالصها لعبد مناف
وولده هاشم الذي هشم الثريد لقومه، وفيه يقول الشاعر:
هشم الثريد لقومه وأجارهم * ورجال مكة مسنتون عجاف
ثم منا عبد المطلب الذي سقينا به الغيث، وفيه يقول الشاعر:
ونحن سني المحل قام شفيعنا * بمكة يدعو والمياه تغور
وابنه أبو طالب عظيم قريش، وفيه يقول الشاعر:
آتيته ملكا فقام بحاجتي * وترى العليج خائبا مذموما
ومنا العباس بن عبد المطلب، أردفه رسول الله صلى الله عليه وآله فأعطاه ماله، وفيه يقول الشاعر:
رديف رسول الله لم أر مثله * ولا مثله يوم القيامة يوجد
ومنا حمزة سيد الشهداء، وفيه يقول الشاعر:
أبا يعلى لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول
ومنا جعفر ذو الجناحين أحسن الناس حسنا وأكملهم كمالا ليس بغدار ولاختار، بدله الله عز وجل بكل يد له جناحا يطير به في الجنة، وفيه يقول الشاعر:
هاتوا كجعفرنا ومثل علينا * كانا أعز الناس عند الخالق
ومنا أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفرس بني هاشم، وأكرم من احتفى وتنعل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ومن فضائله ما قصر عنكم أنباؤها، وفيه يقول الشاعر:
وهذا علي سيد الناس فاتقوا * عليا بإسلام تقدم من قبل
ومنا الحسن بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة، وفيه يقول الشاعر:
ومن يك جده حقا نبيا * فإن له الفضيلة في الأنام
ومنا الحسين بن علي رضوان الله عليه حمله جبرئيل عليه السلام على عاتقه، وكفى بذلك فخرا، وفيه يقول الشاعر:
نفى عنه عيب الآدميين ربه * ومن مجده مجد الحسين المطهر
ثم قالت: يا معشر قريش، والله ما معاوية بأمير المؤمنين ولا هو كما يزعم، هو والله شانئ رسول الله صلى الله عليه وآله إني آتية معاوية، وقائلة له ما يعرق جبينه ويكثر منه عويله.
فكتب عامل معاوية إليه بذلك، فلما بلغه أن غانمة قد قربت منه أمر بدار ضيافته فنظفت وألقى فيها فرش، فلما قربت من المدينة استقبلها يزيد في حشمه ومماليكه، فلما دخلت المدينة أتت دار أخيها عمرو بن غانم، فقال لها يزيد: إن عبد الرحمن يأمرك أن تصيري إلى دار ضيافته - وكانت لا تعرفه - فقالت: من أنت كلاك الله؟ قال: يزيد بن معاوية، قالت: فلا رعاك الله يا ناقص لست بزائد! فتغير لون يزيد وأتى أباه فأخبره، فقال: هي أسن قريش وأعظمهم، فقال يزيد كم تعد لها يا أمير المؤمنين؟ قال: كانت تعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله أربعمائة عام، وهي من بقية الكرام.
فلما كان من الغد أتاها معاوية، فسلم عليها، فقالت: على المؤمنين السلام وعلى الكافرين الهوان.
ثم قالت: من منكم ابن العاص؟ قال عمرو: ها أنذا، فقالت: وأنت تسب قريشا وبني هاشم؟ وأنت والله أهل السب وفيك السب وإليك يعود السب يا عمرو! إني والله لعارفة بعيوبك وعيوب أمك وإني أذكر لك ذلك عيبا عيبا:
ولدت من أمة سوداء، مجنونة حمقاء، (... )(1) وأما أنت: فقد رأيتك غاويا غير راشد، ومفسدا غير صالح، ولقد رأيت فحل زوجتك على فراشك، فما غرت ولا أنكرت!
وأما أنت يا معاوية، فما كنت في خير، ولا ربيت في خير، فما لك ولبني هاشم؟ أنساء بني أمية كنسائهم؟ أم أعطى أمية ما أعطى هاشم في الجاهلية والإسلام؟ وكفى فخرا برسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال معاوية: أيها الكبيرة، أنا كاف عن بني هاشم، قالت فإني: أكتب إليك عهدا، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا ربه أن يستجيب لي خمس دعوات، أفأجعل تلك الدعوات كلها فيك؟ فخاف معاوية وحلف لها أن لا يسب بني هاشم أبدا ) (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) تم حذف بعض من كلامها
(2) كتاب مواقف الشيعة - (ج 1 - ص 91 )
تعليق