بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن المحبوب عند الإنسان هو العلم والقدرة والمال والجاه لكونها كمالا، فاعلم أنه اشتبه الأمر عليه باغواء الشيطان، حيث التبس عليه الكمال الحقيقي بالوهمي، وتيقن بكون جميع ذلك كمالا وأحبه. إذ التحقيق أن بعضها كمال حقيقي وبعضها كمال وهمي لا اصل له، والسعي في طلبه جهل وخسران وتضييع وقت وخذلان.
بيان ذلك: أنه لا ريب في عدم كون المال والجاه كمالا، لأن القدرة والاستيلاء على أعيان الأموال بوجوه التصرف وعلى القلوب والأبدان بالتسخير والانقياد ينقطع بالموت، فمن ظن ذلك كمالا فقد جهل. فالخلق كلهم في غمرة هذا الجهل، فانهم يظنون أن القدرة على الأجساد بقهر الحشمة، وعلى أعيان الأموال بسعة الغنى، وعلى تعظيم القلوب بسعة الجاه كمال. ولما اعتقدوا كون ذلك كمالا أحبوه، ولما احبوه طلبوه، ولما طلبوه شغلوا به وتهالكوا عليه، فنسوا الكمال الحقيقي الذي يوجب القرب من الله، اعني العلم والحرية كما يأتي. فهؤلاء هم الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون، وهم الذين لم يفهموا قوله تعالى:
" المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً
فالعلم والحرية وفضائل الأخلاق هي الباقيات الصالحات التي تبقى كمالا للنفس بعد خراب البدن، والمال والجاه هو الذي ينقضي على القرب وهو كما مثله الله تعالى، حيث قال:
" إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض
وكل ما تذروه رياح الموت فهو زهرة الحياة الدنيا، وكل مالا يقطعه الموت فهو من الباقيات الصالحات.
فقد ظهر أن كمال القدرة بالمال والجاه كمال وهمي لا أصل له، وأن من قصر الوقت على طلبه وظنه مقصوداً فهو جاهل، إلا قدر البلغة منها إلى الكمال الحقيقي.
وأما العلم، فلا ريب في كون ما هو حقيقة العلم كمالا حقيقياً، إذ الكمال الحقيقي هو الذي يقرب من يتصف به من الله ويبقي كمالا للنفس بعد الموت. ولا شك في أن العلم بالله وبصفاته وأفعاله وحكمته في ملكوت السماوات والارض وترتيب الدنيا والآخرة وما يتعلق به هو المقرب للعبد إلى الله، إذ هو علم ثابت لا يقبل التغيير والانقلاب، إذ معلوماته أزلية أبدية وليس لها تغيير وانقلاب. حتى يتغير العلم بتغيرها مثل التغيرات التي يتغير العلم بها بتغيرها وانقلابها، كالعلم بكون زيد في الدار.
فهو علم ثابت أزلا وأبداً من دون تغير واختلاف، كالعلم بجواز الجائزات ووجوب الواجبات واستحالة المستحيلات. فهذا العلم ـ اعني معرفة الله ومعرفة صفاته وأفعاله ـ هو الكمال الحقيقي الذي يبقى بعد الموت وينطوي فيه العلم بالنظام الجملي الأصلح وجميع المعارف المحيطة بالموجودات وحقائق الأشياء، إذ الموجودات كلها من أفعاله، فمن عرفها من حيث هي فعل الله ومن حيث ارتباطها بالقدرة والارادة والحكمة، كانت هذه المعرفة من تكملة معرفة الله التي تبقى كمالا للنفس بعد الموت، وتكون نوراً للعارفين بعد الموت يسعى بين أيديهم وأيمانهم: " يقولون ربنا أتمم لنا نورنا "، وهي رأس مال يوصل إلى كشف مالم ينكشف في الدنيا، كما أن من معه سراج خفي، فانه يجوز أن يصير ذلك سبباً لزيادة النور بسراج آخر يقتبس منه، فيكمل النور بذلك النور الخفي على سبيل الاستتمام، ومن ليس معه أصل السراج لا مطمع له في ذلك. فمن ليس له أصل معرفة الله لم يكن له مطمع في هذا النور، بل هو في " ظلمات في بحر لجي، يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض ".
وما عدا هذه المعرفة من المعارف، إما لا فائدة فيه أصلاً، كمعرفة الشعر وأنساب العرب ومثلها، أو له منفعة في معرفة الله، كمعرفة لغة العرب والتفسير والفقه والأخبار، ومعرفة طريق تزكية النفس التي تفيد استعداداً لقبول الهداية إلى معرفة الله، كما قال تعالى:
" قد أفلح من زكاها وقال: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.
فهو من حيث إنه وسيلة إلى معرفة الله والى تحصيل الحرية مما لا بد منه بالعرض.
ثم ان المعرفة التي هي كمال حقيقي للإنسان ليس كمال العلم وغايته، إذ لا يتصور كمال العلم ونهايته إلا للواجب تعالى، إذ كمال العلم انما يتحقق بأمور ثلاثة:
الأول ـ أن يحيط بكل المعلومات، ولا يتحقق ذلك في علم البشر. إذ ما أوتي من العلم إلا قليلا، بل العلم الذي يحيط بجميع المعلومات هو علم الله تعالى، وعلم العبد انما يتحقق ببعض المعلومات، وكلما كانت معلوماته اكثر كان علمه أقرب إلى علم الله تعالى.
الثاني ـ ان يتعلق بالمعلوم على ما هو به، ويكون المعلوم منكشفاً واضحاً في غاية الانكشاف والوضوح، بحيث لا يقبل انكشافاً أتم منه. وهذا أيضاً غير ممكن التحقق في حق الإنسان، إذ علمه لا يخلو عن كدرة وابهام، بل الكشف التام الذي هو غاية الظهور والانجلاء مختص بعلم الله تعالى، إذ معلوماته مكشوفة بأتم أنواع الكشف على ما هي عليها، وعلم العبد له ببعض مراتب الانكشاف، فكلما كان اجلى واوضح وأتقن واوفق للمعلوم في تفاصيل صفاته، كان أقرب إلى علم الله.
الثالث ـ أن يكون باقياً أبد الآباد، بحيث لا يتغير ولا يزول. وهذا أيضاً مختص بعلم الله تعالى، إذ علمه تعالى باق لا يتصور أن يختلف ويتغير ويزول، وعلم الإنسان يتغير ويزول، فكلما كان علمه بمعلومات لا تقبل التغير والانقلاب، كان أقرب إلى علم الله تعالى.
هذا، ومن الكمالات للإنسان: التحلي بفضائل الأخلاق والصفات لايجابها صفاء النفس المؤدى إلى البهجة الدائمية والحرية، أعني الخلاص من أسر الشهوات وغموم الدنيا والاستيلاء عليها بالقهر، تشبهاً بالملائكة الذين لا تستغرقهم الشهوة ولا يستهويهم الغضب، إذ رفع آثار الشهوة والغضب من النفس كمال حقيقي، لأنه صفات الملائكة. ومن صفات الكمال لله سبحانه عدم تطرق التغيير والتأثير على حريم كبريائه، فمن كان عن التغير والتأثر بالعوارض أبعد كان إلى الله أقرب.
وأما القدرة، فقد قال بعض العلماء: " أما القدرة فليس فيها كمال حقيقي للعبد، إذ القدرة الحقيقية لله، وما يحدث من الأشياء عقيب ارادة العبد وقدرته وحركته، فهي حادثة باحداث الله تعالى. نعم، له كمال من جهة القدرة بالاضافة إلى الحال، وهي وسيلة إلى كمال العلم، كسلامة أطرافه وقوة يده للبطش، ورجله للمشي، وحواسه للادراك، فان هذه القوى آلة للوصول به إلى حقيقة كمال العلم، وقد يحتاج في استيفاء هذه القوى إلى القدرة بالمال والجاه للتوصل به إلى المطعم والملبس، وذلك إلى قدر معلوم، فان لم يستعمله للوصول به إلى معرفة الله فلا خير فيه ألبته إلا من حيث اللذة الحالية التي تنقضي على القرب، ولا طريق للعبد إلى اكتساب كمال القدرة الباقية بعد موته، إذ قدرته على كل شيء من الأرضيات كالمال والابدان والنفوس، تنقطع بالموت ".
وأنت خبير بأن تحقق نوع قدرة للعباد مما لا ريب فيه، وان كانت أسبابها وأصلها من الله سبحانه، إلا أن القدرة على الأمور الدنيوية الفانية كالمال والأشخاص وغير ذلك، ليست كمالا حقيقياً، لزوالها بالموت. نعم الحق ثبوت القدرة النفسية للعبد ـ اعني تأثير نفسه في الغير من الكائنات تأثيراً روحانياً معنوياً، كما هو ظاهر من تأثير بعض النفوس في الإنسان والحيوان والنبات والجماد بأنواع التأثيرات، ومثل هذه القدرة تبقى للنفوس بعد الموت ولذا ترى أن من يستغيث ببعض النفوس الكاملة من الأموات يرى منها عجائب التأثيرات والاستفاضات، فما ذكره بعض العلماء من عدم بقاء قدرة للنفوس بعد الموت محل النظر.
وقد ظهر بما ذكر: أن الكمال الحقيقي للإنسان هو العلم الحقيقي وفضائل الأخلاق والحرية والقدرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن المحبوب عند الإنسان هو العلم والقدرة والمال والجاه لكونها كمالا، فاعلم أنه اشتبه الأمر عليه باغواء الشيطان، حيث التبس عليه الكمال الحقيقي بالوهمي، وتيقن بكون جميع ذلك كمالا وأحبه. إذ التحقيق أن بعضها كمال حقيقي وبعضها كمال وهمي لا اصل له، والسعي في طلبه جهل وخسران وتضييع وقت وخذلان.
بيان ذلك: أنه لا ريب في عدم كون المال والجاه كمالا، لأن القدرة والاستيلاء على أعيان الأموال بوجوه التصرف وعلى القلوب والأبدان بالتسخير والانقياد ينقطع بالموت، فمن ظن ذلك كمالا فقد جهل. فالخلق كلهم في غمرة هذا الجهل، فانهم يظنون أن القدرة على الأجساد بقهر الحشمة، وعلى أعيان الأموال بسعة الغنى، وعلى تعظيم القلوب بسعة الجاه كمال. ولما اعتقدوا كون ذلك كمالا أحبوه، ولما احبوه طلبوه، ولما طلبوه شغلوا به وتهالكوا عليه، فنسوا الكمال الحقيقي الذي يوجب القرب من الله، اعني العلم والحرية كما يأتي. فهؤلاء هم الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون، وهم الذين لم يفهموا قوله تعالى:
" المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً
فالعلم والحرية وفضائل الأخلاق هي الباقيات الصالحات التي تبقى كمالا للنفس بعد خراب البدن، والمال والجاه هو الذي ينقضي على القرب وهو كما مثله الله تعالى، حيث قال:
" إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض
وكل ما تذروه رياح الموت فهو زهرة الحياة الدنيا، وكل مالا يقطعه الموت فهو من الباقيات الصالحات.
فقد ظهر أن كمال القدرة بالمال والجاه كمال وهمي لا أصل له، وأن من قصر الوقت على طلبه وظنه مقصوداً فهو جاهل، إلا قدر البلغة منها إلى الكمال الحقيقي.
وأما العلم، فلا ريب في كون ما هو حقيقة العلم كمالا حقيقياً، إذ الكمال الحقيقي هو الذي يقرب من يتصف به من الله ويبقي كمالا للنفس بعد الموت. ولا شك في أن العلم بالله وبصفاته وأفعاله وحكمته في ملكوت السماوات والارض وترتيب الدنيا والآخرة وما يتعلق به هو المقرب للعبد إلى الله، إذ هو علم ثابت لا يقبل التغيير والانقلاب، إذ معلوماته أزلية أبدية وليس لها تغيير وانقلاب. حتى يتغير العلم بتغيرها مثل التغيرات التي يتغير العلم بها بتغيرها وانقلابها، كالعلم بكون زيد في الدار.
فهو علم ثابت أزلا وأبداً من دون تغير واختلاف، كالعلم بجواز الجائزات ووجوب الواجبات واستحالة المستحيلات. فهذا العلم ـ اعني معرفة الله ومعرفة صفاته وأفعاله ـ هو الكمال الحقيقي الذي يبقى بعد الموت وينطوي فيه العلم بالنظام الجملي الأصلح وجميع المعارف المحيطة بالموجودات وحقائق الأشياء، إذ الموجودات كلها من أفعاله، فمن عرفها من حيث هي فعل الله ومن حيث ارتباطها بالقدرة والارادة والحكمة، كانت هذه المعرفة من تكملة معرفة الله التي تبقى كمالا للنفس بعد الموت، وتكون نوراً للعارفين بعد الموت يسعى بين أيديهم وأيمانهم: " يقولون ربنا أتمم لنا نورنا "، وهي رأس مال يوصل إلى كشف مالم ينكشف في الدنيا، كما أن من معه سراج خفي، فانه يجوز أن يصير ذلك سبباً لزيادة النور بسراج آخر يقتبس منه، فيكمل النور بذلك النور الخفي على سبيل الاستتمام، ومن ليس معه أصل السراج لا مطمع له في ذلك. فمن ليس له أصل معرفة الله لم يكن له مطمع في هذا النور، بل هو في " ظلمات في بحر لجي، يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض ".
وما عدا هذه المعرفة من المعارف، إما لا فائدة فيه أصلاً، كمعرفة الشعر وأنساب العرب ومثلها، أو له منفعة في معرفة الله، كمعرفة لغة العرب والتفسير والفقه والأخبار، ومعرفة طريق تزكية النفس التي تفيد استعداداً لقبول الهداية إلى معرفة الله، كما قال تعالى:
" قد أفلح من زكاها وقال: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.
فهو من حيث إنه وسيلة إلى معرفة الله والى تحصيل الحرية مما لا بد منه بالعرض.
ثم ان المعرفة التي هي كمال حقيقي للإنسان ليس كمال العلم وغايته، إذ لا يتصور كمال العلم ونهايته إلا للواجب تعالى، إذ كمال العلم انما يتحقق بأمور ثلاثة:
الأول ـ أن يحيط بكل المعلومات، ولا يتحقق ذلك في علم البشر. إذ ما أوتي من العلم إلا قليلا، بل العلم الذي يحيط بجميع المعلومات هو علم الله تعالى، وعلم العبد انما يتحقق ببعض المعلومات، وكلما كانت معلوماته اكثر كان علمه أقرب إلى علم الله تعالى.
الثاني ـ ان يتعلق بالمعلوم على ما هو به، ويكون المعلوم منكشفاً واضحاً في غاية الانكشاف والوضوح، بحيث لا يقبل انكشافاً أتم منه. وهذا أيضاً غير ممكن التحقق في حق الإنسان، إذ علمه لا يخلو عن كدرة وابهام، بل الكشف التام الذي هو غاية الظهور والانجلاء مختص بعلم الله تعالى، إذ معلوماته مكشوفة بأتم أنواع الكشف على ما هي عليها، وعلم العبد له ببعض مراتب الانكشاف، فكلما كان اجلى واوضح وأتقن واوفق للمعلوم في تفاصيل صفاته، كان أقرب إلى علم الله.
الثالث ـ أن يكون باقياً أبد الآباد، بحيث لا يتغير ولا يزول. وهذا أيضاً مختص بعلم الله تعالى، إذ علمه تعالى باق لا يتصور أن يختلف ويتغير ويزول، وعلم الإنسان يتغير ويزول، فكلما كان علمه بمعلومات لا تقبل التغير والانقلاب، كان أقرب إلى علم الله تعالى.
هذا، ومن الكمالات للإنسان: التحلي بفضائل الأخلاق والصفات لايجابها صفاء النفس المؤدى إلى البهجة الدائمية والحرية، أعني الخلاص من أسر الشهوات وغموم الدنيا والاستيلاء عليها بالقهر، تشبهاً بالملائكة الذين لا تستغرقهم الشهوة ولا يستهويهم الغضب، إذ رفع آثار الشهوة والغضب من النفس كمال حقيقي، لأنه صفات الملائكة. ومن صفات الكمال لله سبحانه عدم تطرق التغيير والتأثير على حريم كبريائه، فمن كان عن التغير والتأثر بالعوارض أبعد كان إلى الله أقرب.
وأما القدرة، فقد قال بعض العلماء: " أما القدرة فليس فيها كمال حقيقي للعبد، إذ القدرة الحقيقية لله، وما يحدث من الأشياء عقيب ارادة العبد وقدرته وحركته، فهي حادثة باحداث الله تعالى. نعم، له كمال من جهة القدرة بالاضافة إلى الحال، وهي وسيلة إلى كمال العلم، كسلامة أطرافه وقوة يده للبطش، ورجله للمشي، وحواسه للادراك، فان هذه القوى آلة للوصول به إلى حقيقة كمال العلم، وقد يحتاج في استيفاء هذه القوى إلى القدرة بالمال والجاه للتوصل به إلى المطعم والملبس، وذلك إلى قدر معلوم، فان لم يستعمله للوصول به إلى معرفة الله فلا خير فيه ألبته إلا من حيث اللذة الحالية التي تنقضي على القرب، ولا طريق للعبد إلى اكتساب كمال القدرة الباقية بعد موته، إذ قدرته على كل شيء من الأرضيات كالمال والابدان والنفوس، تنقطع بالموت ".
وأنت خبير بأن تحقق نوع قدرة للعباد مما لا ريب فيه، وان كانت أسبابها وأصلها من الله سبحانه، إلا أن القدرة على الأمور الدنيوية الفانية كالمال والأشخاص وغير ذلك، ليست كمالا حقيقياً، لزوالها بالموت. نعم الحق ثبوت القدرة النفسية للعبد ـ اعني تأثير نفسه في الغير من الكائنات تأثيراً روحانياً معنوياً، كما هو ظاهر من تأثير بعض النفوس في الإنسان والحيوان والنبات والجماد بأنواع التأثيرات، ومثل هذه القدرة تبقى للنفوس بعد الموت ولذا ترى أن من يستغيث ببعض النفوس الكاملة من الأموات يرى منها عجائب التأثيرات والاستفاضات، فما ذكره بعض العلماء من عدم بقاء قدرة للنفوس بعد الموت محل النظر.
وقد ظهر بما ذكر: أن الكمال الحقيقي للإنسان هو العلم الحقيقي وفضائل الأخلاق والحرية والقدرة.
تعليق