لما انتهت مراسيم الحج وتعلم المسلمون المناسك عن رسول الله صلّى الله
عليه وآله وسلم قرر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الرحيل إلى مكة والعودة إلى
المدينة فأصدر أمراً بذلك ولما بلغ موكب الحجيج العظيم إلى منطقة رابغ(3) التي تبعد
عن الجحفة(4) بثلاثة أميال نزل أمين الوحي جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه
وآله وسلم بمنطقة تدعى (غدير خم) وخاطبه بالآية التالية:
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته
والله يعصمك من الناس)(5).
ان لسان الآية وظاهرها يكشف عن أن الله تعالى ألقى على عاتق النبي صلّى
الله عليه وآله وسلم مسؤولية القيام بمهمة خطيرية وأي أمر أكثر خطورة من أن ينصب
علياً عليه السلام لمقام الخلافة من بعده على مرأى ومسمع من مائة ألف
شاهد.
من هنا أصدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أمره بالتوقف فتوقفت
طلائع ذلك الموكب العظيم والتحق بهم من تأخر.
لقد كان الوقت وقت الظهيرة وكان الجو حاراً إلى درجة كبيرة جداً. وكان
الشخص يضع قسماً من عبائته فوق رأسه والقسم الآخر منها تحت قدميه وصنع للنبي صلّى
الله عليه وآله وسلم مظلة كانت عبارة عن عباءة ألقيت على أغصان شجرة (سمره) وصلّى
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بالحاضرين الظهر جماعة وفيما كان الناس قد
أحاطوا به صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على منبر أعد من أحداج الابل
وأقتابها وخطب في الناس رافعاً صوته وهو يقول:
(الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا هو، وأن
محمّداً عبده ورسوله).
أما بعد: أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير انه لم يعمر نبي إلا مثل
نصف الذي قبله وإني أوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم
قائلون؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً.
قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله وان جنته حق
وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟
قالوا:
بلى نشهد بذلك.
قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
اللّهمّ أشهد.
ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا
أبداً.
فنادى مناد:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله وما الثقلان؟
قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به والآخر عترتي وان
اللطيف الخبير نباءني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فلا تقدموهما فتهلكوا
ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
وهنا أخذ بيد عليّ عليه السلام ورفعها حتى رؤي بياض أباطهما وعرفه الناس
أجمعون ثم قال:
أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا:
الله ورسوله أعلم.
فقال صلّى الله عليه وآله وسلم:
ان الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت
مولاه فعلي مولاه(6) اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من
خذله وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وأدر الحق معه حيث دار(7).
المصدر : كتاب نصب الإمام وملابسات الرسالة ( اية الله الشيخ جعفر السبحاني)
عليه وآله وسلم قرر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الرحيل إلى مكة والعودة إلى
المدينة فأصدر أمراً بذلك ولما بلغ موكب الحجيج العظيم إلى منطقة رابغ(3) التي تبعد
عن الجحفة(4) بثلاثة أميال نزل أمين الوحي جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه
وآله وسلم بمنطقة تدعى (غدير خم) وخاطبه بالآية التالية:
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته
والله يعصمك من الناس)(5).
ان لسان الآية وظاهرها يكشف عن أن الله تعالى ألقى على عاتق النبي صلّى
الله عليه وآله وسلم مسؤولية القيام بمهمة خطيرية وأي أمر أكثر خطورة من أن ينصب
علياً عليه السلام لمقام الخلافة من بعده على مرأى ومسمع من مائة ألف
شاهد.
من هنا أصدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أمره بالتوقف فتوقفت
طلائع ذلك الموكب العظيم والتحق بهم من تأخر.
لقد كان الوقت وقت الظهيرة وكان الجو حاراً إلى درجة كبيرة جداً. وكان
الشخص يضع قسماً من عبائته فوق رأسه والقسم الآخر منها تحت قدميه وصنع للنبي صلّى
الله عليه وآله وسلم مظلة كانت عبارة عن عباءة ألقيت على أغصان شجرة (سمره) وصلّى
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بالحاضرين الظهر جماعة وفيما كان الناس قد
أحاطوا به صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على منبر أعد من أحداج الابل
وأقتابها وخطب في الناس رافعاً صوته وهو يقول:
(الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا هو، وأن
محمّداً عبده ورسوله).
أما بعد: أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير انه لم يعمر نبي إلا مثل
نصف الذي قبله وإني أوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم
قائلون؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً.
قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله وان جنته حق
وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟
قالوا:
بلى نشهد بذلك.
قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
اللّهمّ أشهد.
ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا
أبداً.
فنادى مناد:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله وما الثقلان؟
قال صلّى الله عليه وآله وسلم:
كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به والآخر عترتي وان
اللطيف الخبير نباءني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فلا تقدموهما فتهلكوا
ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
وهنا أخذ بيد عليّ عليه السلام ورفعها حتى رؤي بياض أباطهما وعرفه الناس
أجمعون ثم قال:
أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا:
الله ورسوله أعلم.
فقال صلّى الله عليه وآله وسلم:
ان الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت
مولاه فعلي مولاه(6) اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من
خذله وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وأدر الحق معه حيث دار(7).
المصدر : كتاب نصب الإمام وملابسات الرسالة ( اية الله الشيخ جعفر السبحاني)