متابعة للجزء الأول أورد بعض الملاحظات حول الخطبة الشقشقية:
1-أغلب أسانيد آهل السنة تنكر وجود هذه الخطبة وتشكك في المصادر الشيعية التي نقلتها دون أن تنظر هل أن هناك توازن بلاغي متميز جاهر بنهوضه اللغوي يعيد بالخطبة للإمام علي؟ ناهيك عن مضمونها القريب جدا من العتب والنقد الذي يناسب تلك المرحلة التاريخية بما لا يهدم أسس بناء الدولة التي كان مستشارها الأول للخلفاء الإمام علي بالأقوال المعروفة للخليفة عمر(لولا علي لهلك عمر) (لاابقاني الله لمعضلة ليس لها ابو الحسن)ذكره البلاذري في أنساب الأشراف 2/853: وقال عمر (لا أبقاني الله إلى أن أدرك قوماً ليس فيهم أبوالحسن: ( ذكرهـالعزيزي في حاشية الحفني على شرح الجامع الصغير: 2/458.ـ الجرداني في مصباح الظلام: 2/136.ـ الأميني في الغدير: 3/98 عنالمصدرين المذكورين
2- الارتكاز الأساسي المهم بعائدية الخطبة للامام علي هو إن الخطبة ذكرها ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة نقلها ابن الخشاب قبل مائتي سنة من ولادة الشريف الرضي ، وقال ابن أبي الحديد وجدتها في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة ، وكان ذلك في دولة المقتدر قبل أن يخلق الشريف الرضي بمدة طويلة وقال
ابن ابي الحديد نقلها جعفر بن قبة في كتابه ( الإنصاف ) وكان أبو جعفر من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ومات قبل أن يولد الشريف الرضي وقال ابن ميثم البحراني الحكيم المحقق في كتابه شرح نهج البلاغة في الخطبة أني وجدتها في كتاب الإنصاف وهو متوفى قبل ولادة الشريف الرضي
3. اعترف بها شيخ الأزهر - الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية . وأكثر من أربعين عالم من الفريقين السني والشيعي شرحوا نهج البلاغة وأذعنوا بأن الخطبة الشقشقية من كلام الإمام علي عليه السلام وقال الشيخ محمد عبده : ( أنى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر.
4. روى الشيخ الأميني في كتابه الغدير : 7/82 حول هذه الخطبة : « هذه الخطبة تسمى بالشقشقية ، وقد كثر الكلام حولها ، فأثبتها مهرة الفن من الفريقين ، ورأوها من خطب مولانا أمير المؤمنين الثابتة التي لا مغمز فيها ، فلا يُسمع إذن قول الجاهل بأنّها من كلام الشريف الرضي ، وقد رواها غير واحد في القرون الأولى قبل أن تنعقد للرضي نطفته ، كما جاءت بإسناد معاصريه والمتأخرين عنه من غير طريقه ، وإليك اُمّة من اُؤلئك المصادر عن طرق اهل السنة :ا ـ الحافظ يحيي بن عبد الحميد الحماني ، المتوفّى 228 ، كما في طريق الجلودي في العلل والمعاني .ب ـ أبو جعفر دعبل الخزاعي ، المتوفّى 246 ، رواها بإسناده عن ابن عبّاس ، كما في أمالي شيخ الطائفة/237 ، ورواها عنه أخوه أبو الحسن علي.ج ـ أبو جعفر أحمد بن محمّد البرقي ، المتوفّى 274 / 80 ، كما في علل الشرائع .د ـ أبو علي الجبائي شيخ المعتزلة ، المتوفّى 303 ، كما في الفرقة الناجية للشيخ إبراهيم القطيفي ، والبحار للعلامة المجلسي 8 : 161 . ه ـ وجدت بخط قديم عليه كتابة الوزير أبي الحسن علي بن الفرات ، المتوفّى 312 ، كما في شرح ابن ميثم . و ـ أبو القاسم البلخي أحد مشايخ المعتزلة ، المتوفّى 317 ، كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/69 .ز ـ أبو أحمد عبد العزيز الجلودي البصري ، المتوفّى 332 ، كما في معاني الأخبار.ح ـ أبو جعفر ابن قبة تلميذ أبي القاسم البلخي المذكور ، رواها في كتابه ( الإنصاف ) كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 69 وشرح ابن ميثم .ط ـ الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني ، المتوفّى 360 ، كما في طريق القطب الراوندي في شرح نهج البلاغة . ي ـ أبو جعفر ابن بابويه القمي ، المتوفّى 381 ، في كتابيه : علل الشرائع ومعاني الأخبار.ك ـ أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري ، المتوفّى 382 ، حكى عنه الشيخ الصدوق شرح الخطبة في معاني الأخبار والعلل.
وبعدها مايقارب 15 مصدرا آخر للاستدلال من مصادر محدثي آهل السنة بعائديه قطعة البلاغة الفريدة للإمام علي لم أوردها خوف الملل والإطالة
5- نسبها الناكرون هيبتها البلاغية لتنظيم الشريف الرضي حتى يضيع فيها كنه مااراد الامام علي قوله ناقدا بصيغته البلاغية العالية الجودة والرحيق والمحتوى مواقف الخلفاء قبله بينما يقول التاريخ لمن يتابع تفاصيله نقلهاكل من :الرواة لهذه الخطبة من المتقدمين على الشريف الرضي آ- أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن المعروف بإبن قبة الرازي في كتابه الإنصاف ب- أبو القاسم محمود البلخي الكعبي المتوفي سنة 317 هجري ج- الوزير أبوسعيد الآبي و أحمد الحسن بن عبد الله العسكري وعنه نقلها الصدوق في معاني الأخبار د- الصدوق في كتابيه معاني الأخبار وعلل الشرائع بطريقين ينتهيان إلى إبن عباس ه- هذه الخطبة كانت مثبته في كتاب العقد الفريد لإبن عبد ربه المالكي ولكن يد التحريف حذفتها عند النسخ والدليل على ذلك ان العديد من العلماء القدماء ذكروا أنها موجودة في كتاب العقد الفريد و- الشيخ المفيد في الإرشاد وكما نعلم فهو أستاذ الشريف الرضي ونقلها الشيخ ممهداً لها بإسنادها وقصتها ز- القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه المغني وحاول تأويلها قدر استطاعته ح- الوزير أبو سعيد الآبي في كتابيه نثر الدرر ونزهة الأديب
5- تركت كل مرويات وأسانيد الشيعة حول الخطبة مكتفيا بما ذكرت وموثقا بما أورده لوحده المعتزلي ابن ابي الحديد (شرح نهج البلاغة) (1 / 151).
6-لايمكن مطلقا بعقلية المتبحر ان تكون هذه الخطبة التي أبعادها وانعكاساتها تنبئ فعلا عن موقف الإمام علي السلمي السياسي مما حصل وقتها،ان تنسب الخطبة لغيره مع إن الحقائق التي ذكرها الامام علي بصعوبة الصياغة بالمفهوم الذي أورده على كل متمكن من الكلمات وبلاغتها بما يقرّب من المفهوم الذي أراد إيصاله كفكرة يخلّدها التاريخ له كموقف. فالاستنتاجات المبنية على الحب والكره مثلا تقف هنا عاجزة أمام الحجج التي أوردها الامام بخطبته التي شقشق فيها حقه في الخلافة دون ان يلّوح بالجيوش والسيوف وببطولته المعروفة عند الجميع وبالنسبة لي مع قوة حجة بلاغة الخطبة أجد من إيراد المعتزلي لها حجة إضافية بالغة على انتسابها للامام علي قلبا وقالبا مؤطرا بموهبته الفريدة في التعبير عن مكنوناته التي لاحقا سنجد ونفهم بعدهاحيثيات كيف خرج على شرعيته من خرج بحروب صفين والجمل والنهروان!
7. لنبتعد قليلا عن السلفية ونمطيتها الغريبة في حجج الحديث بعيدا عن المنطق مع شروقه السطوعي أورد الحكاية التالية:استاجر شيخ سلفي سيارة أجرة في القيظ واتفق مع السائق على الأجرة..كان السائق قبلها منتشيا مع أم كلثوم وأنت عمري ومشغلا جهاز التبريد.. جلس السلفي جنبه وبعد سماعه الغناء قال له ياولدي هل كانت مغنيتك وموسيقاها مقبولة زمن الرسول ص؟ قال السائق لاياشيخ قال فاطفئها ياولدي ولك الاجر والثواب! امتعض السائق وكتم وبعد مسير عدة كيلو مترات قال له ياولدي هل كان في زمن الرسول تبريد لنقتدي به؟ قال السائق لا قال فاطفئه ياولدي ولك الأجر والثواب! حنق السائق وانزل زجاجة بابه يلوح الهجير بوجهه صامتامتوجما وبعد قطع كيلو مترات وصل السائق لدرجة الغليان فالتفت للشيخ قال له ياشيخنا هل كانت السيارات موجودة زمن الرسول؟ قال الشيخ لا! توقف السائق فورا وقال للشيخ انزل فورا من السيارة وانتظر بعران قوافل قريش لتوصلك لمكانك!!
8. سقت الحكاية لااريد ان تعمينا السلفية عن حقائق سطرها التاريخ بمقولات خالدة نرفضها لأننا نكره ونحب بعيدا عن المنطق والنقاش والتداول والحوار مهما كانت قساوته على اللامتقبلين.