إن المصلي يقرأ في كل صلاة في سورة الحمد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}؟.. وكما هو معلوم هناك فرق بين {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وبين نعبدك ونستعينك.. إذا قلنا: (نعبدك)، فإن هذا لا ينافي أن نعبد غير الله عز وجل، ولكن عندما نقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}؛ أي نعبدك حصرا.. {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، أي نستعين بك حصرا. من حيث العبادة، كلنا نعبد الله -عز وجل- حقيقة وحصرا، ولكن المشكلة في الشق الثاني.. طبعا الشرك الخفي له مجاله، ولكن الكلام هنا عن الاستعانة؛ أي يا رب نستعين بك، ولا نستعين بأحد سواك.. فإذن، كيف نجمع بين هذه المقولة، وبين استعانة بعضنا ببعض في الحياة الدنيا؟.. نحن نستعين بذوي الاختصاص: بالطبيب والمهندس، ونجعل بعضنا وسطاء في قضاء الحوائج.. وروايات أهل البيت (ع) تدعونا إلى ذلك، قال الإمام الصادق (ع): (كفارة عمل السلطان، قضاء حوائج الأخوان). كيف نجمع بين {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وبين الاستعانة بالغير كما هي سنة الحياة؟.. إن القضية جدا بسيطة: أي أستعين بأخي المؤمن على أنه سبب من الأسباب، وعلى أنه أداة بيد الله عز وجل {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.. ولو شاء الله لقلب فؤاده على خلاف ما هو يريد.. فرعون كان يقتل الأطفال، ولكن عندما وقع موسى بيده تحول من عدو قاس إلى إنسان لين، وجعله ابنا له.. عندما عاد موسى وقام بثورته على فرعون منّ عليه بأنه رباه وليدا فـ{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}.. فإذن، إن معنى ذلك أن القلب بيد الله عز وجل، (إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يصرفها كيف يشاء). وبالتالي، فإنه عندما يذهب الإنسان للأسباب الظاهرية، عليه أن يذهب إلى أن هذا السبب بيد الله -عز وجل- ولو شاء لأزال سببيته.. ولهذا عندما تقضى حاجة المؤمن كعملية موفقة على يد جراح ماهر، فإن أول خطوة عليه القيام بها، هي أن يشكر الله -عز وجل- على هذه النعمة، فيقول: يا رب لك الحمد، ولك الشكر، أن سخرت لي فلانا.. فمن شكر الله على النعم، سيسخر له رب العالمين أسبابا أخرى، من باب: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}.
الموضوع منقول
الموضوع منقول
تعليق