اضغاث احلام (قصة قصيرة) احمد الخالدي
لم تزل عيناه اللتان احاطت بهما التجاعيد ترمق تلك اللافتة الكبيرة وحروفها التي لم تكتب بعناية 00((من اجل غد مشرق انتخبوا مرشحكم فلان الفلاني )) .. مر في ذاكرته شريط من الاحداث حين كان يشخص
بالبصر الى نقطة غير محددة في الفراغ الذي امامه ويرسم فيها صورة للمستقبل غاب عنها الطاغية ..كانت الصور المخترعة في ذهنه تلك الايام نظيفة للغاية والشوارع التي تخيلها مستوية ومخططة تحاذيها ارصفة جميلة اما المطار الذي بات ينتظر فيه الطائرة المرتقبة التي ستقله بعد دقائق الى بلاد الله العريضة فكان يشبه كثيرا تلك المطارات التي تعود ان يراها في افلام الاكشن الامريكية ....
فجأة أنقطع شريط ذاكرته لمرور مركبة اثارت زوبعة من الغبار الكثيف ملأت عينيه الشاخصتين الى اللافتة فأندفع يلعن الماضي والحاضر والمستقبل وأخذ يتحسر على عمر سينقضي بين خيالات الماضي واوهام الحاضر وسراب المستقبل .. فليس ثمة شوارع نظيفة ولا كهرباء بدون قطع ولا مطارات ينتظر فيها المسافرون ولا شيئا مما كان يحلم به اذا انتهى كابوس الدكتاتورية واشرقت فيه شمس الديمقراطية والحرية .....
وعاد يحلم مرة اخرى بمطار جديد وشوارع تملاْها اشجار الزيتون واكشاك الصمون وفتية يلعبون بالكرة في حديقة واسعة تظللهم عناية ابائهم تملاْ الجو ضحكاتهم وتشاركهم العصافير بزقزقتها فرحتهم...
كان يحلم في ذلك الزمن البعيد القريب والان بدأ يتحسر على ذلك الحلم الذي لم يجد من يفسره ..وكل يقول:
((اضغاث احلام وما نحن بتأويل الرؤيا بعالمين)) ....
تعليق