يوم العاشر من محرم من ايام الله تعالى..
بقلم|مجاهد منعثر منشد
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ 1.
في الآية الكريمة توجيه إلهي للنبي موسى (ع)أن يذكّر قومه بِـ «أيام الله»، فما المقصود بهذه الأيام؟ الأيام من ناحية زمنية كلها أيام الله، فهو سبحانه خالق الزمان والمكان، وخالق كل ما يحيط بنا في هذا الكون الفسيح.
ولكنّ نسبة أمرٍ مّا إلى الله تعالى يدلّ على تشريفه وتعظيمه، وذلك كنسبة بعض الأمكنة لله، كالمسجد الذي يطلق عليه أنه بيت من «بيوت الله». وكذلك شهر رمضان الذي يطلق عليه أنه «شهر الله».
، روي عن النبي (ص)أنه قال: أيام الله نعمائه وبلاؤه2 .
وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)أنه قال: «كان رسول الله (ص)يخطبنا فيذكّرنا بأيام الله»3.
قال الفخر الرازي: إنه يعبر بالأيام عن الوقائع العظيمة التي وقعت فيها، يقال: فلان عالم بأيام العرب. ويريد وقائعها4 .
قال سيد قطب: وكل الأيام أيام الله، ولكن المقصود هنا أن يذكرهم بالأيام التي يبدو فيها للبشر أو لجماعة منهم أمر بارز أو خارق بالنعمة أو بالنقمة5
وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي:
أيام الله هي جميع الأيام العظيمة في تاريخ الإنسانية، فكل يوم سطعت فيه الأوامر الإلهية وجعلت بقية الأمور تابعة لها، هي من أيام الله ، وكل يوم يفتح فيه فصل جديد من حياة الناس فيه درس للعبر، أو ظهور نبي فيه، أو سقوط جبار وفرعون أو كل طاغ، ومحوه من الوجود، وكل يوم يعمل فيه بالحق والعدالة وتنهى حالة الظلم والجور هو من أيام الله6 ..
اليوم ـ علميًّا ـ: يعرّف بأنه المدّة الزمنيّة التي تستغرقها الأرض للدوران حول نفسها، والتي تمتدّ لأربعٍ وعشرين ساعة.
بينما اليوم ـ عرفًا ـ: ما يقابل الليل، حيث يبدأ اليوم من شروق الشمس وينتهي بغروبها. فيقال في كثير من أدبيات العرب: اليوم والليلة، و«مسير يومٍ وليلة». وقد وردت بعض الأحاديث الشريفة تستعمل اليوم في هذا المعنى. وقد صنّفت بعض كتب الأدعية فيما يسمّى بِـ «أدعية اليوم والليلة»، بينما الليل يقابله ـ علميًّا ـ النهار، ومن الليل والنهار يتكون اليوم الواحد.
وقد أصبح متداولًا ومعروفًا اليوم في المجتمعات البشرية أنها تهتمّ بأيام ذات أحداث مصيرية وتاريخية مهمّة.
فأغلب الدول تحتفي بيوم استقلالها وتحرّرها من نير الاحتلال الأجنبي، وأصبح هذا الأمر تقليدًا دوليًّا، لا تكاد ترى دولة في العالم لا تحتفل بيوم استقلالها، وتجعله يومًا وطنيًا ويومَ عطلة. كما أن لكل دولة أو أمّة من الأمم أيامًا تحتفي بها رسميًّا وشعبيًّا. فالفرنسيون ـ مثلًا ـ يحتفلون بيوم سقوط الباستيل، ذلك السجن الذي كان رمزًا للظلم والطغيان.
وقد تعارفت بعض المجتمعات البشرية على تخصيص بعض الأيام لتكريس وتأكيد بعض القيم والاهتمامات الجيّدة، وذلك مثل يوم «عيد الأم». الذي هو عرف وتقليد قديم عند المجتمعات الأوروبية من القرن السابع عشر الميلادي، كيوم يتذكّر فيه الناس فضل الأم وتضحياتها ويجدّدون عهد التقدير والاحترام للأم، لما تتحمّله من عناء وبما تفيضه على الأبناء من محبّة وعطف في الحمل والرضاع والتربية.
في الآية القرآنية الكريمة يأمر الله تعالى نبيّه موسى (ع)بتذكير قومه بأيام الله، فالقرآن هنا لم يضع كيفية معيّنة بها يتحقّق هذا التذكير، ولكنّ ما عليه كثير من الأمم والشعوب أن يتم ذلك عادةً من خلال الاحتفال الشعبي وما يصاحب ذلك من إدخالٍ لبعض التقاليد والأعراف في إحياء هذه المناسبات التي ـ غالبًا ـ ما تقام سنويًّا.
وفي تاريخنا الإسلامي وقائعُ لها أهمية، ومنعطفاتٌ تشكّل لحظات مصيرية في تاريخ الأمة، وتؤثّر على وجدانها وثقافتها، وعلى واقعها الاجتماعي والسياسي. هذه الأحداث يمكن أن تكون مصداقًا لعنوان «أيام الله» الوارد في القرآن الكريم.
ويمكننا ـ بكل ثقة ـ أن نَعُدَّ «يوم عاشوراء» مصداقًا بارزًا من بين تلك الأحداث، وذلك لما تحفل به هذه الحادثة من دروس وعبر وقيم للأمة وجماهيرها الواسعة.
يقول بعض علماء اللغة إلى أن مصطلح «عاشوراء» مصطلح إسلامي لم يكن في الجاهلية. هذا ما أكّده ابن دريد في الجمهرة: عاشوراء يوم سمّي في الإسلام ولم يعرف في الجاهلية[9] . الجمهرة في لغة العرب، باب ر ش ع . ويُقْصَد به اليوم العاشر من المحرّم، ولا يطلق على أي يوم عاشر من أي شهر غير المحرّم.
أن هذا المصطلح يظل مصطلحًا إسلاميًّا تعارف المسلمون عليه بسبب الواقعة التي حصلت فيه باستشهاد الإمام الحسين (ع)في ذلك اليوم .
في إحدى فقرات الزيارة الواردة عن الإمام الباقر (ع)، حيث يقول فيها: «... اَللّـهُمَّ إن هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الأكبادِ »7 .
نجد أن بني أميّة كانوا يريدون التعتيم على هذه الحادثة، لينسى الناس ما حصل لأهل البيت (عليهم السلام )في كربلاء، ومن أجل ذلك كانوا يعلنون ذلك اليوم عيدًا ويوم فرح وسرور.
وينقل أبو الريحان البيروني في الآثار الباقية، «فأما بنو أمية، فقد لبسوا فيه ما تجدد، وتزيّنوا، واكتحلوا، وعيّدوا، وأقاموا الولائم والضيافات، وأطعموا الحلاوات والطيبات، وجرى الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم، وبقي فيهم بعد زواله عنهم8.
كما يشير ابن تيمية، فيقول: «.. وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء، وتوسيع النفقات فيه، هو من البدع المحدثة، المقابلة للرافضة»، وأضاف ابن تيمية، «.. وقد وُضِعَت في ذلك أحاديث مكذوبة في فضائل ما يصنع فيه، من الاغتسال والاكتحال إلخ ...» وقال: «.. وأحدث فيه بعض الناس أشياء، مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها، مثل: فضل الاغتسال فيه، أو التكحل، أو المصافحة»9
وقال العيني في كتابه عمدة القاري : ما ورد في صلاة ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء وفي فضل الكحل يوم عاشوراء لا يصح ومن ذلك من اكتحل بالأثمد وهو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين10 .
عاشوراء كواقعة من أهم الأحداث التي وقعت في تاريخ الأمة الإسلامية وتمثّل لنا عظمة الموقف المبدئي الذي وقفه سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)وأهل بيته وأصحابه رضي الله عنهم، إذ كانوا قلّة قليلة، ولكنهم ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والثبات، والالتزام بالقيم، والدفاع عن المبادئ، والاعتراض على الظلم والفساد والانحراف. ونحن حينما نتذكّر عاشوراء إنما نتذكّر هذه المواقف العظيمة السامية الرائعة. وبشاعة الظلم الذي وقع على أهل البيت (ع)وانتهاك حرمات الله في ذلك اليوم.
فالإمام الحسين (ع)لم يكن رجلاً عاديًّا، وإنما له شخصيته ومكانته وموقعيته التي لا يجهلها أحد من المسلمين. كما أنه لم يمضِ وقت طويل على وفاة رسول الله (ص)، الذي كان المسلمون يسمعون منه ويرون مواقفه التي يعبّر فيها (ص)عن حبّه للحسين وانشداده له.
لقد قال رسول الله (ص)على مرأى من الصحابة ومسمع منهم: «إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا»11 ،
عن ابن عباس قال سمعت رسول الله (ص)يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا)12 .
وفي موضع آخر سمعوا قوله(ص): «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما»13 .
وروى عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله (ص)في إحدى صلاتي العشى الظهر أو العصر وهو حامل حسن أو حسين فتقدم النبي (ص)فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها قال إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله (ص)وهو ساجد فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله (ص)الصلاة قال الناس يا رسول الله انك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر أو انه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضى»14 ..
لذلك لا يمكن عَدّ ما حصل يوم العاشر من المحرّم من انتهاك للحرمات حدثًا عاديًّا، بل يجب التأمّل فيه جيدًا، والوقوف عند محطّات هذه الحادثة للاستفادة من أحداثها والدروس العظيمة التي تجلّت فيها.
فقد كانت هناك مصاديق ننهضة الامام الحسين (ع) :ـ
كونوا احراراً في دنياكم" صرخة الامام الحسين (ع) في صمت المجتمع العربي والاسلامي المذل.
أن معاوية في تنصيبه لابنه يزيد من بعده للخلافة قد نقض عهده المبرم في صلحه مع الإمام الحسن ( ع ). وبذلك أصبح الإمام الحسين ( ع) أمام أمر مستحدث يقتضي منه موقفاً يتناسب وما تمليه مصلحة الإسلام العُليا.
إن تنصيب يزيد من قبل أبيه معاوية خليفة للمسلمين أصبح أكبر قضية تُهدِّد أساس العقيدة الإسلامية, وذلك من خلال الانحراف الخطير الذي سيطرأ على مسألة الحكم الإسلامي وخلافة رسول الله ( ص ).
وقضية الحرية هي مسألة ذات تأصيل فقهي وعقائدي في الاسلام، وتكاد تعادل في اهميتها قضية التوحيد، ومنذ فجر الدعوة الاسلامية ظهر جلياً ان علاقة تكاملية تربط بين مسألتي التوحيد والحرية، لأن الاسلام بتأكيده على التوحيد انما الغى وبشكل تلقائي تعدد الالهة، اصناماً من طين كانت، ام بشراً، ام قيماً وعادات، لذا قال النبي (ص( : اخرجوا من ذل عبادة الناس الى عز عبادة الاله الواحد.وإنّ لقتل الإمام الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً، فعلى مثل سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) فليبكِ الباكون، وليندب النادبون، وليلطم اللاطمون، وليدمي أبدانَهم المؤمنون.
في مشربة عائشة قال جبرائيل للنبي (ص): سيقتل الحسين وستقتله أمتك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمّتي؟! قال نعم، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل فيها، فأشار جبرائيل بيده إلى الطف بالعراق فأخذ منه تربة حمراء فأراه إياها. 15.
... فلما ذهب جبرئيل من عند رسول الله والتربة في يده يبكي، قال: يا عائشة إنّ جبرائيل أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطفّ وأنّ أمتي ستفتتن بعدي، ثمّ خرج إلى أصحابه... وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أخبرني جبرائيل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنّ فيها مضجعه.16.
مواقف كثيرة من رسول الله (ص) بكى فيها على الحسين الشهيد وأقام المأتم، في داره (ص)، وفي بيت أمّ المؤمنين أمّ سلمة، وعائشة، وزينب بنت جحش، وفي دار الإمام عليّ (ع)، وفي مجمع من الصحابة. 17.
عن أم سلمة قالت: كان النبي (ص) جالسا ذات يوم في بيتي فقال: لا يدخلن علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي (ص) يبكي، فاطلعت فإذا الحسين في حجره أو إلى جنبه يمسح رأسه وهو يبكي. فقلت: والله ما علمت به حتى دخل. قال النبي (ص) أن جبرائيل كان معنا في البيت فقال: أتحبه؟ فقلت: أما من حب الدنيا نعم، فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلا. فتناول من ترابها فأراه النبي (ص)، فلما أحيط بالحسين حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: أرض كربلا، قال: صدق رسول الله (ص) أرض كرب وبلاء. .)18.
ومن إنذاره (ص) ما رواه عروة عن عائشة قال: دخل الحسين بن علي (ع) على رسول الله (ص) وهو يوحي إليه، فبرك على ظهره وهو منكب ولعب على ظهره، فقال جبرائيل: يا محمد، إن أمتك ستفتن بعدك ويقتل ابنك هذا من بعدك، ومد يده فأتاه بتربة بيضاء وقال: في هذه الأرض يقتل ابنك اسمها الطف 19.
فلما ذهب جبرائيل خرج رسول الله (ص) إلى أصحابه والتربة في يده، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي، فقالوا ما يبكيك يا رسول الله (ص)؟ فقال: أخبرني جبرائيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه .
عن عبد الله بن نجي عن أبيه (إنه سار مع علي (ع) وكان صاحب مطهرته ( أي الإناء الذي يتطهر به ويتوضأ منه) فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي (ع) أصبر أبا عبد الله، أصبر أبا عبد الله بشط الفرات قلت: وما ذاك؟ قال، دخلت على النبي (ص) ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت، يا نبي الله أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبرائيل قبل أمد فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات. قال فقال: هل لك إلى أن أشمك من تربته؟ قال: قلت نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا..)20.
روى الصدوق في الأمالي بسند عن ابن عباس قال: كنت مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في خروجه إلى صفين، فلما نزل نينوى وهي بشط الفرات قال بأعلى صوته: يا ابن عباس أتعرف هذا الموضوع؟ قلت: لا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي، قال: فبكى كثيراً حتى خضلت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معه وهو يقول: آه آه، مالي ولآل أبي سفيان، صبراً يا أبا عبد الله، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم..)21.
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ** لكنما عيني لأجلك باكية
(أن علياً مر بقبر الحسين فقال: هاهنا مناخ ركابهم، وهاهنا موضع رحالهم، وهاهنا مهراق دمائهم فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض...)22.
وعند ذكر اجتماع محمد بن الحنفية أخ الإمام الحسين (ع) في المدينة به قبيل مغادرة الإمام لها، ونصيحة محمد للحسين بأن يخرج إلى مكة فإن اطمأن إلى أهلها وإلا فإلى اليمين، وإلا اللحاق بالرمال وشعوب الجبال، هربا ًمن تعقيب يزيد وزمرته الأمويين له، قال الحسين يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية ـ فقطع محمد بن الحنفية عليه الكلام وبكى فبكى الحسين (ع) معه ساعة ثم قال:يا أخي، جزاك الله خيراً، فقد نصحت وأشرت بالصواب، وأنا عازم على الخروج إلى مكة...)23.
لم نعاصر رسول الله (ص) ولكن قد قرأنا وسمعنا ..فكيف نكون أوفياء لرسول الله محمد (ص) .ولابد من أن لانقطع الصلة بالنبي الاكرم محمد (ص) .والبكاء على الحسين (ع) صلة للرسول الاعظم (ص) .وقد ورد في الروايات أن الباكي قد أدى حقنا .
وأن الزهراء البتول تبكي على الحسين (ع) كل يوم .فهنيئا لمن واسى مولاتنا السيده فاطمة الزهراء (ع) .
فدمعاتكم أخواني نصرا للحسين (ع) .
أحبتي الحسينيون أن عيونكم من أحب العيون عند الله عزوجل ..ويوم القيامه تلك العيون الضاحكة المستبشرة
فعن رسول الله (ص)أنه قال : كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين ، فإنها ضاحكة مستبشرة .
.فالملائكة تمس تلك الدموع ويأخذونها .تلك الدموع لوسقطت قطره منها على جهنم لأطفأت حرها .
أنها تدفع إلى خزنة الجنان فيمزجونها بماء الحيوان الذي هو من الجنة فيزيد في عذوبته ألف ضعف ..فهذه هي الدمعه على الحسين (ع) .
· قال الرضا (ع) :"يا بن شبيب !.. إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فإنه ذُبح كما يُذبح الكبش ، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون ، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قُتل ، فهم عند قبره شعثٌ غبْرٌ إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم :
يا لثارات الحسين ..
يا بن شبيب !.. لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده : أنه لما قُتل جدّي الحسين أمطرت السماء دما وترابا أحمر .
يا بن شبيب !.. إن بكيتَ على الحسين حتى تصير دموعك على خديك ، غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ..
يا بن شبيب !.. إن سرك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين "ع"
يا بن شبيب !.. إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (ص) فالعن قَتَلة الحسين .
يا بن شبيب !.. إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثلُ ما لمن استشهد مع الحسين ، فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما . يا بن شبيب !.. إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولّى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة.
عن أبي جعفر(ع)، قال: كان علي بن الحسين (ع) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي(ع) دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فينا لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله، عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.
بقلم|مجاهد منعثر منشد
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ 1.
في الآية الكريمة توجيه إلهي للنبي موسى (ع)أن يذكّر قومه بِـ «أيام الله»، فما المقصود بهذه الأيام؟ الأيام من ناحية زمنية كلها أيام الله، فهو سبحانه خالق الزمان والمكان، وخالق كل ما يحيط بنا في هذا الكون الفسيح.
ولكنّ نسبة أمرٍ مّا إلى الله تعالى يدلّ على تشريفه وتعظيمه، وذلك كنسبة بعض الأمكنة لله، كالمسجد الذي يطلق عليه أنه بيت من «بيوت الله». وكذلك شهر رمضان الذي يطلق عليه أنه «شهر الله».
، روي عن النبي (ص)أنه قال: أيام الله نعمائه وبلاؤه2 .
وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)أنه قال: «كان رسول الله (ص)يخطبنا فيذكّرنا بأيام الله»3.
قال الفخر الرازي: إنه يعبر بالأيام عن الوقائع العظيمة التي وقعت فيها، يقال: فلان عالم بأيام العرب. ويريد وقائعها4 .
قال سيد قطب: وكل الأيام أيام الله، ولكن المقصود هنا أن يذكرهم بالأيام التي يبدو فيها للبشر أو لجماعة منهم أمر بارز أو خارق بالنعمة أو بالنقمة5
وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي:
أيام الله هي جميع الأيام العظيمة في تاريخ الإنسانية، فكل يوم سطعت فيه الأوامر الإلهية وجعلت بقية الأمور تابعة لها، هي من أيام الله ، وكل يوم يفتح فيه فصل جديد من حياة الناس فيه درس للعبر، أو ظهور نبي فيه، أو سقوط جبار وفرعون أو كل طاغ، ومحوه من الوجود، وكل يوم يعمل فيه بالحق والعدالة وتنهى حالة الظلم والجور هو من أيام الله6 ..
اليوم ـ علميًّا ـ: يعرّف بأنه المدّة الزمنيّة التي تستغرقها الأرض للدوران حول نفسها، والتي تمتدّ لأربعٍ وعشرين ساعة.
بينما اليوم ـ عرفًا ـ: ما يقابل الليل، حيث يبدأ اليوم من شروق الشمس وينتهي بغروبها. فيقال في كثير من أدبيات العرب: اليوم والليلة، و«مسير يومٍ وليلة». وقد وردت بعض الأحاديث الشريفة تستعمل اليوم في هذا المعنى. وقد صنّفت بعض كتب الأدعية فيما يسمّى بِـ «أدعية اليوم والليلة»، بينما الليل يقابله ـ علميًّا ـ النهار، ومن الليل والنهار يتكون اليوم الواحد.
وقد أصبح متداولًا ومعروفًا اليوم في المجتمعات البشرية أنها تهتمّ بأيام ذات أحداث مصيرية وتاريخية مهمّة.
فأغلب الدول تحتفي بيوم استقلالها وتحرّرها من نير الاحتلال الأجنبي، وأصبح هذا الأمر تقليدًا دوليًّا، لا تكاد ترى دولة في العالم لا تحتفل بيوم استقلالها، وتجعله يومًا وطنيًا ويومَ عطلة. كما أن لكل دولة أو أمّة من الأمم أيامًا تحتفي بها رسميًّا وشعبيًّا. فالفرنسيون ـ مثلًا ـ يحتفلون بيوم سقوط الباستيل، ذلك السجن الذي كان رمزًا للظلم والطغيان.
وقد تعارفت بعض المجتمعات البشرية على تخصيص بعض الأيام لتكريس وتأكيد بعض القيم والاهتمامات الجيّدة، وذلك مثل يوم «عيد الأم». الذي هو عرف وتقليد قديم عند المجتمعات الأوروبية من القرن السابع عشر الميلادي، كيوم يتذكّر فيه الناس فضل الأم وتضحياتها ويجدّدون عهد التقدير والاحترام للأم، لما تتحمّله من عناء وبما تفيضه على الأبناء من محبّة وعطف في الحمل والرضاع والتربية.
في الآية القرآنية الكريمة يأمر الله تعالى نبيّه موسى (ع)بتذكير قومه بأيام الله، فالقرآن هنا لم يضع كيفية معيّنة بها يتحقّق هذا التذكير، ولكنّ ما عليه كثير من الأمم والشعوب أن يتم ذلك عادةً من خلال الاحتفال الشعبي وما يصاحب ذلك من إدخالٍ لبعض التقاليد والأعراف في إحياء هذه المناسبات التي ـ غالبًا ـ ما تقام سنويًّا.
وفي تاريخنا الإسلامي وقائعُ لها أهمية، ومنعطفاتٌ تشكّل لحظات مصيرية في تاريخ الأمة، وتؤثّر على وجدانها وثقافتها، وعلى واقعها الاجتماعي والسياسي. هذه الأحداث يمكن أن تكون مصداقًا لعنوان «أيام الله» الوارد في القرآن الكريم.
ويمكننا ـ بكل ثقة ـ أن نَعُدَّ «يوم عاشوراء» مصداقًا بارزًا من بين تلك الأحداث، وذلك لما تحفل به هذه الحادثة من دروس وعبر وقيم للأمة وجماهيرها الواسعة.
يقول بعض علماء اللغة إلى أن مصطلح «عاشوراء» مصطلح إسلامي لم يكن في الجاهلية. هذا ما أكّده ابن دريد في الجمهرة: عاشوراء يوم سمّي في الإسلام ولم يعرف في الجاهلية[9] . الجمهرة في لغة العرب، باب ر ش ع . ويُقْصَد به اليوم العاشر من المحرّم، ولا يطلق على أي يوم عاشر من أي شهر غير المحرّم.
أن هذا المصطلح يظل مصطلحًا إسلاميًّا تعارف المسلمون عليه بسبب الواقعة التي حصلت فيه باستشهاد الإمام الحسين (ع)في ذلك اليوم .
في إحدى فقرات الزيارة الواردة عن الإمام الباقر (ع)، حيث يقول فيها: «... اَللّـهُمَّ إن هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الأكبادِ »7 .
نجد أن بني أميّة كانوا يريدون التعتيم على هذه الحادثة، لينسى الناس ما حصل لأهل البيت (عليهم السلام )في كربلاء، ومن أجل ذلك كانوا يعلنون ذلك اليوم عيدًا ويوم فرح وسرور.
وينقل أبو الريحان البيروني في الآثار الباقية، «فأما بنو أمية، فقد لبسوا فيه ما تجدد، وتزيّنوا، واكتحلوا، وعيّدوا، وأقاموا الولائم والضيافات، وأطعموا الحلاوات والطيبات، وجرى الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم، وبقي فيهم بعد زواله عنهم8.
كما يشير ابن تيمية، فيقول: «.. وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء، وتوسيع النفقات فيه، هو من البدع المحدثة، المقابلة للرافضة»، وأضاف ابن تيمية، «.. وقد وُضِعَت في ذلك أحاديث مكذوبة في فضائل ما يصنع فيه، من الاغتسال والاكتحال إلخ ...» وقال: «.. وأحدث فيه بعض الناس أشياء، مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها، مثل: فضل الاغتسال فيه، أو التكحل، أو المصافحة»9
وقال العيني في كتابه عمدة القاري : ما ورد في صلاة ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء وفي فضل الكحل يوم عاشوراء لا يصح ومن ذلك من اكتحل بالأثمد وهو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين10 .
عاشوراء كواقعة من أهم الأحداث التي وقعت في تاريخ الأمة الإسلامية وتمثّل لنا عظمة الموقف المبدئي الذي وقفه سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)وأهل بيته وأصحابه رضي الله عنهم، إذ كانوا قلّة قليلة، ولكنهم ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والثبات، والالتزام بالقيم، والدفاع عن المبادئ، والاعتراض على الظلم والفساد والانحراف. ونحن حينما نتذكّر عاشوراء إنما نتذكّر هذه المواقف العظيمة السامية الرائعة. وبشاعة الظلم الذي وقع على أهل البيت (ع)وانتهاك حرمات الله في ذلك اليوم.
فالإمام الحسين (ع)لم يكن رجلاً عاديًّا، وإنما له شخصيته ومكانته وموقعيته التي لا يجهلها أحد من المسلمين. كما أنه لم يمضِ وقت طويل على وفاة رسول الله (ص)، الذي كان المسلمون يسمعون منه ويرون مواقفه التي يعبّر فيها (ص)عن حبّه للحسين وانشداده له.
لقد قال رسول الله (ص)على مرأى من الصحابة ومسمع منهم: «إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا»11 ،
عن ابن عباس قال سمعت رسول الله (ص)يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا)12 .
وفي موضع آخر سمعوا قوله(ص): «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما»13 .
وروى عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله (ص)في إحدى صلاتي العشى الظهر أو العصر وهو حامل حسن أو حسين فتقدم النبي (ص)فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها قال إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله (ص)وهو ساجد فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله (ص)الصلاة قال الناس يا رسول الله انك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر أو انه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضى»14 ..
لذلك لا يمكن عَدّ ما حصل يوم العاشر من المحرّم من انتهاك للحرمات حدثًا عاديًّا، بل يجب التأمّل فيه جيدًا، والوقوف عند محطّات هذه الحادثة للاستفادة من أحداثها والدروس العظيمة التي تجلّت فيها.
فقد كانت هناك مصاديق ننهضة الامام الحسين (ع) :ـ
كونوا احراراً في دنياكم" صرخة الامام الحسين (ع) في صمت المجتمع العربي والاسلامي المذل.
أن معاوية في تنصيبه لابنه يزيد من بعده للخلافة قد نقض عهده المبرم في صلحه مع الإمام الحسن ( ع ). وبذلك أصبح الإمام الحسين ( ع) أمام أمر مستحدث يقتضي منه موقفاً يتناسب وما تمليه مصلحة الإسلام العُليا.
إن تنصيب يزيد من قبل أبيه معاوية خليفة للمسلمين أصبح أكبر قضية تُهدِّد أساس العقيدة الإسلامية, وذلك من خلال الانحراف الخطير الذي سيطرأ على مسألة الحكم الإسلامي وخلافة رسول الله ( ص ).
وقضية الحرية هي مسألة ذات تأصيل فقهي وعقائدي في الاسلام، وتكاد تعادل في اهميتها قضية التوحيد، ومنذ فجر الدعوة الاسلامية ظهر جلياً ان علاقة تكاملية تربط بين مسألتي التوحيد والحرية، لأن الاسلام بتأكيده على التوحيد انما الغى وبشكل تلقائي تعدد الالهة، اصناماً من طين كانت، ام بشراً، ام قيماً وعادات، لذا قال النبي (ص( : اخرجوا من ذل عبادة الناس الى عز عبادة الاله الواحد.وإنّ لقتل الإمام الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً، فعلى مثل سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) فليبكِ الباكون، وليندب النادبون، وليلطم اللاطمون، وليدمي أبدانَهم المؤمنون.
في مشربة عائشة قال جبرائيل للنبي (ص): سيقتل الحسين وستقتله أمتك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمّتي؟! قال نعم، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل فيها، فأشار جبرائيل بيده إلى الطف بالعراق فأخذ منه تربة حمراء فأراه إياها. 15.
... فلما ذهب جبرئيل من عند رسول الله والتربة في يده يبكي، قال: يا عائشة إنّ جبرائيل أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطفّ وأنّ أمتي ستفتتن بعدي، ثمّ خرج إلى أصحابه... وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أخبرني جبرائيل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنّ فيها مضجعه.16.
مواقف كثيرة من رسول الله (ص) بكى فيها على الحسين الشهيد وأقام المأتم، في داره (ص)، وفي بيت أمّ المؤمنين أمّ سلمة، وعائشة، وزينب بنت جحش، وفي دار الإمام عليّ (ع)، وفي مجمع من الصحابة. 17.
عن أم سلمة قالت: كان النبي (ص) جالسا ذات يوم في بيتي فقال: لا يدخلن علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي (ص) يبكي، فاطلعت فإذا الحسين في حجره أو إلى جنبه يمسح رأسه وهو يبكي. فقلت: والله ما علمت به حتى دخل. قال النبي (ص) أن جبرائيل كان معنا في البيت فقال: أتحبه؟ فقلت: أما من حب الدنيا نعم، فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلا. فتناول من ترابها فأراه النبي (ص)، فلما أحيط بالحسين حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: أرض كربلا، قال: صدق رسول الله (ص) أرض كرب وبلاء. .)18.
ومن إنذاره (ص) ما رواه عروة عن عائشة قال: دخل الحسين بن علي (ع) على رسول الله (ص) وهو يوحي إليه، فبرك على ظهره وهو منكب ولعب على ظهره، فقال جبرائيل: يا محمد، إن أمتك ستفتن بعدك ويقتل ابنك هذا من بعدك، ومد يده فأتاه بتربة بيضاء وقال: في هذه الأرض يقتل ابنك اسمها الطف 19.
فلما ذهب جبرائيل خرج رسول الله (ص) إلى أصحابه والتربة في يده، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي، فقالوا ما يبكيك يا رسول الله (ص)؟ فقال: أخبرني جبرائيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه .
عن عبد الله بن نجي عن أبيه (إنه سار مع علي (ع) وكان صاحب مطهرته ( أي الإناء الذي يتطهر به ويتوضأ منه) فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي (ع) أصبر أبا عبد الله، أصبر أبا عبد الله بشط الفرات قلت: وما ذاك؟ قال، دخلت على النبي (ص) ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت، يا نبي الله أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبرائيل قبل أمد فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات. قال فقال: هل لك إلى أن أشمك من تربته؟ قال: قلت نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا..)20.
روى الصدوق في الأمالي بسند عن ابن عباس قال: كنت مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في خروجه إلى صفين، فلما نزل نينوى وهي بشط الفرات قال بأعلى صوته: يا ابن عباس أتعرف هذا الموضوع؟ قلت: لا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي، قال: فبكى كثيراً حتى خضلت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معه وهو يقول: آه آه، مالي ولآل أبي سفيان، صبراً يا أبا عبد الله، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم..)21.
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ** لكنما عيني لأجلك باكية
(أن علياً مر بقبر الحسين فقال: هاهنا مناخ ركابهم، وهاهنا موضع رحالهم، وهاهنا مهراق دمائهم فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض...)22.
وعند ذكر اجتماع محمد بن الحنفية أخ الإمام الحسين (ع) في المدينة به قبيل مغادرة الإمام لها، ونصيحة محمد للحسين بأن يخرج إلى مكة فإن اطمأن إلى أهلها وإلا فإلى اليمين، وإلا اللحاق بالرمال وشعوب الجبال، هربا ًمن تعقيب يزيد وزمرته الأمويين له، قال الحسين يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية ـ فقطع محمد بن الحنفية عليه الكلام وبكى فبكى الحسين (ع) معه ساعة ثم قال:يا أخي، جزاك الله خيراً، فقد نصحت وأشرت بالصواب، وأنا عازم على الخروج إلى مكة...)23.
لم نعاصر رسول الله (ص) ولكن قد قرأنا وسمعنا ..فكيف نكون أوفياء لرسول الله محمد (ص) .ولابد من أن لانقطع الصلة بالنبي الاكرم محمد (ص) .والبكاء على الحسين (ع) صلة للرسول الاعظم (ص) .وقد ورد في الروايات أن الباكي قد أدى حقنا .
وأن الزهراء البتول تبكي على الحسين (ع) كل يوم .فهنيئا لمن واسى مولاتنا السيده فاطمة الزهراء (ع) .
فدمعاتكم أخواني نصرا للحسين (ع) .
أحبتي الحسينيون أن عيونكم من أحب العيون عند الله عزوجل ..ويوم القيامه تلك العيون الضاحكة المستبشرة
فعن رسول الله (ص)أنه قال : كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين ، فإنها ضاحكة مستبشرة .
.فالملائكة تمس تلك الدموع ويأخذونها .تلك الدموع لوسقطت قطره منها على جهنم لأطفأت حرها .
أنها تدفع إلى خزنة الجنان فيمزجونها بماء الحيوان الذي هو من الجنة فيزيد في عذوبته ألف ضعف ..فهذه هي الدمعه على الحسين (ع) .
· قال الرضا (ع) :"يا بن شبيب !.. إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فإنه ذُبح كما يُذبح الكبش ، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون ، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قُتل ، فهم عند قبره شعثٌ غبْرٌ إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم :
يا لثارات الحسين ..
يا بن شبيب !.. لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده : أنه لما قُتل جدّي الحسين أمطرت السماء دما وترابا أحمر .
يا بن شبيب !.. إن بكيتَ على الحسين حتى تصير دموعك على خديك ، غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ..
يا بن شبيب !.. إن سرك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين "ع"
يا بن شبيب !.. إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (ص) فالعن قَتَلة الحسين .
يا بن شبيب !.. إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثلُ ما لمن استشهد مع الحسين ، فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما . يا بن شبيب !.. إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولّى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة.
عن أبي جعفر(ع)، قال: كان علي بن الحسين (ع) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي(ع) دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فينا لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله، عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.
تعليق