دخلت السيدة أحمدي في الصحن الرضوي العتيق في مشهد. وما إن وقع نظرها على القبّة الذهبية العالية المتلألئة في أشعة الشمس حتّى اندفعت تحدّث الإمام الرضا عليه السّلام:
ـ انقطع أملي يا مولاي، جئتك مرّات. أنت تعرف. اليوم امرأة من محبيّك أعادت ليَ الأمل.. وها أنا جئت هذه المرّة طالبة الشفاء.
أملي.. أملي أن تَقبَلَني يا ابن الزهراء.. فقدتُ كل شيء.. أرجوك يا سيدي، أرجوك.
خشع قلب السيدة رباب أحمدي، وجرت على خدّيها الدموع وهي لا تشعر بمَن حواليها. ثمّ اتّجهت إلى داخل الروضة المقدّسة.
خلعتْ حذاءها عند باب الروضة وسلّمته إلى مسؤول مستودع الأحذية.
خَطَت في داخل الروضة خطوات. تراءت لها على بُعدِ أمتار قليلة حجرة قائمة هناك. وفيما كانت تتطلع حواليها أذهلها أنّها رأت حصانين على يسارها يأكلان العلف.
ـ يا إلهي.. أين أنا الآن ؟! ما هذه الحجرة التي أراها لأوّل مرّة ؟!
كانت الأمور تجري بسرعة مذهلة. خرج رجل من الحجرة. رجلاً إلهيّاً متميّزاً كان. مديد القامة يفيض بروحانيّة عُلويّة. ووجدت نفسها عاجزة عن النطق والسؤال. ناداها الرجل الإلهي:
ـ السيدة أحمدي، اركبي هذا الحصان، فأنت على سفر!
استجابت بلا اختيار وركبت الحصان، وركب هو الحصان الآخر. بدا لها أنّ للحصان جناحَين يقدر بهما على الطيران. أغلقت عينيها ثمّ فتحتهما بأمر منه. رأت أنّها في مكان آخر. هذه حجرة أيضاً، لكنها غير الأولى! ترجّل الرجل وترجّلت.. ودخلا الحجرة. في الداخل كان حرم واسع فيه أناس كثيرون مشغولون بأداء مراسم الزيارة.
سارت خلف الرجل وهو يمضي في داخل الازدحام حتّى وصلا إلى الضريح، فانفتح بابه. في داخل الضريح كانت سيدة تحفّ بها الهيبة والجلال جالسة على أريكة. لكنها ما إن رأت هذا الرجل حتّى نهضت واقفة.
تقدّمت إليه وأمسكت بكفّه وقبّلتها. تحدّثا قليلاً، ثمّ أوصى هذه السيدة المجلَّلة بالحشمة والوقار:
ـ أختاه، هذه المرأة من مجاورينا، وفي داخل رأسها غدّة. أتيتُ بها إليك لمداواتها.
قال هذا وخرج. أشارت السيدة الجليلة إليها أن تتقدّم. تقدّمت.. ووضعت رأسها في حجر هذه السيدة التي مسحت على رأسها بمحبّة، وقالت لها:
ـ قومي واذهبي، فقد عُوفيتِ من كلّ آلامك بتوصية أخي.
وجدت السيدة أحمدي نفسها إلى جانب الضريح الطاهر. وتذكّرت شيئاً فغلى قلبها:
ـ ويلاه! لقد تأخّرتُ! نسيتُ العملية والمستشفى!
وعلى الفور هرعت إلى مستودع الأحذية عند الباب لتأخذ حذاءها وتخرج. قدّمت الرقم إلى مسؤول المستودع قائلة:
ـ أرجوك بسرعة، أنا على عَجَل!
قال لها مسؤول المستودع بعد أن ألقى نظرة على الرقم:
ـ هذا الرقم ليس لمستودعنا!
قالت:
ـ لماذا تؤذيني ؟! ألا تستحي من الإمام الرضا ؟! لقد تأخّرتُ على العملية...
قال لها الرجل:
ـ لا تضيّعي وقتي يا سيدة.
ـ لا أضيّع وقتك ؟! ما هذا الكلام ؟! يجب على خادم الإمام الرضا أن لا يؤذي الناس!
تدخّل زميل له كان إلى جانبه، ونظر إلى الرقم بدقّة، ثمّ تبادل الرجلان نظرة خاصّة. قال زميله:
ـ ليس هنا حرم الإمام الرضا عليه السّلام، ونحن لسنا من خدّام الإمام الرضا!
وفجأة.. تجلّى أمامها كلّ المشهد الذي عاشته قبل قليل، فاندفعت تسأل كالذاهلة:
ـ إذَن.. أين أنا الآن ؟!
قال أحد الرجلين:
ـ هنا حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السّلام. أنت الآن في قم، في مدينة أخت الإمام الرضا عليه السّلام.
سمعت السيدة أحمدي هذه الكلمات فلم تستطع أن تصدّق. ثمّ غابت ـ من هول الصدمة ـ عن الوعي.
أفاقت السيدة أحمدي من غشيتها، فاتّصلت هاتفيّاً بأهلها في مشهد:
ـ إلحقُوني.. أنا في قم!
ـ قم ؟! وكيف ذهبتِ إلى قم ؟!
ـ مولاي الرضا نقلني إلى قم في طَرفة عين، أوصى أخته أن تداويني فداوتني.
كانت السيدة أحمدي تحكي للحاضرات ودموعها تسيل.. كما سالت دموع جاراتها والصديقات. أمّا أمّ حسين فقد أهوَت إلى الأرض في سجدة شكر طويلة.
( نظم كتابة القصة: إبراهيم رفاعة، عن أصل الواقعة المنشور في مجلة الزائر، العدد 109، ايلول.
نظرة يامولاي.. أنظر لنا بعين اللطف والرأفه واقبلنا من زوارك سيدي وكن شفيعا لنا بقضاء حوائجنا وغفران ذنوبنا
ـ انقطع أملي يا مولاي، جئتك مرّات. أنت تعرف. اليوم امرأة من محبيّك أعادت ليَ الأمل.. وها أنا جئت هذه المرّة طالبة الشفاء.
أملي.. أملي أن تَقبَلَني يا ابن الزهراء.. فقدتُ كل شيء.. أرجوك يا سيدي، أرجوك.
خشع قلب السيدة رباب أحمدي، وجرت على خدّيها الدموع وهي لا تشعر بمَن حواليها. ثمّ اتّجهت إلى داخل الروضة المقدّسة.
خلعتْ حذاءها عند باب الروضة وسلّمته إلى مسؤول مستودع الأحذية.
خَطَت في داخل الروضة خطوات. تراءت لها على بُعدِ أمتار قليلة حجرة قائمة هناك. وفيما كانت تتطلع حواليها أذهلها أنّها رأت حصانين على يسارها يأكلان العلف.
ـ يا إلهي.. أين أنا الآن ؟! ما هذه الحجرة التي أراها لأوّل مرّة ؟!
كانت الأمور تجري بسرعة مذهلة. خرج رجل من الحجرة. رجلاً إلهيّاً متميّزاً كان. مديد القامة يفيض بروحانيّة عُلويّة. ووجدت نفسها عاجزة عن النطق والسؤال. ناداها الرجل الإلهي:
ـ السيدة أحمدي، اركبي هذا الحصان، فأنت على سفر!
استجابت بلا اختيار وركبت الحصان، وركب هو الحصان الآخر. بدا لها أنّ للحصان جناحَين يقدر بهما على الطيران. أغلقت عينيها ثمّ فتحتهما بأمر منه. رأت أنّها في مكان آخر. هذه حجرة أيضاً، لكنها غير الأولى! ترجّل الرجل وترجّلت.. ودخلا الحجرة. في الداخل كان حرم واسع فيه أناس كثيرون مشغولون بأداء مراسم الزيارة.
سارت خلف الرجل وهو يمضي في داخل الازدحام حتّى وصلا إلى الضريح، فانفتح بابه. في داخل الضريح كانت سيدة تحفّ بها الهيبة والجلال جالسة على أريكة. لكنها ما إن رأت هذا الرجل حتّى نهضت واقفة.
تقدّمت إليه وأمسكت بكفّه وقبّلتها. تحدّثا قليلاً، ثمّ أوصى هذه السيدة المجلَّلة بالحشمة والوقار:
ـ أختاه، هذه المرأة من مجاورينا، وفي داخل رأسها غدّة. أتيتُ بها إليك لمداواتها.
قال هذا وخرج. أشارت السيدة الجليلة إليها أن تتقدّم. تقدّمت.. ووضعت رأسها في حجر هذه السيدة التي مسحت على رأسها بمحبّة، وقالت لها:
ـ قومي واذهبي، فقد عُوفيتِ من كلّ آلامك بتوصية أخي.
وجدت السيدة أحمدي نفسها إلى جانب الضريح الطاهر. وتذكّرت شيئاً فغلى قلبها:
ـ ويلاه! لقد تأخّرتُ! نسيتُ العملية والمستشفى!
وعلى الفور هرعت إلى مستودع الأحذية عند الباب لتأخذ حذاءها وتخرج. قدّمت الرقم إلى مسؤول المستودع قائلة:
ـ أرجوك بسرعة، أنا على عَجَل!
قال لها مسؤول المستودع بعد أن ألقى نظرة على الرقم:
ـ هذا الرقم ليس لمستودعنا!
قالت:
ـ لماذا تؤذيني ؟! ألا تستحي من الإمام الرضا ؟! لقد تأخّرتُ على العملية...
قال لها الرجل:
ـ لا تضيّعي وقتي يا سيدة.
ـ لا أضيّع وقتك ؟! ما هذا الكلام ؟! يجب على خادم الإمام الرضا أن لا يؤذي الناس!
تدخّل زميل له كان إلى جانبه، ونظر إلى الرقم بدقّة، ثمّ تبادل الرجلان نظرة خاصّة. قال زميله:
ـ ليس هنا حرم الإمام الرضا عليه السّلام، ونحن لسنا من خدّام الإمام الرضا!
وفجأة.. تجلّى أمامها كلّ المشهد الذي عاشته قبل قليل، فاندفعت تسأل كالذاهلة:
ـ إذَن.. أين أنا الآن ؟!
قال أحد الرجلين:
ـ هنا حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السّلام. أنت الآن في قم، في مدينة أخت الإمام الرضا عليه السّلام.
سمعت السيدة أحمدي هذه الكلمات فلم تستطع أن تصدّق. ثمّ غابت ـ من هول الصدمة ـ عن الوعي.
أفاقت السيدة أحمدي من غشيتها، فاتّصلت هاتفيّاً بأهلها في مشهد:
ـ إلحقُوني.. أنا في قم!
ـ قم ؟! وكيف ذهبتِ إلى قم ؟!
ـ مولاي الرضا نقلني إلى قم في طَرفة عين، أوصى أخته أن تداويني فداوتني.
كانت السيدة أحمدي تحكي للحاضرات ودموعها تسيل.. كما سالت دموع جاراتها والصديقات. أمّا أمّ حسين فقد أهوَت إلى الأرض في سجدة شكر طويلة.
( نظم كتابة القصة: إبراهيم رفاعة، عن أصل الواقعة المنشور في مجلة الزائر، العدد 109، ايلول.
نظرة يامولاي.. أنظر لنا بعين اللطف والرأفه واقبلنا من زوارك سيدي وكن شفيعا لنا بقضاء حوائجنا وغفران ذنوبنا
تعليق