يتنامى الحراك النصي بانساق حداثوية مؤثرة لاتقف عند حدود المصطلح أو عند الاشتغالات النمطية وانما تستخدم في ابداعية متنوعة ، ومن بين تلك الاساليب التدوينية ، استحضار الومضة الأدبية داخل اعمدة مجلة رياض الزهراء وخاصة في صفحتي ( حتى نلتقي ـ والم الجراح ) وقد تراوحت على الاداء مجموعة من الكاتبات ، والمعروف ان الومضة تبحث عن دهشة المتلقي ، ونجد الكاتبة ( امآل كاظم ) سعت في كتابة ومضاتها ضمن هذا المسعى ففي موضوع ( خجل الظلام ) تبدا الكاتبة باستفهاميتها تبحث عن الم يختزل جراحات التأريخ ويترجم معاني الولاء ، فتردنا ترجمة الولاء من قنوات الجراح ، وهذا منتج ولائي شخصه الائمة عليهم السلام ، فتهيل علينا بزخم من الجمل الاستفهامية ، هل تراها تخجل السلاسل ؟ هل يخجل الظلام ؟
وهذا الفعل الابداعي الساعي الى البحث عن ملحقات المشهد عن الصامت في الظلام ، السلاسل ـ الرخام لينهض التضاد كوسيلة من وسائل الاستنهاض التحريضي ، ويمتد السؤال الاستفهامي الى موضوع ( اي مصيبة اعظم ؟) لنرى ثيمة التكرار ، السؤال يجعل الكلام اكثر انفعالا ويقوي عنده الجرس الاعتراضي ، ، أي قبر تهدم وزلزل عرش الوحي ؟ اي اجساد تلك التي احتوتها رؤس البقيع ؟ ويكبر اثرها السؤال في موضوع ( قلوب كالحجارة )و يتكرر نفس السؤال الاستفهامي ليعود لنا بفاعلية هذا الاستفهام ، وليعلن عن تشابه الجرم ووحدة هويات المجرمين ، فنرى السؤال يدور ثانية في كنه التعجب والاستغراب ، ، أي عناكب مسمومة ؟ واي حقد اسود ران عليها ؟ ياللعجب الم .. الم .. هل ادركت بانها اسهمت في كارثة تأريخية ؟ ومعها علامات التعجب !!!ويكشف الاستفهام المحتوى الاستفساري أو الاعتراض ويعد بذرة للولوج الى قوة المضمر ، ( دموع تحنو على وجنات العلم الذي استشهد باقره ) ليعلن ولاءه وايمانه بمظلوميته عبدا صالحا كان حليف السجدة الطويلة ، ويكشف الموضوع عن البنية ..الرمز...لسفير الحسين عليه السلام وطفليه المذبوحين على الفرات ودم الكعبة المراق بمنجنيق الحجاج ، وعن مدينة الرسول وهكذا تعلن استفهاماتها في ( دموع الفرات ) أما خجلت يافرات ؟ أتمنع الماء على ابن الزهراء ؟ أو لم تكن انت مهرها ؟ فنستطيع ان نرى ذلك الاثر الشعوري المعمق داخل الاسئلة ، ، بينما في موضوعة ( مآذن الجراح ) خلطة شعورية تحتزل المعنى القصدي ليكون الامل هو بناء منائر سامراء ، ممتدا الى وعي نرفع به مآذن ائمة البقيع عليهم السلام بصوت يوحد الامة تحت راية نداء الحق والفضيلة ، وأدب الومضة قادر على الترميز وتلقي الوعي المدرك ، ومن ( هدهدة الاحلام ) تجدها تسعى لتكوين نسيج روحاني ، من خلال احتواء مفردات الخير مثل ( بركات / فيوضات / رحمة / خلود / الغنى / ) وقيم تتجلى لتعطي قدسية شهر رمضان ، ، يرى بعض النقاد ان الومضة فن تغريبي ، بينما نجد ان الكثير من الكتاب استطاع ان يوظفها ضمن فضاءات موضوعية لتقوية الذائقة واستثمارها ، ابداعيا ليمنح النص بعدا تاثيريا ، وقد ركزت الكاتبة في ( سلاسل الامس ) على موضوعة أرث الاسى وتوارث الالم ليقدم الخطاب شخصية الكاظم عليه السلام كرمز انساني ، ولتكتب ( اطلالة الولادة ) بجرس القصيدة العمودية وهذا التركيز على المنحى الشعوري اشتغلت عليه الكاتبة ( امآل كاظم ) في جميع مواضيعها مثل موضوعة ( شدي المحازم ) ولتكتب باللغة الصارخة في ( احزان سامرء ) افعالا امرية تمنح جملتها خشونة الالم ( اركعي يا سامراء ، نكسي الرايات والاعلام ، توشحي بالسواد ، اسكبي دموعك ، افترشي احزانك )
لقد شاع استعمال الومضة في مواضيعنا واعمدة صحفنا لكونها تتحوي على التكثيف المرغوب ، ودخول الومضة الى عوالم الصحافة جعلتها قادرة على استيعاب شعرية المبدعين ، ويرى بعض النقاد ان الومضة ( هي اساسا تعني ( حذف فني ) أو اقتصاد دلالي موجزلكونها معنية بازالة العوائق اللغوية والحشو الوصفي وابدعت لنا كاتبة رياض الزهراء ( لوية هادي الفتلاوي ) هي الاخرى بمواضيع كثيرة اسهمت في تركيز اشتغالات الومضة ومنها ما تناولته بلغة مبسطة لتقرب لنا المفهوم العام مثل ( اجنحة المؤمن ) حيث تتويج الامامة ( ونوران اشرقا ) حيث ولادة الرضا وولادة السيدة معصومة عليهما السلام ، مواضيع ابتهالية كبيرة وفي موضوع ( جائزة رب العالمين ) اثارت لنا الفعل التاثيري لورود القافية ولتكوين جرس موسيقي يعطينا وزنا خفيفا يعبر عن فرحة العيد المبارك والمولود الاغر بولادة الامام علي عليه السلام ، وكذلك تجعل الجمل ترجز رجز الحروب عند ملتقى الجراح حيث التحدي والتصابر على الجراح ، والمعروف عن عالم الومضة اختصاصه في رصد حالات انسانية مهمة تقف على موحيات شعرية العرض المباشر احيانا ( وتنحني جباهنا وهي تقبل جبين ارض الطفوف بولادة سيد شباب اهل الجنة ) ..
وتبقى الومضات محافظة على قيمتها السردية في موضوعة ( الامام الحسن عليه السلام ) ( ابحرت في بحر جودك فوجدته الجود كله / وتسلقت العلا شواهق مودة فوجدتك الحب كله ) فلنتأمل القدرة على التماهي مع الاصالة فهي تنقل التؤثر الواضح في دعاء السحر ،
وتعمل هذه الومضات على جملة مؤثرات جمالية تدخل في اساسيات التكوين عبر اساليب متعددة منها استهلال الحروف فلو تأملنا في موضوع ( كواكب لاتفل ) (ها ... هي .. ليالي رجب ) كما نرى في موضوع ( يا زهر ة المجد ) اسلوب النداء مع وحدة التكر ار ( يا زهرة المجد )/ يا ندى الورد / ويا رافد العطاء / يا غرا ما فارق قول الحق ـ وهناك ومضات استغرابية ومنها ما اشتغلت على تعددية المعنى ، او القيمة الاستفهامية ، بينما كانت ومضة الكاتبة المبدعة ( ازهار عبد الجبار ) ترتكز على المنحى الشعوري في موضوع ( شمس افلت عاجلا ) ليعطي زخما تحريضيا ـ للعمران والجهاد ، لقد حفل منجز مجلة رياض الزهراء باشتغالات ابداعية اسلوبية متنوعة امتلك خصوصيات جمالية مبهرة
تعليق