10 محرَّم الحرام
1 _ دعاء الإمام الصادق عليه السلام للإمام المهدي عليه السلام في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى السيّد ابن طاووس رحمه الله(6) عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثنا الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن محمّد الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت على مولاي أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام يوم عاشوراء وهو متغيّر اللون ودموعه تنحدر على خدّيه كاللؤلؤ، فقلت له: يا سيّدي، ممَّا بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك، فقال لي: (أمَا علمت أنَّ في مثل هذا اليوم اُصيب الحسين عليه السلام؟)، فقلت: بلى يا سيّدي، وإنَّما أتيتك مقتبس منك فيه علماً ومستفيد منك لتفيدني فيه، قال: (سل عمَّا بدا لك وعمَّا شئت)، فقلت: ما تقول يا سيّدي في صومه؟ قال: (صمه من غير تتبيت، وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوماً كاملاً، ولكن أفطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء، فإنَّ في ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلَّت الهيجاء عن آل رسول عليه وعليهم السلام، وانكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً يعزُّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصرعهم). قال: ثمّ بكى بكاءً شديداً حتَّى اخضلَّت لحيته بالدموع، وقال: (أتدري أيّ يوم كان ذلك اليوم؟)، قلت: أنت اعلم به منّي يا مولاي، قال: (إنَّ الله عز وجل خلق النور يوم الجمعة في أوّل يوم من شهر رمضان، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء، وجعل لكلّ منهما شرعةً ومنهاجاً، يا عبد الله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحلّ أزرارك وتكشف عن ذراعيك وعن ساقيك، ثمّ تخرج إلى أرض مغفرة حيث لا يراك أحداً وفي دارك حين يرتفع النهار. وتُصلّي أربع ركعات تسلّم بين كلّ ركعتين، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد و(قُلْ يا أَيـُّهَا الْكافِرُونَ)، وفي الثانية سورة الحمد و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، وفي الثالثة سورة الحمد وسورة الأحزاب، وفي الرابعة الحمد والمنافقين. ثمّ تُسلّم وتُحوّل وجهك نحو قبر أبي عبد الله عليه السلام وتُمثّل بين يديك مصرعه، وتفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك، ثمّ تلعن قاتله ألف مرَّة يكتب لك بكلّ لعنة ألف حسنة، ويمحى عنك ألف سيّئة، ويرفع لك ألف درجة في الجنَّة، ثمّ تسعى من الموضع الذي صلَّيت فيه سبع مرَّات، وأنت تقول في كلّ مرَّة من سعيك: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، رضاً بقضاء الله وتسليماً لأمره _ سبع مرَّات _، وأنت في كلّ ذلك عليك الكآبة والحزن ثاكلاً حزيناً متأسّفاً. فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صلَّيت فيه وقلت سبعين مرَّة: اللّهمّ عذّب الذين حاربوا رسلك وشاقوك، وعبدوا غيرك واستحلّوا محارمك، والعن القادة والأتباع، ومن كان منهم ومن رضي بفعلهم لعناً كثيراً. ثمّ تقول: اللّهمّ فرج عن أهل محمّد صلّى الله عليه وعليهم أجمعين، واستنقذهم من أيدي المنافقين والكفّار والجاحدين، وامنن عليهم، وافتح لهم فتحاً يسيراً، واجعل لهم من لدنك على عدوّك وعدوّهم سلطاناً نصيراً. ثمّ اقنت بعد الدعاء وقل في قنوتك: اللّهمّ إنَّ الأمَّة خالفت الأئمّة وكفروا بالكلمة، وأقاموا على الضلالة والكفر والردى والجهالة والعمى، وهجروا الكتاب الذي أمرت بمعرفته، والوصيّ الذي أمرت بطاعته، فأماتوا الحقّ وعدلوا عن القسط، وأضلّوا الأمَّة عن الحقّ وخالفوا السُنَّة، وبدَّلوا الكتاب وملكوا الأحزاب، وكفروا بالحقّ لمَّا جاءهم وتمسَّكوا بالباطل، وضيَّعوا الحقّ وأضلّوا خلقك، وقتلوا أولاد نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم وخيرة عبادك وأصفياءك، وحملة عرشك، وخزنة سرّك، ومن جعلتهم الحكّام في سماواتك وأرضك. اللّهمّ فزلزل أقدامهم، وأخرب ديارهم، واكفف سلاحهم وأيديهم، والق الاختلاف فيما بينهم، وأوهن كيدهم، واضربهم بسيفك الصارم وحجرك الدامغ، وطمهم بالبلاء طمّاً، وارمهم بالبلاء رمياً، وعذّبهم عذاباً شديداً نكراً، وارمهم بالغلاء، وخذهم بالسنين الذي أخذت بها أعداءك، وأهلكهم بما أهلكتهم به. اللّهمّ وخذهم أخذ القرى وهي ظالمة إنَّ أخذها أليم شديد. اللّهمّ إنَّ سبلك ضائعة، وأحكامك معطَّلة، وأهل نبيّك في الأرض هائمة كالوحش السائمة. اللّهمّ اعل الحقّ واستنقذ الخلق، وامنن علينا بالنجاة واهدنا للإيمان، وعجّل فرجنا بالقائم عليه السلام، واجعله لنا ردءاً، واجعلنا له رفداً. اللّهمّ وأهلك من جعل قتل أهل بيت نبيّك عيداً، واستهلَّ فرحاً وسروراً، وخذ آخرهم بما أخذت به أوّلهم. اللّهمّ أضعف البلاء والعذاب والتنكيل على الظالمين من الأوّلين والآخرين، وعلى ظالمي آل بيت نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم، وزدهم نكالاً ولعنةً، وأهلك شيعتهم وقادتهم وجماعتهم. اللّهمّ ارحم العترة الضائعة المقتولة الذليلة من الشجرة الطيّبة المباركة. اللّهمّ اعل كلمتهم، وأفلج حجَّتهم، وثبّت قلوبهم وقلوب شيعتهم على موالاتهم، وانصرهم وأعنهم وصبّرهم على الأذى في جنبك، واجعل لهم أيّاماً مشهوداً وأيّاماً معلومةً، كما ضمنت لأولياءك في كتابك المنزل، فإنَّك قلت: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضـى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (النور: 55). اللّهمّ أعل كلمتهم يا لا إله إلاَّ أنت، يا لا إله إلاَّ أنت، يا لا إله إلاَّ أنت، يا أرحم الراحمين، يا حيّ يا قيّوم، فإنّي عبدك الخائف منك والراجع إليك والسائل لديك والمتوكّل عليك، واللاجئ بفناءك، فتقبَّل دعائي وتسمع نجواي، واجعلني ممَّن رضيت عمله وهديته، وقبلت نسكه وانتجبته، برحمتك إنَّك أنت العزيز الوهّاب. أسألك يا الله بلا إله إلاَّ أنت ألاَّ تفرّق بيني وبين محمّد والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين، واجعلني من شيعة محمّد وآل محمّد _ وتذكرهم واحداً واحداً بأسمائهم إلى القائم عليه السلام _، وأدخلني فيما أدخلتهم فيه وأخرجني ممَّا أخرجتهم منه. ثمّ عفّر خدّيك على الأرض وقل: يا من يحكم بما يشاء ويعمل ما يريد، أنت حكمت في أهل بيت محمّد ما حكمت، فلك الحمد محموداً مشكوراً، وعجّل فرجهم وفرجنا بهم، فإنَّك ضمنت اعزازهم بعد الذلَّة، وتكثيرهم بعد القلَّة، وإظهارهم بعد الخمول، يا أرحم الراحمين. أسألك يا إلهي وسيّدي بجودك وكرمك أن تبلّغني أملي وتشكر قليل عملي، وأن تزيد في أيّامي، وتبلّغني ذلك المشهد، وتجعلني من الذين دُعي فأجاب إلى طاعتهم وموالاتهم، وأرني ذلك قريباً سريعاً إنَّك على كلّ شيء قدير. وارفع رأسك إلى السماء فإنَّ ذلك أفضل من حجَّة وعمرة، واعلم أنَّ الله عز وجل يعطي من صلّى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال: منها أنَّ الله تعالى يوقيه من ميتة السوء، ولا يعاون عليه عدوّاً إلى أن يموته، ويوقيه من المكاره والفقر، ويؤمنه الله من الجنون والجذام، ويؤمن ولده من ذلك إلى أربع أعقاب، ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلاً)، قال: قلت: الحمد لله الذي منَّ عليَّ بمعرفتكم ومعرفة حقّكم وأداء ما افترض لكم برحمته ومنه، وهو حسبي نعم الوكيل(7).
2 _ سنة (61هـ): بعد سقوط الحسين عليه السلام عن جواده يوم العاشر أظهر الله للملائكة مهدي آل محمّد عليه السلام عن يمين العرش وهو قائم يُصلّي:
روى البرسي رحمه الله عن ابن طاووس، قال: إنَّ الحسين لمَّا سقط عن فرسه يوم الطفّ قالت الملائكة: ربّنا يفعل هذا بالحسين وأنت بالمرصاد؟ فقال الله لهم: انظروا إلى يمين العرش. فنظروا فإذا القائم قائماً يُصلّي، فقال لهم: إنّي أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء(8).
3 _ سنة (61هـ): في اليوم العاشر تجلّى ظلّ القائم عليه السلام للملائكة للانتقام من قتلة الحسين عليه السلام بعد أن ضجّوا بالبكاء عليه عليه السلام:
روى الكليني رحمه الله عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (لمَّا كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، ضجَّت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت: يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك؟ قال: فأقام الله لهم ظلّ القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم لهذا)(9).
ورواه الطوسي رحمه الله في أماليه عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفّار، عن محمّد بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران(10).
* وروى الصدوق رحمه الله عن علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق ومحمّد بن محمّد بن عصام رضي الله عنهما، قالا: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدَّثنا القاسم بن العلاء، قال: حدَّثنا إسماعيل الفزاري، قال: حدَّثنا محمّد بن جمهور العمّى، عن ابن أبي نجران، عمَّن ذكره، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام: يا ابن رسول الله، لِمَ سُمّي علي عليه السلام أمير المؤمنين؟ وهو اسم ما سُمّي به أحد قبله ولا يحلُّ لأحد بعده؟ قال: (لأنَّه ميرة العلم يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره)، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فلِمَ سُمّي سيفه ذا الفقار؟ فقال عليه السلام: (لأنَّه ما ضرب به أحد من خلق الله إلاَّ أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنّة)، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال: (بلى)، قلت: فلِمَ سُمّي القائم قائماً؟ قال: (لمَّا قُتل جدّي الحسين عليه السلام ضجَّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيّدنا أتغفل عمَّن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك؟ فأوحى الله عز وجل إليهم: قروا ملائكتي، فوَعزَّتي وجلالي لأنتقمنَّ منهم ولو بعد حين. ثمّ كشف اللهعز وجل عن الأئمّة من ولد الحسين عليه السلام للملائكة فسرَّت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يُصلّي، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم)(11).
ورواه محمّد بن جرير الطبري الشيعي رحمه الله في دلائل الإمامة عن علي بن هبة الله، عن أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى القمّي...(12).
4 _ سنة (61هـ): سبعون ألف ملك يدعون لزوّار الحسين عليه السلام من يوم مقتله إلى يوم ظهور مهدي آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم:
روى ابن قولويه رحمه الله عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (وكَّل الله تعالى بقبر الحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلّ يوم، شعثاً غبراً من يوم قُتل إلى ما شاء الله _ يعني بذلك قيام القائم عليه السلام _، ويدعون لمن زاره ويقولون: يا ربّ هؤلاء زوّار الحسين عليه السلام افعل بهم وافعل بهم)(13).
5 _ سنة (61هـ): عدم التوفيق في عيد أضحى أو فطر لهذه الأمَّة بعد قتل الحسين إلى ظهور المهدي عليه السلام:
روى الكليني رحمه الله عن علي بن محمّد، عمَّن ذكره، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (لمَّا ضُرب الحسين بن علي عليه السلام بالسيف فسقط رأسه، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى منادٍ من بطنان العرش: ألا أيَّتها الأمّة المتحيّرة، الضالّة بعد نبيّها، لا وفَّقكم الله لأضحى ولا لفطر)، قال: ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام: (فلا جرم والله ما وُفّقوا ولا يُوفَّقون حتَّى يثأر ثائر الحسين عليه السلام)(14).
6 _ سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي عليه السلام يوم السبت العاشر من المحرَّم بين الركن والمقام:
روى أبو بصير، عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا يخرج القائم إلاَّ في وتر من السنين: سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، ويقوم في يوم عاشوراء، ويظهر يوم السبت العاشر من المحرَّم قائماً بين (الركن) و(المقام)، وشخص قائم على يديه ينادي: البيعة البيعة، فيسير إليه أنصاره من أطراف الأرض يبايعونه، فيملأ الله تعالى به الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ثمّ يسير من (مكّة) حتَّى يأتي (الكوفة)، فينزل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى جميع الأمصار)(15).
* وروى الطوسي رحمه الله عن الفضل، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن حيّ بن مروان، عن علي بن مهزيار، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (كأنّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام، بين يديه جبرئيل عليه السلام ينادي: البيعة لله، فيملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)(16).
* وروى أيضاً عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (إنَّ القائم صلوات الله عليه ينادي اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قُتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام)(17).
* وروى الصدوق رحمه الله عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدَّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يخرج القائم عليه السلام يوم السبت يوم عاشورا يوم الذي قُتل فيه الحسين عليه السلام)(18).
7 _ سنة الظهور: قدوم أصحاب المهدي عليه السلام من أطراف الأرض لبيعته في مكّة المكرَّمة في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى المفيد رحمه الله عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ينادى باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام، لكأنّي به في يوم السبت العاشر من المحرَّم قائماً بين الركن والمقام، جبرئيل عليه السلام على (يده اليمنى) ينادي: البيعة لله، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيّاً حتَّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)(19).
8 _ سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي عليه السلام في مكّة عند العشاء في يوم عاشوراء مع راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
روى نعيم بن حماد المروزي، عن سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: (ثمّ يظهر المهدي بمكّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان، فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: اُذكّركم الله أيّها الناس ومقامكم بين يدي ربّكم، فقد اتَّخذ الحجّة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب، وأمركم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله، وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع، فإنّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدَّة أهل بدر على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، رهبان بالليل اُسُد بالنهار، فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيُبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده في الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينية)(20).
9 _ سنة الظهور: مبايعة الإمام المهدي عليه السلام من قبل أصحابه النجباء والأبدال والأخيار في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى الطوسي رحمه الله عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عمر بن مسلم، عن الحسن بن عقبة بن النهمي، عن أبي إسحاق البنّاء، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدَّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم)(21).
10 _ سنة الظهور: نزول جبرئيل على الحطيم في اليوم العاشر من محرَّم ويكون أوّل من يبايع الإمام المهدي عليه السلام:
روى المفيد رحمه الله عن المفضَّل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إذا أذن الله عزَّ اسمه للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلى حقّه، وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله جل جلاله جبرئيل عليه السلام حتَّى يأتيه، فينزل على الحطيم(22)، يقول له: إلى أيّ شيء تدعو؟ فيخبره القائم عليه السلام، فيقول جبرئيل: أنا أوّل من يبايعك، اُبسط يدك، فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعوه، ويقيم بمكّة حتَّى يتمّ أصحابه عشرة آلاف نفس، ثمّ يسير منها إلى المدينة)(23).
11 _ سنة الظهور: نداء جبرئيل بين يدي الإمام المهدي عليه السلام: (البيعة لله) في اليوم العاشر من محرَّم:
روي عن محمّد بن مسلم، قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام: متى يظهر قائمكم؟ قال: (إذا كثرت الغواية وقلَّت الهداية، وكثر الجور والفساد وقلَّ الصلاح والسداد، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ومال الفقهاء إلى الدنيا، وأكثر الناس إلى الأشعار والشعراء، ومسخ قوم من أهل البدع حتَّى يصيروا قردة وخنازير، وقتل السفياني(24)، ثمّ خرج الدجّال وبالغ في الإغواء والإضلال، فعند ذلك ينادى باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، فكأنّي أنظر إليه قائماً بين الركن والمقام وينادي جبرئيل بين يديه: البيعة لله، فتقبل إليه شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيّاً حتَّى يبايعوا، ثمّ يسير إلى الكوفة فينزل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى الأمصار لدفع عمّال الدجّال، فيملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)، قال: فقلت له: يا بن رسول الله فداك أبي واُمّي، أيعلم أحد من أهل مكّة من أين يجيء قائمكم إليها؟ قال: (لا)، ثمّ قال: (لا يظهر إلاَّ بغتةً بين الركن والمقام)(25).
12 _ سنة الظهور: ينادي المنادي في يوم عاشوراء من السماء: (ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا):
روى نعيم بن حماد المروزي، عن الوليد، عن عنبسة القرشي، عن سَلَمة بن أبي سَلَمة، عن شهر بن حوشب، قال: بلغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يكون في رمضان صوت، وفي شوّال مهمهة، وفي ذي القعدة تحازب القبائل، وفي ذي الحجّة ينتهب الحاجّ، وفي المحرَّم ينادي منادي من السماء: ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا)(26).
13 _ سنة الظهور: أوّل خطبة للإمام المهدي عليه السلام بعد ظهوره في يوم عاشوراء وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام:
روى النعماني رحمه الله عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن هؤلاء الرجال الأربعة _ أي محمّد بن المفضَّل وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ومحمّد بن أحمد بن الحسن _، عن ابن محبوب. وأخبرنا محمّد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدَّثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه. قال: وحدَّثني محمّد بن عمران، قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: وحدَّثنا علي بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن محبوب. قال: وحدَّثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمّد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام: (... ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنَّ المهدي قد خرج إلى مكّة، فيبعث جيشاً على أثره فلا يدركه حتَّى يدخل مكّة خائفاً يترقَّب على سُنّة موسى بن عمران عليه السلام). وقال: (فينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء، بيدي القوم، فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلاَّ ثلاثة نفر، يحوّل الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية: (يا أَيـُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ...) الآية (النساء: 47)). قال: (والقائم يومئذٍ بمكّة، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به، فينادي: يا أيّها الناس، إنّا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن أولى الناس بالله وبمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فمن حاجَّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجَّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجَّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجَّني في محمّدصلى الله عليه وآله وسلم فأنا أولى الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن حاجَّني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين، أليس الله يقول في محكم كتابه: (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ 33 ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران: 33 و34)؟ فأنا بقيّة من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمّد صلّى الله عليهم أجمعين. ألا فمن حاجَّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجَّني في سُنّة رسول الله فأنا أولى الناس بسُنّة رسول الله، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لمَّا أبلغ الشاهد منكم الغائب، وأسألكم بحقّ الله وبحقّ رسوله وبحقّي، فإنَّ لي عليكم حقّ القربى من رسول الله إلاَّ أعنتمونا ومنعتمونا ممَّن يظلمنا، فقد اُخفنا وظُلمنا وطُردنا من ديارنا وأبنائنا وبُغي علينا ودُفعنا عن حقّنا وافترى أهل الباطل علينا، فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله تعالى...)(27).
الهوامش:
(1) اعتمدنا في إثبات وفاة محمّد بن الحنفية رحمه الله بهذا التاريخ على ما ذكره النمازي رحمه الله في مستدرك سفينة البحار (ج 5/ ص 216)، وابن كثير في البداية والنهاية (ج 9/ ص 48)، وابن خلّكان في وفيات الأعيان (ج 4/ ص 172، والنوري في النجم الثاقب (ج 1/ ص 351)؛ وقد اختلف المؤرّخون في تاريخ وفاته، فقيل: في سنة (80هـ)، قاله البخاري في التاريخ الصغير (ج 1/ ص 182)؛ وقيل: في ربيع الأوّل سنة (81هـ)، قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4/ ص 128)، وأبي نصر البخاري في سر السلسلة العلوية (ص 80)؛ وقيل: في سنة (83هـ)، قاله أحمد بن حسن الخطيب في الوفيات (ص 93/ الرقم 83)؛ وقيل: في سنة (84هـ)، قاله الصدوق في كمال الدين (ص 36).
(2) كمال الدين: 36.
(3) اختيار معرفة الرجال 2: 602 - 604/ ح 570.
(4) راجع: مجلَّة تراثنا 15: 208 و209/ كتاب مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان/ ح 7.
(5) الخرائج والجرائح 2: 848 - 850/ ح 63؛ مختصر بصائر الدرجات: 36 - 38.
(6) هو السيّد علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسحاق بن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، ولد في الحلَّة قبل ظهر يوم الخميس في منتصف محرَّم سنة (589ه) ونشأ بها، ثمّ هاجر إلى بغداد وأقام فيها نحواً من (15) سنة في زمن العبّاسيين، وعاد في أواخر عهد المستنصر المتوفّى (640هـ) إلى الحلَّة، فبقي هناك مدَّة من الزمن ثمّ انتقل إلى المشهد الغروي فبقي فيها ثلاث سنين، ثمّ انتقل إلى كربلاء فبقي هناك ثلاث سنين، ثمّ انتقل إلى الكاظمين فبقي فيها ثلاث سنين، ثمّ عاد إلى بغداد سنة (652هـ) وبقي فيها إلى حين احتلال المغول بغداد، فشارك في أهوالها وشملته آلامها، وكُلّف في زمن المستنصر بقبول منصب الافتاء تارةً ونقابة الطالبيين تارةً أخرى، حتَّى وصل الأمر بأن عرض عليه الوزارة فرفضها، غير أنَّه ولي النقابة بالعراق من قبل هولاكو سنة (661هـ)، له آثار قيّمة منها: إقبال الأعمال، وجمال الأسبوع، ومهج الدعوات. (أنظر: إقبال الأعمال 1: 7 و8/ حياة المؤلّف).
(7) إقبال الأعمال 3: 65 - 69.
(8) مشارق أنوار اليقين: 341.
(9) الكافي 1: 465/ باب مولد الحسين بن علي عليهما السلام/ ح 6؛ اللهوف لابن طاووس: 74 و75.
(10) أمالي الطوسي: 418/ ح (941/89) بتفاوت يسير.
(11) علل الشرائع 1: 160/ باب 129/ ح 1.
(12) دلائل الإمامة: 451 و452/ ح (427/31).
(13) كامل الزيارات: 233/ باب 41/ ح (347/4).
(14) الكافي 4: 170/ باب النوادر/ ح 3.
(15) حياة الإمام المهدي عليه السلام: 283 و284/ ح 3.
(16) الغيبة للطوسي: 453/ ح 459؛ الخرائج والجرائح 3: 1159.
(17) الغيبة للطوسي: 452/ ح 458.
(18) كمال الدين: 653 و654/ باب 57/ ح 19.
(19) الإرشاد 2: 379؛ إعلام الورى 2: 286.
(20) كتاب الفتن للمروزي: 213.
(21) الغيبة للطوسي: 476 و477/ ح 502.
(22) قال الطريحي في مجمع البحرين (ج 6/ ص 42): الحطيم هو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين الباب، كما جاءت به الرواية. سمّي حطيماً لأنَّ الناس يزدحمون فيه على الدعاء، ويحطم بعضهم بعضاً. وقيل: لأنَّ من حلف هناك عجّلت عقوبته. وتسمية الحجر بالحطيم من أوضاع الجاهلية، كان عادتهم أنَّهم إذا كانوا يتحالفون بينهم كانوا يحطمون أي يدفعون فعلاً أو سوطاً أو قوساً إلى الحجر، علامة لعقد حلفهم، فسمّوه به لذلك. وقيل: سمّي بذلك لما حطم من جداره فلم يسو ببناء البيت وترك خارجاً.
(23) الإرشاد 2: 382 و383؛ روضة الواعظين: 265؛ إعلام الورى 2: 288.
(24) اختلف في اسم السفياني، فمنها عثمان بن عنبسة، ومنها حرب بن عنبسة، ومنها عنبسة بن مرة كما ذُكر في الروايات.
(25) معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام 3: 490 و491/ ح 1061.
(26) كتاب الفتن للمروزي: 131.
(27) الغيبة للنعماني: 288 - 291/ باب 14/ ح 67.
1 _ دعاء الإمام الصادق عليه السلام للإمام المهدي عليه السلام في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى السيّد ابن طاووس رحمه الله(6) عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدَّثنا الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن محمّد الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت على مولاي أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام يوم عاشوراء وهو متغيّر اللون ودموعه تنحدر على خدّيه كاللؤلؤ، فقلت له: يا سيّدي، ممَّا بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك، فقال لي: (أمَا علمت أنَّ في مثل هذا اليوم اُصيب الحسين عليه السلام؟)، فقلت: بلى يا سيّدي، وإنَّما أتيتك مقتبس منك فيه علماً ومستفيد منك لتفيدني فيه، قال: (سل عمَّا بدا لك وعمَّا شئت)، فقلت: ما تقول يا سيّدي في صومه؟ قال: (صمه من غير تتبيت، وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوماً كاملاً، ولكن أفطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء، فإنَّ في ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلَّت الهيجاء عن آل رسول عليه وعليهم السلام، وانكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً يعزُّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصرعهم). قال: ثمّ بكى بكاءً شديداً حتَّى اخضلَّت لحيته بالدموع، وقال: (أتدري أيّ يوم كان ذلك اليوم؟)، قلت: أنت اعلم به منّي يا مولاي، قال: (إنَّ الله عز وجل خلق النور يوم الجمعة في أوّل يوم من شهر رمضان، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء، وجعل لكلّ منهما شرعةً ومنهاجاً، يا عبد الله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحلّ أزرارك وتكشف عن ذراعيك وعن ساقيك، ثمّ تخرج إلى أرض مغفرة حيث لا يراك أحداً وفي دارك حين يرتفع النهار. وتُصلّي أربع ركعات تسلّم بين كلّ ركعتين، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد و(قُلْ يا أَيـُّهَا الْكافِرُونَ)، وفي الثانية سورة الحمد و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، وفي الثالثة سورة الحمد وسورة الأحزاب، وفي الرابعة الحمد والمنافقين. ثمّ تُسلّم وتُحوّل وجهك نحو قبر أبي عبد الله عليه السلام وتُمثّل بين يديك مصرعه، وتفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك، ثمّ تلعن قاتله ألف مرَّة يكتب لك بكلّ لعنة ألف حسنة، ويمحى عنك ألف سيّئة، ويرفع لك ألف درجة في الجنَّة، ثمّ تسعى من الموضع الذي صلَّيت فيه سبع مرَّات، وأنت تقول في كلّ مرَّة من سعيك: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، رضاً بقضاء الله وتسليماً لأمره _ سبع مرَّات _، وأنت في كلّ ذلك عليك الكآبة والحزن ثاكلاً حزيناً متأسّفاً. فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صلَّيت فيه وقلت سبعين مرَّة: اللّهمّ عذّب الذين حاربوا رسلك وشاقوك، وعبدوا غيرك واستحلّوا محارمك، والعن القادة والأتباع، ومن كان منهم ومن رضي بفعلهم لعناً كثيراً. ثمّ تقول: اللّهمّ فرج عن أهل محمّد صلّى الله عليه وعليهم أجمعين، واستنقذهم من أيدي المنافقين والكفّار والجاحدين، وامنن عليهم، وافتح لهم فتحاً يسيراً، واجعل لهم من لدنك على عدوّك وعدوّهم سلطاناً نصيراً. ثمّ اقنت بعد الدعاء وقل في قنوتك: اللّهمّ إنَّ الأمَّة خالفت الأئمّة وكفروا بالكلمة، وأقاموا على الضلالة والكفر والردى والجهالة والعمى، وهجروا الكتاب الذي أمرت بمعرفته، والوصيّ الذي أمرت بطاعته، فأماتوا الحقّ وعدلوا عن القسط، وأضلّوا الأمَّة عن الحقّ وخالفوا السُنَّة، وبدَّلوا الكتاب وملكوا الأحزاب، وكفروا بالحقّ لمَّا جاءهم وتمسَّكوا بالباطل، وضيَّعوا الحقّ وأضلّوا خلقك، وقتلوا أولاد نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم وخيرة عبادك وأصفياءك، وحملة عرشك، وخزنة سرّك، ومن جعلتهم الحكّام في سماواتك وأرضك. اللّهمّ فزلزل أقدامهم، وأخرب ديارهم، واكفف سلاحهم وأيديهم، والق الاختلاف فيما بينهم، وأوهن كيدهم، واضربهم بسيفك الصارم وحجرك الدامغ، وطمهم بالبلاء طمّاً، وارمهم بالبلاء رمياً، وعذّبهم عذاباً شديداً نكراً، وارمهم بالغلاء، وخذهم بالسنين الذي أخذت بها أعداءك، وأهلكهم بما أهلكتهم به. اللّهمّ وخذهم أخذ القرى وهي ظالمة إنَّ أخذها أليم شديد. اللّهمّ إنَّ سبلك ضائعة، وأحكامك معطَّلة، وأهل نبيّك في الأرض هائمة كالوحش السائمة. اللّهمّ اعل الحقّ واستنقذ الخلق، وامنن علينا بالنجاة واهدنا للإيمان، وعجّل فرجنا بالقائم عليه السلام، واجعله لنا ردءاً، واجعلنا له رفداً. اللّهمّ وأهلك من جعل قتل أهل بيت نبيّك عيداً، واستهلَّ فرحاً وسروراً، وخذ آخرهم بما أخذت به أوّلهم. اللّهمّ أضعف البلاء والعذاب والتنكيل على الظالمين من الأوّلين والآخرين، وعلى ظالمي آل بيت نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم، وزدهم نكالاً ولعنةً، وأهلك شيعتهم وقادتهم وجماعتهم. اللّهمّ ارحم العترة الضائعة المقتولة الذليلة من الشجرة الطيّبة المباركة. اللّهمّ اعل كلمتهم، وأفلج حجَّتهم، وثبّت قلوبهم وقلوب شيعتهم على موالاتهم، وانصرهم وأعنهم وصبّرهم على الأذى في جنبك، واجعل لهم أيّاماً مشهوداً وأيّاماً معلومةً، كما ضمنت لأولياءك في كتابك المنزل، فإنَّك قلت: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضـى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (النور: 55). اللّهمّ أعل كلمتهم يا لا إله إلاَّ أنت، يا لا إله إلاَّ أنت، يا لا إله إلاَّ أنت، يا أرحم الراحمين، يا حيّ يا قيّوم، فإنّي عبدك الخائف منك والراجع إليك والسائل لديك والمتوكّل عليك، واللاجئ بفناءك، فتقبَّل دعائي وتسمع نجواي، واجعلني ممَّن رضيت عمله وهديته، وقبلت نسكه وانتجبته، برحمتك إنَّك أنت العزيز الوهّاب. أسألك يا الله بلا إله إلاَّ أنت ألاَّ تفرّق بيني وبين محمّد والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين، واجعلني من شيعة محمّد وآل محمّد _ وتذكرهم واحداً واحداً بأسمائهم إلى القائم عليه السلام _، وأدخلني فيما أدخلتهم فيه وأخرجني ممَّا أخرجتهم منه. ثمّ عفّر خدّيك على الأرض وقل: يا من يحكم بما يشاء ويعمل ما يريد، أنت حكمت في أهل بيت محمّد ما حكمت، فلك الحمد محموداً مشكوراً، وعجّل فرجهم وفرجنا بهم، فإنَّك ضمنت اعزازهم بعد الذلَّة، وتكثيرهم بعد القلَّة، وإظهارهم بعد الخمول، يا أرحم الراحمين. أسألك يا إلهي وسيّدي بجودك وكرمك أن تبلّغني أملي وتشكر قليل عملي، وأن تزيد في أيّامي، وتبلّغني ذلك المشهد، وتجعلني من الذين دُعي فأجاب إلى طاعتهم وموالاتهم، وأرني ذلك قريباً سريعاً إنَّك على كلّ شيء قدير. وارفع رأسك إلى السماء فإنَّ ذلك أفضل من حجَّة وعمرة، واعلم أنَّ الله عز وجل يعطي من صلّى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال: منها أنَّ الله تعالى يوقيه من ميتة السوء، ولا يعاون عليه عدوّاً إلى أن يموته، ويوقيه من المكاره والفقر، ويؤمنه الله من الجنون والجذام، ويؤمن ولده من ذلك إلى أربع أعقاب، ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلاً)، قال: قلت: الحمد لله الذي منَّ عليَّ بمعرفتكم ومعرفة حقّكم وأداء ما افترض لكم برحمته ومنه، وهو حسبي نعم الوكيل(7).
2 _ سنة (61هـ): بعد سقوط الحسين عليه السلام عن جواده يوم العاشر أظهر الله للملائكة مهدي آل محمّد عليه السلام عن يمين العرش وهو قائم يُصلّي:
روى البرسي رحمه الله عن ابن طاووس، قال: إنَّ الحسين لمَّا سقط عن فرسه يوم الطفّ قالت الملائكة: ربّنا يفعل هذا بالحسين وأنت بالمرصاد؟ فقال الله لهم: انظروا إلى يمين العرش. فنظروا فإذا القائم قائماً يُصلّي، فقال لهم: إنّي أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء(8).
3 _ سنة (61هـ): في اليوم العاشر تجلّى ظلّ القائم عليه السلام للملائكة للانتقام من قتلة الحسين عليه السلام بعد أن ضجّوا بالبكاء عليه عليه السلام:
روى الكليني رحمه الله عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (لمَّا كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، ضجَّت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت: يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك؟ قال: فأقام الله لهم ظلّ القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم لهذا)(9).
ورواه الطوسي رحمه الله في أماليه عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفّار، عن محمّد بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران(10).
* وروى الصدوق رحمه الله عن علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق ومحمّد بن محمّد بن عصام رضي الله عنهما، قالا: حدَّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدَّثنا القاسم بن العلاء، قال: حدَّثنا إسماعيل الفزاري، قال: حدَّثنا محمّد بن جمهور العمّى، عن ابن أبي نجران، عمَّن ذكره، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام: يا ابن رسول الله، لِمَ سُمّي علي عليه السلام أمير المؤمنين؟ وهو اسم ما سُمّي به أحد قبله ولا يحلُّ لأحد بعده؟ قال: (لأنَّه ميرة العلم يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره)، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فلِمَ سُمّي سيفه ذا الفقار؟ فقال عليه السلام: (لأنَّه ما ضرب به أحد من خلق الله إلاَّ أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنّة)، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال: (بلى)، قلت: فلِمَ سُمّي القائم قائماً؟ قال: (لمَّا قُتل جدّي الحسين عليه السلام ضجَّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيّدنا أتغفل عمَّن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك؟ فأوحى الله عز وجل إليهم: قروا ملائكتي، فوَعزَّتي وجلالي لأنتقمنَّ منهم ولو بعد حين. ثمّ كشف اللهعز وجل عن الأئمّة من ولد الحسين عليه السلام للملائكة فسرَّت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يُصلّي، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم)(11).
ورواه محمّد بن جرير الطبري الشيعي رحمه الله في دلائل الإمامة عن علي بن هبة الله، عن أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى القمّي...(12).
4 _ سنة (61هـ): سبعون ألف ملك يدعون لزوّار الحسين عليه السلام من يوم مقتله إلى يوم ظهور مهدي آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم:
روى ابن قولويه رحمه الله عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (وكَّل الله تعالى بقبر الحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلّ يوم، شعثاً غبراً من يوم قُتل إلى ما شاء الله _ يعني بذلك قيام القائم عليه السلام _، ويدعون لمن زاره ويقولون: يا ربّ هؤلاء زوّار الحسين عليه السلام افعل بهم وافعل بهم)(13).
5 _ سنة (61هـ): عدم التوفيق في عيد أضحى أو فطر لهذه الأمَّة بعد قتل الحسين إلى ظهور المهدي عليه السلام:
روى الكليني رحمه الله عن علي بن محمّد، عمَّن ذكره، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسي، عن رزين، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (لمَّا ضُرب الحسين بن علي عليه السلام بالسيف فسقط رأسه، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى منادٍ من بطنان العرش: ألا أيَّتها الأمّة المتحيّرة، الضالّة بعد نبيّها، لا وفَّقكم الله لأضحى ولا لفطر)، قال: ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام: (فلا جرم والله ما وُفّقوا ولا يُوفَّقون حتَّى يثأر ثائر الحسين عليه السلام)(14).
6 _ سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي عليه السلام يوم السبت العاشر من المحرَّم بين الركن والمقام:
روى أبو بصير، عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا يخرج القائم إلاَّ في وتر من السنين: سنة إحدى، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، ويقوم في يوم عاشوراء، ويظهر يوم السبت العاشر من المحرَّم قائماً بين (الركن) و(المقام)، وشخص قائم على يديه ينادي: البيعة البيعة، فيسير إليه أنصاره من أطراف الأرض يبايعونه، فيملأ الله تعالى به الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ثمّ يسير من (مكّة) حتَّى يأتي (الكوفة)، فينزل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى جميع الأمصار)(15).
* وروى الطوسي رحمه الله عن الفضل، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن حيّ بن مروان، عن علي بن مهزيار، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (كأنّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام، بين يديه جبرئيل عليه السلام ينادي: البيعة لله، فيملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)(16).
* وروى أيضاً عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (إنَّ القائم صلوات الله عليه ينادي اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قُتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام)(17).
* وروى الصدوق رحمه الله عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدَّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يخرج القائم عليه السلام يوم السبت يوم عاشورا يوم الذي قُتل فيه الحسين عليه السلام)(18).
7 _ سنة الظهور: قدوم أصحاب المهدي عليه السلام من أطراف الأرض لبيعته في مكّة المكرَّمة في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى المفيد رحمه الله عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ينادى باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام، لكأنّي به في يوم السبت العاشر من المحرَّم قائماً بين الركن والمقام، جبرئيل عليه السلام على (يده اليمنى) ينادي: البيعة لله، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيّاً حتَّى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)(19).
8 _ سنة الظهور: ظهور الإمام المهدي عليه السلام في مكّة عند العشاء في يوم عاشوراء مع راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
روى نعيم بن حماد المروزي، عن سعيد أبو عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: (ثمّ يظهر المهدي بمكّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان، فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: اُذكّركم الله أيّها الناس ومقامكم بين يدي ربّكم، فقد اتَّخذ الحجّة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب، وأمركم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله، وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع، فإنّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدَّة أهل بدر على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، رهبان بالليل اُسُد بالنهار، فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيُبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده في الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينية)(20).
9 _ سنة الظهور: مبايعة الإمام المهدي عليه السلام من قبل أصحابه النجباء والأبدال والأخيار في اليوم العاشر من المحرَّم:
روى الطوسي رحمه الله عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عمر بن مسلم، عن الحسن بن عقبة بن النهمي، عن أبي إسحاق البنّاء، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدَّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم)(21).
10 _ سنة الظهور: نزول جبرئيل على الحطيم في اليوم العاشر من محرَّم ويكون أوّل من يبايع الإمام المهدي عليه السلام:
روى المفيد رحمه الله عن المفضَّل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إذا أذن الله عزَّ اسمه للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلى حقّه، وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله جل جلاله جبرئيل عليه السلام حتَّى يأتيه، فينزل على الحطيم(22)، يقول له: إلى أيّ شيء تدعو؟ فيخبره القائم عليه السلام، فيقول جبرئيل: أنا أوّل من يبايعك، اُبسط يدك، فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعوه، ويقيم بمكّة حتَّى يتمّ أصحابه عشرة آلاف نفس، ثمّ يسير منها إلى المدينة)(23).
11 _ سنة الظهور: نداء جبرئيل بين يدي الإمام المهدي عليه السلام: (البيعة لله) في اليوم العاشر من محرَّم:
روي عن محمّد بن مسلم، قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام: متى يظهر قائمكم؟ قال: (إذا كثرت الغواية وقلَّت الهداية، وكثر الجور والفساد وقلَّ الصلاح والسداد، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ومال الفقهاء إلى الدنيا، وأكثر الناس إلى الأشعار والشعراء، ومسخ قوم من أهل البدع حتَّى يصيروا قردة وخنازير، وقتل السفياني(24)، ثمّ خرج الدجّال وبالغ في الإغواء والإضلال، فعند ذلك ينادى باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، فكأنّي أنظر إليه قائماً بين الركن والمقام وينادي جبرئيل بين يديه: البيعة لله، فتقبل إليه شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيّاً حتَّى يبايعوا، ثمّ يسير إلى الكوفة فينزل على نجفها، ثمّ يفرّق الجنود منها إلى الأمصار لدفع عمّال الدجّال، فيملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)، قال: فقلت له: يا بن رسول الله فداك أبي واُمّي، أيعلم أحد من أهل مكّة من أين يجيء قائمكم إليها؟ قال: (لا)، ثمّ قال: (لا يظهر إلاَّ بغتةً بين الركن والمقام)(25).
12 _ سنة الظهور: ينادي المنادي في يوم عاشوراء من السماء: (ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا):
روى نعيم بن حماد المروزي، عن الوليد، عن عنبسة القرشي، عن سَلَمة بن أبي سَلَمة، عن شهر بن حوشب، قال: بلغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يكون في رمضان صوت، وفي شوّال مهمهة، وفي ذي القعدة تحازب القبائل، وفي ذي الحجّة ينتهب الحاجّ، وفي المحرَّم ينادي منادي من السماء: ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا)(26).
13 _ سنة الظهور: أوّل خطبة للإمام المهدي عليه السلام بعد ظهوره في يوم عاشوراء وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام:
روى النعماني رحمه الله عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن هؤلاء الرجال الأربعة _ أي محمّد بن المفضَّل وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ومحمّد بن أحمد بن الحسن _، عن ابن محبوب. وأخبرنا محمّد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدَّثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه. قال: وحدَّثني محمّد بن عمران، قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: وحدَّثنا علي بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد جميعاً، عن الحسن بن محبوب. قال: وحدَّثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمّد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام: (... ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنَّ المهدي قد خرج إلى مكّة، فيبعث جيشاً على أثره فلا يدركه حتَّى يدخل مكّة خائفاً يترقَّب على سُنّة موسى بن عمران عليه السلام). وقال: (فينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء، بيدي القوم، فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلاَّ ثلاثة نفر، يحوّل الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية: (يا أَيـُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ...) الآية (النساء: 47)). قال: (والقائم يومئذٍ بمكّة، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به، فينادي: يا أيّها الناس، إنّا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن أولى الناس بالله وبمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فمن حاجَّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجَّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجَّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجَّني في محمّدصلى الله عليه وآله وسلم فأنا أولى الناس بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن حاجَّني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين، أليس الله يقول في محكم كتابه: (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ 33 ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران: 33 و34)؟ فأنا بقيّة من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمّد صلّى الله عليهم أجمعين. ألا فمن حاجَّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجَّني في سُنّة رسول الله فأنا أولى الناس بسُنّة رسول الله، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لمَّا أبلغ الشاهد منكم الغائب، وأسألكم بحقّ الله وبحقّ رسوله وبحقّي، فإنَّ لي عليكم حقّ القربى من رسول الله إلاَّ أعنتمونا ومنعتمونا ممَّن يظلمنا، فقد اُخفنا وظُلمنا وطُردنا من ديارنا وأبنائنا وبُغي علينا ودُفعنا عن حقّنا وافترى أهل الباطل علينا، فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله تعالى...)(27).
الهوامش:
(1) اعتمدنا في إثبات وفاة محمّد بن الحنفية رحمه الله بهذا التاريخ على ما ذكره النمازي رحمه الله في مستدرك سفينة البحار (ج 5/ ص 216)، وابن كثير في البداية والنهاية (ج 9/ ص 48)، وابن خلّكان في وفيات الأعيان (ج 4/ ص 172، والنوري في النجم الثاقب (ج 1/ ص 351)؛ وقد اختلف المؤرّخون في تاريخ وفاته، فقيل: في سنة (80هـ)، قاله البخاري في التاريخ الصغير (ج 1/ ص 182)؛ وقيل: في ربيع الأوّل سنة (81هـ)، قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4/ ص 128)، وأبي نصر البخاري في سر السلسلة العلوية (ص 80)؛ وقيل: في سنة (83هـ)، قاله أحمد بن حسن الخطيب في الوفيات (ص 93/ الرقم 83)؛ وقيل: في سنة (84هـ)، قاله الصدوق في كمال الدين (ص 36).
(2) كمال الدين: 36.
(3) اختيار معرفة الرجال 2: 602 - 604/ ح 570.
(4) راجع: مجلَّة تراثنا 15: 208 و209/ كتاب مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان/ ح 7.
(5) الخرائج والجرائح 2: 848 - 850/ ح 63؛ مختصر بصائر الدرجات: 36 - 38.
(6) هو السيّد علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسحاق بن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، ولد في الحلَّة قبل ظهر يوم الخميس في منتصف محرَّم سنة (589ه) ونشأ بها، ثمّ هاجر إلى بغداد وأقام فيها نحواً من (15) سنة في زمن العبّاسيين، وعاد في أواخر عهد المستنصر المتوفّى (640هـ) إلى الحلَّة، فبقي هناك مدَّة من الزمن ثمّ انتقل إلى المشهد الغروي فبقي فيها ثلاث سنين، ثمّ انتقل إلى كربلاء فبقي هناك ثلاث سنين، ثمّ انتقل إلى الكاظمين فبقي فيها ثلاث سنين، ثمّ عاد إلى بغداد سنة (652هـ) وبقي فيها إلى حين احتلال المغول بغداد، فشارك في أهوالها وشملته آلامها، وكُلّف في زمن المستنصر بقبول منصب الافتاء تارةً ونقابة الطالبيين تارةً أخرى، حتَّى وصل الأمر بأن عرض عليه الوزارة فرفضها، غير أنَّه ولي النقابة بالعراق من قبل هولاكو سنة (661هـ)، له آثار قيّمة منها: إقبال الأعمال، وجمال الأسبوع، ومهج الدعوات. (أنظر: إقبال الأعمال 1: 7 و8/ حياة المؤلّف).
(7) إقبال الأعمال 3: 65 - 69.
(8) مشارق أنوار اليقين: 341.
(9) الكافي 1: 465/ باب مولد الحسين بن علي عليهما السلام/ ح 6؛ اللهوف لابن طاووس: 74 و75.
(10) أمالي الطوسي: 418/ ح (941/89) بتفاوت يسير.
(11) علل الشرائع 1: 160/ باب 129/ ح 1.
(12) دلائل الإمامة: 451 و452/ ح (427/31).
(13) كامل الزيارات: 233/ باب 41/ ح (347/4).
(14) الكافي 4: 170/ باب النوادر/ ح 3.
(15) حياة الإمام المهدي عليه السلام: 283 و284/ ح 3.
(16) الغيبة للطوسي: 453/ ح 459؛ الخرائج والجرائح 3: 1159.
(17) الغيبة للطوسي: 452/ ح 458.
(18) كمال الدين: 653 و654/ باب 57/ ح 19.
(19) الإرشاد 2: 379؛ إعلام الورى 2: 286.
(20) كتاب الفتن للمروزي: 213.
(21) الغيبة للطوسي: 476 و477/ ح 502.
(22) قال الطريحي في مجمع البحرين (ج 6/ ص 42): الحطيم هو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين الباب، كما جاءت به الرواية. سمّي حطيماً لأنَّ الناس يزدحمون فيه على الدعاء، ويحطم بعضهم بعضاً. وقيل: لأنَّ من حلف هناك عجّلت عقوبته. وتسمية الحجر بالحطيم من أوضاع الجاهلية، كان عادتهم أنَّهم إذا كانوا يتحالفون بينهم كانوا يحطمون أي يدفعون فعلاً أو سوطاً أو قوساً إلى الحجر، علامة لعقد حلفهم، فسمّوه به لذلك. وقيل: سمّي بذلك لما حطم من جداره فلم يسو ببناء البيت وترك خارجاً.
(23) الإرشاد 2: 382 و383؛ روضة الواعظين: 265؛ إعلام الورى 2: 288.
(24) اختلف في اسم السفياني، فمنها عثمان بن عنبسة، ومنها حرب بن عنبسة، ومنها عنبسة بن مرة كما ذُكر في الروايات.
(25) معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام 3: 490 و491/ ح 1061.
(26) كتاب الفتن للمروزي: 131.
(27) الغيبة للنعماني: 288 - 291/ باب 14/ ح 67.