:إصطِّبارُ الإمام المَهدي:عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
وصبرُ المُنتَظِرين ضرورةٌ عقديَّة :
==========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله المعصومين
الإصطّبارُ والصبرُ مفردتان عميقتان مفهوماً ومعنىً
مَثّلتَا عنوان وملاك اجتباء واصطفاء الأنبياء ونَصب الأئمة المعصومين :عليهم السلام:
ذلك كون الصبر في جنب الله وعلى عبوديته
هو عِلَّةً في جعل الأئمة :عليهم السلام:
هُداةً للبشرية بأمر الله تعالى
لذا قال تعالى :
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ }الأنبياء73
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24
والمُلاحَظُ وجودياً في هذه الحياة من الأمس إلى اليوم
أنَّ الأمام المهدي :عليه السلام:
قد صبرَ على أمر الله تعالى وأيقنَ بآياته سبحانه.
واصطّبَر على عبادته تعالى مذ يوم ولِدَ ويوم غابَ ويوم يَظهرُ عليَّا بإذن الله تعالى .
والسبب في إصطِّبار الإمام المهدي:عليه السلام:
في غيبته الصغرى و الكبرى على أمر الله
وتحمّله ثقل الرسالة الإلهيَّة الخاتمة لتطبيقها في آخر الزمان بصورة دول العدل والحق الإلهيّ .
هو لإحاطته :عليه السلام: بما يصبرُ عليه خُبرا .
إذ العلمُ والمعرفة بنتيجة الصبر ومُحصَِّلاته
هو عِلَّة للتحمّل والإصطّبار والظفر بثماره .
والقرآن الكريم أشار إلى حقيقةٍ دقيقة وعظيمة القيمة والحكمة
وهي أنَّ الإنسان بصورة عامة لن يستطيع أن يصبر على ما لم يُحط به خُبرا
وخصوصاً في بُعد الإختبار والتمحيص
قال الله تعالى:
في قصة النبي موسى:عليه السلام :
والعبد الصالح:
فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً{65}
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً{66}
قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً{67}
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً{68}
قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً{69}
وفي هذه القصّة الهادفة والحكيمة يتجلى لنا الدرسُ القرآني هدفاً وقصداً ونتيجا
ويحكي عن ضرورة التصبّر والإصطّبار في مفردة التعاطي مع المعصومين :عليهم السلام:
والذين أحاطوا بما يصبرون عليه خُبرا .
و إنَّ إصطِّبار الإمام المهدي: عجّلَ الله تعالى فرجه الشريف:
في غيبته الكبرى وإنتظاره للأذن الألهي بالظهور والقيام الحق .
{ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }الكهف82
يعطينا رسالةً قيِّمَة في ضرورة التصبر والصبر على أمر الله وطاعته
خاصة و نعيش وقت الغيبة الكبرى
وفقد وليَّنا وكثرة عدونا وشدة الفتن بنا
ولكن لِنَعلَم أنَّ مفهوم الصبر المطلوب عقديِّاً
هو مُلازمة الثبات على المبدأ وعدم الإستسلام للشدائد والمحن والتقوي عليها نفسياً وسلوكيا
فعن أبي جعفر الإمام محمد الباقر :عليه السلام :
أنه قال :
: يأتي على الناس زمانٌ يغيب عنهم إمامهم
فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان
إنَّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم البارئ جلَّ جلاله فيقول :
عبادي وإمائي ! آمنتم بسري وصدقتم بغيبي
فأبشروا بحسن الثواب مني
فأنتم عبادي وإمائي حقا منكم أتقبل ، وعنكم أعفو ، ولكم أغفر ، وبكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء
ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي
قال جابر : فقلتُ :
يا ابن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان ؟
قال : حفظ اللسان ولزوم البيت :
:كمال الدين وتمام النعمة: الصدوق :ص330.
وعن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق:عليه السلام:
أنه قال :
: مَن ماتَ منكم على هذا الأمر
:أي أمر الإمام المهدي:عليه السلام:
مُنتَظِراً له كان كمَن كان في فسطاط القائم
:عليه السلام : :
كمال الدين وتمام النعمة: الصدوق :ص 644.
وليكن صبرنا على فراق وغياب الإمام المهدي
:عليه السلام:
هو لوجه الله تعالى
كما أكَّدَ الله تعالى ذلك المفهوم القيِّم
في قوله سبحانه:
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
وتتجلى النكتةُ اللطيفة هنا في التشريك في المعاناة والصبر المُتلاحِم مع الأولياء والصالحين
وهذه الآية الشريفة فيها من الإشارات مالاتخفى على اللبيب الفَهم .
إذ الخطابُ هنا وإن كان مُوجَّه إلى النبي محمد
: صلى الله عليه وآله وسلّم:
ولكن يشملنا بنحو القضية الحقيقية التي هي ملاك اغلب الخطابات القرآنيَّة إلى الناس أجمعين .
وحتى تأتي ثمار الصبر من المُنتَظِرين أُكُلُها
يجب أن تكون مُتلاحمة في المفهوم والمعنى
مع إصطِّبار الإمام المهدي:عليه السلام:
الذي وجده الله صابرا
فإجتباه
{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }ص44
وهناك أيَضاً ما يدعم الصبر التلاحمي بين المؤمنين المُنتظِرين وإمامهم المهدي المُصطَبَِّر :عليه السلام:
وهو قوله تعالى:
وَالْعَصْرِ{1}
إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2}
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3} :سورة العصر:
وقوله تعالى:
(( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ))
هو مُفاعلةٌ إثنينيَّة و سببٌ في الفوز المبين في نهاية الأمر
وإلاّ لماذا يقسم الله تعالى
وَالْعَصْرِ{1}
إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2}
ثم يستثني :
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}
دونما أن يتحقق حتماً المُحَصَّلُ والمَكسبُ القيَمي في نهاية المطاف للصبر والإنتصار بالنتيجة في هذه الحياة الدنيا
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وعجَّلَ اللهُ تعالى فرج إمامنا المهدي :عليه السلام:
وجعلنا اللهُ وإيَّاكمُ من أنصاره العاملين بين يديه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف:
تعليق