بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين
شهادةالإمام الباقر ( عليه السلام)
أولها : سُمو شخصية الإمام الباقر ( عليه السلام( :
لقد كان الإمام الباقر ( عليه السلام) أسمى شخصية في العالم الإسلامي ، فقد أجمع المسلمون على تعظيمه ، والاعتراف له بالفضل ، وكان مقصدالعلماء من جميع البلاد الإسلامية.
وكان الإمام ( عليه السلام ) قد ملك عواطف الناس ، واستأثربإكبارهم وتقديرهم ، لأنه العلم البارز في الأسرة النبوية.
وقد أثارت منزلته الاجتماعية غيظ ا لأمويين وحقدهم ،فأجمعوا على اغتياله للتخلص منه.
ثانيها : أحداثُ ( دمشق(:
لا يستبعد الباحثون والمؤرخون أن تكون أحداث ( دمشق ) سبباً من الأسباب التي دَعَت الأمويين إلى اغتياله ( عليه السلام) وذلك لما يلي:
أولاً :تفوّق الإمام في الرمي على بني أمية وغيرهم ، حينما دعاه هشام إلى الرمي ضانا بأنه ( عليه السلام ) سوف يفشل في رميه ، فلا يصيب الهدف ، فَيَتَّخذ ذلك وسيلة للحَطِّ من شأنه، والسخرية به أمام أهل الشام.
ولمَّا رمى الإمام وأصاب الهدف عدة مَرَّات بصورة مذهلة ،لم يعهد لها نظير في عمليات الرمي في العالم ، ذُهِل الطاغية هشام ، وأخذ يتميَّزغيظاً ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وصَمَّم منذ ذاك الوقت على اغتياله.
ثانياً : مناظرته ( عليه السلام ) مع هشام في شؤون الإمامة ، وتفوّق الإمام عليه حتى بَانَ عليه العجز ، مما أدَّى ذلك إلى حقده عليه .
ثالثاً : مناظرته ( عليه السلام) مع عالم النصارى ، وتَغَلُّبه عليه حتى اعترف بالعجز عن مجاراته أمام حشد كبير منهم ، معترفاً بفضل الإمام ( عليه السلام) وتفوّقه العلمي فيأُمّة محمّد
( صلى الله عليه وآله( .
وقد أصبحت تلك القضية بجميع تفاصيلهاالحديث الشاغل لجماهيرأهل الشام ، ويكفي هذا الصيت العلمي أيضاً أن يكون من عوامل الحقد على الإمام (عليه السلام ) ، والتخطيط للتخلّص من وجوده.
كل هذه الأمور بل وبعضها كان يكفي أن يكون وراء اغتياله
( عليه السلام ) على أيدي زمرة جاهلية ، افتقرت إلى أبسط الصفات الإنسانية ، وحُرِمت من أبسط المؤهلات القيادية.
نَصّ الباقر على الصادق( عليهما السلام( :
ونصَّ الإمام الباقر ( عليه السلام) على الإمام من بعده قبيل استشهاده ، فعيَّن ولده الإمام الصادق ( عليه السلام) مفخرة هذه الدنيا ،ورائد الفكر والعلم في الإسلام ، وجعله مرجعاً عاماً للأمة من بعده ، وأوصى شيعته بلزوم اتِّباعه وطاعته.
وكان الإمام ( عليه السلام ) يشيد بولده الإمام الصادق ( عليه السلام ) بشكل مستمر ، ويشير إلى إمامته .
فقد روى أبو الصباح الكناني ، أنَّ أباجعفر نظر إلى أبي عبدالله يمشي ، فقال : ترى هذا ؟ ، هذا من الذين قال الله عزَّوجلَّ :
(وَنُرِيدُأَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةًوَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ( القصص : 5.
وصاياه :
أوصى الإمام محمد الباقر ( عليه السلام) إلى ولده الإمام جعفرالصادق ( عليه السلام ) بعدة وصايا كان من بينها ما يلي:
الأولى: أنه ( عليه السلام )قال له : ( يا جعفر أوصيك بأصحابي خيراً) .
فقال له الإمام الصادق ( عليه السلام) : ( جُعلتُ فداك ، والله لأدَعَنَّهم ، والرجل منهم يكون في المصر فلايسأل أحداً ) .
الثانية: أوصى ولده الصادق (عليه السلام ) أن يكفِّنَه في قميصه الذي كان يصلي فيه ،ليكون شاهد صِدقٍ عندالله على عظيم عبادته ، وطاعته له.
الثالثة: إنه أوقف بعض أمواله على نوادب تندبه عشر سنين في( منى ) ، ولعلَّ السبب في ذلك يعود إلى أن ( مِنى ) أعظم مركز للتجمع الإسلامي.
ووجود النوادب فيه مما يبعث المسلمينإلى السؤال عن سَبَبه ،فيخبرون بما جرى على الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) من صنوف التنكيل من قبل الأمويين واغتيالهم له ، حتى لا يضيع ما جرى عليه منهم ، ولاتخفيه أجهزة الإعلام الأموي.
شهادته ( عليه السلام)
وأخيراً ، بعد أن فشلت السياسة الأموية في الحَدِّ من تحرك الإمام( عليه السلام ) فقد رأت السياسة المنحرفة أنه ليس عن اغتياله ( عليه السلام )بديل .
وهكذا دُسَّ إليه السُّمَّ في زمن الخليفة هشام ، فرحل ( عليه السلام ) إلى رَبِّه الأعلى في السابع من ذي الحجة ،عام ( 114 هـ ) صابراً ،محتسباً ، شهيداً ، فَسَلامٌ عليه يوم وُلِدَ ، ويوم رَحَلَ إلى ربه ، ويوم يُبعَثُ حَيّاً .
دفنه ( عليه السلام(:
وقام ولده الإمام الصادق ( عليه السلام) بتجهيز الجثمان المقدس، فغسَّله وكفَّنه ، وهو يذرف أحَرَّ الدموع على فقد أبيه( عليه السلام ) ، الذي ما أظَلَّت على مثلِهِ سماء الدنيا في عصره عِلماً وفَضلاًوحَرِيجة في الدين.
ونقل الجثمان العظيم - محفوفاً بإجلال وتكريم بالغين من قبل الجماهير - إلى بقيع الغر قد ( المدينة ) المنورة.
فحفر له قبراً بجوار الإمام الأعظم أبيه زين العابدين ( عليه السلام ) ، وبجوار عم أبيه الإمام الحسن سيد شاب أهل الجنة (عليه السلام( .
وأنزل الإمام الصادق أباه ( عليهماالسلام ) في مقرّه الأخير فواراه فيه ، وقد وارى معه العلم والحلم ، والمعروف والبربالناس.
وقد انطوت بِرَحيله ( عليه السلام) أروع صفحة من صفحات الرسالة الإسلامية ، التي أمدَّت المجتمع الإسلامي بعناصر الوعي والازدهار.
تعليق