قصة شهدة السيدة رقية بنت الامام الحسين عليهما السلام
الخـامـس من صـفـر ذكـرى رحيلها
الشهيدة السيدة رقية بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليها السلام) هي حفيدة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، هي الطفلة ذات السنوات الخمس، والتي شهدت مع والدها الحسين والعترة الطاهرة تلك الملحمة العظيمة.. ثم تلك القسوة في التعامل معاهن كسبايا..
الكلمات تعجز عن وصف مأساة الشهيدة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام التي تحولت الى صوت اخر للحسين عليه السلام...الى دم أخر للحسين عليه السلام وديمومته... طفلة لأهل البيت كانت كالحسين عليه السلام في مظلوميتها... بل هي الحسين عليه السلام في قالب طفلة، وليس هذا فحسب بل حبها لأبيها الحسين وتعلقها به يذكرنا بحب سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه وأله بأبيها، بكاءها يذكرنا ببكاء الزهراء بعد وفاة أبيها، مظلوميتها يذكرنا بمظلومية الزهراء، عليها السلام ورحيلها الى الرفيق الأعلى يذكرنا برحيل الزهراء عليها السلام، وفي جملة واحدة كل شيء فيها يذكرنا بفلذة كبد الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله كما سيأتي بالرغم من أن التاريخ لا يذكر لنا من أخبارها الكثير.. سوى قليل يمكن منه الاستشفاف.. عظمة تلك الطفلة رغم سنيها الخمس!
من القصائد الخالدات في حقها:
رقدت به بنت الحسين فاوشكت حتى حجارة ركنها تتوقدُ
ويقول الشاعر:
كريمة سبط المصطفى مـا اجلها لـها ينحني المجد الاثيل ويخفق
يتيمة ارض الـشـام الـف تحية الـيـك وقـلبي بـالـمـودة يـنـطـق
الولادة والشهادة:
يبدو من مجمل التواريخ أن السيدة رقية (عليها السلام) ولدت ما بين عام (57 هـ و58 هـ) ووفاتها في (5 صفر 61 هـ)، وذلك بحسب الشيخ علي الرباني الخلخالي.
وذكر عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى عام 973 هج ) مقام السيدة رقية (عليها السلام) في كتابه (المنن: الباب العاشر):
هذا البيت بقعة شرّفت بآل النبي (صلى الله عليه وآله) في دمشق وبنت الحسين (عليه السلام) الشهيدة (رقية).
وقد ذكر العلامة الشيخ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي (المتوفى عام 1294 هـ) إسم رقية (عليها السلام) عن لسان أبي عبد الله الحسين (عليه السلام):
ثم نادى (يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل بيتي عليكنّ مني السلام).
وقد ورد ذكرها في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء:
حيث ناداها الإمام الحسين (عليه السلام) ونطق بإسمها في أكثر من موضع وحادثة، وخصوصاً في الساعات الأخيرة من عمره الشريف عندما أراد أن يودّع أهله وعياله نادى بأعلى صوته:
(يا أختاه! يا أم كلثوم، وأنت يا زينب، وأنتِ يا رقية، وأنتِ يا فاطمة، وأنتِ يا رباب، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً، ولا تخمشن عليّ وجهاً، ولا تقلن عليّ هجراً)
كما في (اللهوف في قتلى الطفوف).
وكذلك جاء في (مقتل أبي مخنف) الذي هو أقدم مقتل لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، نادى في يوم عاشوراء لكي يودع أهله وعياله:
(يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل بيتي عليكن مني السلام).
وفي الفصل الخامس من كتاب روائع التراث في دمشق لمؤلفه الدكتور عبد القادر الريحاوي:
ذكر المؤلف السيدة رقية عليه السلام ضمن مجموعة العظماء المدفونين في دمشق خلال عصور التاريخ وذلك في طبقة آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام.
رقية في اللغة:
إن للإسم تأثيراً عميقاً على نفس الإنسان كما ثبت ذلك في علم النفس، ولذا ورد عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن إسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إذا بلغ). وأما كلمة (رقية) - كما جاء في اللغة - فهي تصغير راقية بمعنى الارتفاع والسمو والتصغير هنا للتحبيب.
وهكذا جميع أسماء ربائب الوحي فهي جميلة ورزينة ترمز وتشير إلى معاني الرفعة والطهر والنقاء والخير والصلاح، وأقل ما نقول للمستهزأ بها إنه لا يعرف العربية.
قصة الشهادة:
قصة شهادة يتيمة الحسين (عليه السلام) رقية في الخربة بدمشق تؤلم كل ذي قلب حنون، وكل من يحمل المعاني السامية الإنسانية، ويستطيع الزائر لمقامها المبارك أن يحسّ بمظلومية هذه اليتيمة وما جرى عليها وعلى أهل بيتها (عليهم السلام) بمجرّد أن يدخل مقامها الشريف خاشعاً متواضعاً، فسرعان ما ينكسر قلبه ويجري دمعه على خدّيه، إنها المظلومة التي تحرّك الضمائر الحية وتهزّ الوجدان من الأعماق وتجعل الإنسان ينحاز إليهم ويلعن ظالميهم وغاصبي حقوقهم.
أما كيفية شهادتها فتقول كتب التاريخ:
أن السيدة رقية (عليها السلام) في ليلة قامت فزعة من منامها وقالت:
أين أبي الحسين (عليه السلام)؟
فإني رأيته الساعة في المنام مضطربا شديدا، فلما سمعن النساء بكين وبكى معهن سائر الأطفال، وأرتفع العويل، فإنتبه يزيد (لعنه الله) من نومه وقال:
ما الخبر؟
ففحصوا عن الواقعة وقصوها عليه، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها، فقالت:
(ما هذا ) ؟
قالوا:
رأس أبيك، ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام.
وفي بعض الأخبار:
فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل ديبقي فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه فقالت:
(ما هذا الرأس)؟
قالوا: إنه رأس أبيك، فرفعته من الطّشت حاضنة له وهي تقول:
(يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك؟
يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟
يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني؟
يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟
يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟
ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاءً شديداً حتى غشي عليها، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدنيا، فلما رأى أهل البيت (عليهم السلام) ما جرى عليها أعلوا بالبكاء وأستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق، فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية.
كتب منْ تـشـرفَ بزيارة مرقـدها الشـامخ لأول مرة ومن السودان:
يزيد الذي ظن غباءً أنه قد انتصرعلى الحسين فإذا به لا يلبث بعد الحسين أن يكون لعنة التاريخ ولا يبقى له من مجده الزائف أثر بينما رقية بنت الحسين تلك الطفلة الشهيدة التي روعها يزيد حتى قضت يبقى قبرها مع الأيام لا يزداد إلا شهرة وبريقاً عبر القرون شاهدة على دناءة قوم ورفعة آخرين، وذلك يدل على أمو منها:
إشارة الـى المـفـهـوم الناقـص للإنـتـصـار:
بغض النظرعن الذين لم يتمكنوا من فهم حركة الإمام الحسين عليه السلام لأنهم جهلوا حقيقة أن تقييم نتائج المواجهة يجب ان تُدرس من خلال علاقتها بالأهداف المتوخّاة من وراء تلك المواجهة هناك منْ صعب عليه فهم حركة الإمام الحسين عليه السلام لأنه أعتاد على تعريف محدود وضيق ومادي للنصر فلم يعرف بأن النصر يمكن أن يكون عاجلا كما يمكن أن يكون آجلاً، أومؤقتاً أوخالداً، أوعسكرياً بحتاً، أو عسكرياً سياسياً بحتاً، أو نصراً شاملاً، فالخيار الوحيد في المواجهة لا ينحصر في النصر أو الهزيمة إذا أخذنا عامل الزمن بنظر الإعتبار وتجاوزنا اللحظة الراهنة وفتحنا عيوننا للمستقبل وعلى المستقبل، ولتقريب ماتقدم وكمثال وفي موضوع أخر ليس ببعيد عن موضوعنا يقول Luttwak : في الحرب ما من شيء نهائي، وفي بعض الأحيان قد يحمل النصر العسكري في طياته بذور الهزيمة. وعليه فحركة الإمام الحسين عليه السلام حركة حققت نصراً خالداً وشاملاً يزداد تألقاً مع مرور الزمن طبقاً للبعدين العمودي والأفقي لستراتيجية حركتة بينما النصر الذي حققه أعداءه كان مؤقتاً محدوداً يحمل في طياته بذور الهزيمة الكاملة وعلى المدى القصير.
وحررت قصة الشهيدة السيدة رقية أيضاً كالتالي:
.. وقد كانت خلال ملحمة كربلاء تعالج المرض دون علم بما جرى لأبيها الحسين (ع)، وأثناء الأسـر... في الشام حين شفيت.. قامت بما هي معتادة عليه من إعداد السجادة لوالدها (ع) وقت الصلاة..
وانتظرته كثيراً دون جدوى.. فظلت تسأل عنه وهي تبكي.. و نساء أهل البيت في حيرة بما يخبرنها وحين سمع نداءها يزيد..
سأل عما تطلبه فأجيب بأنها تطلب والدها الحسين (ع) وهنا أرسل لها الرأس على طبق وهو مغطى.. فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه.
فقالت: ما هذا الرأس ؟
قالوا: إنه رأس أبيك، فرفعته من الطّشت حاضنة له وهي تقول:
يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك؟ يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟
يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني؟
يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟
يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟
ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاءً شديداً حتى غشي عليها.. وهنا قال الإمام السجاد (ع) لعمته زينب:
يا عمة ارفعي رقية عن رأس أبي فقد فارقت الحياة !.
فلما رأى أهل البيت (عليهم السلام) ما جرى عليها أعلوا بالبكاء واستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق، فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية.
ودفنت في مكان وفاتها بالشام.. وقبرها معروف ومشهور ويقصده الآلاف.
ولم يعرف في التاريخ سابقة لتعلق ابنة بوالدها إلا جدتها فاطمة الزهراء (ع) وتعلقها بأبيها رسول الله (ص) وذلك لما تميز به الإمام الحسين (ع) من رحمة وحنو.. على الجميع وخصوصاً أطفاله.. ونساءه.
وورد بعنوان: قصة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام بعد استشهاده:
كان للامام الحسين (عليه السلام) بنت صغيره يحبها وتحبه وقيل ان اسمها رقيه،وامها الرباب بنت امرىء القيس، وولدت رضوان الله عليها اواخر السابعه والخمسين للهجره وكان لها من العمر 3 سنوات، وبعد ان اخذت ( رضوان الله عليها ) مع الاسيرات من بيت النبوه والى الشام، استمرت في البكاء ليلها ونهارها لفراق ابيها الامام الحسين ( سلام الله عليه)، وكانوا يقولون لها ان اباك في السفر ( يقصدون سفر الاخره)، فراته ليله في منامها ولما استيقظت اخذت في البكاء الشديد، وهي تقول ائتوني بوالدي وقره عيني وكلما اراد اهل البيت اسكاتها ازدادت حزنا وبكاءا ولبكائها زاد وكثر وطال حزن اهل البيت فاخذوا في البكاء الشديد وقام الصياح، فسمع الخسيس اللعين يزيد صيحتهم وبكائهم، فقال:
ما الخبر؟
قيل له: ان بنت ( الحسين) الصغيره الموجوده مع السبايا في الخربه،رات اباها في نومه،فاستيقظت وهي تطلبه وتبكي وتصيح، فلما سمع الخسيس بذلك قال:
ارفعوا اليها راس ابيها وضعوه بين يديها تتسلى به !!!!!
فاتوا بالراس الشريف في طبق مغطى بمنديل ووضعوه بين يديها فقالت:
ماهذا ؟ انا لم اطلب طعاما اني اريد ابي...
فقالوا:
هنا ابوكِ، فرفعت المنديل فرات راسا فقالت:
ماهذا الراس ؟
قالوا: هذا راس ابيك
فرفعت الراس وضمته الى صدرها وقالت:
يا ابتاه من الذي خضبك بدمائك؟
يا ابتاه من ذا الذي قطع وريدك ؟
يا ابتاه من الذي ايتمني على صغر سني، يا ابتاه من للعيون الباكيات، يا ابتاه من للضائعات الغريبات، يا ابتاه من للشعور المنشورات، يا ابتاه من بعدك واخيبتاه من بعدك وا غربتاه، ليتني كنت لك الفداء، يا ابتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء، يا ابتاه ليتني توسدت التراب ولم ارا شيبك مخضبا بالدماء..
ثم وضعت فمها على فم ابيها الشهيد المظلوم وبكت حتى غشي عليها..
فقال الامام زين العابدين ( عليه السلام): عمه زينب ارفعي اليتيمه من على راس والدي فانها فارقت الحياااه..
فارتفع اصوات اهل البيت بالبكاء وتجدد العزاء.. فدفنت وكفنت ولها زوار كثير يزورونها كل عام..
وقيل ان في احد السنين اصاب الخراب جدران قبرها فارادوا اخراجها فلم يتجاسر احد لهيبتها ومكانتها.. فحضر شخص من ذريه الرسول( صلى الله عليه واله) يدعى السيد ابن مرتضى، فنزل في قبرها ووضع عليها ثوبا لفها فاخرجها ( واذا هي طريه كانما دفنت الان) اللهم صل على محمد وال محمد.... وكان متنها مجرووحا من كثر الضرب.
أما مرقدها عليها السلام فهو موجود في دمشق.
ونـُشـر من إعداد علي اليوسفي وبعنوان: رقية بنت الحسين (عليها السلام)
قال في المنتخب كما نقله الحائري في معاليه:
كانت للحسين (عليه السلام) بنت صغيرة يحبها وتحبه، وقيل كانت تسمى رقية، وكان لها من العمر ثلاث سنين، وكانت مع الأسرى في الشام، تبكي لفراق أبيها ليلها ونهارها وكانوا يقولون لها هو في السفر، فرأته ذات ليلة في عالم الرؤيا، فلما انتبهت جزعت جزعاً شديداً وقالت: ائتوني بوالدي وقرة عيني، وكلما أراد أهل البيت إسكاتها ازدادت جزعاً وبكاءً، ولبكائها هاج حزن أهل البيت فأخذوا في البكاء، ولطموا الخدود، وحثوا على رؤوسهم التراب، ونشروا الشعور واعتلى الصياح.
فسمع يزيد صياحهم وبكائهم فقال:
ما الخبر؟
قيل له: إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها في نومها فانتبهت وهي تطلبه وتبكي، فلما سمع اللعين ذلك قال:
ارفعوا إليها رأس أبيها وضعوه بين يديها تتسلى به ( !!)، فأتوا بالرأس في طبق مغطى بمنديل، فوضعوه بين يديها فرفعت المنديل وضمت الرأس إلى صدرها وهي تقول:
يا أبتاه من ذا الذي خضبك بدمائك. يا أبتاه من ذا الذي قطع وريدك، يا أبتاه من ذا الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتمية حتى تكبر، يا أبتاه من للنساء الحاسرات، من للأرامل المسبيات، يا أبتاه من للعيون الباكيات، يا أبتاه من للضائعات الغريبات، يا أبتاه من لي بعدك، واخيبتاه من بعدك، وا غربتاه، يا أبتاه ليتني لك الفداء، يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء، يا أبتاه ليتني توسدت التراب ولا أرى شيبك مخضباً بالدماء.
ثم وضعت فمها على فم الشهيد المضلوم وبكت حتى غشي عليها.!!
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام):
عمه زينب ارفعي اليتيمة عن رأس والدي فإنها فارقت الحياة، فلما حركتها زينب وإذا بها قد فارقت روحها الدنيا فارتفعت الأصوات وعلا الصراخ، وقيل:
أحضر لها أهل البيت مُغَسِلَةُ لتغسلها، فلما جردتها عن ثيابها قالت:
لا أغسلها، فقالت لها زينب (عليها السلام): ولم لا تغسلينها ؟!
قالت:
أخشى أن يكون فيها مرض، فإني أرى أضلاعها زرق، قالت زينب (عليها السلام): والله ليس فيها مرض، ولكن هذا ضرب سياط أهل الكوفة.
نعم لا يذكر لها من أخبارها الكثير.. سوى قليل يمكن منه الاستشفاف.. عظمة تلك الطفلة رغم سنيها الخمس، لقد أكرمها الله عزوجل في مقامات كثيرة منها:
أثناء مسير قافلة السبايا بعد أن غابت الشمس، توقفت القافلة قليلاً، وحين أرادوا اكمال المسير وجدوا الرمح الذي كان عليه رأس الإمام الحسين (ع) ثابتا في الأرض لا يتحرك..
رغم محاولات حامله أن يحركه أو ينتزعه فلم يستطع.. فاستعان بمن كان معه فلم يفلحوا.
فلجأوا للإمام السجاد (ع) سائلين فأمرعمته السيدة زينب (ع) بتفقد الأطفال، وتتأكد من عدم فقدان أحدهم.
فأخذت السيدة زينب (ع) تتفقدهم واحداً واحداً فاكتشفت فقدان الطفلة ( رقية ) فأخبرت الإمام زين العابدين علي السجاد (ع) بذلك، فأخبر الإمام السجاد (ع) الجنود:
أن الرأس لن يتحرك قبل العثور على الطفلة.. وحين بحثوا عنها ولم يجدوها..أشار عليهم الإمام أن يبحثوا في الجهة التي ينظر إليها الرأس الشريف، وحين توجهوا وجدوا الطفلة نائمة تحت فيء نخلة بعد أن أتعبها السير المتواصل، فجاءها أحد الجنود و أيقظها برفسةٍ من رجله ثم ضربها بسوطه، وبعد أن عاد بها احتضنتها السيدة زينب (ع) ومسحت دموعها، وعند ذلك تحرك الرمح من مكانه.
وأكرمها الباري سبحانه وتعالى في مواضع بيانها بحاجة الى مجلدات وكمثال أذكر القصة التالية:
كانت عائلة مسيحية تسكن الشام، لديها طفلة مصابة بالشلل ولا تستطيع المشي، وقدعرضوها على أطباء في سوريا وخارجها فعجزوا عن مداواتها.
وفي أحد الأيام جاء والد الطفلة وأمها إلى مرقد السيدة رقية بنت الحسين (عليه السلام)، فطلبت الأم السماح لها بالجلوس على عتبة باب السيدة رقية (سلام الله عليها) فسمحوا لها، وبعد جلوسها على عتبة الباب أخذها النعاس وراحت في نوم عميق وفي منامها رأت:
أن طفلة قد فتحت باب دارها وذهبت إلى غرفة ابنتها المريضة وأيقظتها من نومها وطلبت منها النهوض من مقعدها واللعب معها.
فقالت لها الطفلة:
أنا مريضة ولا أستطيع القيام واللعب معك.
فقالت لها:
أنا أتيت للعب معك فيجب عليك القيام فسحبتها من مكانها وقالت لها:
تعالي نلعب فما كان من الطفلة إلا أن قامت وراحت تلعب معها وهي فرحة، عندما استيقظت الأم من منامها وهي في دهشة واستغراب وطلبت من زوجها الذهاب فوراً إلى البيت لأنها رأت شيئاً عجيباً يكاد لا يصدق، فذهبوا فوراً إلى البيت وعندما طرقوا باب البيت وإذا بابنتهم المريضة هي التي تفتح الباب وتستقبلهم حتى أنهم لم يصدقوا ما أمامهم وماذا حدث، وابنتهم وسطهم فرحة فقالوا لها:
ماذا حدث؟
قالت: عند خروجكم من البيت وبعد ساعة وإذا بطفلة واقفة على رأسي وتقول لي:
استيقظي وتعالي نلعب، فقلت لها:
أنا مريضة ولا أستطيع القيام فكيف ألعب معك. فقالت:
يجب عليكِ القيام، فسحبتني نحوها وقمت ألعب معها وها أنا كما ترونني.
فقالت الأم:
نعم لقد صدقت الرؤيا، إني رأيت الطفلة التي دخلت عليكِ في المنام وقصَّت ما رأت على زوجها عندما علموا أن هذه الطفلة هي السيدة رقية بنت الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا الأمر من
كرامات هذه العلوية المظلومة بفضل الله.موقع المرقد المقدس:
يقع مقام السيدة رقية (عليها السلام) على بعد (100 متر) أو أكثر من المسجد الأموي بدمشق، وعندما تريد الدخول إلى صحنها المطهر أول ما يلفت نظرك، اللوحة التي على باب مقامها الشريف مكتوب فيها: (هنا مقام السيدة رقية بنت الحسين (عليه السلام) الشهيد بكربلاء ترى مقامها كالدّر الأبيض الذي يلمع، وفي حينه تتذكر تلك الأيام الرهيبة والنفوس الخبيثة التي أرادت إطفاء نور فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها (عليهم السلام) ولكن هيهات، قال سبحانه وتعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).
وقد دأب المسلمون شيعة وسنة على زيارة مقامها الشريف والمبارك حتى أصبح من المشاهد المشرفة التي تهوي إليها النفوس من كل فج عميق. وقد إلتجأ إلى قبرها كثير من الناس بحوائجهم، فجعلوا هذه اليتيمة شفيعة ووسيلة إلى الله سبحانه، وقد قضى الله حوائجهم ببركة السيدة رقية (عليها السلام)، فكم من مريض شوفي، وكم من مديون قضي دينه، وكم من مهموم كشف غمه، وكم من مكروب زال كربه، وكم.. وكم..
وكـُتـب في موقع المرقد المقدس:
يقع المرقد في (حي العمارة) خلف المسجد الاموي بدمشق إلى جانب باب الفراديس الذي يقع بسوق العمارة قرب مسجد مقام رأس الحسين (ع) وصاحبة المرقد هي احدى بنات الحسين (ع)، وهي طفلة بلغت 4 سنوات أوهموا عليها لصغر سنها مقتل ابيها الحسين بعد ان اخذت تسأل عنه في المنام في خرابة الشام ولما حكت المنام ناحت النسوة، فوصل الخبر إلى يزيد فأمر اللعين ان يوضع رأس الحسين في طبق أمامها، ولما رأت الرأس الشريف ماتت في الحال.
ويعود تأسيس مرقدها المبارك إلى سنة 526هـ، واول من بنى على قبرها السلاطين الايوبيين. ومن ثم توالت على المرقد عمارات متتالية وفي سنة 1125هـ جدد بناء الضريح وبعدها عمر قبرها في زمن العثمانيين وبسنة 1323 هـ جدد بناؤه على يد الميرزا علي اصغر خان امين السلطان ناصر الدين شاه، وبسنة 1399 عمد الى توسعة المرقد، وبسنة 1408هـ بدل الضريح الذي وضع على القبر في عهد امين السلطان بضريح آخر، تم صنعه على يد اربعين شخصا من الفنانين البارعين وهو في غاية الجمال والروعة.
وتبلغ مساحة البناء الجديد لمرقد السيدة رقية حاليا نحو 4000 متر مربع، ومنه 600 متر مربع صحن وفضاء واسع وبقية البناء يؤلف الرواق والحرم والمسجد المجاور للضريح، وتعلوا المرقد قبة مضلعة ووضع على القبر صخرة من الموزائيك ذات العاج والمرمر، والبناء فخم وضخم يتوافد عليه الزوار من شتى بقاع الارض وكتب على الباب أبيات من الشعر العربي من قبل الحاج احمد رضا الشيرازي وهناك قصائد حول القبر منها قصيدة شعرية للمرحوم الدكتور السيد مصطفى جمال الدين تعبر عن روح الولاء لأهل البيت (ع) ومكتوبة بماء الذهب يقول فيها:
في الشام في مثوى يزيد مرقد ينبيك كيف دم الشهادة يخلد
رقدت به بنت الحسين فاصبحت حتى حـجـارة ركـنـه تـتوقد
هيا استفيقي يا دمشق وايقظي وغدا على وضر القمامة يرقد
واريه كيف تربعت في عرشه تلك الدماء يضوع منها المشهد
سيظل ذكـرك يا رقـية عـبرة للـظالـمين مـدى الـزمان يـخلد
والمرحوم الدكتور السيد مصطفى جمال الدين هو الذي يصف حبه للعراق وصفاً حياً يحمل الروح العطشى الممزوجة بالعاطفة فيقول:
اديم ثراك اروع ما نـفـدّي ونبع رباك اجود ما نذودُ
احبك بل احب خشوع نفسي بباك حين احلم بي اعودُ
ويـا وطناً سيقـينا الحب فـيه وشب فيه على الدعّة الوليدُ
وهو (ر) صاحب القصيدة التي القاها تخليدا لذكرى سيد الشهداء الإمام ابي عبد الله الحسين (ع) والتي يقول فيها:
ذكـراك، تـنطفئُ السنينُ وتغربُ ولـهـا على كـفِّ الخلودِ تلهّـُبُ
لا الظلم يلوي من طماح ضرامها ابدا، ولاحقدُ الضمائرِ يحجبُ
ذكرى الاباءِ يرى المنيةَ، ماؤها اصفى من النبعِ الذليلِ واعذبُ
ونظم السيد سلمان هادي آل طعمة حول رقية بنت الحسين عليهما السلام:
ضريحك اكليل من الـزهر مورق به العشق من كل الجوانب محدّق
مـلائـكة الرحمن تهـبط حولـه تسـبّـح فـي ارجـائه وتـحلّق
شممت بـه عطر الربى متضوعا كأن الصبا من روضة الخلد يعبق
اليه غـدا الملهوف مختلج الرؤى وعيناه بـالـدمـع الهتون تـرقــرق
كريمة سبط المصطفى مـا اجلها لـهـا ينحني المجد الاثيل ويخفـق
ارومتها طـابـت كحسن خصالها لديها غـدا العاني يحب ويـرمــق
الـى ذروة العـز انتمت وتسابقت ومـن راحتيها بـان فضل مطـوق
وايـّدهـا الباري بـكـل فضيلـــة وخير محلا بـالعـلى وهـو يغدق
كأن الدجى ينشق عن سحر وجهها كـمـا يطـلع البدر المنير ويشرق
اطلي على الـدنـيا كشمس منيرة لـهـا بقلوب المخلصين تـعـلـــق
اطـلـي فهذا الكون يشدو صبابة لمجدك مـهـتـاجـا ويهفـو ويرمق
وبوحي بـايـات الـجـلال فاننا عـطـاشـى الى بحر المنى يتدفـق
فيا جذوة فـي النفس يحلو اوارها وكـل محب نـحـوهـا يتشــــــوق
وياقبسا مـن نـور احمد يزدهي بطيب فـعـال عبر طيفك يطــرق
نشأت على حـب الحسين وفضله وحزت من الـجاه الذي لايصدّق
وانـك اهـل لـلخــــــلود وشـأوه فـذاك هـو المجد العظيم الموفق
وحبك هذا ساكن القلب والحشا سيبقى مـنـارا لـلـهـدى يتألـــــــق
شعائر قـدس تملأ الارض رحمة مدى العمر تزهـو لـلبرايا وتبرق
واي مزار صار لـلـنـاس ملجأ اليه التجى الراجي وفاض التصدّق
يتيمة ارض الـشـام الـف تحية الـيـك وقلبي بـالـمـودة ينطــق
زيارة السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليه السلام):
(السلام عليك يا أبا عبد الله يا حسينُ بن علي يا إبن رسول الله، السلام عليك يا حجة الله وإبن حجته، أشهد أنك عبد الله وأمينه بلّغت ناصحاً وأدّيت أميناً وقلت صادقاً وقتلت صديقاً فمضيت شهيداً على يقين لم تؤثر عمىً على هدى ولم تمل من حق إلى باطل ولم تجب إلا الله وحده، السلام عليكِ يا إبنة الحسين الشهيد الذبيح العطشان المرمّل بالدماء، السلام عليكِ يا مهضومة، السلام عليكِ يا مظلومة، السلام عليكِ يا محزونة تنادي يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك، يا أبتاه من الذي قطع وريدك، يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر، لقد عظمت رزيّتكم وُجلت مصيبتكم، عظُمت وُجلت في السماء والأرض، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، جعلنا الله معكم في مستقر رحمته، والسلام عليكم ساداتي وموالي جميعاً ورحمة الله وبركاته).
فـي أول زيـارة:
يتشرف بزيارة مرقد السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام والسيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام كثيرون ومن مختلف الأديان والمذاهب لكن ما يشعـر به منْ يزور هذه المراقد المقدسة لأهل البيت عليهم السلام لأول مرة شيء أخر ومن القارات البعيدة... شعـور متميز يستحق المتابعة والتسجيل والنشر والدراسة والتأمل والتحليل، وكمثال في هذا الإتجاه أذكر فقرات منشورة على الإنترنت للمحامي محمد علي المتوكل من دولة السودان الشقيقة والذي تشرف بحب أهل البيت عليهم السلام وزيارة المرقدين المقدسين لأول مرة حيث يقول:
في ضاحية دمشق الجنوبية حيث المرقد الشريف لعقيلة الطالبيين بطلة كربلاء السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (ع) حططت رحالي إلى حين بدت خطواتي الأولى باتجاه الضريح الطاهر وكأنها خطوات في عمق التاريخ وما دريت بالشام كنت أم بكربلاء وقد تلاشت حواجز الزمان والمكان لم يدهشني ما رأيت من تدافع الناس حول الضريح رغم أنه مشهد لم آلفه من قبل وقد كنت أنا الآخر منجذبا بقوة للالتصاق به وعندما استلمته وألصقت به صدري أحسست بنبض الرسول وشجاعة علي ورأيت هالة الزهراء وغشيتني أنفاس الحسن واحتضنت أشلاء الحسين عندها انتحبت وبكيت طويلاً بكيت عن نفسي وعن أخوتي الذين تركتهم بالخرطوم يحرقهم شوقهم إلى هذه المشاهد الشريفة بكيت من أجل أهلي الذين عرفوا زينب وما عرفوها وأحبوا أهل البيت وما وجدوهم بكيت حنقاً وكرهاً لكل من أسهم في حرمان الأمة من أئمتها فعاشت أجيال المسلمين المتعاقبة في جهل وعزلة عن شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومعدن العلم وأهل بيت الوحي..
خيل لي وأنا أتجول في الطرقات المحيطة بالمقام كما لو كنت أمشي بالمدينة المنورة في زمان النبي أو في شوارع الكوفة أيام علي لم يتشوش هذا الخيال بمظاهر المدينة الحديثة التي بالمكان.... يزيد الذي ظن غباءً أنه قد انتصر على الحسين فإذا به لا يلبث بعد الحسين أن يكون لعنة التاريخ ولا يبقى له من مجده الزائف أثر بينما رقية بنت الحسين تلك الطفلة الميتة التي روعها يزيد حتى قضت يبقى قبرها مع الأيام لا يزداد إلا شهرة وبريقاً وهنا السيدة زينب التي أذلت يزيد بين جلاوذته وسخرت من مساعيه الباطلة يكون قبرها قبلة للزائرين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وبين هذه وتلك مقبرة الفواطم التي ضمت نخبة من نساء بيت الوحي وبقيت عبر القرون شاهدة على
دناءة قوم ورفعة آخرين.
الخـامـس من صـفـر ذكـرى رحيلها
الشهيدة السيدة رقية بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليها السلام) هي حفيدة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، هي الطفلة ذات السنوات الخمس، والتي شهدت مع والدها الحسين والعترة الطاهرة تلك الملحمة العظيمة.. ثم تلك القسوة في التعامل معاهن كسبايا..
الكلمات تعجز عن وصف مأساة الشهيدة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام التي تحولت الى صوت اخر للحسين عليه السلام...الى دم أخر للحسين عليه السلام وديمومته... طفلة لأهل البيت كانت كالحسين عليه السلام في مظلوميتها... بل هي الحسين عليه السلام في قالب طفلة، وليس هذا فحسب بل حبها لأبيها الحسين وتعلقها به يذكرنا بحب سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه وأله بأبيها، بكاءها يذكرنا ببكاء الزهراء بعد وفاة أبيها، مظلوميتها يذكرنا بمظلومية الزهراء، عليها السلام ورحيلها الى الرفيق الأعلى يذكرنا برحيل الزهراء عليها السلام، وفي جملة واحدة كل شيء فيها يذكرنا بفلذة كبد الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله كما سيأتي بالرغم من أن التاريخ لا يذكر لنا من أخبارها الكثير.. سوى قليل يمكن منه الاستشفاف.. عظمة تلك الطفلة رغم سنيها الخمس!
من القصائد الخالدات في حقها:
رقدت به بنت الحسين فاوشكت حتى حجارة ركنها تتوقدُ
ويقول الشاعر:
كريمة سبط المصطفى مـا اجلها لـها ينحني المجد الاثيل ويخفق
يتيمة ارض الـشـام الـف تحية الـيـك وقـلبي بـالـمـودة يـنـطـق
الولادة والشهادة:
يبدو من مجمل التواريخ أن السيدة رقية (عليها السلام) ولدت ما بين عام (57 هـ و58 هـ) ووفاتها في (5 صفر 61 هـ)، وذلك بحسب الشيخ علي الرباني الخلخالي.
وذكر عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى عام 973 هج ) مقام السيدة رقية (عليها السلام) في كتابه (المنن: الباب العاشر):
هذا البيت بقعة شرّفت بآل النبي (صلى الله عليه وآله) في دمشق وبنت الحسين (عليه السلام) الشهيدة (رقية).
وقد ذكر العلامة الشيخ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي (المتوفى عام 1294 هـ) إسم رقية (عليها السلام) عن لسان أبي عبد الله الحسين (عليه السلام):
ثم نادى (يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل بيتي عليكنّ مني السلام).
وقد ورد ذكرها في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء:
حيث ناداها الإمام الحسين (عليه السلام) ونطق بإسمها في أكثر من موضع وحادثة، وخصوصاً في الساعات الأخيرة من عمره الشريف عندما أراد أن يودّع أهله وعياله نادى بأعلى صوته:
(يا أختاه! يا أم كلثوم، وأنت يا زينب، وأنتِ يا رقية، وأنتِ يا فاطمة، وأنتِ يا رباب، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً، ولا تخمشن عليّ وجهاً، ولا تقلن عليّ هجراً)
كما في (اللهوف في قتلى الطفوف).
وكذلك جاء في (مقتل أبي مخنف) الذي هو أقدم مقتل لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، نادى في يوم عاشوراء لكي يودع أهله وعياله:
(يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل بيتي عليكن مني السلام).
وفي الفصل الخامس من كتاب روائع التراث في دمشق لمؤلفه الدكتور عبد القادر الريحاوي:
ذكر المؤلف السيدة رقية عليه السلام ضمن مجموعة العظماء المدفونين في دمشق خلال عصور التاريخ وذلك في طبقة آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام.
رقية في اللغة:
إن للإسم تأثيراً عميقاً على نفس الإنسان كما ثبت ذلك في علم النفس، ولذا ورد عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن إسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إذا بلغ). وأما كلمة (رقية) - كما جاء في اللغة - فهي تصغير راقية بمعنى الارتفاع والسمو والتصغير هنا للتحبيب.
وهكذا جميع أسماء ربائب الوحي فهي جميلة ورزينة ترمز وتشير إلى معاني الرفعة والطهر والنقاء والخير والصلاح، وأقل ما نقول للمستهزأ بها إنه لا يعرف العربية.
قصة الشهادة:
قصة شهادة يتيمة الحسين (عليه السلام) رقية في الخربة بدمشق تؤلم كل ذي قلب حنون، وكل من يحمل المعاني السامية الإنسانية، ويستطيع الزائر لمقامها المبارك أن يحسّ بمظلومية هذه اليتيمة وما جرى عليها وعلى أهل بيتها (عليهم السلام) بمجرّد أن يدخل مقامها الشريف خاشعاً متواضعاً، فسرعان ما ينكسر قلبه ويجري دمعه على خدّيه، إنها المظلومة التي تحرّك الضمائر الحية وتهزّ الوجدان من الأعماق وتجعل الإنسان ينحاز إليهم ويلعن ظالميهم وغاصبي حقوقهم.
أما كيفية شهادتها فتقول كتب التاريخ:
أن السيدة رقية (عليها السلام) في ليلة قامت فزعة من منامها وقالت:
أين أبي الحسين (عليه السلام)؟
فإني رأيته الساعة في المنام مضطربا شديدا، فلما سمعن النساء بكين وبكى معهن سائر الأطفال، وأرتفع العويل، فإنتبه يزيد (لعنه الله) من نومه وقال:
ما الخبر؟
ففحصوا عن الواقعة وقصوها عليه، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها، فقالت:
(ما هذا ) ؟
قالوا:
رأس أبيك، ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام.
وفي بعض الأخبار:
فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل ديبقي فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه فقالت:
(ما هذا الرأس)؟
قالوا: إنه رأس أبيك، فرفعته من الطّشت حاضنة له وهي تقول:
(يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك؟
يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟
يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني؟
يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟
يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟
ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاءً شديداً حتى غشي عليها، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدنيا، فلما رأى أهل البيت (عليهم السلام) ما جرى عليها أعلوا بالبكاء وأستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق، فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية.
كتب منْ تـشـرفَ بزيارة مرقـدها الشـامخ لأول مرة ومن السودان:
يزيد الذي ظن غباءً أنه قد انتصرعلى الحسين فإذا به لا يلبث بعد الحسين أن يكون لعنة التاريخ ولا يبقى له من مجده الزائف أثر بينما رقية بنت الحسين تلك الطفلة الشهيدة التي روعها يزيد حتى قضت يبقى قبرها مع الأيام لا يزداد إلا شهرة وبريقاً عبر القرون شاهدة على دناءة قوم ورفعة آخرين، وذلك يدل على أمو منها:
إشارة الـى المـفـهـوم الناقـص للإنـتـصـار:
بغض النظرعن الذين لم يتمكنوا من فهم حركة الإمام الحسين عليه السلام لأنهم جهلوا حقيقة أن تقييم نتائج المواجهة يجب ان تُدرس من خلال علاقتها بالأهداف المتوخّاة من وراء تلك المواجهة هناك منْ صعب عليه فهم حركة الإمام الحسين عليه السلام لأنه أعتاد على تعريف محدود وضيق ومادي للنصر فلم يعرف بأن النصر يمكن أن يكون عاجلا كما يمكن أن يكون آجلاً، أومؤقتاً أوخالداً، أوعسكرياً بحتاً، أو عسكرياً سياسياً بحتاً، أو نصراً شاملاً، فالخيار الوحيد في المواجهة لا ينحصر في النصر أو الهزيمة إذا أخذنا عامل الزمن بنظر الإعتبار وتجاوزنا اللحظة الراهنة وفتحنا عيوننا للمستقبل وعلى المستقبل، ولتقريب ماتقدم وكمثال وفي موضوع أخر ليس ببعيد عن موضوعنا يقول Luttwak : في الحرب ما من شيء نهائي، وفي بعض الأحيان قد يحمل النصر العسكري في طياته بذور الهزيمة. وعليه فحركة الإمام الحسين عليه السلام حركة حققت نصراً خالداً وشاملاً يزداد تألقاً مع مرور الزمن طبقاً للبعدين العمودي والأفقي لستراتيجية حركتة بينما النصر الذي حققه أعداءه كان مؤقتاً محدوداً يحمل في طياته بذور الهزيمة الكاملة وعلى المدى القصير.
وحررت قصة الشهيدة السيدة رقية أيضاً كالتالي:
.. وقد كانت خلال ملحمة كربلاء تعالج المرض دون علم بما جرى لأبيها الحسين (ع)، وأثناء الأسـر... في الشام حين شفيت.. قامت بما هي معتادة عليه من إعداد السجادة لوالدها (ع) وقت الصلاة..
وانتظرته كثيراً دون جدوى.. فظلت تسأل عنه وهي تبكي.. و نساء أهل البيت في حيرة بما يخبرنها وحين سمع نداءها يزيد..
سأل عما تطلبه فأجيب بأنها تطلب والدها الحسين (ع) وهنا أرسل لها الرأس على طبق وهو مغطى.. فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه.
فقالت: ما هذا الرأس ؟
قالوا: إنه رأس أبيك، فرفعته من الطّشت حاضنة له وهي تقول:
يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك؟ يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟
يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني؟
يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟
يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟
ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاءً شديداً حتى غشي عليها.. وهنا قال الإمام السجاد (ع) لعمته زينب:
يا عمة ارفعي رقية عن رأس أبي فقد فارقت الحياة !.
فلما رأى أهل البيت (عليهم السلام) ما جرى عليها أعلوا بالبكاء واستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق، فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية.
ودفنت في مكان وفاتها بالشام.. وقبرها معروف ومشهور ويقصده الآلاف.
ولم يعرف في التاريخ سابقة لتعلق ابنة بوالدها إلا جدتها فاطمة الزهراء (ع) وتعلقها بأبيها رسول الله (ص) وذلك لما تميز به الإمام الحسين (ع) من رحمة وحنو.. على الجميع وخصوصاً أطفاله.. ونساءه.
وورد بعنوان: قصة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام بعد استشهاده:
كان للامام الحسين (عليه السلام) بنت صغيره يحبها وتحبه وقيل ان اسمها رقيه،وامها الرباب بنت امرىء القيس، وولدت رضوان الله عليها اواخر السابعه والخمسين للهجره وكان لها من العمر 3 سنوات، وبعد ان اخذت ( رضوان الله عليها ) مع الاسيرات من بيت النبوه والى الشام، استمرت في البكاء ليلها ونهارها لفراق ابيها الامام الحسين ( سلام الله عليه)، وكانوا يقولون لها ان اباك في السفر ( يقصدون سفر الاخره)، فراته ليله في منامها ولما استيقظت اخذت في البكاء الشديد، وهي تقول ائتوني بوالدي وقره عيني وكلما اراد اهل البيت اسكاتها ازدادت حزنا وبكاءا ولبكائها زاد وكثر وطال حزن اهل البيت فاخذوا في البكاء الشديد وقام الصياح، فسمع الخسيس اللعين يزيد صيحتهم وبكائهم، فقال:
ما الخبر؟
قيل له: ان بنت ( الحسين) الصغيره الموجوده مع السبايا في الخربه،رات اباها في نومه،فاستيقظت وهي تطلبه وتبكي وتصيح، فلما سمع الخسيس بذلك قال:
ارفعوا اليها راس ابيها وضعوه بين يديها تتسلى به !!!!!
فاتوا بالراس الشريف في طبق مغطى بمنديل ووضعوه بين يديها فقالت:
ماهذا ؟ انا لم اطلب طعاما اني اريد ابي...
فقالوا:
هنا ابوكِ، فرفعت المنديل فرات راسا فقالت:
ماهذا الراس ؟
قالوا: هذا راس ابيك
فرفعت الراس وضمته الى صدرها وقالت:
يا ابتاه من الذي خضبك بدمائك؟
يا ابتاه من ذا الذي قطع وريدك ؟
يا ابتاه من الذي ايتمني على صغر سني، يا ابتاه من للعيون الباكيات، يا ابتاه من للضائعات الغريبات، يا ابتاه من للشعور المنشورات، يا ابتاه من بعدك واخيبتاه من بعدك وا غربتاه، ليتني كنت لك الفداء، يا ابتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء، يا ابتاه ليتني توسدت التراب ولم ارا شيبك مخضبا بالدماء..
ثم وضعت فمها على فم ابيها الشهيد المظلوم وبكت حتى غشي عليها..
فقال الامام زين العابدين ( عليه السلام): عمه زينب ارفعي اليتيمه من على راس والدي فانها فارقت الحياااه..
فارتفع اصوات اهل البيت بالبكاء وتجدد العزاء.. فدفنت وكفنت ولها زوار كثير يزورونها كل عام..
وقيل ان في احد السنين اصاب الخراب جدران قبرها فارادوا اخراجها فلم يتجاسر احد لهيبتها ومكانتها.. فحضر شخص من ذريه الرسول( صلى الله عليه واله) يدعى السيد ابن مرتضى، فنزل في قبرها ووضع عليها ثوبا لفها فاخرجها ( واذا هي طريه كانما دفنت الان) اللهم صل على محمد وال محمد.... وكان متنها مجرووحا من كثر الضرب.
أما مرقدها عليها السلام فهو موجود في دمشق.
ونـُشـر من إعداد علي اليوسفي وبعنوان: رقية بنت الحسين (عليها السلام)
قال في المنتخب كما نقله الحائري في معاليه:
كانت للحسين (عليه السلام) بنت صغيرة يحبها وتحبه، وقيل كانت تسمى رقية، وكان لها من العمر ثلاث سنين، وكانت مع الأسرى في الشام، تبكي لفراق أبيها ليلها ونهارها وكانوا يقولون لها هو في السفر، فرأته ذات ليلة في عالم الرؤيا، فلما انتبهت جزعت جزعاً شديداً وقالت: ائتوني بوالدي وقرة عيني، وكلما أراد أهل البيت إسكاتها ازدادت جزعاً وبكاءً، ولبكائها هاج حزن أهل البيت فأخذوا في البكاء، ولطموا الخدود، وحثوا على رؤوسهم التراب، ونشروا الشعور واعتلى الصياح.
فسمع يزيد صياحهم وبكائهم فقال:
ما الخبر؟
قيل له: إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها في نومها فانتبهت وهي تطلبه وتبكي، فلما سمع اللعين ذلك قال:
ارفعوا إليها رأس أبيها وضعوه بين يديها تتسلى به ( !!)، فأتوا بالرأس في طبق مغطى بمنديل، فوضعوه بين يديها فرفعت المنديل وضمت الرأس إلى صدرها وهي تقول:
يا أبتاه من ذا الذي خضبك بدمائك. يا أبتاه من ذا الذي قطع وريدك، يا أبتاه من ذا الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتمية حتى تكبر، يا أبتاه من للنساء الحاسرات، من للأرامل المسبيات، يا أبتاه من للعيون الباكيات، يا أبتاه من للضائعات الغريبات، يا أبتاه من لي بعدك، واخيبتاه من بعدك، وا غربتاه، يا أبتاه ليتني لك الفداء، يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء، يا أبتاه ليتني توسدت التراب ولا أرى شيبك مخضباً بالدماء.
ثم وضعت فمها على فم الشهيد المضلوم وبكت حتى غشي عليها.!!
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام):
عمه زينب ارفعي اليتيمة عن رأس والدي فإنها فارقت الحياة، فلما حركتها زينب وإذا بها قد فارقت روحها الدنيا فارتفعت الأصوات وعلا الصراخ، وقيل:
أحضر لها أهل البيت مُغَسِلَةُ لتغسلها، فلما جردتها عن ثيابها قالت:
لا أغسلها، فقالت لها زينب (عليها السلام): ولم لا تغسلينها ؟!
قالت:
أخشى أن يكون فيها مرض، فإني أرى أضلاعها زرق، قالت زينب (عليها السلام): والله ليس فيها مرض، ولكن هذا ضرب سياط أهل الكوفة.
نعم لا يذكر لها من أخبارها الكثير.. سوى قليل يمكن منه الاستشفاف.. عظمة تلك الطفلة رغم سنيها الخمس، لقد أكرمها الله عزوجل في مقامات كثيرة منها:
أثناء مسير قافلة السبايا بعد أن غابت الشمس، توقفت القافلة قليلاً، وحين أرادوا اكمال المسير وجدوا الرمح الذي كان عليه رأس الإمام الحسين (ع) ثابتا في الأرض لا يتحرك..
رغم محاولات حامله أن يحركه أو ينتزعه فلم يستطع.. فاستعان بمن كان معه فلم يفلحوا.
فلجأوا للإمام السجاد (ع) سائلين فأمرعمته السيدة زينب (ع) بتفقد الأطفال، وتتأكد من عدم فقدان أحدهم.
فأخذت السيدة زينب (ع) تتفقدهم واحداً واحداً فاكتشفت فقدان الطفلة ( رقية ) فأخبرت الإمام زين العابدين علي السجاد (ع) بذلك، فأخبر الإمام السجاد (ع) الجنود:
أن الرأس لن يتحرك قبل العثور على الطفلة.. وحين بحثوا عنها ولم يجدوها..أشار عليهم الإمام أن يبحثوا في الجهة التي ينظر إليها الرأس الشريف، وحين توجهوا وجدوا الطفلة نائمة تحت فيء نخلة بعد أن أتعبها السير المتواصل، فجاءها أحد الجنود و أيقظها برفسةٍ من رجله ثم ضربها بسوطه، وبعد أن عاد بها احتضنتها السيدة زينب (ع) ومسحت دموعها، وعند ذلك تحرك الرمح من مكانه.
وأكرمها الباري سبحانه وتعالى في مواضع بيانها بحاجة الى مجلدات وكمثال أذكر القصة التالية:
كانت عائلة مسيحية تسكن الشام، لديها طفلة مصابة بالشلل ولا تستطيع المشي، وقدعرضوها على أطباء في سوريا وخارجها فعجزوا عن مداواتها.
وفي أحد الأيام جاء والد الطفلة وأمها إلى مرقد السيدة رقية بنت الحسين (عليه السلام)، فطلبت الأم السماح لها بالجلوس على عتبة باب السيدة رقية (سلام الله عليها) فسمحوا لها، وبعد جلوسها على عتبة الباب أخذها النعاس وراحت في نوم عميق وفي منامها رأت:
أن طفلة قد فتحت باب دارها وذهبت إلى غرفة ابنتها المريضة وأيقظتها من نومها وطلبت منها النهوض من مقعدها واللعب معها.
فقالت لها الطفلة:
أنا مريضة ولا أستطيع القيام واللعب معك.
فقالت لها:
أنا أتيت للعب معك فيجب عليك القيام فسحبتها من مكانها وقالت لها:
تعالي نلعب فما كان من الطفلة إلا أن قامت وراحت تلعب معها وهي فرحة، عندما استيقظت الأم من منامها وهي في دهشة واستغراب وطلبت من زوجها الذهاب فوراً إلى البيت لأنها رأت شيئاً عجيباً يكاد لا يصدق، فذهبوا فوراً إلى البيت وعندما طرقوا باب البيت وإذا بابنتهم المريضة هي التي تفتح الباب وتستقبلهم حتى أنهم لم يصدقوا ما أمامهم وماذا حدث، وابنتهم وسطهم فرحة فقالوا لها:
ماذا حدث؟
قالت: عند خروجكم من البيت وبعد ساعة وإذا بطفلة واقفة على رأسي وتقول لي:
استيقظي وتعالي نلعب، فقلت لها:
أنا مريضة ولا أستطيع القيام فكيف ألعب معك. فقالت:
يجب عليكِ القيام، فسحبتني نحوها وقمت ألعب معها وها أنا كما ترونني.
فقالت الأم:
نعم لقد صدقت الرؤيا، إني رأيت الطفلة التي دخلت عليكِ في المنام وقصَّت ما رأت على زوجها عندما علموا أن هذه الطفلة هي السيدة رقية بنت الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا الأمر من
كرامات هذه العلوية المظلومة بفضل الله.موقع المرقد المقدس:
يقع مقام السيدة رقية (عليها السلام) على بعد (100 متر) أو أكثر من المسجد الأموي بدمشق، وعندما تريد الدخول إلى صحنها المطهر أول ما يلفت نظرك، اللوحة التي على باب مقامها الشريف مكتوب فيها: (هنا مقام السيدة رقية بنت الحسين (عليه السلام) الشهيد بكربلاء ترى مقامها كالدّر الأبيض الذي يلمع، وفي حينه تتذكر تلك الأيام الرهيبة والنفوس الخبيثة التي أرادت إطفاء نور فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها (عليهم السلام) ولكن هيهات، قال سبحانه وتعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).
وقد دأب المسلمون شيعة وسنة على زيارة مقامها الشريف والمبارك حتى أصبح من المشاهد المشرفة التي تهوي إليها النفوس من كل فج عميق. وقد إلتجأ إلى قبرها كثير من الناس بحوائجهم، فجعلوا هذه اليتيمة شفيعة ووسيلة إلى الله سبحانه، وقد قضى الله حوائجهم ببركة السيدة رقية (عليها السلام)، فكم من مريض شوفي، وكم من مديون قضي دينه، وكم من مهموم كشف غمه، وكم من مكروب زال كربه، وكم.. وكم..
وكـُتـب في موقع المرقد المقدس:
يقع المرقد في (حي العمارة) خلف المسجد الاموي بدمشق إلى جانب باب الفراديس الذي يقع بسوق العمارة قرب مسجد مقام رأس الحسين (ع) وصاحبة المرقد هي احدى بنات الحسين (ع)، وهي طفلة بلغت 4 سنوات أوهموا عليها لصغر سنها مقتل ابيها الحسين بعد ان اخذت تسأل عنه في المنام في خرابة الشام ولما حكت المنام ناحت النسوة، فوصل الخبر إلى يزيد فأمر اللعين ان يوضع رأس الحسين في طبق أمامها، ولما رأت الرأس الشريف ماتت في الحال.
ويعود تأسيس مرقدها المبارك إلى سنة 526هـ، واول من بنى على قبرها السلاطين الايوبيين. ومن ثم توالت على المرقد عمارات متتالية وفي سنة 1125هـ جدد بناء الضريح وبعدها عمر قبرها في زمن العثمانيين وبسنة 1323 هـ جدد بناؤه على يد الميرزا علي اصغر خان امين السلطان ناصر الدين شاه، وبسنة 1399 عمد الى توسعة المرقد، وبسنة 1408هـ بدل الضريح الذي وضع على القبر في عهد امين السلطان بضريح آخر، تم صنعه على يد اربعين شخصا من الفنانين البارعين وهو في غاية الجمال والروعة.
وتبلغ مساحة البناء الجديد لمرقد السيدة رقية حاليا نحو 4000 متر مربع، ومنه 600 متر مربع صحن وفضاء واسع وبقية البناء يؤلف الرواق والحرم والمسجد المجاور للضريح، وتعلوا المرقد قبة مضلعة ووضع على القبر صخرة من الموزائيك ذات العاج والمرمر، والبناء فخم وضخم يتوافد عليه الزوار من شتى بقاع الارض وكتب على الباب أبيات من الشعر العربي من قبل الحاج احمد رضا الشيرازي وهناك قصائد حول القبر منها قصيدة شعرية للمرحوم الدكتور السيد مصطفى جمال الدين تعبر عن روح الولاء لأهل البيت (ع) ومكتوبة بماء الذهب يقول فيها:
في الشام في مثوى يزيد مرقد ينبيك كيف دم الشهادة يخلد
رقدت به بنت الحسين فاصبحت حتى حـجـارة ركـنـه تـتوقد
هيا استفيقي يا دمشق وايقظي وغدا على وضر القمامة يرقد
واريه كيف تربعت في عرشه تلك الدماء يضوع منها المشهد
سيظل ذكـرك يا رقـية عـبرة للـظالـمين مـدى الـزمان يـخلد
والمرحوم الدكتور السيد مصطفى جمال الدين هو الذي يصف حبه للعراق وصفاً حياً يحمل الروح العطشى الممزوجة بالعاطفة فيقول:
اديم ثراك اروع ما نـفـدّي ونبع رباك اجود ما نذودُ
احبك بل احب خشوع نفسي بباك حين احلم بي اعودُ
ويـا وطناً سيقـينا الحب فـيه وشب فيه على الدعّة الوليدُ
وهو (ر) صاحب القصيدة التي القاها تخليدا لذكرى سيد الشهداء الإمام ابي عبد الله الحسين (ع) والتي يقول فيها:
ذكـراك، تـنطفئُ السنينُ وتغربُ ولـهـا على كـفِّ الخلودِ تلهّـُبُ
لا الظلم يلوي من طماح ضرامها ابدا، ولاحقدُ الضمائرِ يحجبُ
ذكرى الاباءِ يرى المنيةَ، ماؤها اصفى من النبعِ الذليلِ واعذبُ
ونظم السيد سلمان هادي آل طعمة حول رقية بنت الحسين عليهما السلام:
ضريحك اكليل من الـزهر مورق به العشق من كل الجوانب محدّق
مـلائـكة الرحمن تهـبط حولـه تسـبّـح فـي ارجـائه وتـحلّق
شممت بـه عطر الربى متضوعا كأن الصبا من روضة الخلد يعبق
اليه غـدا الملهوف مختلج الرؤى وعيناه بـالـدمـع الهتون تـرقــرق
كريمة سبط المصطفى مـا اجلها لـهـا ينحني المجد الاثيل ويخفـق
ارومتها طـابـت كحسن خصالها لديها غـدا العاني يحب ويـرمــق
الـى ذروة العـز انتمت وتسابقت ومـن راحتيها بـان فضل مطـوق
وايـّدهـا الباري بـكـل فضيلـــة وخير محلا بـالعـلى وهـو يغدق
كأن الدجى ينشق عن سحر وجهها كـمـا يطـلع البدر المنير ويشرق
اطلي على الـدنـيا كشمس منيرة لـهـا بقلوب المخلصين تـعـلـــق
اطـلـي فهذا الكون يشدو صبابة لمجدك مـهـتـاجـا ويهفـو ويرمق
وبوحي بـايـات الـجـلال فاننا عـطـاشـى الى بحر المنى يتدفـق
فيا جذوة فـي النفس يحلو اوارها وكـل محب نـحـوهـا يتشــــــوق
وياقبسا مـن نـور احمد يزدهي بطيب فـعـال عبر طيفك يطــرق
نشأت على حـب الحسين وفضله وحزت من الـجاه الذي لايصدّق
وانـك اهـل لـلخــــــلود وشـأوه فـذاك هـو المجد العظيم الموفق
وحبك هذا ساكن القلب والحشا سيبقى مـنـارا لـلـهـدى يتألـــــــق
شعائر قـدس تملأ الارض رحمة مدى العمر تزهـو لـلبرايا وتبرق
واي مزار صار لـلـنـاس ملجأ اليه التجى الراجي وفاض التصدّق
يتيمة ارض الـشـام الـف تحية الـيـك وقلبي بـالـمـودة ينطــق
زيارة السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليه السلام):
(السلام عليك يا أبا عبد الله يا حسينُ بن علي يا إبن رسول الله، السلام عليك يا حجة الله وإبن حجته، أشهد أنك عبد الله وأمينه بلّغت ناصحاً وأدّيت أميناً وقلت صادقاً وقتلت صديقاً فمضيت شهيداً على يقين لم تؤثر عمىً على هدى ولم تمل من حق إلى باطل ولم تجب إلا الله وحده، السلام عليكِ يا إبنة الحسين الشهيد الذبيح العطشان المرمّل بالدماء، السلام عليكِ يا مهضومة، السلام عليكِ يا مظلومة، السلام عليكِ يا محزونة تنادي يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك، يا أبتاه من الذي قطع وريدك، يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر، لقد عظمت رزيّتكم وُجلت مصيبتكم، عظُمت وُجلت في السماء والأرض، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، جعلنا الله معكم في مستقر رحمته، والسلام عليكم ساداتي وموالي جميعاً ورحمة الله وبركاته).
فـي أول زيـارة:
يتشرف بزيارة مرقد السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام والسيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام كثيرون ومن مختلف الأديان والمذاهب لكن ما يشعـر به منْ يزور هذه المراقد المقدسة لأهل البيت عليهم السلام لأول مرة شيء أخر ومن القارات البعيدة... شعـور متميز يستحق المتابعة والتسجيل والنشر والدراسة والتأمل والتحليل، وكمثال في هذا الإتجاه أذكر فقرات منشورة على الإنترنت للمحامي محمد علي المتوكل من دولة السودان الشقيقة والذي تشرف بحب أهل البيت عليهم السلام وزيارة المرقدين المقدسين لأول مرة حيث يقول:
في ضاحية دمشق الجنوبية حيث المرقد الشريف لعقيلة الطالبيين بطلة كربلاء السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (ع) حططت رحالي إلى حين بدت خطواتي الأولى باتجاه الضريح الطاهر وكأنها خطوات في عمق التاريخ وما دريت بالشام كنت أم بكربلاء وقد تلاشت حواجز الزمان والمكان لم يدهشني ما رأيت من تدافع الناس حول الضريح رغم أنه مشهد لم آلفه من قبل وقد كنت أنا الآخر منجذبا بقوة للالتصاق به وعندما استلمته وألصقت به صدري أحسست بنبض الرسول وشجاعة علي ورأيت هالة الزهراء وغشيتني أنفاس الحسن واحتضنت أشلاء الحسين عندها انتحبت وبكيت طويلاً بكيت عن نفسي وعن أخوتي الذين تركتهم بالخرطوم يحرقهم شوقهم إلى هذه المشاهد الشريفة بكيت من أجل أهلي الذين عرفوا زينب وما عرفوها وأحبوا أهل البيت وما وجدوهم بكيت حنقاً وكرهاً لكل من أسهم في حرمان الأمة من أئمتها فعاشت أجيال المسلمين المتعاقبة في جهل وعزلة عن شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومعدن العلم وأهل بيت الوحي..
خيل لي وأنا أتجول في الطرقات المحيطة بالمقام كما لو كنت أمشي بالمدينة المنورة في زمان النبي أو في شوارع الكوفة أيام علي لم يتشوش هذا الخيال بمظاهر المدينة الحديثة التي بالمكان.... يزيد الذي ظن غباءً أنه قد انتصر على الحسين فإذا به لا يلبث بعد الحسين أن يكون لعنة التاريخ ولا يبقى له من مجده الزائف أثر بينما رقية بنت الحسين تلك الطفلة الميتة التي روعها يزيد حتى قضت يبقى قبرها مع الأيام لا يزداد إلا شهرة وبريقاً وهنا السيدة زينب التي أذلت يزيد بين جلاوذته وسخرت من مساعيه الباطلة يكون قبرها قبلة للزائرين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وبين هذه وتلك مقبرة الفواطم التي ضمت نخبة من نساء بيت الوحي وبقيت عبر القرون شاهدة على
دناءة قوم ورفعة آخرين.
تعليق