النص الديني بين التطبيق والتفسير ( التفسير بالهوى والرأي داء ممحق للدين)


في الخطبة109 /


" ...من عشق شيئا أعشى بصره ، وأمرض قلبه . فهو ينظر بعين غير صحيحة ويسمع بأذن غير سميعة. قد خرقت الشهوات عقله ، وأماتت الدنيا قلبه ، وولهت عليها نفسه . فهو عبد لها .."


قلتُ :
إن اخطرالامراض التي تصيب الانسان بشكل عام ورجال الدين والقانون بشكل خاص هو داء توجيه النصوص وفقا للمعايير الشخصية التابعة للحب والبغض و للأنا الشيطاني ..والذي يعبر عنه بالتطبيق دون التفسير ... وهو مرض قديم بل وعضال اصيبت به معظم المدارس الاسلامية فترى الجبري يحتج بالقرآن وترى المفوض يحتج به وهكذا ...و لا نبالغ اذا ما قلنا انه داء يقضي على روح النص .. بل هو ممحق للدين كما في بعض النصوص الواردة في ذم التفسير بالراي واتباع الاستحسانات الشخصية ..هذا النموذج من البشر قد يُرى له ادوات حسية بل وعقلية ولكنها في الحقيقة معطلة .. اما الحديث عن تعطيل الحواس فقد تحدث القرآن بشكل واضح { وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف : 179] ..
فهو حقا ينظر بعين غير صحيحة ويسمع بأذن غير سميعة .كما عبرت الخطبة اعلاه ..
واما عن العقل فهو ليس به بل هو النكراء والشيطنة كما جاء في الحديث المروي في الكافي الشريف في باب العقل والجهل ...
3 - أحمدبن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال:
قلت له: ما العقل؟
قال: ماعبد به الرحمن واكتسب به الجنان ..
قال: قلت:فالذي كان في معاوية؟
فقال: تلك النكراء ! تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل. اهــ ..
بل قد جاء ان السنة اذا قيست محق الدين ..



وهذا الداء لا ينحصر باروقة المفسرين او علماء الكلام او القانونيين بل يشمل جميع بني البشر اذ قد يصاب بهذا الداء بعضنا دون ان يشعر فتراه يحب ذاته على حساب الدين والنص القرآني او الروائي فيدافع عن نفسه وانانيته لسوء تصرف صدر منه ويحاول التبرير بكل اشكال التبرير فتراه يستشهد بالنصوص الدينية ويطبقها على فعله .. فينطبق علينا ما في الخطبة اعلاه : من عشق شيئا أعشى بصره ، وأمرض قلبه ....
اللهم سددنا في القول والعمل وافسح لنا في مدة الاجل وعافنا وشافنا من الاوجاع والعلل وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ...