بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقضية ترتبط في واقعها الفعلي عند البعض من الناس ولاسيما الشباب المسلم بمسألة الرؤى والمنامات، وهي قضية الإمام المهدي (ع)، إذ ان هذه القضية واجهت على مر التاريخ الإسلامي عدة محاولات لاستغلالها لمصالح شخصية وطموحات ذاتية، وقد عرف تاريخنا الإسلامي منذ عهد الغيبة الصغرى للإمام المهدي (ع) التي أعقبت وفاة أبيه الإمام الحسن العسكري (ع) العديد من الأشخاص الذين أدعوا البابية والوكالة والسفارة عن صاحب العصر والزمان (ع)، وتنوعت أشكال هذه الدعاوى واختلفت أساليبها، ولكنها كانت على الدوام تسقط وتتلاشى في نهاية المطاف، وتبقى اللعنات هي التي تصاحب مدعيها ومن ينخدع لهم إلى يوم القيامة، وفي زماننا هذا تتخذ هذه الدعاوي المنحرفة شكل الارتباط بالمهدي (ع) من خلال الرؤيا والأحلام، وادعاء السفار أو الوكالة أو البابية من خلال التنصيب في عالم الرؤيا، ونحن وإن كنا نعتقد بأن مثل هذه الدعاوي لا تعدوا أن تكون مجرد ترهات وسخافات سرعان ما يرفضها الواقع ويكذبها من ينخدعون بها في أول أمرها، إلا إننا أحببنا في ختام حديثنا أن نقدم لشبابنا المسلم كلمة مختصرة عن الإمام المهدي (ع) وقضيته الكبرى، فنقول: إن من الخصائص والميزات التي يتمتع بها الفكر الإسلامي الشيعي ما يمتلكه من رؤية مستقبلية واضحة ومفصلة في ما يرتبط بقضية الإمام المهدي (عج)، إذ إننا نلحظ إن هناك تصوراً واضحاً عن كثير من الجزئيات والتفاصيل التي تتحدث عن صاحب العصر والزمان (ع) وما يتعلق بحركته الاصلاحية والتغييرية التي يحقق الله سبحانه وتعالى من خلالها انجاز وعدة في نصر المستضعفين وجعلهم أئمة يرثون الأرض ويقيمون حكم الله فيها، كما يرشدنا إلى ذلك قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (القصص: 5)، وقوله تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). (الأنبياء: 105) ولقد جاءت الروايات الكثيرة جداً جداً عن أهل البيت (ع) في التأكيد على ضرورة ظهوره (ع) وأنه من المحتوم الذي لا تبديل فيه ولا تغيير، فعن الإمام الرضا (ع) عن آبائه (ع) إن رسول الله (ص) قال: "لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا وذلك حين يأذن الله (عز وجل) له ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك: الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج فإنه خليفة الله (عز وجل) وخليفتي". (بحار الأنوار 51: 65).
وعنه (ص) أيضاً: "لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمر أمتي رجل من ولد الحسين يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً". (بحار الأنوار 51: 66).
وعن أبي أيوب الأنصاري (رض) قال: "قال رسول الله (ص) لفاطمة في مرضه: والذي نفسي بيده لابد لهذه الأمة من مهدي وهو والله من ولدك". (بحار الأنوار 51: 67).
وعن ابن عباس انه قال: "قال رسول الله (ص): إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي أثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي، وقيل: يا رسول الله (ص) ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً والذي بعثني بالحق نبياً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لأطال الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم (ع) فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب". (بحار الأنوار 51: 71).
ومع أن قضية الإمام المهدي (ع) ـ التي كانت تمثل في واقعها قضية الاستضعاف والمظلومية والاصرار على حمل معاناة الإنسان والدفاع عن حقه في عيشة كريمة حرة ـ اعتبرت أكبر وأوضح وأعظم رؤية دينية في استشراف المستقبل وتحديد ورسم معالم المسار النهائي للإنسان في عالمه الدنيوي، إلا أنها قدر لها أن تواجه على مر التاريخ الإسلامي العديد من التشويهات المقصودة وغير المقصودة، ومما يؤسف له أن أكثر هذه التشويهات لقضية المهدي (ع) جاءت وصدرت من أناس يؤمنون كل الإيمان بالقضية ويتحمسون لها أشد التحمس.
وأهم تلك التشويهات التي واجهتها قضيته (ع) ـ وكان لها الأثر الشيء على تصورات ومواقف الرأي العام الإسلامي في ما يرتبط بقضيته (ع) ـ محاولة التسطيح لأبعاد القضية وحرفها عن مسارها الصحيح الذي يراد من خلاله تحسيس الإنسان المسلم بمسؤوليته الخطيرة في ما يتخذه من مواقف ترتبط بماضيه وحاضره ومستقبله.
نعم... لقد عمل البعض من العلماء والمفكرين الإسلاميين ـ من دون وعي وإدراك ـ على حرف القضية عن مساراتها الصحيحة التي تبتغي تأصيلها وتجذيرها في حركة الإنسان المسلم، فبدلاً من أن تصور القضية ـ كما يريد لها الإسلام ـ قضية إنسان يعيش كل معاناة الإنسانية وهمومها ويتحمل طوال سنين عديدة صرخات المظلومين وأنات المضطهدين والمعذبين من بني البشر، وإذا بها تختلق لها التصورات الخيالية من هنا وهناك لتبتعد شيئاً فشيئاً عن واقع الإنسان المعذب، وتتحول ـ على خلاف إرادتها ـ إلى قضية رؤى وأحلام وقصص خيالية يلهث وراءها الإنسان الذي يريد الابتعاد عن واقعة والعيش في عالم الخيال.
ولسنا بحاجة إلى أن نضرب الأمثال ونذكر بالمصاديق التي أنتجها وأسسها هذا المنحى في التعامل مع قضية الإمام المهدي (ع)، إذ يكفينا أننا نعلم أن قضية خيالية مثل قصة "الجزيرة الخضراء" صارت ترتبط أشد الارتباط في أذهان المسلمين بقضيته (ع)، وهي توحي لكل من يسمعها أو يقرؤها بكثير من الإطمئنان والاستقرار واللامبالاة وتناسي هموم الإنسانية ومعاناتها التي يعيشها الإمام (ع) في أجواء جزيرته المختلقة، والتي تشابه في إيحاءاتها أجواء قصور الملوك والطواغيت الذين لا يحملون أية قضية ولا يستشعرون أية معاناة إنسانية.
وللأسف استطاع هذا الفهم المغلوط أن يتعمق في أذهان الكثير من المتدينين ولاسيما الشباب المسلم حتى صار الكثير من شبابنا المسلم يبحث في قضية المهدي (ع) أبعاداً وجوانب تضفي على القضية الكثير من لمسات السطحية واللاوعي وتبتعد بها عن آفاقها الأصيلة التي تحفز المسلم على التفكير والحركة والسعي والتغيير في كل لحظة وفي كل آن.
ولا نستطيع ـ إذا ما أردنا أن نكون منصفين ـ ان نحمل الشباب المسلم المسؤولية كاملة في ما يتخذه ويؤسسه من أساليب ومواقف خاطئة تجاه قضية المهدي (ع)، لأننا ندرك ان النتاج الفكري الإسلامي في ما يختص بالقضية مورد البحث، كان يبتعد في كثير من معطياته عن مقتضيات الواقعية ومستلزمات الموضوعية في طرح ودراسة وتحليل قضية المهدي (ع)، وكان يجنح في كثير من الأحيان إلى الخيال واللاواقعية ويستنجد بهما إذا أعيته الحيلة عن إثبات أو نفي فكرة معينة ترتبط من قريب أو بعيد بقضيته (ع)، ومن الطبيعي أن يولد مثل هذا النتاج الذي يقبل عليه شبابنا المسلم بشغف وشوق شخصيات تهرب من الواقع وترفض التعامل معه بمنطقه، وتلجأ إلى الأحلام والرؤى والتنبؤات وشواد الأخبار وضعاف الروايات ومختلقات القصص لتكون من خلال ضم بعضها إلى بعض نسيجاً متكاملاً عن واقع القضية وأبعادها، ولكنه نسيج خيالي ووهمي إلا أنه له من القوة ما يحطم به كل ثوابت الواقع شرعية كانت أم عقلية أم اجتماعية.
وكلامنا هذا ليس مجرد فرض وتوهم يعجز الواقع عن إثباتهما وتقديم المصاديق والدلائل عليهما، بل أن الأمر بات واضحاً وضوح الشمس ولم يعد مجتمع من مجتمعاتنا الإسلامية يخلو من قضية مثيرة ينتجها ويؤسسها الفهم اللاواعي والموقف اللامتزن من قضية الإمام المهدي (ع) فلقد صار الكثير من الجهلة والنفعيين يستغلون قضيته (ع) ليحولوها إلى قضية أحلام ورؤى تثبت من خلالها وعن طريقها اعتقادات ومقولات تستهدف في نهاية المطاف ضرب الوجودات الإسلامية بعضها ببعض وتحطيم بنائها الداخلي بنفس يدها.
ولسنا نريد هنا أن ندخل مع الشباب في بحوث دينية وعلمية حول من يرى صاحب الزمان (ع) في الرؤيا، وصحة مثل هذه الرؤى أو عدم صحتها، وجواز الاعتماد عليها أو عدم جوازه، ومحاولة تفنيد دعاوي من يدعون النيابية الخاصة والسفارة عنه (ع) في زمن الغيبة أما عن طريق الرؤيا أو عن طريق المشاهدة، لأننا نعتقد أن مثل هذه البحوث قد وجدت كل الإجابات المقنعة عنها، ومنذ زمن بعيد والعلماء يؤلفون الكتب والمقالات في إبطال وتزييف قول من يدعي النيابة الخاصة عنه (ع) بعد انتهاء فترة الغيبة الصغرى. بل ما نريده من شبابنا المسلم أن يعي كل الوعي أن قضية المهدي (ع) أسمى من أن تتحول إلى قضية أحلام ورؤى يراها أناس ينتحلون الإسلام كذباً وزوراً ونفاقاً، ويبتغون من وراء أحلامهم الكاذبة أن يثبتوا لأنفسهم مقامات عند السذج من الناس، يعجزون عن اكتسابها بطريق الجد والسعي والعمل والاخلاص لله تعالى.
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقضية ترتبط في واقعها الفعلي عند البعض من الناس ولاسيما الشباب المسلم بمسألة الرؤى والمنامات، وهي قضية الإمام المهدي (ع)، إذ ان هذه القضية واجهت على مر التاريخ الإسلامي عدة محاولات لاستغلالها لمصالح شخصية وطموحات ذاتية، وقد عرف تاريخنا الإسلامي منذ عهد الغيبة الصغرى للإمام المهدي (ع) التي أعقبت وفاة أبيه الإمام الحسن العسكري (ع) العديد من الأشخاص الذين أدعوا البابية والوكالة والسفارة عن صاحب العصر والزمان (ع)، وتنوعت أشكال هذه الدعاوى واختلفت أساليبها، ولكنها كانت على الدوام تسقط وتتلاشى في نهاية المطاف، وتبقى اللعنات هي التي تصاحب مدعيها ومن ينخدع لهم إلى يوم القيامة، وفي زماننا هذا تتخذ هذه الدعاوي المنحرفة شكل الارتباط بالمهدي (ع) من خلال الرؤيا والأحلام، وادعاء السفار أو الوكالة أو البابية من خلال التنصيب في عالم الرؤيا، ونحن وإن كنا نعتقد بأن مثل هذه الدعاوي لا تعدوا أن تكون مجرد ترهات وسخافات سرعان ما يرفضها الواقع ويكذبها من ينخدعون بها في أول أمرها، إلا إننا أحببنا في ختام حديثنا أن نقدم لشبابنا المسلم كلمة مختصرة عن الإمام المهدي (ع) وقضيته الكبرى، فنقول: إن من الخصائص والميزات التي يتمتع بها الفكر الإسلامي الشيعي ما يمتلكه من رؤية مستقبلية واضحة ومفصلة في ما يرتبط بقضية الإمام المهدي (عج)، إذ إننا نلحظ إن هناك تصوراً واضحاً عن كثير من الجزئيات والتفاصيل التي تتحدث عن صاحب العصر والزمان (ع) وما يتعلق بحركته الاصلاحية والتغييرية التي يحقق الله سبحانه وتعالى من خلالها انجاز وعدة في نصر المستضعفين وجعلهم أئمة يرثون الأرض ويقيمون حكم الله فيها، كما يرشدنا إلى ذلك قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (القصص: 5)، وقوله تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). (الأنبياء: 105) ولقد جاءت الروايات الكثيرة جداً جداً عن أهل البيت (ع) في التأكيد على ضرورة ظهوره (ع) وأنه من المحتوم الذي لا تبديل فيه ولا تغيير، فعن الإمام الرضا (ع) عن آبائه (ع) إن رسول الله (ص) قال: "لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا وذلك حين يأذن الله (عز وجل) له ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك: الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج فإنه خليفة الله (عز وجل) وخليفتي". (بحار الأنوار 51: 65).
وعنه (ص) أيضاً: "لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمر أمتي رجل من ولد الحسين يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً". (بحار الأنوار 51: 66).
وعن أبي أيوب الأنصاري (رض) قال: "قال رسول الله (ص) لفاطمة في مرضه: والذي نفسي بيده لابد لهذه الأمة من مهدي وهو والله من ولدك". (بحار الأنوار 51: 67).
وعن ابن عباس انه قال: "قال رسول الله (ص): إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي أثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي، وقيل: يا رسول الله (ص) ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً والذي بعثني بالحق نبياً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لأطال الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم (ع) فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب". (بحار الأنوار 51: 71).
ومع أن قضية الإمام المهدي (ع) ـ التي كانت تمثل في واقعها قضية الاستضعاف والمظلومية والاصرار على حمل معاناة الإنسان والدفاع عن حقه في عيشة كريمة حرة ـ اعتبرت أكبر وأوضح وأعظم رؤية دينية في استشراف المستقبل وتحديد ورسم معالم المسار النهائي للإنسان في عالمه الدنيوي، إلا أنها قدر لها أن تواجه على مر التاريخ الإسلامي العديد من التشويهات المقصودة وغير المقصودة، ومما يؤسف له أن أكثر هذه التشويهات لقضية المهدي (ع) جاءت وصدرت من أناس يؤمنون كل الإيمان بالقضية ويتحمسون لها أشد التحمس.
وأهم تلك التشويهات التي واجهتها قضيته (ع) ـ وكان لها الأثر الشيء على تصورات ومواقف الرأي العام الإسلامي في ما يرتبط بقضيته (ع) ـ محاولة التسطيح لأبعاد القضية وحرفها عن مسارها الصحيح الذي يراد من خلاله تحسيس الإنسان المسلم بمسؤوليته الخطيرة في ما يتخذه من مواقف ترتبط بماضيه وحاضره ومستقبله.
نعم... لقد عمل البعض من العلماء والمفكرين الإسلاميين ـ من دون وعي وإدراك ـ على حرف القضية عن مساراتها الصحيحة التي تبتغي تأصيلها وتجذيرها في حركة الإنسان المسلم، فبدلاً من أن تصور القضية ـ كما يريد لها الإسلام ـ قضية إنسان يعيش كل معاناة الإنسانية وهمومها ويتحمل طوال سنين عديدة صرخات المظلومين وأنات المضطهدين والمعذبين من بني البشر، وإذا بها تختلق لها التصورات الخيالية من هنا وهناك لتبتعد شيئاً فشيئاً عن واقع الإنسان المعذب، وتتحول ـ على خلاف إرادتها ـ إلى قضية رؤى وأحلام وقصص خيالية يلهث وراءها الإنسان الذي يريد الابتعاد عن واقعة والعيش في عالم الخيال.
ولسنا بحاجة إلى أن نضرب الأمثال ونذكر بالمصاديق التي أنتجها وأسسها هذا المنحى في التعامل مع قضية الإمام المهدي (ع)، إذ يكفينا أننا نعلم أن قضية خيالية مثل قصة "الجزيرة الخضراء" صارت ترتبط أشد الارتباط في أذهان المسلمين بقضيته (ع)، وهي توحي لكل من يسمعها أو يقرؤها بكثير من الإطمئنان والاستقرار واللامبالاة وتناسي هموم الإنسانية ومعاناتها التي يعيشها الإمام (ع) في أجواء جزيرته المختلقة، والتي تشابه في إيحاءاتها أجواء قصور الملوك والطواغيت الذين لا يحملون أية قضية ولا يستشعرون أية معاناة إنسانية.
وللأسف استطاع هذا الفهم المغلوط أن يتعمق في أذهان الكثير من المتدينين ولاسيما الشباب المسلم حتى صار الكثير من شبابنا المسلم يبحث في قضية المهدي (ع) أبعاداً وجوانب تضفي على القضية الكثير من لمسات السطحية واللاوعي وتبتعد بها عن آفاقها الأصيلة التي تحفز المسلم على التفكير والحركة والسعي والتغيير في كل لحظة وفي كل آن.
ولا نستطيع ـ إذا ما أردنا أن نكون منصفين ـ ان نحمل الشباب المسلم المسؤولية كاملة في ما يتخذه ويؤسسه من أساليب ومواقف خاطئة تجاه قضية المهدي (ع)، لأننا ندرك ان النتاج الفكري الإسلامي في ما يختص بالقضية مورد البحث، كان يبتعد في كثير من معطياته عن مقتضيات الواقعية ومستلزمات الموضوعية في طرح ودراسة وتحليل قضية المهدي (ع)، وكان يجنح في كثير من الأحيان إلى الخيال واللاواقعية ويستنجد بهما إذا أعيته الحيلة عن إثبات أو نفي فكرة معينة ترتبط من قريب أو بعيد بقضيته (ع)، ومن الطبيعي أن يولد مثل هذا النتاج الذي يقبل عليه شبابنا المسلم بشغف وشوق شخصيات تهرب من الواقع وترفض التعامل معه بمنطقه، وتلجأ إلى الأحلام والرؤى والتنبؤات وشواد الأخبار وضعاف الروايات ومختلقات القصص لتكون من خلال ضم بعضها إلى بعض نسيجاً متكاملاً عن واقع القضية وأبعادها، ولكنه نسيج خيالي ووهمي إلا أنه له من القوة ما يحطم به كل ثوابت الواقع شرعية كانت أم عقلية أم اجتماعية.
وكلامنا هذا ليس مجرد فرض وتوهم يعجز الواقع عن إثباتهما وتقديم المصاديق والدلائل عليهما، بل أن الأمر بات واضحاً وضوح الشمس ولم يعد مجتمع من مجتمعاتنا الإسلامية يخلو من قضية مثيرة ينتجها ويؤسسها الفهم اللاواعي والموقف اللامتزن من قضية الإمام المهدي (ع) فلقد صار الكثير من الجهلة والنفعيين يستغلون قضيته (ع) ليحولوها إلى قضية أحلام ورؤى تثبت من خلالها وعن طريقها اعتقادات ومقولات تستهدف في نهاية المطاف ضرب الوجودات الإسلامية بعضها ببعض وتحطيم بنائها الداخلي بنفس يدها.
ولسنا نريد هنا أن ندخل مع الشباب في بحوث دينية وعلمية حول من يرى صاحب الزمان (ع) في الرؤيا، وصحة مثل هذه الرؤى أو عدم صحتها، وجواز الاعتماد عليها أو عدم جوازه، ومحاولة تفنيد دعاوي من يدعون النيابية الخاصة والسفارة عنه (ع) في زمن الغيبة أما عن طريق الرؤيا أو عن طريق المشاهدة، لأننا نعتقد أن مثل هذه البحوث قد وجدت كل الإجابات المقنعة عنها، ومنذ زمن بعيد والعلماء يؤلفون الكتب والمقالات في إبطال وتزييف قول من يدعي النيابة الخاصة عنه (ع) بعد انتهاء فترة الغيبة الصغرى. بل ما نريده من شبابنا المسلم أن يعي كل الوعي أن قضية المهدي (ع) أسمى من أن تتحول إلى قضية أحلام ورؤى يراها أناس ينتحلون الإسلام كذباً وزوراً ونفاقاً، ويبتغون من وراء أحلامهم الكاذبة أن يثبتوا لأنفسهم مقامات عند السذج من الناس، يعجزون عن اكتسابها بطريق الجد والسعي والعمل والاخلاص لله تعالى.
تعليق