مرة أخرى تقاذفت الألسن قيسا وصار بينها ككرة المضرب, يقذفه لسان فلان ويتلّقفه لسان فلان ودشنت على اسمه آلاف الشتائم الجديدة ولعن ألف مرة ومرة , فهو العاصي الوحيد في هذه المدينة وزير النساء , نسونجي من الطراز الأول والمدينة كلها تتفق على ذلك ولكنه يرى نفسه عاشقا بريئا لامرأة واحدة تجمع فيها كل النساء , هم يروه "نسونجي" نزقا وكل ما يُلم بالمدينة من كرب هو ناتج عن غضب الله عليه وإنذار لأهل المدينة إن أقتلوا قيسا أو اطردوه أو .... ,
وعاد المساء وقتيل آخر تلقى جثته قرب النهر والصمت قد ران المدينة بأسرها فلا أطفال ولا ضجيج كل شيء آل الى سكون مفاجئ , جنحت الشمس مودعة , والشفق الأحمر الدامي يعزف لحنا حزينا يبثته على الأرض التي ابتلت قريبا بلون الدماء
ولكن شيئا جديدا لم يحصل !
وما حصل لا يعتبر جديدا البته فوجود جثة ملقاة على النهر أمر آلفته المدينة ولم تزل تشاهد منه مشهدا بعد آخر ,
نعم وكما قال شيخ المدينة فمادام قيس بيننا فلا غرابة أن تتكرر هذه المشاهد المنذرة لئلا نستمد في غيّنا ونحن نسكت عنه
وقف شيخ المدينة وهو يلاعب مسبحة طويلة بيده , يتمتم بعض كلمات شغل بها نفسه منتظرا قدوم رئيس الشرطة , الذي هاله فور وصوله منظر القتيل , وضلت الأرض تحتضن المزيد بين متفرج و بين متفلسف وبين رجل دين أو دولة , والجثة ملقاة على الأرض والليل يجيء مرة أخرى ونفوس كثيرة في إنتظاره ولا تحس بمرارة الإنتظار, فالليل خليلهم ولا يطيق عنهم صبرا , كلمات تعلو , أنفاس تحبس ولا جديدعّما سبق هذه الحادثة, وقف رئيس الشرطة وقلب الجثة بعصاه ولا ينبس بغير اللعن على القاتل الذي لابد وانه يمت بصلة من قريب أو بعيد لقيس فهو سر البلاء هو ومن يسميها " حبيبته " وكل مرة لُقي ما لقي كان لقيس نصيب وافر من الإتهام الذي تلصقه به الشرطة بعد نظرة خاطفة على الجثة ,وتوقع قيس في كل مرة أن يساق الى المحكمة أو الحبس ولكنه لم يُمس بأي شيء مما توقع ولكن الغريب في الأمر أن القتيل في كل مرة يكون من احدى العشيرتين أما عشيرة قيس أو عشيرة حبيبته ليلى ولم يشأ رئيس الشرطة أن يترك الناس تمر على هذه المصادفة مرور الكرام فقد هوّل وضخم وكبر من الأمر والويل كل الويل لمن تسول له نفسه أن يبطل بفكرة ما هذا الدليل والبرهان القاطع فما دام القتيل في كل مرة من عشيرة قيس أو عشيرة حبيبته إذن لا بد وأن الموضوع هو نوع من التحذير ألالهي إن لم يكن نوع من العذاب الذي لا يخص الذين ظلموا خاصة , كل هذه الأفكار كانت تفرض فرضا من رئيس الشرطة وتعمم في المدينة والغريب إن أحدا لم يشأ ان يفكر أن لا وجود في المدينة لعشيرة ثالثة فطبيعي أن يكون ألقتيل من عشيرة قيس أو حبيبته
وما أن يلوّح قيس بهذا الخاطر حتى يفتعل رئيس الشرطة ضده أمرا معينا جعله و لسانه لا يبرح حلقه
ومرت أيام تلتها أيام وأسابيع وسرى الأمن والدعة في المدينة وأصبح الناس يبحثون عن المزيد فالأمن والحمد لله متوفر ولا يعيب المدينة وجود عاشق واحد فيها مثل قيس , فقرر الناس برمتهم التوجه لرئيس الشرطة طالبين منه أن يوافق على مشروع فتح قناة الري التي ستشق من النهر الرئيسي البعيد لينال بعض الأراضي شيئا من الماء ولكن رئيس الشرطة رحب بهذا كله وكم لعن أهل المدينة الشيطانَ الذي وسوس في نفوسهم أفكارا , لا فرئيس الشرطة همه همهم وجرحه جرحهم وكل ما قاله صحيح نعم كان ذلك واضحا على وجوه أهل المدينة وهم يخرجون من مكتبه ألذي يقبع أحدهما بالآخر ,
ومرت ليال وشيء مما وعد رئيس الشرطة لم ينفذه , فالفرحة كادت تطير والوعود التي قطعها الرجال بدأت تبور والزوجات تأفف والكل لا يرضى وطفح الكيل مرة أخرى , فتوجه الوفد الممثل عن العشيرتين الى رئيس الشرطة والوعود ملئت مكان استقباله لهم وما إن لمح في عينيهم نوعا من الغضب حتى تزلف بكل ما به من حيلة والوفود تخرج على زبد الوعود والليل يجيء هدوء مميت يجتاح المدينة بأسرها وصرخات متقطعة يا نا ا ا ا اس لقد قُتِل ......
وإتجه الناس كليتهم الى حيث يتوقع أن تلقى الجثة قرب النهر في الحقيقة لو فكروا مثلما فكر قيس وتمتم بأن كل هذه السيناريوهات هي ساذجة لا تنطلي على أحد ولكن أحد منهم لم ينتبه إلى مشهد الجثة بقرب النهر ملطخة بالدماء ورئيس الشرطة ورجل الدين يلعنون قيس ألف مرة ويأكدون للناس أن كل ما بالمدينة من بلاء سببه قيس وحبيبته وكم تمنى قيس في نفسه لو يُسجن أو يُقتل أو تقطع أيديه وأرجله من خلاف ولكن شيئا كهذا لم يتحقق فما كل ما يتمناه قيس يدركهه
وأعلن فلان أن الامر بلغ حدا لا يمكن السكوت عنه وقال آخر " اللعنة" وكتم نفسه عله يسمع صوت لعنته هل كان حقيقيا هل يمتلك صدى ؟
ولكن صدى لم يتردد فكل الناس تفرقوا و أخذ مدير الشرطة الجثة ليلقها بالنهر , والنهر يذكرهم بالقناة ,ولكنهم تركوا القناة فالناس على وشك النفاذ ,وهنيئا لمن يسلم على نفسه ,لا يهم أن يشرب أو يروي زرعا أو ما شابه ذلك ,
وتروح أيام وتجيء غيرها والقرية المجاورة أفضل بكثير من حال هذه المدينة ولا شيء يحصل سوى الهم , وما أصعب أن تقارن كوخك بقصر الناس , ومرة أخرى تنسى الناس ذلك القتيل , وتلتفت لحياتها والحي أبقى من ألميت ولا حل لهم إلا التضرع عند مدير الشرطة , فبيبده كل شيء ويتوجه الأهالي يتقدمهم رجل الدين ويتنحنح ويسعل ويحثهم ,
وما إن رجعوا من مدير الشرطة وأقبل الليل حتى وجدوا جثة أخرى ملقاة على النهر والمنظر المريب أصبح يتكرر بشكل شبه يومي ولا مناص منه ولا يوقفه ذهاب أو مغيب عن رئيس الشرطة الذي أصبح يضايقه سكوت الأهالي فالناس تستقبل القتيل بقلب راض ٍ
ويوم آخر يبزغ فجره معتما فاللصوص وما أغرب أن يوجد في المدينة لصوص سرقوا دجاجة أم ..... وسرقوا من دار فلان و دار فلان
ويوم آخر يشرق بلا نهار , والمدينة تغص بجوع عجيب ومدير الشرطة يلعن قيس ألف مرة والناس لم تعد تأبه لقيس أو غيره , كل ما يشغل الناس الآن جوع حقيقي يقطع أمعائهم ويصليهم مثل الجحيم , والعين بصيرة واليد جعلها الجوع نحيفة وخفيفة ونفذ الصبر ولا فائدة من أن تلعن قيس أو تضربه بالرصاص , ويوم بعد يوم تنحف الأجسام وتطول ألايادي ولا تعرف إلا الجوع واليد الطويلة بلا قصد تمس الجار والجار للجار سلسلة متصلة
فما إن جاء الليل حتى إجتاحت المدينة سرقات جمة ,الكل يسرق الكل , وجاء رئيس الشرطة واستنكر عليهم أنهم نسوا قيس وسرقوا كيف وهم يلوموه ؟, إنهم لصوص الآن ويحق عليهم العذاب فالكل يودع بالسجن
وتبقى المدينة فارغة لرئيس الشرطة والنهر الحزين يبتعد عنه قيس شيء فشيء نحو غروب أبيض بارد جدا
وعاد المساء وقتيل آخر تلقى جثته قرب النهر والصمت قد ران المدينة بأسرها فلا أطفال ولا ضجيج كل شيء آل الى سكون مفاجئ , جنحت الشمس مودعة , والشفق الأحمر الدامي يعزف لحنا حزينا يبثته على الأرض التي ابتلت قريبا بلون الدماء
ولكن شيئا جديدا لم يحصل !
وما حصل لا يعتبر جديدا البته فوجود جثة ملقاة على النهر أمر آلفته المدينة ولم تزل تشاهد منه مشهدا بعد آخر ,
نعم وكما قال شيخ المدينة فمادام قيس بيننا فلا غرابة أن تتكرر هذه المشاهد المنذرة لئلا نستمد في غيّنا ونحن نسكت عنه
وقف شيخ المدينة وهو يلاعب مسبحة طويلة بيده , يتمتم بعض كلمات شغل بها نفسه منتظرا قدوم رئيس الشرطة , الذي هاله فور وصوله منظر القتيل , وضلت الأرض تحتضن المزيد بين متفرج و بين متفلسف وبين رجل دين أو دولة , والجثة ملقاة على الأرض والليل يجيء مرة أخرى ونفوس كثيرة في إنتظاره ولا تحس بمرارة الإنتظار, فالليل خليلهم ولا يطيق عنهم صبرا , كلمات تعلو , أنفاس تحبس ولا جديدعّما سبق هذه الحادثة, وقف رئيس الشرطة وقلب الجثة بعصاه ولا ينبس بغير اللعن على القاتل الذي لابد وانه يمت بصلة من قريب أو بعيد لقيس فهو سر البلاء هو ومن يسميها " حبيبته " وكل مرة لُقي ما لقي كان لقيس نصيب وافر من الإتهام الذي تلصقه به الشرطة بعد نظرة خاطفة على الجثة ,وتوقع قيس في كل مرة أن يساق الى المحكمة أو الحبس ولكنه لم يُمس بأي شيء مما توقع ولكن الغريب في الأمر أن القتيل في كل مرة يكون من احدى العشيرتين أما عشيرة قيس أو عشيرة حبيبته ليلى ولم يشأ رئيس الشرطة أن يترك الناس تمر على هذه المصادفة مرور الكرام فقد هوّل وضخم وكبر من الأمر والويل كل الويل لمن تسول له نفسه أن يبطل بفكرة ما هذا الدليل والبرهان القاطع فما دام القتيل في كل مرة من عشيرة قيس أو عشيرة حبيبته إذن لا بد وأن الموضوع هو نوع من التحذير ألالهي إن لم يكن نوع من العذاب الذي لا يخص الذين ظلموا خاصة , كل هذه الأفكار كانت تفرض فرضا من رئيس الشرطة وتعمم في المدينة والغريب إن أحدا لم يشأ ان يفكر أن لا وجود في المدينة لعشيرة ثالثة فطبيعي أن يكون ألقتيل من عشيرة قيس أو حبيبته
وما أن يلوّح قيس بهذا الخاطر حتى يفتعل رئيس الشرطة ضده أمرا معينا جعله و لسانه لا يبرح حلقه
ومرت أيام تلتها أيام وأسابيع وسرى الأمن والدعة في المدينة وأصبح الناس يبحثون عن المزيد فالأمن والحمد لله متوفر ولا يعيب المدينة وجود عاشق واحد فيها مثل قيس , فقرر الناس برمتهم التوجه لرئيس الشرطة طالبين منه أن يوافق على مشروع فتح قناة الري التي ستشق من النهر الرئيسي البعيد لينال بعض الأراضي شيئا من الماء ولكن رئيس الشرطة رحب بهذا كله وكم لعن أهل المدينة الشيطانَ الذي وسوس في نفوسهم أفكارا , لا فرئيس الشرطة همه همهم وجرحه جرحهم وكل ما قاله صحيح نعم كان ذلك واضحا على وجوه أهل المدينة وهم يخرجون من مكتبه ألذي يقبع أحدهما بالآخر ,
ومرت ليال وشيء مما وعد رئيس الشرطة لم ينفذه , فالفرحة كادت تطير والوعود التي قطعها الرجال بدأت تبور والزوجات تأفف والكل لا يرضى وطفح الكيل مرة أخرى , فتوجه الوفد الممثل عن العشيرتين الى رئيس الشرطة والوعود ملئت مكان استقباله لهم وما إن لمح في عينيهم نوعا من الغضب حتى تزلف بكل ما به من حيلة والوفود تخرج على زبد الوعود والليل يجيء هدوء مميت يجتاح المدينة بأسرها وصرخات متقطعة يا نا ا ا ا اس لقد قُتِل ......
وإتجه الناس كليتهم الى حيث يتوقع أن تلقى الجثة قرب النهر في الحقيقة لو فكروا مثلما فكر قيس وتمتم بأن كل هذه السيناريوهات هي ساذجة لا تنطلي على أحد ولكن أحد منهم لم ينتبه إلى مشهد الجثة بقرب النهر ملطخة بالدماء ورئيس الشرطة ورجل الدين يلعنون قيس ألف مرة ويأكدون للناس أن كل ما بالمدينة من بلاء سببه قيس وحبيبته وكم تمنى قيس في نفسه لو يُسجن أو يُقتل أو تقطع أيديه وأرجله من خلاف ولكن شيئا كهذا لم يتحقق فما كل ما يتمناه قيس يدركهه
وأعلن فلان أن الامر بلغ حدا لا يمكن السكوت عنه وقال آخر " اللعنة" وكتم نفسه عله يسمع صوت لعنته هل كان حقيقيا هل يمتلك صدى ؟
ولكن صدى لم يتردد فكل الناس تفرقوا و أخذ مدير الشرطة الجثة ليلقها بالنهر , والنهر يذكرهم بالقناة ,ولكنهم تركوا القناة فالناس على وشك النفاذ ,وهنيئا لمن يسلم على نفسه ,لا يهم أن يشرب أو يروي زرعا أو ما شابه ذلك ,
وتروح أيام وتجيء غيرها والقرية المجاورة أفضل بكثير من حال هذه المدينة ولا شيء يحصل سوى الهم , وما أصعب أن تقارن كوخك بقصر الناس , ومرة أخرى تنسى الناس ذلك القتيل , وتلتفت لحياتها والحي أبقى من ألميت ولا حل لهم إلا التضرع عند مدير الشرطة , فبيبده كل شيء ويتوجه الأهالي يتقدمهم رجل الدين ويتنحنح ويسعل ويحثهم ,
وما إن رجعوا من مدير الشرطة وأقبل الليل حتى وجدوا جثة أخرى ملقاة على النهر والمنظر المريب أصبح يتكرر بشكل شبه يومي ولا مناص منه ولا يوقفه ذهاب أو مغيب عن رئيس الشرطة الذي أصبح يضايقه سكوت الأهالي فالناس تستقبل القتيل بقلب راض ٍ
ويوم آخر يبزغ فجره معتما فاللصوص وما أغرب أن يوجد في المدينة لصوص سرقوا دجاجة أم ..... وسرقوا من دار فلان و دار فلان
ويوم آخر يشرق بلا نهار , والمدينة تغص بجوع عجيب ومدير الشرطة يلعن قيس ألف مرة والناس لم تعد تأبه لقيس أو غيره , كل ما يشغل الناس الآن جوع حقيقي يقطع أمعائهم ويصليهم مثل الجحيم , والعين بصيرة واليد جعلها الجوع نحيفة وخفيفة ونفذ الصبر ولا فائدة من أن تلعن قيس أو تضربه بالرصاص , ويوم بعد يوم تنحف الأجسام وتطول ألايادي ولا تعرف إلا الجوع واليد الطويلة بلا قصد تمس الجار والجار للجار سلسلة متصلة
فما إن جاء الليل حتى إجتاحت المدينة سرقات جمة ,الكل يسرق الكل , وجاء رئيس الشرطة واستنكر عليهم أنهم نسوا قيس وسرقوا كيف وهم يلوموه ؟, إنهم لصوص الآن ويحق عليهم العذاب فالكل يودع بالسجن
وتبقى المدينة فارغة لرئيس الشرطة والنهر الحزين يبتعد عنه قيس شيء فشيء نحو غروب أبيض بارد جدا