بقلم: محمّد الكاظمي
لقد نزل القرآنُ حافلاً بذكر أهل البيت (عليهم السلام)، لا سيما الخمسة من أهل الكساء، وقد ورد في اللفظ الصريح عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: «نزل القرآن على أربعة أرباع: ربعٌ فينا، وربعٌ في عدوّنا، وربعٌ في فرائض وأحكام، وربعٌ سنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن» (تفسير العياشي: 1 / 9)، وهم مَن حدّثوا الناس بالقرآن وبالوحي، وفسّروا آيات الكتاب المجيد، وكشفوا بيانه وبعض أسراره.
وعن الحكم بن عتيبة قال: لقيَ رجلٌ الحسينَ بن عليّ (عليهما السّلام) بالثعلبيّة وهو يريد كربلاء، فدخل عليه فسلّم عليه، فقال له الحسين (عليه السّلام): «مِن أيّ البلاد أنت؟»، قال: مِن أهل الكوفة، قال: «أما والله يا أخا أهل الكوفة، لو لقيتُك بالمدينةِ لأريتُك أثرَ جبرئيل من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي، يا أخا أهل الكوفة، مستقى العلم مِن عندنا، أفعَلِمُوا وجَهِلْنا؟! هذا ما لا يكون» (بصائر الدرجات للصفّار القمّي: 31 ح 1، الكافي: 1 / 398 ح 2).
وقد خصّ الله (تبارك وتعالى) أهلَ بيت النبوّة (صلوات الله عليهم) بآياتٍ، عناهم فيها وثبّت فيها فضائلهم وخصائصهم، داعياً المسلمين إلى فَهْم ذلك.. وكان الإمام الحسين (عليه السلام) مشاركاً في كل ما ورد من مدح أهل البيت (عليهم السلام) جميعاً ومعنيّاً بجملةٍ وافرةٍ مِن آيات الذِّكر الحكيم الخاصة به.
* * * * *
• الآيات:
* الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه:
﴿فتلقّى آدمُ مِن ربِّه كلماتٍ فتابَ عليه إنّه هو التوّابُ الرحيم﴾ (سورة البقرة: 37).
روى صاحب "الدرّ الثمين" في تفسير قوله تعالى: ﴿فتلقّى آدمُ مِن ربّه كلماتٍ﴾؛ أنّه رأى ساق العرش وأسماء النبيّ والأئمّة (عليهم السّلام)، فلقّنه جبرئيل، قل: "يا حميد بحقّ محمّد، يا عالي بحقّ عليّ، يا فاطر بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن والحسين، ومنك الإحسان"، فلمّا ذُكر الحسينُ سالت دموعه وانخشع قلبه وقال: «يا أخي جبرئيل، في ذِكْر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي!»، قال جبرئيل: "ولدُك هذا يصاب بمصيبةٍ تصغر عندها المصائب"، فقال: «يا أخي وما هي؟!»، قال: "يُقتَل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً، ليس له ناصرٌ ولا معين، ولو تراه يا آدم وهو يقول: وا عطشاه، وا قلّة ناصراه! حتّى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه أحدٌ إلّا بالسيوف وشرب الحتوف، فيُذبح ذبح الشاة من قَفاه، ويَنهب رحلَه أعداؤه، وتُشهر رؤوسهم هو وأنصاره في البلدان ومعهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنّان"، فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثَّكلى (بحار الأنوار للشيخ المجلسي: 44 / 245 ح 44).
* إنّي سقيم:
﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ (سورة الصافات: 88 و89).
عليّ بن محمّد رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله (عزّ وجل): ﴿فنظر نظرةً في النجوم * فقال إني سقيم﴾، قال: «حَسِب فرأى ما يَحِلّ بالحسين (عليه السلام)، فقال: إني سقيمٌ لِما يحلّ بالحسين (عليه السلام)» (الكافي للكليني: 1 / 465 ـ باب مولد الحسين (عليه السلام)).
* ووالدٍ وما وَلَدٍ:
﴿ووالدٍ وما وَلَد﴾ (سورة البلد: 3).
محمّد بن العبّاس، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن محمّد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفرٍ، قال: «يا أبا بكر، قول الله (عزّ وجل): ﴿ووالدٍ وما ولد﴾؛ هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وما وَلَد الحسن والحسين (عليهما السّلام)» (تأويل الآيات الظاهرة للأسترآبادي: 2 / 798 ح 3، بحار الأنوار: 23 / 269 ح 18، البرهان للسيّد هاشم البحراني: 4 / 462 ح 6).
* اللؤلؤ والمرجان:
﴿يَخرُجُ مِنهُما اللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ﴾ (سورة الرحمان: 22).
في (كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة) عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «... ﴿يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان﴾، الحسن والحسين» (كنز الفوائد: 320، بحار الأنوار: 24 / 97).
وفي (الخصال) عن يحيى بن سعيد القطان قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «... ﴿يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان﴾، الحسن والحسين (عليهما السلام)» (الخصال للشيخ الصدوق: 1 / 34، بحار الأنوار: 24 / 98).
* حزب الله:
﴿ومَن يتولَّ اللهَ ورسولَه والّذين آمنوا فإنّ حزبَ اللهِ همُ الغالبون﴾ (سورة المائدة: 56).
ما رواه موسى بن عقبة، أنّه طلب معاويةُ من الحسين أن يخطب، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ، فسُمع رجلٌ يقول: مَن هذا الذي يخطب؟ فقال (عليه السلام): «نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله الأقربون، وأهل بيته الطيّبون، وأحد الثقلين الّذين جعلنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثانيَ كتاب الله تعالى، فيه تفصيلُ كلّ شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعوّل علينا في تفسيره، لا يبطئنا تأويله بل نتّبع حقائقه، فأطيعونا، فإنّ طاعتنا مفروضةٌ إذ كانت بطاعة الله مقرونة، قال الله تعالى: ﴿أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأُولي الأمر منكم﴾ (سورة النساء: 59)، وقال: ﴿ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم﴾ (سورة النساء: 83). وأُحذّركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان، فإنّه لكم عدوٌ مبين، فتكونوا كأوليائه الّذين قال لهم: ﴿لا غالبَ لكمُ اليومَ مِن الناسِ وإنّي جارٌ لكم﴾ (سورة الأنفال: 48)، فتُلقَون للسيوف ضرباً وللرماح ورداً وللعمد حطماً وللسهام غرضاً، ثمّ لا يُقبَل من نفسٍ إيمانها لم تكن آمنت من قبل». قال معاوية: حسبك أبا عبد الله فقد أبلغت (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4 / 67، الاحتجاج لأحمد بن عليّ الطبرسي: 298، بحار الأنوار: 44 / 205 ح 1).
* الكلمة الباقية:
﴿وجعَلَها كلمةً باقيةً في عَقِبهِ لعلّهم يَرجعون﴾ (سورة الزخرف: 28).
عن المفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّدٍ (عليه السّلام) قال: سألته عن قول الله (عزّ وجلّ): ﴿وإذِ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلماتٍ﴾، ما هذه الكلمات؟ قال: «هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، وهو أنّه قال: يا ربّ، أسألك بحق محمّدٍ وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت علَيّ، فتاب الله عليه إنّه هو التوّاب الرحيم»، فقلت له: يابن رسول الله، فما يعني (عزّ وجلّ) بقوله: ﴿فأتمّهنّ﴾؟ قال: «يعني فأتمّهنّ إلى القائم (عليه السّلام) اثني عشر إماماً، تسعةٌ من ولد الحسين». قال المفضّل: فقلت له: يابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله (عزّ وجلّ): ﴿وجَعلَها كلمةً باقيةً في عَقِبهِ﴾، قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة». قال: فقلت له: يابن رسول الله، فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن (عليهما السّلام)، وهما جميعاً وَلَدا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟ فقال (عليه السلام): «إنّ موسى وهارون كانا نبيَّينِ مرسلين أخوين، فجعل الله النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لأحدٍ أن يقول: لِمَ فعل الله ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافةٌ من الله (عزّ وجلّ)، ليس لأحدٍ أن يقول: لِمَ جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟ لأنّ الله هو الحكيم في أفعاله، لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون» (الخصال: 304، معاني الأخبار للشيخ الصدوق: 126، كمال الدين للشيخ الصدوق: 358، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 556 ح 12، البرهان: 4 / 139 ح 7، نور الثقلين: 4 / 597 ح 27).
وعن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سألتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن قوله: ﴿وجعَلَها كلمةً باقيةً في عَقِبهِ﴾، قال: «جعل الإمامةَ في عَقِب الحسين، يَخرج من صلبه تسعةٌ من الأئمّة، منهم مهديّ هذه الأمّة» (مناقب آل أبي طالب: 4 / 46، تفسير الصافي للفيض الكاشانيّ: 4 / 388، بحار الأنوار: 25 / 253 ح 10، نور الثقلين للحويزيّ: 4 / 597 ح 26).
* إلحاق الذريّة بالمؤمنين:
﴿والّذين آمنوا واتّبعَتْهم ذرّيّتُهم بإيمانٍ ألحَقْنا بهم ذريّتَهم وما ألتْناهم من عملِهم مِن شيءٍ كلُّ آمرئٍ بما كسَبَ رهينٌ﴾ (سورة الطور: 21).
روى الشيخ الطوسيّ (رحمه الله) في أماليه عن رجاله، عن محمّد بن مسلمٍ قال: سمعت أبا جعفرٍ (الباقر) وجعفرَ بن محمّدٍ (عليهما السّلام) يقولان: «إنّ الله تعالى عوّض الحسين (عليه السّلام) مِن قتله أن جعل الإمامة في ذرّيّته، والشفاءَ في تربته، وإجابةَ الدعاء عند قبره، ولا تُعدّ أيّام زائره جائياً ولا راجعاً من عمره». قال محمّد بن مسلم: قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام): هذا الجلال يُنال بالحسين (عليه السّلام)، فما له هو في نفسه؟ قال: «إنّ الله تعالى ألحقه بالنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فكان معه في درجته ومنزلته», ثمّ تلا أبو عبد الله (عليه السّلام): ﴿والّذين آمنوا واتّبعَتْهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقْنا بهم ذرّيّتَهم﴾ الآية (إعلام الورى للفضل بن الحسن: 220، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 617 ح 4، البرهان: 4 / 242 ح 7، نور الثقلين: 5 / 140 ح 27، كنز الدقائق لابن المشهدي: 12 / 450).
* الذين أُخرجوا من ديارهم:
﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ (سورة الحج: 40).
عن محمد بن القاسم بن عبيد مُعَنْعِناً، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: ﴿الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلّا أن يقولوا ربُّنا الله﴾، قال: «نزل في عليّ وجعفر وحمزة، وجرت في الحسين بن علي (عليهم السلام والتحية والإكرام)» (تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: 99، ومثله في: روضة الكافي: 337 بإسناده إلى سلام بن المستنير عن أبي جعفر (عليه السلام)، بحار الأنوار: 44 / 219 الباب 28 ح 9).
* كُتب عليهم القتال:
﴿ألمْ تَرَ إلى الَّذين قيل لهم كُفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاةَ فلمّا كُتِب عليهمُ القتالُ إذا فريقٌ منهم يخشَون الناس كخشيةِ الله أو أشدَّ خشيةً وقالوا ربَّنا لِمَ كتبتَ علينا القتالَ لولا أخّرتَنا إلى أجلٍ قريبٍ قُلْ متاعُ الدنيا قليلٌ والآخرةُ خيرٌ لِمَنِ اتّقى ولا تُظلَمون فَتيلاً﴾ (سورة النساء: 77).
في كتاب (النوادر) لعليّ بن أسباط بإسناد معتبر، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن زياد العطار قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عزّ وجل): ﴿ألمْ تَرَ إلى الَّذين قيل لهم كفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاة﴾، قال: «نزلت في الحسن بن علي (عليهما السلام)، أمره الله بالكفّ»، قال: قلت: ﴿فلمّا كُتبَ عليهمُ القتال﴾، قال: «نزلت في الحسين بن علي (عليهما السلام)، كتب الله عليه وعلى أهل الأرض أن يقاتلوا معه» (بحار الأنوار: 44 / 220 الباب 28 ح 14).
وعن عليّ بن أسباط يرفعه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لو قاتل معه أهلُ الأرض لقُتلوا كلُّهم» (تفسير العياشي: 1 / 258، بحار الأنوار: 44 / 218 الباب 28 ح 4، تفسير نور الثقلين: 1 / 519).
وفي (تفسير العياشي) عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير هذه الآية: «﴿ألم ترَ إلى الّذين قيل لهم كُفُّوا أيديَكُم﴾ مع الحسن، ﴿وأقيموا الصلاة، فلمّا كُتب عليهم القتال﴾ مع الحسين، ﴿قالوا: ربّنا لمَ كتبتَ علينا القتالَ لولا أخّرتَنا إلى أجل قريب﴾؛ إلى خروج القائم (عليه السلام)، فإنّ معه النصر والظفر، قال الله: ﴿قل متاعُ الدنيا قليلٌ والآخرةُ خيرٌ لمن اتقى﴾ الآية» (تفسير العياشي: 1 / 257، بحار الأنوار: 44 / 217 الباب 28 ح 1).
وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «والله الذي صنَعَه الحسنُ بن علي (عليهما السلام) كان خيراً لهذه الأمة ممّا طلعت عليه الشمس، والله لَفيه نزلت هذه الآية: ﴿ألم ترَ إلى الّذين قيل لهم كُفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاة وآتُوا الزكاة﴾، إنما هي طاعة الإمام، فطلبوا القتال، ﴿فلمّا كُتب عليهم القتال﴾ مع الحسين ﴿قالوا: ربَّنا لمَ كتبتَ علينا القتال لولا أخرتَنا إلى أجلٍ قريب﴾، وقوله: ﴿ربَّنا أخِّرْنا إلى أجل قريب نُجِبْ دعوتَك ونتّبعِ الرسل﴾، أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام) (تفسير العياشي: 1 / 258، روضة الكافي: 330، بحار الأنوار: 44 / 217 الباب 28 ح 2).
* المقتول مظلوماً المنصور:
﴿ومَن قُتل مظلوماً فقد جَعَلْنا لوليِّهِ سلطاناً فلا يُسرفْ في القتل إنه كان منصوراً﴾ (سورة الإسراء: 33).
في (تفسير العياشي) عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ﴿ومَن قُتل مظلوماً فقد جعَلْنا لوليّهِ سلطاناً فلا يُسْرِف في القتل إنه كان منصوراً﴾، قال: «هو الحسين بن علي (عليهما السلام)، قُتل مظلوماً ونحن أولياؤه، والقائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسين (عليه السلام)، فَيَقتل حتى يقال: قد أسرف في القتل»، وقال: «المقتول الحسين، ووليُّه القائم، والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله، ﴿إنه كان منصوراً﴾ فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله (عليهم الصلاة والسلام)، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً» (تفسير العياشي: 2 / 290، بحار الأنوار: 44 / 218 الباب 28 ح 7).
وفي (الكافي) عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحجال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألتُه عن قول الله (عزّ وجل): ﴿ومَن قُتل مظلوماً فَقَد جعَلْنا لوليِّهِ سلطاناً فلا يُسرِف في القتل﴾، قال: «نزلت في الحسين (عليه السلام)، لو قُتل أهلُ الأرض به ما كان سرفاً» (روضة الكافي: 255، بحار الأنوار: 44 / 219 الباب 28 ح 10).
وقد أورد الشيخ المجلسي (طيّب الله ثراه) عند نقله لهذه الرواية بياناً، قال: فيه إيماء إلى أنه كان في قراءتهم (عليهم السلام) ﴿فلا يُسرِفُ﴾ بالضمّ، ويُحتمل أن يكون المعنى أنّ السرف ليس من جهة الكثرة، فلو شَرِك جميع أهل الأرض في دمه أو رَضُوا به لم يكن قتلهم سرفاً، وإنما السرف أن يُقتَل من لم يكن كذلك، وإنما نهي عن ذلك (بحار الأنوار: 44 / 219 الباب 28).
وقال المازندراني: وهذا التفسير يدلّ على أنّ (لا يُسرِف) خبر، والثابت في القرآن نهي، ولا يبعد أن يُحمَل النهي هنا على الخبر، كما يُحمَل الخبر على النهي في كثير من المواضع، والله يعلم (شرح أصول الكافي: 12 / 351).
* الموؤودة المقتولة:
﴿وَإِذَا الْمَوْؤودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ (سورة التكوير: 8 و9).
عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجل): ﴿وإذا الموؤودة سُئلت * بأيّ ذنبٍ قُتلت﴾، قال: «نزلت في الحسين بن علي (عليهما السلام)» (كامل الزيارات: 134، بحار الأنوار: 44 / 220 الباب 28 ح 13).
* النفس المطمئنّة:
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ (سورة الفجر: 27 ـ 30).
في (كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة)، روى محمّد بن العباس، بإسناده عن الحسن بن محبوب، بإسناده عن صندل، عن دارم بن فرقد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي (عليهما السلام)، وارغبوا فيها رحمكم الله تعالى»، فقال له أبو أسامة وكان حاضر المجلس: وكيف صارت هذه السورة للحسين (عليه السلام) خاصة؟ فقال: «ألا تسمع إلى قوله تعالى: ﴿يا أيّتُها النفسُ المطمئنّة﴾، الآية؟ إنما يعني الحسين بن علي (عليهما السلام)، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية، وأصحابه من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) هم الراضون عن الله يوم القيامة وهو راضٍ عنهم. وهذه السورة في الحسين بن علي (عليهما السلام) وشيعته وشيعة آل محمّد خاصة، مَن أدمن قراءة ﴿والفجر﴾ كان مع الحسين بن علي (عليهما السلام) في درجته في الجنة، إن الله عزيز حكيم» (بحار الأنوار: 44 / 218 ـ 219 الباب 28 ح 8).
المصدر: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) الحسينية التخصصية
لقد نزل القرآنُ حافلاً بذكر أهل البيت (عليهم السلام)، لا سيما الخمسة من أهل الكساء، وقد ورد في اللفظ الصريح عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: «نزل القرآن على أربعة أرباع: ربعٌ فينا، وربعٌ في عدوّنا، وربعٌ في فرائض وأحكام، وربعٌ سنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن» (تفسير العياشي: 1 / 9)، وهم مَن حدّثوا الناس بالقرآن وبالوحي، وفسّروا آيات الكتاب المجيد، وكشفوا بيانه وبعض أسراره.
وعن الحكم بن عتيبة قال: لقيَ رجلٌ الحسينَ بن عليّ (عليهما السّلام) بالثعلبيّة وهو يريد كربلاء، فدخل عليه فسلّم عليه، فقال له الحسين (عليه السّلام): «مِن أيّ البلاد أنت؟»، قال: مِن أهل الكوفة، قال: «أما والله يا أخا أهل الكوفة، لو لقيتُك بالمدينةِ لأريتُك أثرَ جبرئيل من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي، يا أخا أهل الكوفة، مستقى العلم مِن عندنا، أفعَلِمُوا وجَهِلْنا؟! هذا ما لا يكون» (بصائر الدرجات للصفّار القمّي: 31 ح 1، الكافي: 1 / 398 ح 2).
وقد خصّ الله (تبارك وتعالى) أهلَ بيت النبوّة (صلوات الله عليهم) بآياتٍ، عناهم فيها وثبّت فيها فضائلهم وخصائصهم، داعياً المسلمين إلى فَهْم ذلك.. وكان الإمام الحسين (عليه السلام) مشاركاً في كل ما ورد من مدح أهل البيت (عليهم السلام) جميعاً ومعنيّاً بجملةٍ وافرةٍ مِن آيات الذِّكر الحكيم الخاصة به.
* * * * *
• الآيات:
* الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه:
﴿فتلقّى آدمُ مِن ربِّه كلماتٍ فتابَ عليه إنّه هو التوّابُ الرحيم﴾ (سورة البقرة: 37).
روى صاحب "الدرّ الثمين" في تفسير قوله تعالى: ﴿فتلقّى آدمُ مِن ربّه كلماتٍ﴾؛ أنّه رأى ساق العرش وأسماء النبيّ والأئمّة (عليهم السّلام)، فلقّنه جبرئيل، قل: "يا حميد بحقّ محمّد، يا عالي بحقّ عليّ، يا فاطر بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن والحسين، ومنك الإحسان"، فلمّا ذُكر الحسينُ سالت دموعه وانخشع قلبه وقال: «يا أخي جبرئيل، في ذِكْر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي!»، قال جبرئيل: "ولدُك هذا يصاب بمصيبةٍ تصغر عندها المصائب"، فقال: «يا أخي وما هي؟!»، قال: "يُقتَل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً، ليس له ناصرٌ ولا معين، ولو تراه يا آدم وهو يقول: وا عطشاه، وا قلّة ناصراه! حتّى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه أحدٌ إلّا بالسيوف وشرب الحتوف، فيُذبح ذبح الشاة من قَفاه، ويَنهب رحلَه أعداؤه، وتُشهر رؤوسهم هو وأنصاره في البلدان ومعهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنّان"، فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثَّكلى (بحار الأنوار للشيخ المجلسي: 44 / 245 ح 44).
* إنّي سقيم:
﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ (سورة الصافات: 88 و89).
عليّ بن محمّد رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله (عزّ وجل): ﴿فنظر نظرةً في النجوم * فقال إني سقيم﴾، قال: «حَسِب فرأى ما يَحِلّ بالحسين (عليه السلام)، فقال: إني سقيمٌ لِما يحلّ بالحسين (عليه السلام)» (الكافي للكليني: 1 / 465 ـ باب مولد الحسين (عليه السلام)).
* ووالدٍ وما وَلَدٍ:
﴿ووالدٍ وما وَلَد﴾ (سورة البلد: 3).
محمّد بن العبّاس، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن محمّد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفرٍ، قال: «يا أبا بكر، قول الله (عزّ وجل): ﴿ووالدٍ وما ولد﴾؛ هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وما وَلَد الحسن والحسين (عليهما السّلام)» (تأويل الآيات الظاهرة للأسترآبادي: 2 / 798 ح 3، بحار الأنوار: 23 / 269 ح 18، البرهان للسيّد هاشم البحراني: 4 / 462 ح 6).
* اللؤلؤ والمرجان:
﴿يَخرُجُ مِنهُما اللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ﴾ (سورة الرحمان: 22).
في (كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة) عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «... ﴿يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان﴾، الحسن والحسين» (كنز الفوائد: 320، بحار الأنوار: 24 / 97).
وفي (الخصال) عن يحيى بن سعيد القطان قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «... ﴿يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان﴾، الحسن والحسين (عليهما السلام)» (الخصال للشيخ الصدوق: 1 / 34، بحار الأنوار: 24 / 98).
* حزب الله:
﴿ومَن يتولَّ اللهَ ورسولَه والّذين آمنوا فإنّ حزبَ اللهِ همُ الغالبون﴾ (سورة المائدة: 56).
ما رواه موسى بن عقبة، أنّه طلب معاويةُ من الحسين أن يخطب، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ، فسُمع رجلٌ يقول: مَن هذا الذي يخطب؟ فقال (عليه السلام): «نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله الأقربون، وأهل بيته الطيّبون، وأحد الثقلين الّذين جعلنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثانيَ كتاب الله تعالى، فيه تفصيلُ كلّ شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعوّل علينا في تفسيره، لا يبطئنا تأويله بل نتّبع حقائقه، فأطيعونا، فإنّ طاعتنا مفروضةٌ إذ كانت بطاعة الله مقرونة، قال الله تعالى: ﴿أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأُولي الأمر منكم﴾ (سورة النساء: 59)، وقال: ﴿ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم﴾ (سورة النساء: 83). وأُحذّركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان، فإنّه لكم عدوٌ مبين، فتكونوا كأوليائه الّذين قال لهم: ﴿لا غالبَ لكمُ اليومَ مِن الناسِ وإنّي جارٌ لكم﴾ (سورة الأنفال: 48)، فتُلقَون للسيوف ضرباً وللرماح ورداً وللعمد حطماً وللسهام غرضاً، ثمّ لا يُقبَل من نفسٍ إيمانها لم تكن آمنت من قبل». قال معاوية: حسبك أبا عبد الله فقد أبلغت (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4 / 67، الاحتجاج لأحمد بن عليّ الطبرسي: 298، بحار الأنوار: 44 / 205 ح 1).
* الكلمة الباقية:
﴿وجعَلَها كلمةً باقيةً في عَقِبهِ لعلّهم يَرجعون﴾ (سورة الزخرف: 28).
عن المفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّدٍ (عليه السّلام) قال: سألته عن قول الله (عزّ وجلّ): ﴿وإذِ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلماتٍ﴾، ما هذه الكلمات؟ قال: «هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، وهو أنّه قال: يا ربّ، أسألك بحق محمّدٍ وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت علَيّ، فتاب الله عليه إنّه هو التوّاب الرحيم»، فقلت له: يابن رسول الله، فما يعني (عزّ وجلّ) بقوله: ﴿فأتمّهنّ﴾؟ قال: «يعني فأتمّهنّ إلى القائم (عليه السّلام) اثني عشر إماماً، تسعةٌ من ولد الحسين». قال المفضّل: فقلت له: يابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله (عزّ وجلّ): ﴿وجَعلَها كلمةً باقيةً في عَقِبهِ﴾، قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة». قال: فقلت له: يابن رسول الله، فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن (عليهما السّلام)، وهما جميعاً وَلَدا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟ فقال (عليه السلام): «إنّ موسى وهارون كانا نبيَّينِ مرسلين أخوين، فجعل الله النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لأحدٍ أن يقول: لِمَ فعل الله ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافةٌ من الله (عزّ وجلّ)، ليس لأحدٍ أن يقول: لِمَ جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟ لأنّ الله هو الحكيم في أفعاله، لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون» (الخصال: 304، معاني الأخبار للشيخ الصدوق: 126، كمال الدين للشيخ الصدوق: 358، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 556 ح 12، البرهان: 4 / 139 ح 7، نور الثقلين: 4 / 597 ح 27).
وعن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سألتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن قوله: ﴿وجعَلَها كلمةً باقيةً في عَقِبهِ﴾، قال: «جعل الإمامةَ في عَقِب الحسين، يَخرج من صلبه تسعةٌ من الأئمّة، منهم مهديّ هذه الأمّة» (مناقب آل أبي طالب: 4 / 46، تفسير الصافي للفيض الكاشانيّ: 4 / 388، بحار الأنوار: 25 / 253 ح 10، نور الثقلين للحويزيّ: 4 / 597 ح 26).
* إلحاق الذريّة بالمؤمنين:
﴿والّذين آمنوا واتّبعَتْهم ذرّيّتُهم بإيمانٍ ألحَقْنا بهم ذريّتَهم وما ألتْناهم من عملِهم مِن شيءٍ كلُّ آمرئٍ بما كسَبَ رهينٌ﴾ (سورة الطور: 21).
روى الشيخ الطوسيّ (رحمه الله) في أماليه عن رجاله، عن محمّد بن مسلمٍ قال: سمعت أبا جعفرٍ (الباقر) وجعفرَ بن محمّدٍ (عليهما السّلام) يقولان: «إنّ الله تعالى عوّض الحسين (عليه السّلام) مِن قتله أن جعل الإمامة في ذرّيّته، والشفاءَ في تربته، وإجابةَ الدعاء عند قبره، ولا تُعدّ أيّام زائره جائياً ولا راجعاً من عمره». قال محمّد بن مسلم: قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام): هذا الجلال يُنال بالحسين (عليه السّلام)، فما له هو في نفسه؟ قال: «إنّ الله تعالى ألحقه بالنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فكان معه في درجته ومنزلته», ثمّ تلا أبو عبد الله (عليه السّلام): ﴿والّذين آمنوا واتّبعَتْهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقْنا بهم ذرّيّتَهم﴾ الآية (إعلام الورى للفضل بن الحسن: 220، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 617 ح 4، البرهان: 4 / 242 ح 7، نور الثقلين: 5 / 140 ح 27، كنز الدقائق لابن المشهدي: 12 / 450).
* الذين أُخرجوا من ديارهم:
﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ (سورة الحج: 40).
عن محمد بن القاسم بن عبيد مُعَنْعِناً، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: ﴿الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلّا أن يقولوا ربُّنا الله﴾، قال: «نزل في عليّ وجعفر وحمزة، وجرت في الحسين بن علي (عليهم السلام والتحية والإكرام)» (تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: 99، ومثله في: روضة الكافي: 337 بإسناده إلى سلام بن المستنير عن أبي جعفر (عليه السلام)، بحار الأنوار: 44 / 219 الباب 28 ح 9).
* كُتب عليهم القتال:
﴿ألمْ تَرَ إلى الَّذين قيل لهم كُفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاةَ فلمّا كُتِب عليهمُ القتالُ إذا فريقٌ منهم يخشَون الناس كخشيةِ الله أو أشدَّ خشيةً وقالوا ربَّنا لِمَ كتبتَ علينا القتالَ لولا أخّرتَنا إلى أجلٍ قريبٍ قُلْ متاعُ الدنيا قليلٌ والآخرةُ خيرٌ لِمَنِ اتّقى ولا تُظلَمون فَتيلاً﴾ (سورة النساء: 77).
في كتاب (النوادر) لعليّ بن أسباط بإسناد معتبر، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن زياد العطار قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عزّ وجل): ﴿ألمْ تَرَ إلى الَّذين قيل لهم كفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاة﴾، قال: «نزلت في الحسن بن علي (عليهما السلام)، أمره الله بالكفّ»، قال: قلت: ﴿فلمّا كُتبَ عليهمُ القتال﴾، قال: «نزلت في الحسين بن علي (عليهما السلام)، كتب الله عليه وعلى أهل الأرض أن يقاتلوا معه» (بحار الأنوار: 44 / 220 الباب 28 ح 14).
وعن عليّ بن أسباط يرفعه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لو قاتل معه أهلُ الأرض لقُتلوا كلُّهم» (تفسير العياشي: 1 / 258، بحار الأنوار: 44 / 218 الباب 28 ح 4، تفسير نور الثقلين: 1 / 519).
وفي (تفسير العياشي) عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير هذه الآية: «﴿ألم ترَ إلى الّذين قيل لهم كُفُّوا أيديَكُم﴾ مع الحسن، ﴿وأقيموا الصلاة، فلمّا كُتب عليهم القتال﴾ مع الحسين، ﴿قالوا: ربّنا لمَ كتبتَ علينا القتالَ لولا أخّرتَنا إلى أجل قريب﴾؛ إلى خروج القائم (عليه السلام)، فإنّ معه النصر والظفر، قال الله: ﴿قل متاعُ الدنيا قليلٌ والآخرةُ خيرٌ لمن اتقى﴾ الآية» (تفسير العياشي: 1 / 257، بحار الأنوار: 44 / 217 الباب 28 ح 1).
وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «والله الذي صنَعَه الحسنُ بن علي (عليهما السلام) كان خيراً لهذه الأمة ممّا طلعت عليه الشمس، والله لَفيه نزلت هذه الآية: ﴿ألم ترَ إلى الّذين قيل لهم كُفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاة وآتُوا الزكاة﴾، إنما هي طاعة الإمام، فطلبوا القتال، ﴿فلمّا كُتب عليهم القتال﴾ مع الحسين ﴿قالوا: ربَّنا لمَ كتبتَ علينا القتال لولا أخرتَنا إلى أجلٍ قريب﴾، وقوله: ﴿ربَّنا أخِّرْنا إلى أجل قريب نُجِبْ دعوتَك ونتّبعِ الرسل﴾، أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام) (تفسير العياشي: 1 / 258، روضة الكافي: 330، بحار الأنوار: 44 / 217 الباب 28 ح 2).
* المقتول مظلوماً المنصور:
﴿ومَن قُتل مظلوماً فقد جَعَلْنا لوليِّهِ سلطاناً فلا يُسرفْ في القتل إنه كان منصوراً﴾ (سورة الإسراء: 33).
في (تفسير العياشي) عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ﴿ومَن قُتل مظلوماً فقد جعَلْنا لوليّهِ سلطاناً فلا يُسْرِف في القتل إنه كان منصوراً﴾، قال: «هو الحسين بن علي (عليهما السلام)، قُتل مظلوماً ونحن أولياؤه، والقائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسين (عليه السلام)، فَيَقتل حتى يقال: قد أسرف في القتل»، وقال: «المقتول الحسين، ووليُّه القائم، والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله، ﴿إنه كان منصوراً﴾ فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله (عليهم الصلاة والسلام)، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً» (تفسير العياشي: 2 / 290، بحار الأنوار: 44 / 218 الباب 28 ح 7).
وفي (الكافي) عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحجال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألتُه عن قول الله (عزّ وجل): ﴿ومَن قُتل مظلوماً فَقَد جعَلْنا لوليِّهِ سلطاناً فلا يُسرِف في القتل﴾، قال: «نزلت في الحسين (عليه السلام)، لو قُتل أهلُ الأرض به ما كان سرفاً» (روضة الكافي: 255، بحار الأنوار: 44 / 219 الباب 28 ح 10).
وقد أورد الشيخ المجلسي (طيّب الله ثراه) عند نقله لهذه الرواية بياناً، قال: فيه إيماء إلى أنه كان في قراءتهم (عليهم السلام) ﴿فلا يُسرِفُ﴾ بالضمّ، ويُحتمل أن يكون المعنى أنّ السرف ليس من جهة الكثرة، فلو شَرِك جميع أهل الأرض في دمه أو رَضُوا به لم يكن قتلهم سرفاً، وإنما السرف أن يُقتَل من لم يكن كذلك، وإنما نهي عن ذلك (بحار الأنوار: 44 / 219 الباب 28).
وقال المازندراني: وهذا التفسير يدلّ على أنّ (لا يُسرِف) خبر، والثابت في القرآن نهي، ولا يبعد أن يُحمَل النهي هنا على الخبر، كما يُحمَل الخبر على النهي في كثير من المواضع، والله يعلم (شرح أصول الكافي: 12 / 351).
* الموؤودة المقتولة:
﴿وَإِذَا الْمَوْؤودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ (سورة التكوير: 8 و9).
عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجل): ﴿وإذا الموؤودة سُئلت * بأيّ ذنبٍ قُتلت﴾، قال: «نزلت في الحسين بن علي (عليهما السلام)» (كامل الزيارات: 134، بحار الأنوار: 44 / 220 الباب 28 ح 13).
* النفس المطمئنّة:
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ (سورة الفجر: 27 ـ 30).
في (كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة)، روى محمّد بن العباس، بإسناده عن الحسن بن محبوب، بإسناده عن صندل، عن دارم بن فرقد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي (عليهما السلام)، وارغبوا فيها رحمكم الله تعالى»، فقال له أبو أسامة وكان حاضر المجلس: وكيف صارت هذه السورة للحسين (عليه السلام) خاصة؟ فقال: «ألا تسمع إلى قوله تعالى: ﴿يا أيّتُها النفسُ المطمئنّة﴾، الآية؟ إنما يعني الحسين بن علي (عليهما السلام)، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية، وأصحابه من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) هم الراضون عن الله يوم القيامة وهو راضٍ عنهم. وهذه السورة في الحسين بن علي (عليهما السلام) وشيعته وشيعة آل محمّد خاصة، مَن أدمن قراءة ﴿والفجر﴾ كان مع الحسين بن علي (عليهما السلام) في درجته في الجنة، إن الله عزيز حكيم» (بحار الأنوار: 44 / 218 ـ 219 الباب 28 ح 8).
المصدر: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) الحسينية التخصصية
تعليق