هو الإمام جعفرُ بن محمد الصادق(عليه السلام) ولده في 17 ربيع الأول سنة 80 هجرية في المدينة المنورة وابوه الامام محمد الباقر (ع) باقر علم الاولين والاخرين وامه (ام فروة) بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر , عاش مع جده السجاد 15سنة ومع ابيه 34سنة وله عدة القاب منها( الصابر ,الفاضل, الطاهر, واشهرها هو الصادق اما كنيته: أبو عبد الله، أبو إسماعيل، أبو موسى , استلم مهام الامامة العظمى وله من العمر 34سنة فقد كانت مكانته (عليه السلام) من الفضل بمكان يقر له العدو والصديق، التف حوله كافة العلماء والفقهاء والقراء كلهم كانوا يجلسون تحت منبر درسه وينهلون من رحيق أنفاسه علما وأدبا وحكمة، فكان أعلم الأمة في زمانه بلا منافس.
وكلها تدل على شخصيته الاخلاقية وحسن سيرته, كان استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام)، وما فعله الأمويون من ظلم بالمسلمين سبباً في زوال حكمهم وفتح الطريق أمام العباسيين الذين خدعوا الناس بدعوتهم إلى أهل البيت(عليهم السلام) ولكنهم ـ وبعد أن أحكموا قبضتهم ـ صاروا أشدّ أعداء أهل البيت, عاصر الإمام الصادق ظلم بني أميّة أكثر من أربعين سنة، وعاش في زمن بني العباس أكثر من عشرين سنة فكان من ملوك عصره منهم إبراهيم بن الوليد، ومروان الحمار آخر ملوك بني أمية، وعاصر الدولة العباسية منهم السفاح والمنصور الدوانيقي.وظل بعيداً عن السياسة منصرفاً إلى تثبيت دعائم الدين في نفوس الناس، ونشر أخلاق الإسلام وعقائده في زمن راجت فيه العقائدُ الإلحادية والمنحرفة, تصدّى الإمام الصادق إلى محاربة الإلحاد والزندقة. وفي عهده انتشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام). ومن خصائصه الخلقية ماقاله عنه زيد بن على الثائر المعروف: في كل زمان رجلٌ منّا أهلَ البيت يحتجّ اللهُ به على خلْقه، وحجّة زماننا إبن أخي جعفرُ بن محمد.. لا يضلّ من تبعَه ولا يهتدي من خالفه, وقال فيه مالك بن أنس إمام المذهب المالكي: والله ما رأت عيني أفضلَ من جعفر بن محمد زهداً وفضلاً وعبادةً و ورعاً، وكنت أقصده فيكرمني ويُقبل عليّ.
وتتلمذ على يديه أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي مدّة عامين، وكان يقول: لولا السنتان لهلك النعمان, وروى أحد أصحابه: كنت مع أبي عبد الله(عليه السلام) بالمدينة وهو راكب حماره، فلمّا وصلنا قريب السوق، نزل الإمام فسجد لله وأطال السجود وأنا أنتظره، ثم رفع رأسه، فقلت: جُعلتُ فداك رأيتك نزلت فسجدت؟ قال الإمام: إني ذكرت نعمة الله عليّ فسجدتُ شاكراً
وقال آخر: رأيتُ أبا عبد الله(عليه السلام) وبيده مسحاة وعليه إزارٌ غليظ يعمل في بستان له، والعرق يتصبّب منه، فقلت: جُعلت فداك: أعطني المسحاة أكفِك العمل فقال لي: إني أحبّ أن يتأذّى الرجل بحرّ الشمس في طلب المعيشة.
وقد بعث الإمام ذات يوم غلامه في حاجة فأبطأ، فخرج الإمام الصادق(عليه السلام) على أثره يبحث عنه، فوجده نائماً، فجلس عند رأسه يروّح له الهواء حتى انتبه، فعاتبه الإمام برقة وقال له: تنام الليل والنهار؟! لك الليل، ولنا النهار.
استأجر الإمام عمالاً يعملون في بستانه، فلما فرغوا من عملهم، قال لغلامه معتب: أعطيهم أجرهم قبل أن يجفّ عرقهم
كان الإمام الصادق(عليه السلام) إذا مضى جزء من الليل أخذ جراباً فيه خبز ولحم ودراهم، فحمله على عاتقه فوزّعه على ذوي الحاجة من أهل المدينة وهم لا يعرفونه. لم يكن المنصور يتحمّل وجود الإمام الصادق(عليه السلام) وكان يخطّط للقضاء عليه، وأخيراً دسّ إليه السم واستشهد الإمام في 25 شوّال سنة 148 هجرية
حيث دُفن جثمانه الطاهر في مقبرة البقيع, ومن أقواله عليه السلام كثيرة نذكر منها
)أحذر من الناس ثلاثة: الخائن والظلوم والنمّام، لأنّ من خان لك سيخونك ومن ظلم لك سيظلمك، ومن نمّ إليك سينمّ عليك.
ثلاثة لا يصيبون إلاّ خيرا: أولو الصمت وتاركو الشرّ، والمكثرون من ذكر الله، ورأس الحزم التواضع.
فقيل للإمام: وما التواضع؟ فأجاب: أن ترضى من المجلس بدون شرفك، وأن تسلّم على من لقيت، وأن تترك المِراء (الجدل) وإن كنت محقاً.
كان رجل يتردّد على الإمام فانقطع، ولمّا سأل الإمام عنه قال أحدهم منتقصاً شأنه: إنّه نبطي.
فقال الإمام: أصل الرجل عقله، و حسَبه دينه، وكرمه تقواه، والناس في آدم مستوون.
اتقوا المظلوم فإنّ دعوة المظلوم تصعد إلى السماء.
الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتهم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتّهموهم في دينهم.
ثلاثة تكدّر العيش: السلطان الجائر وجار السوء، المرأة البذيئة، وثلاثة لا يصلح العالم بدونها: الأمن والعدل والخصب.
و من وصيته لسفيان الثوري: «الوقوف عند كلّ شبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وترك حديث لم تروه، أفضل من روايتك حديثاً لم تحصه. إن على كلّ حق حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فدعوه». فالسلام على صادق القول والفعل يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً .
عزيز البزوني