بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث لا يقف عند القصة وإنما يتعدى إلى أخواتها كالتمثيل والمسرح والشعر وكلّ ما يرمز إلى فكرة ومعنى وحدث عبر المدلول الالتزامي لا المطابقي .
فهو مطابقة يعتمد التخييل ليؤسس بالالتزام لمعنى أو ليخبر عن قضية ، من ثم لا تؤخذ القصة بأحداثها وإنما بما ترمز إليه ، فلو لم يكن للأحداث وجود لم تكن كذباً بعد أن كان المعيار على ما تريد بيانه أو تسويقه من المدلول الالتزامي فهو الذي يصبغ القصة بالصدق أو الكذب ، بدعوة الخير أو دعوة الشر ، بالحسن أو القبح .
والأسلوب هذا قد يعتمد شخصيات وهمية وقد يعتمد الشخصيات الحقيقية ولكن ينسب لها ما لم تفعله لأجل التصوير المعبر عن عمق المأساة وشدة الفاجعة والإفراط في الظلم ، أو المعبر عن شدة الإباء والصلابة والصمود .
والتعبير الدارج على لسان بعض الخطباء بلسان الحال يقصد منه الأسلوب الثاني الذي يعتمد الشخصية الحقيقية .
نعم لا بد من الإلفات إلى طبيعة الأسلوب وقد تكون قرينته معه كما يحصل ذلك في الشعر والفيلم وطريقة العرض وأمثالها .
وكثيراً ما يعتمد الأسلوب القصصي خصوصاً و التخييلي عموماً في المنبر الحسيني والشعر ، ولا معنى والحالة هذه أن يحاكم المدلول المطابقي بالصدق والكذب والمبالغة و شئ من هذا القبيل وإنما المعيار كله على المدلول الالتزامي وما يتركه الأسلوب المذكور من إيحاءات خاطئة أو صحيحة .
فإذا ثبت تاريخياً شدة تفجّع الحوراء وجزعها لا ضير أن يصوغها بلسان الحال شريطة أن يأتي متناسباً مع الحقيقة حيث إنه بتبعها ، وأما إذا ترك انطباعاً عن استسلام أهل البيت فهو كذب .
في الوقت ذاته لا بد أن لا تختزل عاشوراء بهذا الأسلوب فيكون على حساب الرواية والتوثيق التاريخي وعلى حساب البعد الفقهي وعلى حساب البعد العقائدي في القضية ، لأن المفروض في هذا الأسلوب الأدبي أنه كالحاشية يستعان به على توظيف الحقائق وشرحها و تخزينها في اللاوعي والوجدان ويستعان به في نمو العاطفة الصادقة إلى جانب الحقيقة بعد أن لم يكن الفرد البشري مجرد علبة لحفظ المعلومات وإنما مزيج من الفكر والعاطفة فلا بد أن تبقى الحقائق واضحة المعالم على المستويين ، فالإفراط في هذا الجانب يستبطن مناقضة للغرض منه حيث قد ينتهي بضياع مستندات الحوادث وطمس الحقيقة وتحوّل الحدث إلى خرافة أو أسطورة .
فالمنهجي أن تستبطن المراسيم سرد الأحداث ودراستها وعرض الروايات وبيان آراء كبار الطائفة المستنبطة منها إلى جانب إثارة العاطفة والوجدان بالأسلوب الأدبي الذي يعتمد الإثارة اللازمة .
ثم ان لغة الذوق والاستبعاد والاستحسان لا بد أن تستبعد نهائياً في دراسة مضمون النقل .
ففي الحيثيات الفقهية والعقائدية لا بد أن تخضع لموازين الاستنباط فيهما وإلا كان اجتهاداً شخصياً لا قيمة له ، وكان اجتهاداً في عرض النص المرفوض شيعياً .
وواحدة من أوليات الموازين أن يكون الباحث من ذوي الاختصاص وإلا لم يحقّ له منهجياً النفي والإثبات والترجيح والاستبعاد .
وفي الحيثية التاريخية لا بد أن تعتمد القرائن والمسح الشامل للمصادر في عملية النفي والإثبات بدلاً من تحكيم الذوق والاستحسان .
من ثم - وعلى سبيل المثال لا الحصر - إنكار اجتماع حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم الأربعين مع جابر الأنصاري مع اختلاف النقل وأنه في نفس السنة أو في سنة أخرى اعتماداً على فرضية
اختلاف طريق الشام للمدينة عن طريقه إلى العراق ، أو استناداً إلى قصر فترة السفر أو لقصور المادة الجغرافية عن الطرق آنذاك ، غير معقول وحده . خاصة وأن سيد الشهداء وعائلته وصل كربلاء من المدينة في ظرفية أربعة وعشرين يوماً .
وعلى فرض توفر قرائن هذه الدعوى وتمامية الإنكار منهجياً فهو رأي اجتهادي لم يصل إلى حد الضرورة ومثله لا يبرر التحامل على الرأي الآخر وتسفيهه وتصوير أنه دخيل على التراث أو شئ من هذا القبيل .
وإنكار مرجعية مثل مقتل ابن طاووس والخوارزمي أو أمثالهما في قضية زواج القاسم ابن الإمام الحسن واحدة من بنات الحسين ( عليهم السلام ) ، بالإضافة إلى عدم تناسب جو الزواج والفرح مع جو يوم العاشر من المحرم المهول والمحزن ، وجه استحسانىُّ إذ مرجعية المقاتل المذكورة بمعنى أنها مصادر معقولة حيث يحتمل أنهم توفروا على مصادر لم تصل إلينا فلا بد من قبولها بمستوى إثارة الاحتمال بدلاً من رفضها وتهميشها .
خاصة وإن مثل السيد ابن طاووس - كما حكى ذلك السيد
الخوئي في مقدمة معجم رجال الحديث عن المحقق أغا بزرك الطهراني في كتابه تاريخ علم الرجال - قد وصل إليه ما يزيد على مئة ونيف مصنف رجالي ، هذا فضلاً عن مصادر الرواية والحديث وكتب السير والتاريخ . والمتتبع لكلام الشيخ المفيد يلمس وفرة كتب السير والتاريخ آنذاك .
كما أن المصادر لم تعكس لنا حصول جو الفرح بهذا الزواج كي يستبعد لعدم تناسبه مع ذلك اليوم . وأصل الزواج يمكن أن يكون يستهدف إحياء سنّة أو لأن بعض المقامات التي تكتب للشهيد لا تنال وهو أعزب ، إزاء كل هذه الاحتمالات المضادة لا يكون الإنكار المذكور منهجياً ، وإذا كان هناك إصرار على تحقيق هذا الموضوع فلا بد أن يتم من خلال قنواته الاجتهادية باعتماد منهج البحث التاريخي المشار إليه .
فلا بد من التنبه إلى ضرورة الالتزام بالمقاييس والضوابط أياً كانت نوعها ، وإن التفريط في ذلك غير مبرر ، خاصة وقد عرفنا حساسية الحادثة عبر خلفيات النهضة ومن خلال العمومات التي تتلبس الشعيرة بعناوينها كالأمر بالمعروف .
وقد تبلور : أن حادثة الطف لما كانت ذات أبعاد متعددة ، بعد عقيدي وآخر فقهي وثالث تاريخي ، أن يتمّ التعامل مع روايتها في كل بعد بمنهجه بدلاً من التعاطي الأحادي أو المختلط ، فيتم التعامل بالطريقة الفقهية الدقيقة غير المسطحة مع نصوص الحدث فيما لو أردنا أن نستنبط منها حكماً فقهيّاً كمشروعية أو وجوب الثورة ضد الحاكم الظالم ، وهكذا .
الحديث لا يقف عند القصة وإنما يتعدى إلى أخواتها كالتمثيل والمسرح والشعر وكلّ ما يرمز إلى فكرة ومعنى وحدث عبر المدلول الالتزامي لا المطابقي .
فهو مطابقة يعتمد التخييل ليؤسس بالالتزام لمعنى أو ليخبر عن قضية ، من ثم لا تؤخذ القصة بأحداثها وإنما بما ترمز إليه ، فلو لم يكن للأحداث وجود لم تكن كذباً بعد أن كان المعيار على ما تريد بيانه أو تسويقه من المدلول الالتزامي فهو الذي يصبغ القصة بالصدق أو الكذب ، بدعوة الخير أو دعوة الشر ، بالحسن أو القبح .
والأسلوب هذا قد يعتمد شخصيات وهمية وقد يعتمد الشخصيات الحقيقية ولكن ينسب لها ما لم تفعله لأجل التصوير المعبر عن عمق المأساة وشدة الفاجعة والإفراط في الظلم ، أو المعبر عن شدة الإباء والصلابة والصمود .
والتعبير الدارج على لسان بعض الخطباء بلسان الحال يقصد منه الأسلوب الثاني الذي يعتمد الشخصية الحقيقية .
نعم لا بد من الإلفات إلى طبيعة الأسلوب وقد تكون قرينته معه كما يحصل ذلك في الشعر والفيلم وطريقة العرض وأمثالها .
وكثيراً ما يعتمد الأسلوب القصصي خصوصاً و التخييلي عموماً في المنبر الحسيني والشعر ، ولا معنى والحالة هذه أن يحاكم المدلول المطابقي بالصدق والكذب والمبالغة و شئ من هذا القبيل وإنما المعيار كله على المدلول الالتزامي وما يتركه الأسلوب المذكور من إيحاءات خاطئة أو صحيحة .
فإذا ثبت تاريخياً شدة تفجّع الحوراء وجزعها لا ضير أن يصوغها بلسان الحال شريطة أن يأتي متناسباً مع الحقيقة حيث إنه بتبعها ، وأما إذا ترك انطباعاً عن استسلام أهل البيت فهو كذب .
في الوقت ذاته لا بد أن لا تختزل عاشوراء بهذا الأسلوب فيكون على حساب الرواية والتوثيق التاريخي وعلى حساب البعد الفقهي وعلى حساب البعد العقائدي في القضية ، لأن المفروض في هذا الأسلوب الأدبي أنه كالحاشية يستعان به على توظيف الحقائق وشرحها و تخزينها في اللاوعي والوجدان ويستعان به في نمو العاطفة الصادقة إلى جانب الحقيقة بعد أن لم يكن الفرد البشري مجرد علبة لحفظ المعلومات وإنما مزيج من الفكر والعاطفة فلا بد أن تبقى الحقائق واضحة المعالم على المستويين ، فالإفراط في هذا الجانب يستبطن مناقضة للغرض منه حيث قد ينتهي بضياع مستندات الحوادث وطمس الحقيقة وتحوّل الحدث إلى خرافة أو أسطورة .
فالمنهجي أن تستبطن المراسيم سرد الأحداث ودراستها وعرض الروايات وبيان آراء كبار الطائفة المستنبطة منها إلى جانب إثارة العاطفة والوجدان بالأسلوب الأدبي الذي يعتمد الإثارة اللازمة .
ثم ان لغة الذوق والاستبعاد والاستحسان لا بد أن تستبعد نهائياً في دراسة مضمون النقل .
ففي الحيثيات الفقهية والعقائدية لا بد أن تخضع لموازين الاستنباط فيهما وإلا كان اجتهاداً شخصياً لا قيمة له ، وكان اجتهاداً في عرض النص المرفوض شيعياً .
وواحدة من أوليات الموازين أن يكون الباحث من ذوي الاختصاص وإلا لم يحقّ له منهجياً النفي والإثبات والترجيح والاستبعاد .
وفي الحيثية التاريخية لا بد أن تعتمد القرائن والمسح الشامل للمصادر في عملية النفي والإثبات بدلاً من تحكيم الذوق والاستحسان .
من ثم - وعلى سبيل المثال لا الحصر - إنكار اجتماع حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم الأربعين مع جابر الأنصاري مع اختلاف النقل وأنه في نفس السنة أو في سنة أخرى اعتماداً على فرضية
اختلاف طريق الشام للمدينة عن طريقه إلى العراق ، أو استناداً إلى قصر فترة السفر أو لقصور المادة الجغرافية عن الطرق آنذاك ، غير معقول وحده . خاصة وأن سيد الشهداء وعائلته وصل كربلاء من المدينة في ظرفية أربعة وعشرين يوماً .
وعلى فرض توفر قرائن هذه الدعوى وتمامية الإنكار منهجياً فهو رأي اجتهادي لم يصل إلى حد الضرورة ومثله لا يبرر التحامل على الرأي الآخر وتسفيهه وتصوير أنه دخيل على التراث أو شئ من هذا القبيل .
وإنكار مرجعية مثل مقتل ابن طاووس والخوارزمي أو أمثالهما في قضية زواج القاسم ابن الإمام الحسن واحدة من بنات الحسين ( عليهم السلام ) ، بالإضافة إلى عدم تناسب جو الزواج والفرح مع جو يوم العاشر من المحرم المهول والمحزن ، وجه استحسانىُّ إذ مرجعية المقاتل المذكورة بمعنى أنها مصادر معقولة حيث يحتمل أنهم توفروا على مصادر لم تصل إلينا فلا بد من قبولها بمستوى إثارة الاحتمال بدلاً من رفضها وتهميشها .
خاصة وإن مثل السيد ابن طاووس - كما حكى ذلك السيد
الخوئي في مقدمة معجم رجال الحديث عن المحقق أغا بزرك الطهراني في كتابه تاريخ علم الرجال - قد وصل إليه ما يزيد على مئة ونيف مصنف رجالي ، هذا فضلاً عن مصادر الرواية والحديث وكتب السير والتاريخ . والمتتبع لكلام الشيخ المفيد يلمس وفرة كتب السير والتاريخ آنذاك .
كما أن المصادر لم تعكس لنا حصول جو الفرح بهذا الزواج كي يستبعد لعدم تناسبه مع ذلك اليوم . وأصل الزواج يمكن أن يكون يستهدف إحياء سنّة أو لأن بعض المقامات التي تكتب للشهيد لا تنال وهو أعزب ، إزاء كل هذه الاحتمالات المضادة لا يكون الإنكار المذكور منهجياً ، وإذا كان هناك إصرار على تحقيق هذا الموضوع فلا بد أن يتم من خلال قنواته الاجتهادية باعتماد منهج البحث التاريخي المشار إليه .
فلا بد من التنبه إلى ضرورة الالتزام بالمقاييس والضوابط أياً كانت نوعها ، وإن التفريط في ذلك غير مبرر ، خاصة وقد عرفنا حساسية الحادثة عبر خلفيات النهضة ومن خلال العمومات التي تتلبس الشعيرة بعناوينها كالأمر بالمعروف .
وقد تبلور : أن حادثة الطف لما كانت ذات أبعاد متعددة ، بعد عقيدي وآخر فقهي وثالث تاريخي ، أن يتمّ التعامل مع روايتها في كل بعد بمنهجه بدلاً من التعاطي الأحادي أو المختلط ، فيتم التعامل بالطريقة الفقهية الدقيقة غير المسطحة مع نصوص الحدث فيما لو أردنا أن نستنبط منها حكماً فقهيّاً كمشروعية أو وجوب الثورة ضد الحاكم الظالم ، وهكذا .
تعليق